يزداد عدد الناس الذين يستغنون عن تناول اللحوم باستمرار، بعضهم يفضل العيش كنباتي وآخرون بسبب طعم اللحم أو رائحته أو لأسباب صحية. لكن ماذا يحصل في أجسامنا عندما نتخلى تماما عن تناول اللحوم وما هي البدائل؟
إعلان
تبلغ نسبة النباتيين في ألمانيا نحو 10 بالمائة، وهؤلاء يستغنون عن اللحوم بالكامل. وهذا الرقم في تزايد سريع، إذ كانت أعداد النباتيين في ألمانيا عام 2016 أكثر من 1 بالمائة بقليل. أما في الهند فيصل عدد الذين يستغنون عن اللحوم إلى نحو 40 بالمائة من السكان، أي نحو 400 مليون شخص. لكن السؤال المهم في هذه الحالة، هل يؤثر الاستغناء عن تناول اللحوم على جسم الإنسان؟
بهذا الصدد تحدثت دراسة أجريت في الولايات المتحدة عن العلاقة بين النظام الغذائي والوفاة. وكانت نتائج الدراسة واضحة جدا كما نقل عنها اتحاد النباتيين "برو فيغ" الألماني. وذكرت الدراسة أن النباتيين يتمتعون مقارنة بآكلي اللحوم بمتوسط عمر أطول، ويعانون بصورة منخفضة من أمراض السرطان، حسب تقرير لصحيفة "ميركيشه الغيماينه " الألمانية عن الموضوع.
البدائل
غالبا ما يقال عن النباتيين إنهم يعانون من نقص غذائي ومن الفيتامينات بسبب ابتعادهم عن اللحوم، لكن يمكن للجسم البشري تعويض هذا النقص وحتى دون تناول أقراص الفيتامينات المكملة، كما ذكرت شركة التأمين الصحي الأكبر في ألمانيا " AOK".
كما بحثت هذه الدراسة ولعدة سنوات آثار النظام الغذائي دون تناول اللحوم على الجسم، وتبين أنه يمكن للجسم أن يمتص العناصر الغذائية المفيدة ذات الإنتاج الحيواني، ولكن إذا اهتم المرء بتغذيته فيمكنه تعويض ذلك. فاللحم يحتوي على البروتينات، وكذلك على الفيتامينات المختلفة. ويمكن استبدال البروتين الحيواني على سبيل المثال عبر البقوليات وعن طريق استهلاك كميات كافية من الكربوهيدرات. وفيتامين "دي" يوجد في الأطعمة الحيوانية وفي الأسماك وفي الكبد. ويمكن أيضا الحصول عليه عبر تناول البطاطا الحلوة أو الفطر أو التعرض بصورة كافية لأشعة الشمس.
أما فيتامين "بي6" المسؤول عن الأحماض الأمينية والمقوي لجهاز المناعة فيمكن الحصول عليه عبر البطاطا والسبانخ والموز والأفوكادو، حسب ما ذكرت صحيفة "ميركيشه الغيماينه ". وحتى بعض الأحماض الموجودة في اللحوم والأسماك مثل حمض "ألفا – اللينولينيك" وهي المسؤولة عن بناء الخلية ومرونتها في الجسم، وتعد من الصعب استبدالها أو العثور عليها في الخضار والفواكه، لكنه يمكن العثور عليها في زيوت الجوز وزيت السلجم.
ز.أ.ب/ ع.ج
"اللحوم النباتية".. بدائل صحية وصديقة للبيئة؟
يزداد الطلب على الأغذية التي لا تحتوي على اللحوم، وفي الولايات المتحدة وحدها ارتفع الطلب نحو 23 بالمائة العام الماضي. لكن هل يمكن للبدائل النباتية تعويض اللحوم؟ وهل لمذاقها أن ينسينا طعم البرغر وطعم شرائح اللحم المشوية؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Soderlin
يحاول كثير من الناس تجنب إلحاق الضرر بالبيئية وخاصة تلك الأضرار لناتجة عن اعتمادهم على اللحوم كمصدر غذائي رئيسي وما ينتج عنه من أضرار للبيئة. الميل السائد حاليا هو تعويض اللحوم ببدائل اللحوم أو ما يطلق عليها "اللحوم النباتية".
