1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يٌكشف إرث أمن الدولة المصري على الطريقة الألمانية؟

١٦ مارس ٢٠١١

هل يمكن لطريقة الكشف عن إرث جهاز أمن الدولة الألمانية الشيوعية السابقة أن تكون نموذجا يحتذي به المصريون بعد قرار حلّ جهاز مباحث أمن الدولة ذي التاريخ الأسود؟ وهل تكفي القرارات الإدارية لإنهاء فصل قاتم من تاريخ مصر؟.

حلّ جهاز مباحث أمن الدولة كان أحد المطالب ثورة 25 يناير المصرية، ولكن ماذا عن الملفات المعدمة؟صورة من: picture alliance/dpa

كان إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة المصرية أحد أهم مطالب "ثورة 25 يناير" التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك ونظامه في 11 شباط/فبراير الماضي. وأعلن وزير الداخلية المصري الجديد منصور العيسوي أمس (15 مارس/أذار 2011) قرار "حل الجهاز بكافة إداراته وفروعه ومكاتبه في جميع محافظات الجمهورية".

وقرر الوزير إنشاء قطاع جديد في وزارته يدعى "قطاع الأمن الوطني" يتولى مهام الحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة ومكافحة الإرهاب وفقا لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحريته. وسيجري خلال الأيام القادمة اختيار ضباط القطاع الجديد ليؤدي دوره دون تدخل في حياة المواطنين وفي حقوقهم الدستورية.

القرارات الإدارية لوحدها لا تكفي

والسؤال هو: هل تكفي القرارات الإدارية في هذا الصدد لختم فصل أسود من تاريخ مصر وآلاف الضحايا المصريين؟ وأليس مطلوبا تسليط الأضواء على هذا الجهاز وكشف ما ارتكبه في حق المواطنين من مظالم واعتداءات على حرياتهم وكرامتهم، والكشف عن انتهاكاته الفظيعة للدستور والقوانين دون رقيب أو محاسب؟

متظاهرون ألمان شرقيون يقتحمون في 15 يناير 1990 مقر جهاز أمن الدولة كما حدث مؤخرا في مصرصورة من: AP

في التاريخ الحديث يوجد نموذجان مماثلان للكشف عن أجهزة أمنية ، الأول في جنوب أفريقيا بعد القضاء على النظام العنصري للأقلية البيضاء، والثاني في ألمانيا الديمقراطية، الشيوعية السابقة التي اتحدت مع ألمانيا الاتحادية بعد اسقاط نظامها. فأي نموذج هو الأفضل لمصر؟ في جميع الأحوال من الواضح أن من قام بالثورة المصرية لا يزال يدعو إلى فضح ممارسات النظام السابق المعادية للحريات وللديمقراطية كي لا تتكرر مرة أخرى تحت اي اسم كان.

ومن ينظر إلى المواقع الالكترونية والفيسبوك يرى حجم الرغبة الدفينة في محاسبة كبار المسؤولين السابقين سياسيا وعمليا استنادا إلى القانون. وهذا المطلب يطال الرئيس المخلوع حسني مبارك وآخرين في نظامه لا يزالون يعملون في الخفاء على دعم الثورة المضادة وبث الشائعات، واستغلال الفتنة الطائفية، وزرع الشقاق بين المواطنين والجيش بمساعدة من بقايا جهاز مباحث أمن الدولة على حد ما كتبته رانيا المالكي في صحيفة "ديلي نيوز" المصرية.

سلامة أحمد سلامة يطالب بالاستفادة من النموذج الألماني

وطالب ماندو المصري وأسامة ناجي في الفيسبوك بمحاكمة مبارك وزبانيته على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية، وإعادة الأموال التي سرقوها حيث يتحدث البعض عن 70 مليار دولار. كما أن الصحافي المصري المعروف سلامة أحمد سلامة طالب في جريدة "الأهرام" الناطقة بلسان الحكم السابق الاستفادة من النموذج الألماني في معالجة ذيول إسقاط جهاز أمن الدولة الألمانية الشرقية "شتازي" وفضح نشاطاته من خلال الوثائق التي تم وضع اليد عليها.

وبعد أن حذر سلامة من محاولات البعض للإبقاء على جوهر المباحث الأمنية حضَ على وضع اليد على وثائقها وتشكيل لجان ومؤسسات تتعاطى علنا مع الجرائم التي ارتكبت في عهد الجهاز كما جرى في ألمانيا حيث تشكلت عام 1991 "مؤسسة وثائق جهاز أمن الدولة لألمانيا الديمقراطية سابقا" التي لا تزال تعمل دون كلل منذ أكثر من 20 سنة على الكشف عن جرائم الجهاز في حق المواطنين.

ومنذ ذلك التاريخ تمكّن نحو 2,7 مليون شخص من الإطلاع على ملفاتهم الشخصية بهدف معرفة ما الذي كُتب عنهم ومن تجسس عليهم. ومرّ على الجهاز مفوضان هما يواخيم غاوك وماريينا بيرتلر التي سلمت الأمانة قبل أيام إلى خلفها رولاند يان الذي عانى بدوره من قمع الجهاز وقبع فترة في السجن بعد طرده من التدريس في جامعته بسبب معارضته السياسية للنظام.

بيرتلر: الهدف ليس الانتقام

بيرتلر: 2,7 مليون شخص اطلعوا على ملفاتهم لمعرفة من تجسس عليهمصورة من: dapd

وقالت بريتلر إن أكثرية المواطنين لا تريد الانتقام بالمعنى التقليدي للكلمة، أوالعمل على سجن المسؤولين عن الظلم الذي تعرضوا إليه، وإنما الاكتفاء بحكم صادر عن المحكمة يقول لهم: "لقد وقع ظلم في حقكم، وهذا الشخص هنا يتحمل المسؤولية عن ذلك".

وأقرت الحكومة في حينه ومعها البرلمان أيضا التعويض ماديا عن كل من جرى زجّه في السجن استنادا إلى حكم قضائي في ألمانيا الشرقية لمدة لا تقل عن ستة أشهر. وبمساعدة الوثائق التي حفظت أمكن التأكد من حالات المواطنين الذين يستحقون التعويض عن ذلك. وعلى الرغم من الملاحظات والأخطاء التي وقعت خلال معالجة إرث جهاز المباحث لا تزال غالبية الناس في ألمانيا تؤيد فكرة فتح الملفات أمام طالبيها وتعتبر ذلك صحيحا وعملا تاريخيا لا سابقة له. وبعد أن تحررت دول أوروبا الشرقية لجأت حكومات الأخيرة ومجتمعاتها المدنية إلى اعتماد النموذج الألماني لمعالجة إرث أجهزتها الأمنية السيئة الصيت.

ويعتقد الحقوقي نبيل يعقوب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ألمانيا في حديث مع"دويتشه فيلّه" أن النموذج الألماني أقرب إلى الواقع المصري من نموذج جنوب أفريقيا الذي كان يتميز بنظامه العنصري.

اسكندر الديك

مراجعة: هبة الله إسماعيل

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW