1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ينسف "العنف السياسي" فرص بناء ديمقراطية في العراق؟

٢١ يناير ٢٠٢٢

تلجأ كتل سياسية خسرت الانتخابات الأخيرة في العراق إلى العنف للحصول على نفوذ في الحكومة المقبلة. في المقابل تقوى شوكة الرافضين لذلك بشكل قد يمهد لتشكيل معارضة حقيقية في البرلمان، فهل يسود العنف أم تنتصر الديمقراطية؟

فاز تحالف "سائرون" التابع لمقتدى الصدر بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان عقب الانتخابات العراقية الأخيرة
فاز تحالف "سائرون" التابع لمقتدى الصدر بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان عقب الانتخابات العراقية الأخيرةصورة من: Khalid Mohammed/AP/picture alliance

على مدار الشهر الماضي، شهد العراق ارتفاعا في وتيرة ما يُعرف بظاهرة "العنف السياسي" مرة أخرى عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة. في الماضي، كانت تُستهدف القواعد العسكرية أو القوافل الأمريكية، بيد أن المعادلة تغيرت الآن وأصبح هناك أهدافا أخرى غير القوات الأجنبية، فخلال الأسبوع الماضي، أًلقيت قنابل يدوية على مكاتب تابعة لأحزاب سياسية سنية وكردية في العاصمة بغداد التي شهدت أيضا استهداف بنكين مملوكين للأكراد بقنابل يدوية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هاجم مسلحون منزل رجل دين شيعي في محافظة المثنى الاثنين الماضي. وفي مطلع يناير / كانون الثاني الجاري، أفادت وسائل إعلام محلية باغتيال مسلم عيدان – وهو قيادي في التيار الصدري - من قبل مجهولين في منطقة الشيشان وسط محافظة ميسان.

قاسم مشترك

وعلى الرغم من اختلاف طرق شن هذه الهجمات ما بين إلقاء قنابل يدوية وقتل بالرصاص، إلا أن هناك قاسما مشتركا بينها ألا وهو أن الشخصيات والكيانات المستهدفة كانت قد أهانت الأحزاب التي خسرت الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر / تشرين الأول الماضي.

جُرح شخصان في استهداف مصرف تملكه شخصيات كردية في بغدادصورة من: Murtadha Al Sudani/AA/picture alliance

يشار إلى أن الأحزاب السياسية التي مُنيت بخسارة مقاعدها في البرلمان العراقي عقب الانتخابات تجمع صفوفها لنيل نفوذ في الحكومة المقبلة رغم خسارتها الانتخابات. ورغم عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها عن شن مثل هذه الهجمات، إلا أن خبراء يلقون باللائمة في تنفيذ الأخيرة منها على الأحزاب التي لجأت إلى العنف لقلب نتائج الانتخابات خاصة وأن الأمر يتزامن مع تفاقم الأزمة السياسية وزيادة حدة التوترات السياسية مع اقتراب تشكيل الحكومة المقبلة.

وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز تحالف "سائرون" المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالقسم الأكبر من مقاعد البرلمان إذ حصل على 73 من مجمل المقاعد البالغة 329 مقعدا. وفي الوقت نفسه، خسر مرشحو قائمة "الفتح" التي تضم فصائل الحشد الشعبي بقيادة هادي العامري، الانتخابات بعد أن احتلت المرتبة الثانية، إذ لم تستطع الفوز إلا بـ 17 مقعدا في البرلمان رغم أنها كانت تمتلك في البرلمان السابق 48 مقعدا.

 الحشد الشعبي؟

الجدير بالذكر أن هناك انقسامات في صفوف "الحشد الشعبي"  بين معسكر موالي لإيران الني تعد الداعم الأساسي للحشد منذ نشأته لمحاربة تنظيم داعش وبين معسكر آخر يدعم الحكومة العراقية وتنضوي تحت رايته الميليشيات المتحالفة مع الصدر. ويبدو أن كراهية الناخبين التي بدت جلية للحشد الشعبي ومن ثم لقائمة "الفتح" وما تلى ذلك من خسارة للانتخابات، جعلتهم في وضع ضعيف فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة.

أقر البرلمان العراقي السابق قانون "هيئة الحشد الشعبي" ليصبح جزءا من القوات المسلحةصورة من: ASSOCIATED PRESS/picture alliance

التنافس داخل البيت الشيعي

وفي الماضي، كانت الولاءات الطائفية تأتي في المقدمة فوق أي اعتبارات أخرى عندما يتعلق الأمر بتشكيل الحكومة في العراق، فعلى سبيل المثال كان الساسة من الكتل الشيعية يتحدون معا لتشكيل أكبر تكتل ما يمهد الطريق أمام اختيارهم رئيس البلاد الذي سيقوم بتسمية رئيس الوزراء. لكن يبدو أن الأمر أصبح ضربا من الماضي، وهو ما أشار إليه فنر الحداد - الباحث العراقي والأستاذ المساعد في جامعة كوبنهاغن.

في مقابلة مع DW، قال الباحث إن "التنافس بين الجماعات الشيعية كان التهديد الرئيسي للنظام السياسي في العراق والذي يهيمن عليه الشيعة وتغلب عليه الطائفية منذ وقت. إن هذا التنافس ليس بالجديد، لكن نادرا ما كان يصل إلى هذا المستوى". وشدد حداد على أن المشهد السياسي في العراق تغير برمته ولم يعد من الممكن "إدارته عبر ما يُعرف بسياسات الهوية وعبر مناشدة تضامن" أنصار الكتل.