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMAPRESS
تناول القليل من اللحوم لم يعد مجرد قرار مرتبط بصحة الجسم، بل أسلوب للحفاظ على البيئة. فوفقا لتقرير صادر عن "الصندوق العالمي للطبيعة" فإن التخلي عن المنتجات الحيوانية "طريقة سهلة ورخيصة نسبيا" لمعالجة تغيرات المناخ. لأن الثروة الحيوانية تولد كميات كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة وتستهلك عشر احتياطات العالم من المياه العذبة وتساهم في إزالة الغابات في أمريكا الجنوبية.
صورة من: picture-alliance/Arco Images GmbH
أصبحت بدائل اللحوم مثل "بايوند ميت" و"إمبوسيبل برغر" ممكنة بفضل التقنيات الغذائية الجديدة. وتحتوي هذه البدائل على فول الصويا والفول والبازلاء. وهذه الأغذية، وهي على عكس البرغر النباتي الشائع حاليا يشبه طعمها اللحم الأصلي ولها رائحة ولون وحتى "دم" شبيه باللحوم، بفضل عصير الشمندر الأحمر الذي يوحي بأنه دم. وغالبا ما تكون هذه البدائل صحية أكثر من اللحوم الحيوانية العادية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Drew
تباع منتجات "بايوند ميت" في آلاف المتاجر والمطاعم الأمريكية، ما شجع ماركات أخرى على الاستثمار في هذا المجال، مثل شركة "نيستله" التي قدمت كرات اللحم التقليدية "فريكاديله" خالية من اللحوم. فيما قدمت سلسلة مطاعم "برغر كنغ" وجبات من منتجات "بيوند ميت" في الولايات المتحدة. أما مطاعم ماكدونالدز فتجرب حاليا البرغر النباتي.
صورة من: Imago
هذا التحول شجع المستثمرين على الاستثمار في هذا المجال. وعندما دخلت شركة "بايوند ميت" بورصة "وول ستريت" في أوائل شهر مايو/ ايار 2019 استطاعت أن تضاعف قيم أسهمها في اليوم الأول. وقال بروس فريدريش رئيس مؤسسة "غود فود" لوكالة فرانس برس إن "المستثمرين يرون فرصة تجارية كبيرة" في مجال اللحوم النباتية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Photoshot/R. Levine
لكن يقال إن نباتات فول الصويا الصناعية تساهم هي أيضا في إزالة الغابات وعلى نطاق واسع، وكذلك زيوت النخيل التي يتم استخدامها في بعض بدائل اللحوم. وذكرت منظمة "فيرن" البلجيكية للمحافظة على البيئة أن هناك حاجة لأكثر من مليون كيلومتر مربع من الأراضي لزراعة فول الصويا. ويتم استخدام نسبة قليلة من الأراضي لبدائل اللحوم بينما يتم استخدام المساحات الواسعة لإنتاج أعلاف الحيوانات.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo/V. R. Caivano
هناك أيضا مخاوف غذائية من بدائل اللحوم، إذ يمكن أن تحتوي شطيرة البرغر النباتي على نسبة دهون مضاعفة وسبعة أضعاف نسبة الصوديوم الموجودة في البرغر التقليدي. وتشعر مجموعات مهتمة بحماية البيئة بالقلق حيال "إمبوسيبيل برغر" الذي يحتوي على خمائر معدلة جينيا التي تعطي طعما مشابها للحوم. والاستهلاك المفرط لهذه المواد المعدلة وراثيا يمكن أن يسبب السرطان، أي نفس أعراض الاستهلاك المفرط للحوم.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/R.B. Levine
قررت لجنة الزراعة في البرلمان الأوروبي مؤخرا منع تسمية بدائل اللحوم النباتية بأسماء توحي بأنها لحوم، مثل البرغر أو النقانق أو شريحة لحم "ستيك". وهو ما يعني أن هذه المنتجات البديلة ستنزل إلى الأسواق بأسماء أخرى. الكاتب: زمن البدري/DW