اعتبرت حفلة "موسيقى الروك ضد التغريب الثقافي" في مدينة تيمار من أكبر حفلات النازيين الجدد لهذه السنة في ألمانيا، حيث نجح منظومها في إحيائها رغم المطالبات العديدة بحظرها.فهل يستطيع قانون التجمعات إيقاف هذه الحفلات ؟
إعلان
ما يقرب من 3000 شخص يعيشون في مدينة تيمار في جنوب تورينغن. ويم السبت الماضي تضاعف عدد سكان البلدة الصغيرة بنسبة الضعفين، حيث تجمع أكثر من 6000 شخص من أنصار الحركة النازية الجديدة من جميع أنحاء أوروبا للاحتفال في أكبر حفل لموسيقى الروك في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية. وقام البعض منهم بتصميم قمصان مخصصة لحضورالحفل طٌبعت علي جهتها الأمامية عبارة "الهجوم على تمار" وعلى ظهر القميص عبارة "الأشخاص الطيبون في حالة خوف".
في وقت متأخر من المساء، عندما يتغير لون السماء إلى الأزرق الغامق، يتضح ما يحدث في مثل هذه الاحتفالات التي تسجل كتجمعات. بأيدي ممدودة وبتحية هتلر يصرخ مئات المتطرفين اليمنيين " النصر المقدس". بالمقابل تم نشر المئات من رجال الشرطة من ولاية تورينغن والمئات من ضباط الشرطة من ست ولايات اتحادية أخرى في مواجهة الاحتفال النازي.
تجمع أم احتفال؟
وطالب رئيس وزراء تورينغن بودو راميلوف بضرورة تغيير قانون التجمعات، حتى لا تندرج احتفالات النازيين مثل احتفال مدينة تمار في المستقبل تحت بند حرية التعبير. ويعتقد راميلوف أنه يجب تحديد مفهموم حق التجمع حتى لا تستطيع مكاتب المقاطعات وسلطات الترخيص والمحاكم تصنيف هذه التجمعات ضمن حرية التعبير. وقد اشارت إدراة شؤون منطقة هيلدبورغهاوزن في السابق أن الأمر يتعلق باحتفال تجاري وليس بتجمع سياسي.
في حين أن التجمعات السياسية محمية بشكل خاص بموجب القانون الأساسي وذلك لأنها تهدف إلى المشاركة في نشاطات الرأي العام، في حين تدرج الحفلات الموسيقية ضمن نطاق النشاطات الترفيهية ويمكن بسهولة حظرها أو تقييدها. بالمقابل لا تحظر الاحتفالات إلا في حالات محددة من قبل المحاكم. في مدينة تمار على سبيل المثال تخللت العروض الموسيقية مجموعة من الخطب ولهذا تم تصنيف هذا الاحتفال من قبل المحكمة على أنه تجمع. وبحسب تقديرات رئيس وزراء تورينغن فقد بلغت واردات الحفل من300 ألف إلى 400 ألف يورو، أما تكاليف نشر القوى الأمنية فيتحملها دافع الضرائب.
تشديد قانون التجمعات غير ضروري
منذ عام 2006 أصبح حق التجمع محط اهتمام الولايات الألمانية. وقال نائب رئيس الحزب الديمقراطي الحر فولفغانغ كوبيكي أنه كان في وسع برلمان ولاية تورينغن تشديد قانون حق التجمع، ولكن يبدو أن هذا القانون مقدس. كما علق كوبيكي على دعوة راميلوف بتعديل قانون التجمع بأنه مطلب مفهوم ولكن لا يمكن الدفاع عنه دستوريا، وإلا سوف يصبح تدخل الدولة تعسفي لأنه لا يعتمد على أساس محايد، وإنما سيكون على أساس حزبي.
رئيس المشورة المتنقلة في تورينغن ضد اليمين المتطرف (Mobit) ساندرو ويت لا يرى ضرورة لتشديد قانون التجمعات العامة ويقول"إن التطبيق الحازم للقوانين الموجودة سيكون كافياً لمنع مثل هذه الحفلات". ويتساءل ويت كثيراً حول السماح بإحياء حدث موسيقى بهذا الحجم في تورينغن، في حين تحظر مثل هذه الاحتفالات في ولايات ألمانية أخرى.
تورينغن موطن الموسيقى النازية
ويبرر مدير مشروع الكنيسة والتطرف اليميني، هينينغ فلاد، نجاح إقامة احتفالات النازيين الجدد بتورينغن إلى أن الولاية تعرف تاريخيا كمعقل لليمنيين المتطرفين ويقول :"كان هناك دائما فئة نشطة ومغامرة من الناس الذين نظموا هذه الحفلات، ومنهم تومي فرنك، المسؤول عن تنظيم مثل هذه الاحتفالات في تمار والذي يعتبر شخصيةة بارزة في أوساط النازيين الجدد".
وإلى جانب تنظيمه لهذا النوع من الحفلات يدير فرنك تومي، فندقاً بالقرب من مدينة تمار، التي تشهد تمدد النازيين الجدد. ويلتف حول عنق فرانك وشم عبارة كلمة "آرين"، نسبة إلى العنصر الأري الذي روجت له الإيديولوجية النازية. والحفلات القادمة مبرمجة من ألان
المواجهة بمظاهرات سلمية مضادة
ويواجه رئيس بلدية تمار هوبيرت بوزه هذه الاحتفالات بتنظيم مظاهرارت سلمية مضادة لها. حيث اجتمع يوم السبت حوالي 500 شخص معا، ويقول بوزه في حواره لـDW" كان من شأن ذلك أن ينعكس بشكل سلبي، إذا لم تتم مواجهته بمظاهرة سلمية مضادة. ويضيف رئيس بلدية تيمار "لا نريد حقيقة أن يحدث هذا، كما أن مثل هذه الأمور لا تناسب بمدينة تمار".أما بشأن موقفه من مقترح رئيس وزراء ولايته راميلوف بخصوص تشديد قانون التجمع، فكانة متحفظا رافضا التعليق عليه.
ويتساءل رئيس البلدية ما إن كانت الاحتفالات بهذا الحجم، والتي تجاوزت بكثير عددالسكان، يمكن اعتبارها تجمعات. "كان لدينا شرطة مكونة من حوالي ألف عنصرهذا يكلفنا ماديا كثيًرا.
وينظر جان رآب، الخبير في المشهد الموسيقى للنازيين الجدد، بارتياب لمقترحات رئيس وزراء تورينغن الذي وعد في مقابلة مع DWبتطبيق أكثر حزماً للقوانين القائمة.
ويرى رآب أنه يجب توضيح بشكل ملموس ما تعنيه الحماية الخاصة للأحداث السياسية، لأن لا أحد فعلا تطرق لهذه النقطة."وبهذا المنطق يجب احترام القوانين أيضاً خلال الفعاليات السياسية ".
جيفرزن/شتراوخلر/إ.م
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.