الجدير بالذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يقف وراء تحالف "سائرون" والذي خرج من الانتخابات منتصرا، قد أكد في عدة مناسبات أنه يرغب في تشكيل حكومة أغلبية من المحتمل أن تستبعد انضمام أحزاب شيعية موالية للحشد الشعبي الذي تدعمه إيران بما يشمل ذلك تحالف "الفتح".

النفوذ الخارجي.. ليس ببعيد

يشار إلى أنه في وقت سابق من الشهر الجاري، انضم تحالف "سائرون" إلى كتل سنية وكردية من أجل دعم أولى خطوات تشكيل  الحكومة الجديدة عن طريق إعادة انتخاب محمد الحلبوسي رئيس حزب "تقدم" السني رئيسا للبرلمان. كما غرد مقتدى الصدر هذا الأسبوع دعمه لما أسماها "حكومة الأغلبية الوطنية"، قائلا: "لا شرقية ولا غربية. حكومة أغلبية وطنية" في إشارة ضمنية للنفوذ الإيراني والأمريكي داخل العراق.

ويرى مراقبون أن سلسلة الهجمات الأخيرة ضد قادة من الحشد الشعبي ممن يتحالفون مع الصدر وضد سياسيين وأحزاب ومصارف تابعة للسنة والأكراد لم تكن سوى نتيجة لحالة الغضب التي تسود تحالف "الفتح" جراء احتمال استبعاده من الحكومة المقبلة.

عقد البرلمان العراقي الجديد أولى جلساته في التاسع من يناير / كانون الثانيصورة من: Iraqi Parliament Press Office/Handout/AA/picture alliance

ويرى ديفيد لابود – الباحث في "مكتب سوريا والعراق" في مؤسسة كونراد أديناور ومقرها لبنان – أن هذه الهجمات قد تكون "جزءً من استراتيجية التفاوض".  وفي مقابلة مع DW ، أضاف "على الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات فيما تمت إدانتها من قبل قادة تحالف الفتح والحشد الشعبي، إلا أنني أرجح أن التصعيد الأخير في العنف يأتي ضمن استراتيجية تفاوضية".

وقال "لم يفز تحالف الفتح بالأصوات الكافية لذا فهو يتصرف بلا رحمة وحزم مع الكتل التي تتفاوض لتشكيل الحكومة المقبلة". وفي هذا السياق، قال سياسي ينتمي إلى المكون السني أنه تلقى تهديدات قبل أن يتعرض مكتبه لهجوم بقنبلة يدوية. وقال هذا السياسي إن رسالة التهديد وضعت في مظروف والقيت عند عتبة منزله جاء فيها: "سيترتب على حكومة الأغلبية الوطنية عواقب كبيرة عليك"، مشيرا إلى أن الرسالة طالبته بالانسحاب من المفاوضات مع تحالف الصدر وعدم التدخل في السياسة الشيعية.

وتأتي الرغبة في قلب نتائج الانتخابات من خلال العنف والترهيب أو ما يُطلق عليه "العنف السياسي في الوقت الذي تتزايد فيه الأمال في أن يصبح البرلمان العراقي الجديد أكثر تمثيلا وشمولية خاصة وأن القانون الانتخابي الجديد يمهد الطريق لأول مرة أمام تشكيل معارضة حقيقية ومستقلة تحت قبة البرلمان العراقي.

العراق عند مفترق الطرق

وفي ضوء كل هذه المعطيات، هل يذهب العراق صوب دوامة جديدة من العنف أو حتى حرب أهلية بين الفصائل الشيعية المسلحة  أم نحو ديمقراطية أكثر واقعية؟ وبدوره، حاول الباحث العراقي فنر حداد الإجابة عن هذا التساؤل بقوله: "أعتقد أن المسار الذي سيسلكه العراق على الأرجح سيكون ما بين هذين النقيضين". وأضاف "سوف يستمر ويتصاعد العنف السياسي، لكن أعتقد أن التوصل إلى صفقة أو اتفاق سيكون الأكثر ترجيحا من الانزلاق إلى حرب أهلية خاصة أن استبعاد أي لاعب رئيسي من الحكومة المقبلة لن يمر مرور الكرام".

أكد مقتدى الصدر أنه يرغب في استبعاد السياسيين المواليين لإيرانصورة من: Anmar Khalil/AP/picture alliance

من جانبه، يرى ديفيد لابود أنه في نهاية المطاف ستصل الأحزاب الشيعية المتناحرة إلى اتفاق، مشيرا إلى أن القانون الانتخابي الجديد رغم أنه يعني خسارة تحالف "الفتح" العديد من المقاعد داخل البرلمان، إلا أن التحالف لا تزال يمتلك الكثير من الأصوات.

وتحمل قضية الانخراط في تحالفات برلمانية إشكالية للمكون الشيعي إذ يمتلك تحالف "الفتح" وحلفاؤه نفس عدد الأصوات تقريبا التي يمتلكها تحالف "سائرون". وفي حالة دخول الأخير في تحالف مع الأحزاب السنية والكردية فسوف تكون الغلبة للنواب السنة والأكراد بشكل ظاهري. وفي ذلك، قال حداد "للمرة الأولى، سيشهد البرلمان العراقي معارضة رسمية، بغض النظر عن المسار المستقبلي لاندماج الأحزاب الشيعية في نهاية المطاف."

وشدد على أن هذه المعارضة – حال تشكيلها- ستكون سابقة مرحب بها في العملية السياسية العراقية، مضيفا "لم يتضح بعد حجم ونزاهة وفعالية هذه المعارضة، لكن على المدى الطويل، ستمتلك القدرة على الوقوف ضد التواطؤ بين صفوف النخبة السياسية الذين رسموا سياسة العراق بعد عام 2003."

 

كاثرين شير / م ع

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW