1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يمكن للاتحاد الأوروبي التعامل مع فرع سابق للقاعدة بسوريا؟

١٣ ديسمبر ٢٠٢٤

رحب الاتحاد الأوروبي بسقوط نظام الأسد، لكن من يمسكون بالسلطة حاليا يمثلون تحديا كبيرا، فهم كانوا على علاقة سابقة مع تنظيم القاعدة. فكيف سيتعامل الاتحاد الأوروبي مع هذا التحدي؟

مسلح سوري يقف فوق سطح أحد المنازل وعلم الثورة السورية يرفرف بجواره (أرشيف: 18/3/2023)
رحب الاتحاد الأوروبي بسقوط الأسد، لكنه غير متأكد من كيفية التعامل مع الجماعة المتمردة التي سيطرت على أجزاء كبيرة من سوريا.صورة من: Rami Alsayed/NurPhoto/picture alliance

الاتحاد الأوروبي، مثل معظم المجتمع الدولي، صُدم من سرعة انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد تعرضه لهجوم من قبل المتمردين بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة كان تابعة سابقاً لتنظيم القاعدة، ما منعه من تحرك سريع لوضع استراتيجية للرد.

رحب الاتحاد الأوروبي بسقوط الأسد، لكنه غير متأكد من كيفية التعامل مع هذه الجماعة المتحكمة في المشهد حاليا، وزعيمها أحمد الشرع، 42 عاما، الذي كان معروفا باسم "أبو محمد الجولاني". هيئة تحرير الشام هي جماعة إسلامية متشددة، كانت تسمى سابقا "جبهة النصرة"، وهي مصنفة منظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة وحكومات غربية مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وصرّح متحدث باسم الاتحاد الأوروبي للصحفيين بأن الاتحاد ليس لديه أي اتصال مع قادة المتمردين السوريين. ويواجه الاتحاد الأوروبي العديد من التحديات في التعامل مع الجولاني وجماعته، لكنه حالياً في وضع "انتظار ورؤية" لتقييم كيف سيتصرف المتمردون في المستقبل.

أحمد الشرع، 42 عاما، الذي كان معروفا باسم "أبو محمد الجولاني"، زعيم هيئة تحرير الشامصورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP/Getty Images

زعيم محسوب سابقا على القاعدة

نظرة سريعة على سيرة الجولاني تشرح تردد الاتحاد الأوروبي، فقد انضم إلى القاعدة لمحاربة الغزو الأمريكي للعراق، وسُجن في سجن بوكا (معسكر اعتقال سابق غرب مدينة أم قصر في العراق)، حيث قضى وقتاً مع أعضاء من جماعات جهادية مختلفة ذات أجندة عالمية.

اعترف في مقابلة مع هيئة الإذاعة الأمريكية (PBS) قبل سنوات بأنه عند عودته إلى وطنه، حصل على دعم مالي مما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي احتل مساحات شاسعة من العراق وسوريا في فترات. خلال صراع نفوذ اندلع بين تنظيمي القاعدة وداعش، اختار الجولاني التنظيم الأول، لكنه في عام 2016، قطع علاقاته مع القاعدة وقدم نفسه كإسلامي وطني يهدف إلى إسقاط نظام لأسد.

حقق الجولاني هدفه وهو الآن يسيطر على مناطق سورية كانت خاضعة لحكم نظام الأسد، بما فيها العاصمة دمشق، لكنه مع ذلك لا يزال مطلوباً، وتقدم الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لكل من يدلي بمعلومات قد تؤدي إلى القبض عليه، لكن لم يعد العثور على الجولاني صعبا، فقدأجرى لقاءات إعلامية متعددة ويظهر في الحياة العامة.

يعتقد بعض المحللين أنه قد حان الوقت لإلغاء تصنيف الجولاني وهيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، لكن مع بعض الشروط، إذ يكتب تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، على منصة إكس، إن "إلغاء التصنيف مسألة معقدة وصعبة".

ويضيف: "في ظني، هناك شروط متسلسلة ستُطرح على هيئة تحرير الشام للوفاء بها (لأجل إلغاء التصنيف)، تتضمن إصلاحات عسكرية وسياسية وإجراء حوكمة، وتحركات نحو المساءلة عن الجرائم الموثقة سابقاً".

الجولاني عام 2016 وهو يعلن إنشاء هيئة تحرير الشام على أنقاض جبهة النصرةصورة من: Orient News TV Handout/dpa/picture alliance

اتهامات بالقتل في مراكز الاحتجاز

احتج سوريون في إدلب، شمال سوريا، التي سيطرت عليها هيئة تحرير الشام لسنوات، منذ فبراير/شباط من هذا العام، على ممارسات هذا التنظيم "بما في ذلك التعذيب والموت في الاحتجاز"، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة صدر في سبتمبر/أيلول.

كما أكد تقرير صادر عن الولايات المتحدة عام 2022 حول حقوق الإنسان في سوريا أن "الجماعات المسلحة مثل هيئة تحرير الشام ارتكبت مجموعة واسعة من الانتهاكات، بما في ذلك القتل غير القانوني والاختطاف والاحتجاز غير العادل والإساءة الجسدية، ومقتل المدنيين وتجنيد الأطفال". كما اتهم التقرير عدة جماعات سورية أخرى متمردة بالسلوك ذاته.

