بلغ التوتر بين تركيا والمقاتلين الأكراد السوريين المدعومين من واشنطن إلى حد أنهم أعلنوا توقيف عملياتهم ضد "داعش" مؤقتا. اليوم بدأ الجانبان التركي والأمريكي بتسيير دوريات مشتركة في منبج، كما تحادث ترامب وأردوغان هاتفيا.
إعلان
أعلنت الرئاسة التركية في بيان أن الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والأميركي دونالد ترامب، تحادثا اليوم الخميس (الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) هاتفيا حول الوضع في سوريا، وسط توتر شديد بين أنقرة و"وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة.
وجاء الإعلان عن هذا الاتصال الهاتفي بعد ساعات من بدء تسيير دوريات تركية أميركية مشتركة في مدينة منبج في شمال سوريا الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها تركيا كمنظمة "إرهابية". بيد أن هذه القوات تحظى بدعم عسكري واسع من الولايات المتحدة في قتالها لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الإرهابي.
وذكر بيان الرئاسة التركية أن هذه المشاورات ركزت على الملف السوري، وتحديدا على الوضع في منبج ومحافظة إدلب، آخر أكبر معقل للفصائل المقاتلة والجهادية، التي تم الإعلان فيها عن "منطقة منزوعة السلاح" الثقيل بموجب اتفاق بين روسيا وتركيا. وتوافق الرئيسان على البقاء "على اتصال وثيق" سواء بالنسبة إلى القضايا الإقليمية أو الثنائية. وأكدا أيضا "عزمهما" على اتخاذ إجراءات لـ "تعزيز العلاقات الثنائية".
بدوره أفاد البيت الأبيض أن الرئيسين "بحثا رغبتهما في العمل المشترك وخصوصا بالنسبة إلى تنسيقهما في سوريا". كذلك، قدم أردوغان "تعازيه بضحايا (اطلاق النار) في بيتسبرغ" وفق ما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز في إشارة إلى مقتل 11 شخصا السبت داخل كنيس يهودي.
وتوترت العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي في الأعوام الأخيرة، وخصوصا على خلفية دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة "إرهابية". وبهدف تهدئة التوتر في هذا الملف، توافقت أنقرة وواشنطن في حزيران/ يونيو على "خارطة طريق" تنص خصوصا على انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وتسيير دوريات مشتركة بدأت الخميس.
لكن تركيا شنت في الأيام الأخيرة قصفا متقطعا استهدف مواقع للمقاتلين الأكراد، كما لوحت بشن عملية عسكرية كبيرة في شرق نهر الفرات بشمال سوريا. وقال أردوغان في مداخلة أمام نواب حزبه في البرلمان "سندمّر الهيكل الإرهابي في شرق الفرات. لقد أكملنا استعداداتنا وخططنا وبرامجنا بهذا الشأن".
وأعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن الخميس أنه يعمل من أجل خفض التصعيد الأخير بين أنقرة و"قوات سوريا الديموقراطية" بعد قصف تركيا مواقع المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. وبسبب القصف التركي، علقت هذه القوات عملياتها العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" "موقتاً".
والآن دخل ترامب شخصيا على هذا الخط، عبر المحادثات الهاتفية مع الرئيس التركي أردوغان، فهل ينجح في خفض التوتر بين الجانبين ما يحول دون تنفيذ أنقرة وعيدها بشن عملية عسكرية كبيرة في مناطق شرق الفرات؟
ص.ش/أ.ح (أ ف ب، د ب أ)
جنود أمريكيون يحملون شعار الوحدات الكردية بالرقة وتركيا تحتج
ظهرت صور لقوات أميريكية خاصة في شمال الرقة السورية بجانب قوات وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا جماعة إرهابية. وظهر على أكتف هؤلاء الجنود شعار الوحدات وهو ما دفع أنقرة إلى اتهام واشنطن بالكيل بمكيالين.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
أثارت صور نشرت لجنود أمريكيين يضعون شعار قوات وحدات حماية الشعب الكردية حفيظة تركيا. حيث ظهرت صور لجنود أميريكيين جنبا إلى جنب مع جنود تابعين لتلك الوحدات في منطقة شمال الرقة حيث بدأ الهجوم على معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة الرقة.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وقال وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو في مؤتمر صحفي (الجمعة 27 مايو/ أيار 2016) إنه "من غير المقبول" أن يضع جنود أمريكيون شعار الوحدات على ملابسهم. واتهم الوزير التركي الولايات المتحدة بأنها "تكيل بمكيالين"؛ لرفضها اعتبار وحدات حماية الشعب الكردية السورية منظمة إرهابية.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وحدات حماية الشعب الكردية هي أبرز فصائل قوات سوريا الديمقراطية. وقوات سوريا الديمقراطية عبارة عن تحالف فصائل كردية وأخرى عربية. وقد بدأت هجوما شمال الرقة الثلاثاء (24 مايو/ أيار) غداة إعلان السلطات العراقية إطلاق عملية "تحرير" الفلوجة من أيدي مقاتلي "تنظيم داعش"، المتمدد بين سوريا والعراق.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وتدعم الولايات المتحدة تحالف "قوات سوريا الديمقراطية" في معركتها مع التنظيم المتطرف. وبإسناد جوي لطائرات التحالف الذي تقوده واشنطن استطاعت وحدات حماية الشعب الكردية طرد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من مناطق واسعة في شمال سوريا على مدى العام الماضي.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وكان تنظيم داعش قد أستولى على محافظة الرقة في شمال سوريا بعد انسحاب قوات النظام السوري من آخر معاقلها هناك في آب/ أغسطس عام 2014، ليعلن التنظيم بعدها الرقة عاصمة "لدولة الخلافة الإسلامية"، التي خضعت لها مساحات شاسعة مترابطة من العراق وسوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa
ومنذ هجوم الثلاثاء يعيش 300 ألف شخص في مدينة الرقة ظروفا صعبة، خصوصا بعدما توقف التنظيم عن إعطاء "تصاريح خروج للسكان الراغبين بمغادرة الرقة، وفق ما ذكر المركز السوري لحقوق الإنسان. رغم ذلك تمكنت عائلات من الهروب باتجاه محافظة إدلب (شمال غرب سوريا)، الخاضعة لسيطرة تحالف "جيش الفتح" الذي يضم فصائل إسلامية أبرزها جبهة النصرة.
صورة من: Reuters
وتصنف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية كمنظمة إرهابية. وقال تشاووش أوغلو خلال قمة للأمم المتحدة في منتجع أنطاليا بتركيا: "إن من غير المقبول أن يستخدم جنود أمريكيون شعار وحدات حماية الشعب وهي جماعة إرهابية".
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وتصنف واشنطن حزب العمال الكردستاني، الذي هو في حرب مع تركيا منذ سنوات طويلة، كمنظمة إرهابية، لكنها تدعم وحدات حماية الشعب في معركتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وكان بيتر كوك السكرتير الصحفي بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد رفض التعليق على تلك الصور وقال خلال مؤتمر صحفي الخميس: عندما تعمل القوات الخاصة في منطقة ما فإنها تبذل كل ما في وسعها للاندماج مع المجتمع لتعزيز أمنها. ص.ش/و.ب (رويترز، أ ف ب)