هيمنة بايرن على الدوري الألماني مفيدة للفرق الأخرى
صلاح شرارة٩ مايو ٢٠١٦
يثير فوز بايرن ميونيخ بالدوري للمرة الرابعة على التوالي مخاوف من تدشين النهاية للبطولة الألمانية. لكن من ينظر إلى أولمبيك ليون وغلاسغو رينجرز، بل وفيسبوك وغوغل يدرك أن الهيمنة لن تدوم، كما أنها فرصة للمنافسين الآخرين.
صورة من: Reuters/M.Rehle
إعلان
حقق بايرن ميونيخ هذا الموسم لقب بطولة الدوري الألماني للمرة الرابعة على التوالي في إنجاز غير مسبوق على مستوى البطولة الألمانية. مسألة رائعة لكنها تثير المخاوف أيضا. فلا أحد يعرف حتى الآن متى سيكسر فريق آخر احتكار الفريق البافاري للبطولة. فالأوضاع في ميونيخ تبدو على أفضل ما يكون حيث الإدارة القوية، والسند المادي الضخم، الذي يؤمن القدرة على التعاقد مع أكبر المدربين وشراء أفضل اللاعبين. وسينجح بايرن، أغلب الظن، في الحصول على المدافع ماتس هوميلس من منافسه التقليدي بوروسيا دورتموند، وهذا سيزيد بالطبع من قوة الفريق، وصعوبة منافسة الآخرين له.
ورغم كل ذلك يرى زاشا شميت، الخبير في شؤون التطور الرياضي، أن هذا الوضع يجب أن يكون حافزا لمنافسي بايرن في الدوري الألماني؛ إذا ما جرى استيعاب الدروس الصحيحة منه.
وتساءل الخبير الرياضي في عامود له بموقع "فوكوس" الألماني: هل هذا الوضع هو بداية النهاية للبوندسليغا؟ وأجاب بالقول: "لا. ليس بداية النهاية، فالخبر السار هو أن الهيمنة محدودة من الناحية الزمنية. وهذا لا ينطبق فقط على التطور البشري وإنما أيضا على الاقتصاد والرياضة."
أعرق فريق اسكتلندي يهبط للدرجة الرابعة
عرف العالم صعود وأفول مؤسسات كانت تملأ السمع والأبصار مثل شركة "نوكيا" الفنلندية لصناعة الهواتف الجوالة، وكذلك شركات عائلية ألمانية أخرى عريقة مثل شركة "كروب". ويرى شميت أن أسباب السقوط متعددة من بينها مثلا الظهور المفاجئ لقوى من خارج المؤسسة تؤثر عليها، وكذلك الأزمات الداخلية التي تقع فيها المؤسسة "ورغم أنه لا يمكننا أن نتوقع بشكل دقيق متى ستنتهي الهيمنة، إلا أنه من المؤكد أنها ستنتهي"، يقول الخبير الرياضي.
وبالنسبة لبطولات الدوري في كرة القدم الأوروبية شاهد الجميع اكتساح أولمبيك ليون للدوري الفرنسي في الألفية الجديدة محرزا اللقب سبع مرات قبل أن يقع في أزمة لم يتعافى منها بشكل صحيح حتى الآن، وكانت في المقام الأول بسبب الخطأ في "سياسة الأفراد".
أما أوضح الأمثلة على أن الهيمنة مسألة مؤقتة، فهو ما حدث مع "غلاسغو رينجرز" الفريق الاسكتلندي العريق، الذي فاز بالدوري الاسكتلندي منذ تأسيس البطولة 54 مرة. فبسبب إدارة اقتصادية خاطئة للنادي دامت سنوات طويلة، وتراكم الديون عليه بكثرة، توجب على النادي قبل أربع سنوات إعلان إفلاسه ومن ثم تم إجباره على الهبوط إلى دوري الدرجة الرابعة.
توماس مولر يداعب الجماهير البافارية من خلال تعليقاته المرحة عقب الفوز بالبطولة للمرة الرابعة على التواليصورة من: Getty Images/A.Beier
المنافسة تأسيا بفيسبوك وغوغل
لكن بايرن ميونيخ يختلف عن الفريق الفرنسي والفريق الاسكتلندي، في أنه قوي جدا من الناحية المادية والإدارية "رغم ذلك يمكن دائما أن تقع أحداثا مفاجئة تتسبب في عثرات لصاحب السبق." ويطالب الخبير في التطور الرياضي أندية البوندسليغا، المنافسة لبايرن، أن تتشجع وتنشط للبحث عن الفرص لإثبات نفسها "وهي فرص موجودة بكثرة، أما الانتظار (لتعثر بايرن) فهو إهمال طبعا." فشركات مثل "أبل" و "فيسبوك" و"غوغل" تمكنت في غضون سنوات قليلة من أن تصبح شركات عالمية رغم أنه كان في محيطها "ميكروسوفت" و "آي بي أم" كشركات وطيدة الجذور، يوضح شميت. ويتابع الخبير الألماني "الشركات الطامحة فتحت لنفسها طاقات لم تكن موجودة لدى الشركات المسيطرة أو أنها كانت في البداية صغيرة وغير جذابة بالنسبة للكبار."
وكان كلاوس ألوفس المدير الرياضي لنادي فولفسبورغ قد صرح في مقابلة مؤخرا بأن موارد بايرن المالية متقدمة بسنوات ضوئية على الأندية الأخرى مثل ليفركوزن أو فولفسبورغ أو دورتموند. ويقول زاشا شميت إنه رغم صعوبة المنافسة مع بايرن حاليا في هذه الناحية إلا أنه يمكن البحث عن مصادر مالية غير مباشرة مثل الاستثمار في ما يعرف بمجال "الرياضة الإلكترونية" ومؤسسات حديثة لها علاقة بكرة القدم في أنحاء العالم.
بايرن يفوز بالدوري ويكتب تاريخا جديدا في سجله الحافل
فاز بايرن ميونيخ بالدوري الألماني للمرة السادسة والعشرين بتاريخه والرابعة على التوالي، في إنجاز جديد. وحسم اللقب رسميا هذا الموسم (2015 / 2016) في الجولة الـ 33 تاركا المركز الثاني لمنافسه التقليدي بروسيا دورتموند.
صورة من: picture alliance/Perenyi
الجيل الحالي لبايرن ميونيخ بقيادة فيليب لام (32 عاما) ومعه الحارس مانويل نوير (30 عاما) وتوماس مولر (26 عاما) فعلوا ما لم يفعله الأولون وفازوا بالدوري الألماني للمرة الرابعة على التوالي بعد أعوام 2013، و2014، و2015، والآن 2016.
صورة من: Reuters/M.Rehle
الفوز باللقب أربع مرات متتالية إنجاز تاريخي غير مسبوق في الدوري الألماني. فحتى الجيل الذهبي في السبعينيات -بقيادة المدرب الأسطوري أودو لاتيك وفي وجود القيصر بيكنباور- كان أكبر إنجاز له هو الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية في أعوام 1972، و1973، و 1974.
صورة من: picture-alliance/ASA/Werek
ومرة أخرى عاود المدرب أودو لاتيك الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية لكن بجيل جديد في بايرن في أعوام 1985، و1986، و1987. ومن أبرز لاعبي هذا الجيل الحارس البلجيكي بفاف والمدافع الألماني أوغستالر وعميد لاعبي العالم لوتار ماتيوس، وميشائيل رومينيغه.
صورة من: Imago/Werek
وفي عصر المدرب القدير أوتمار هيتسفيلد، الملقب بالجنرال استطاع بايرن أن يفوز بلقب الدوري ثلاث مرات متتالية أيضا في أعوام 1999، و2000، و2001. وكان الفريق آنذاك مرصعا بالنجوم وعلى رأسهم أوليفر كان، وجيوفاني إلبر وسامي كوفور، وفازوا أيضا عام 2001 بدوري أبطال أوروبا.
صورة من: picture-alliance/ULMER
ومنذ انطلاق البوندسليغا في موسم 1963/1964 لم يحقق أي فريق آخر فيما عدا بايرن ميونيخ وبوروسيا مونشغلادباخ الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية. وكان مونشنغلادباخ في جيله الذهبي في السبعينيات بقيادة النجم الأسطوري غونتر نتيستر قد فاز بالبطولة في أعوام 1975، و1976، و1977، وفي مرتين منهما كان المدرب هو أودو لاتيك.
صورة من: picture-alliance/dpa
ويقف وراء الإنجاز الكبير للجيل الحالي في بايرن ميونيخ المدرب الإسباني العملاق بيب غوارديولا (45 عاما)، الذي استلم تدريب الفريق من العملاق يوب هاينكس عام 2013. ونجح غوارديولا في الفوز مع الفريق بالدوري ثلاث مرات متتالية وفاز بالكأس مرة واحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Hassenstein
ورغم إنجازاته في ميونيخ لم يتمكن المدرب الكاتالوني من الفوز مع الفريق باللقب المنشود، دوري أبطال أوروبا. وكان قريبا من الصعود إلى المباراة النهائية هذا العام لكنه خرج من دور قبل النهائي أمام أتليتكو مدريد رغم فوزه في مباراة العود 2-1، حيث أن بايرن كان قد خسر مباراة الذهاب بصفر مقابل هدف.
صورة من: Reuters/S. Perez
وفشل الجيل الحالي مع غوارديولا في تحقيق الثلاثية، التي حققوها مع سلفه يوب هاينكس عام 2013. لكن الفرصة لازالت أمامهم لتحقيق الثنائية، إذا ما فازوا على دورتموند في نهائي الكأس في الملعب الأولمبي في برلين يوم 21 أيار/ مايو، ليكون ختاما جيدا لغوارديولا مع الفريق قبل انتقاله هذا الصيف لتدريب مانشستر سيتي الإنجليزي.
صورة من: Reuters
وإضافة إلى المدرب القدير فإن إنجاز بايرن في الفوز بالدوري للمرة الرابعة على التوالي يعود أيضا لماكينة الأهداف البولندي روبرت ليفاندوفسكي، الذي سجل للفريق حتى الآن هذا الموسم 29 هدفا ليتربع على عرش هدافي الدوري متقدما على الغابوني بيير إمريك أوباميانغ هداف دورتموند.
صورة من: Imago/photoarena/Eisenhuth
كما أن الحارس العملاق مانويل نوير كان حافظا أمينا ووحيدا لعرين بايرن ميونيخ خلال المواسم الأربعة، التي فاز فيها الفريق بالدوري الألماني، علما بأنه انتقل إلى بايرن عام 2011 قادما من شالكه. ومدد عقده مؤخرا مع الفريق حتى عام 2021.
صورة من: Getty Images/Bongarts/L. Baron
الوافدون الجدد على بايرن ميونيخ أرتورو فيدال ودوغلاس كوستا وكذلك كينغسلي كومان أثبتوا جدارتهم من أول موسم يلعبونه مع الفريق، حيث سدوا ثغرة في خط الوسط تسببت فيها إصابة أرين روبين وفرانك ريبيري، ونجحوا في تحقيق الإنجاز التاريخي.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Stache
11 صورة1 | 11
ويؤكد الخبير الرياضي أن فرص النمو متاحة للجميع وبشكل كاف وخصوصا خارج المنافسة على أرض الملعب "الفرص غير محدودة تقريبا حتى لأصغر الفرق التي تبتعد كثيرا عن المنافسة على مقدمة البطولة أو حتى تلك التي تلعب في البطولات الأقل قدرا."
ويختم زاشا شميت حديثه بالقول إن "توافد الجماهير على كافة ملاعب الأندية الألمانية وليس ملعب ميونيخ وحده يؤكد أن هيمنة بايرن لا يمكن أن تكون نهاية البوندلسيغا."