من جهتها، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن ستة معتقلين سابقين على الأقل تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم من طرف هيئة تحرير الشام في عام 2019.

لكن الجولاني، الذي بات يرأس حاليا ما يسمى بـ"غرفة العمليات السورية المسلحة"، نفى التورط في هذه الجرائم، وقال مؤخراً لشبكة "سي إن إن" إن الانتهاكات "لم تتم بأوامرنا أو توجيهاتنا"، وإن المسؤولين عنها تمت محاسبتهم.

يشعر المسيحيون السوريون بالقلق بشأن سلامتهم مع سيطرة المتمردين الإسلاميين على سوريا، لكن هيئة تحرير الشام قالت إنه لن يلحق أي ضرر بالأقليات.صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance

حكومة شاملة ضرورية للاعتراف الغربي

مع ذلك، لدى الاتحاد الأوروبي قائمة طويلة من المخاوف، إذ يشعر التكتل المؤلف من 27 دولة بالقلق إزاء سلامة الأقليات وحقوق المرأة والتمثيل المتساوي لمختلف جماعات المعارضة.

أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الاتحاد الأوروبي إلى عدم الاعتراف بنظام الأسد، بالرغم من أن جل اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط أعادوه إلى الساحة وعادت العلاقات بشكل طبيعي بينه وبين عدد من الدول الأخرى، هو رفضه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وهو القرار الذي دعا إلى انتقال سياسي.

نشرت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، على منصة إكس  بعد فترة وجيزة من استيلاء الفصائل المسلحة على دمشق: "ندعو إلى انتقال سياسي هادئ وشامل بالإضافة إلى حماية جميع السوريين، بما في ذلك جميع الأقليات".

حتى الآن، وعدت هيئة تحرير الشام بسلامة الأقليات الدينية، وأعلنت العفو عن جميع الجنود السوريين الذين تم تجنيدهم إلزاميا من طرف النظام السابق، وقررت التعاون مع محمد غازي الجلال، آخر رئيس وزراء من عهد بشار، لتشكيل حكومة انتقالية، كما تعهدت باحترام حقوق المرأة وحقوق الأقليات، وتم تشكيل حكومة انتقالية لإدارة شؤون البلاد.

يقترح البعض أن على الاتحاد الأوروبي اغتنام الفرصة وأن يتدخل بشكل أكبر من أجل التأثير على المتمردين، سواء من أجل السوريين، أو من أجل مصالحه الخاصة.

دور أكبر للاتحاد الأوروبي

انتقل أكثر من مليون سوري إلى الاتحاد الأوروبي في ذروة الحرب السورية التي استمرت قرابة 14 عاماً، ولا يزال السوريون ضمن أكثر الجنسيات المتقدمة بطلبات اللجوء في القارة. وطالبت عدة أحزاب ومجموعات سياسية داخل الاتحاد بترحيل السوريين، كما أوقفت عدة دول أعضاء، بما في ذلك ألمانيا، البت في طلبات اللجوء المعلقة، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على فرار الأسد من دمشق.

يقول جوليان بارنز-ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لـ DW إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يوجه اهتماما سياسيا وموارد كبيرة لتشكيل حكومة شاملة في سوريا. ويؤكد أن على الاتحاد "العمل بسرعة على تحفيز مسار إيجابي" وأن يستغل ما تشير له هيئة تحرير الشام من تغيير في تفكيرها.

ويضيف في رد مكتوب لـDW: "هذا هو الطريق الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق مصالح أوروبا، سواء كان الأمر يتعلق بالاستقرار الإقليمي ومنع إرهاب جديد أو السماح للملايين من السوريين أخيراً بالعودة إلى ديارهم أو إضعاف النفوذ العدائي الإقليمي للقوى الخارجية بشكل دائم مثل (نفوذ) روسيا".

وفي الوقت الذي أعرب بعض الخبراء عن أن هيئة تحرير الشام قد تكون قد عدلت أيديولوجيتها، يظهر آخرون أكثر تشككاً، ويشتبهون أن التصريحات الأخيرة قد تكون مجرد حملة ترويجية.

تحول حقيقي أم مناورة دعائية؟

"تحاول هيئة تحرير الشام الآن إظهار وجه ودود، للحصول على أكبر قدر من الدعم السوري لمشروعهم في بناء نظام جديد، وتقليل الاحتكاك مع الدول الغربية والعربية. لكن لن يكون الحال دائما على هذا النحو بالضرورة"، يقول آرون لوند، وهو باحث في منظمة التفكير الأمريكية سينتري، لـDW.

ويضيف: "عندما تتعرض جماعة كهذه للتهديد، فغالبًا ما تعود إلى قواعدها الأصلية الأكثر صلابة، وفي حالة هيئة تحرير الشام، هذه القواعد هي النواة الجهادية الصلبة".

يدرك الاتحاد الأوروبي المخاطر وقد تبنى حاليًا نهجًا حذرا لتقييم ما إذا كان تحول هيئة تحرير الشام واقعاً أم مجرد مناورة دعائية. تعتمد سياسة الاتحاد على كيفية تصرف هيئة تحرير الشام وزعيمها في المستقبل.

ويقول المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أنور العنوني: "بينما تتولى هيئة تحرير الشام مسؤوليات أكبر، سنحتاج إلى تقييم أفعالهم أيضاً، وليس فقط كلماتهم". 

أعده للعربية: ع.ا

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW