1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يمكن أن تقوم مصالحة بين إيران والسعودية في عهد بايدن؟

٣ فبراير ٢٠٢١

مع رحيل إدارة ترامب، بدأت تلوح في الأفق آمال في التوصل لنوع من التهدئة بين الإدارة الأمريكية الجديدة وطهران، ما قد يفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات "مصالحة" بين إيران والسعودية، حسب خبراء. فما إمكانية ذلك؟

أعلام إيران والسعودية والولايات المتحدة
هل يمكن أن تقود التهدئة بين واشنطن وطهران إلى تهدئة أخرى بين طهران والرياض في عهد بايدن؟

مع دخول الرئيس الديمقراطي جو بايدن للبيت الأبيض ورحيل إدارة الرئيس  السابق دونالد ترامب، بدأت الآمال تتصاعد في الوصول إلى نوع من التهدئة ليس بين إيران والولايات المتحدة فحسب، بل بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية، العدوين اللدودين في المنطقة أيضا.

سبقت هذه الآمال رسائل مباشرة وغير مباشرة انتقلت بين واشنطن وطهران، قد يلمح فيها البعض بوادر تهدئة قد تحدث بين البلدين بعد سنوات عاصفة تحت حكم ترامب. كان آخر تلك الإشارات دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الاتحاد الأوروبي إلى التوسّط بين بلاده وواشنطن لإنقاذ الاتفاق النووي والذي انسحبت منه إدارة ترامب.

ظريف قال لشبكة "سي إن إن" الامريكية، إنه "يمكن أن تكون هناك آلية" إما لعودة "متزامنة" للبلدين إلى الاتفاق النووي، وإما "تنسيق ما يمكن القيام به"، واقترح أن يحدّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "التدابير التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة وتلك التي يجب أن تتخذها إيران".

دعوة للحوار

يقول حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق، والمتخصص في أمن الشرق الأوسط والنووي في جامعة برينستون إنه دعا مع الباحث السعودي عبد العزيز صقر، رئيس ومؤسس مركز الخليج للأبحاث، في مايو/ أيار من عام 2019 لإجراء حوار بين بلديهما، مضيفاً أنهما حذرا من أن البديل سيزيد التوترات التي يمكن أن تتحول إلى مواجهة كارثية.

وفي لقاء أجرته صحيفة الغارديان البريطانية معهما، أشار الخبيران، السعودي والإيراني، إلى سلسلة من التوترات شهدتها المنطقة "مثل هجمات على ناقلات نفط سعودية وإيرانية في المياه الدولية، والضربة الكبيرة لمنشآت أرامكو السعودية". وأشارا أيضاً إلى التوتر المحتدم بين إيران والولايات المتحدة في أعقاب مقتل الجنرال قاسم سليماني أواخر العام الماضي، ومقتل العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده.

وعلى الرغم مما قد يبدو "هدوءاً ظاهرياً" منذ ذلك الحين، إلا أن الخبيرين يعتقدان أن الأوضاع تبقى تحت رحمة سوء تقدير واحد قد يحول الحرب الباردة بين البلدين إلى حرب حقيقية، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها. بيد أنه ومع وصول إدارة جديدة إلى واشنطن، فقد حان الوقت للانتقال من المواجهة إلى الحوار.

اقرأ أيضا: هل تأتي العلاقات الخليجية-العراقية على حساب إيران؟

وتأرجحت العلاقات بين طهران والرياض خلال العقود الأربعة الماضية بين المواجهة والمنافسة والتعاون. ويتشارك الخبيران السعودي والإيراني الشعور بأنه بينما تقف حكومتا البلدين على طرفي نقيض بشأن مجموعة من القضايا الإقليمية، فإنه لا يوجد شيء حتمي بشأن هذا العداء، كما أنه لا ينبغي عليه أن يكون عداء دائمًا.

اتهامات متبادلة ومخاوف

 وترى كل من إيران والسعودية أن الآخر حريص على فرض هيمنته على المنطقة، إذ تنظر الرياض إلى طهران على أنها عازمة على تطويق المملكة من خلال عدة تحالفات مع دول وقوى وانظمة وتيارات؛ فيما ترى طهران أن الرياض هي الوسيط الرئيسي لجهود الولايات المتحدة لاحتواء وتقويض الجمهورية الإسلامية.

ويرى الخبيران السعودي والإيراني أن كل دولة تعتقد أن الأخرى مصممة على نشر مذهبها الفقهي على حساب الأخرى، كما تعتبر الرياض ترسانة طهران من الصواريخ الباليستية تهديدًا لأمنها القومي، فيما تعتبر طهران شراء المملكة لكميات كبيرة من الأسلحة الغربية المتطورة يؤدي إلى خلل في موازين القوى المسلحة في المنطقة.

أيضاً تتهم السعودية إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة مثل اليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق، فيما ترى طهران أن المملكة العربية السعودية تفعل الشيء نفسه في هذه البلدان بالذات.

كيف يمكن أن تتم المصالحة؟

يرى الخبيران أن الخطوة الأولى نحو تسوية مؤقتة مقبولة تتمثل في أن يدرك كل جانب تصورات التهديد لدى الآخر - سواء كانت حقيقية أو متخيلة - ووضع مجموعة من المبادئ الأساسية التي يمكن البناء عليها.

ولكسر هذه الحلقة المفرغة وتجاوز لعبة إلقاء اللوم، يرى الخبيران أن القيادة السياسية في كل من طهران والرياض تحتاجان إلى الانخراط في مناقشات مباشرة مسترشدة بالأساسيات التالية:

ـ إدارة العلاقات على أساس الاحترام المتبادل، وفقًا للمصالح المشتركة وعلى قدم المساواة.

ـ الحفاظ على السيادة وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي وحرمة الحدود الدولية لجميع دول المنطقة واحترامها، والتشديد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. 

ـ رفض التهديد باستخدام القوة والالتزام بالتسوية السلمية لجميع الخلافات، وكذلك رفض سياسة دعم الانقسام الطائفي وتوظيف الطائفية لأهداف سياسية ودعم وتسليح المليشيات في دول المنطقة.  

ـ احترام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ولا سيما حرمة المرافق الدبلوماسية. 

ـ تعزيز التضامن الإسلامي وتجنب الصراع والعنف والتطرف والتوتر الطائفي، والتعاون الكامل في مكافحة الإرهاب.

ـ معاملة الأقلية الدينية في بلد الطرف الآخر كمواطنين لهم كل الحقوق، وليس في المقام الأول كرعايا من أتباع مذهب آخر مع ولاءات عبر وطنية.

ـ رفض سعي أي دولة في المنطقة للهيمنة وضمان حرية الملاحة والتدفق الحر للنفط والموارد الأخرى إلى المنطقة ومنها، وحماية البنية التحتية الحيوية.

ـ أخيرا حظر تطوير أو شراء جميع أشكال أسلحة الدمار الشامل.

وإذا ما تم الاتفاق على المبادئ التوجيهية السابقة من كلا الطرفين، فإن ذلك يعد نقطة انطلاق مهمة، لكن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات لبناء الثقة بعد عقود من العداء وانعدام الثقة بحسب ما يرى الخبيران.

اقرأ أيضا.. بلينكن: إيران ربما تكون على بعد أسابيع من امتلاك مواد لسلاح نووي

الخوف الإسرائيلي

لكن هذا النوع من التقارب سواء بين واشنطن وطهران، أو بين طهران والرياض قد ترى فيه إسرائيل خطراً شديداً على أمنها. إذ لا تتوقف إسرائيل عن التحذير من اقتراب إيران من حيازة سلاح نووي، وأن هذا النوع من التهدئة وتخفيف الضغوط يقلل كثيراً من التوترات الايرانية، ما قد يجعل طهران تركز بشكل أكبر على تطوير قدراتها النووية.

كما تخشى تل أبيب من نية إدارة بايدن العودة للاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، وهي التي تعارض الاتفاق منذ فترة طويلة. وتقول واشنطن إن انسحاب الإدارة الأمريكية السابقة من الاتفاق كانت له نتائج سلبية إذ دفع إيران للتخلي عن التزاماتها بتقييد أنشطتها النووية.

بين بايدن وترامب

تعاملت إدارة ترامب مع ملف الأزمة النووية الإيرانية بشكل شديد الخشونة في بعض الأحيان بحسب دبلوماسيين غربيين، حتى وصل الأمر إلى الخوف من إصدار ترامب لأوامر بتوجيه ضربة عسكرية مركزة لإيران في أواخر أيام حكمه.

وكثيراً ما وجه ترامب انتقادات حادة لإدارة سلفه أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران والذي كان يراه مجحفاً للغاية، ما جعله يتخذ قراراً بالانسحاب من جانب واحد من الاتفاقية النووية وأعاد فرض عقوبات على طهران ثم شدّدها.

اقرأ أيضا: الثابت والمتغير في سياسة أمريكا في الشرق الأوسط في عهد بايدن

لكن وعلى العكس، تعهّد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بالعودة مجدّداً إلى الاتفاق شرط أن تعود طهران للتقيّد التام بالقيود المفروضة على برنامجها النووي، والتي بدأت تتحرّر منها شيئاً فشيئاً ردّاً على الموقف الأمريكي، لكن الطلب الأمريكي ووجه بطلب مقابل من الدبلوماسية الإيرانية باتخاذ واشنطن الخطوة الأولى على هذا الصعيد، ورفع العقوبات أولاً.

ورغم ما قد يظهر من أن إدارة بايدن قد تكون أخف وطأة على طهران، إلا أنه وبحسب موقع بوليتيكو الأمريكي فإن هناك خلافاً داخل الإدارة الأمريكية الجديدة بين من يرى ضرورة التعامل مع الملف النووي الإيراني كإحدى الأولويات، وطرف آخر يرفض حتى وضع إطار زمني للعودة إلى الاتفاق.

وبحسب مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية فإن العودة للاتفاق النووي ستستغرق وقتا أطول مما قد يرغب فيه العديد من المدافعين عن هذا الاتفاق وفق ما نشر الموقع الأمريكي، وكلها تقديرات قد تؤثر على سرعة تسوية الأمور بين طهران والرياض.

ويرى الخبيران السعودي والإيراني أن تأجيل خفض التصعيد بين إيران والسعودية سيكون خطأً فادحًا، حيث أثبتت المنطقة مرارًا وتكرارًا أنه في أي مناسبة نادرة تظهر فيها فرص الحوار البناء، فإنه يجب اغتنامها بسرعة قبل أن تتلاشى.

عماد حسن

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW