في ضوء الاستعدادات لتشييع جورج فلويد في مسقط رأسه بهيوستن، توجه الآلاف لإلقاء النظرة الأخيرة جثمانه، والمرشح الديمقراطي جو بايدن يزور العائلة ويقدم عزاءه، وسط تصاعد الضغوط المطالبة بإصلاحات في الشرطة الأمريكية.
إعلان
تستعد مدينة هيوستن في تكساس الثلاثاء (التاسع من يونيو/ حزيران 2020) لتشييع جورج فلويد غداة مثول الشرطي المتهم بقتله لأول مرة أمام القضاء.
وكان قد تم الاثنين تكريم ذكرى الرجل الأسود البالغ من العمر 46 عاماً في هذه المدينة التي عاش فيها فترة طويلة وتسببت وفاته بإطلاق شرارة غضب وتظاهرات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ ستينات القرن الماضي والتحرك للحقوق المدنية.
وتجمع أكثر من ستة آلاف شخص أمام كنيسة "فاونتن اوف برايز" لوداعه قبل جنازته الثلاثاء التي ستشارك فيها عائلته فقط بحسب منظم. توجه آلاف الأشخاص إلى إلقاء نظرة الوداع على جثمان جورج فلويد في مسقط رأسه
ومن المقرر أن تبدأ جنازته عند قرابة الساعة 11,00 بالتوقيت المحلي. وبحسب محامي الأسرة بنيامين كرامب سيتولى القس والزعيم الأمريكي للحقوق المدنية آل شاربتون التأبين الجنائزي.
وكشف بث تليفزيوني حي مشاهد لصفوف متواصلة من المشيعين يقتربون من النعش الذهبي، الذي يحمل جسد فلويد في الكنيسة الواقعة بجنوب غربي المدينة.
وأقيمت لفلويد ليل الاثنين/ الثلاثاء (التاسع من يونيو/ حزيران) مراسم عامة لإحياء ذكراه قبيل الجنازة الخاصة التي ستقام له غداً الثلاثاء.
في غضون ذلك سافر المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى هيوستن لتقديم العزاء بنفسه لعائلة الفقيد. ونشر محامي العائلة بنيامين كرامب على موقع توتير أن بادين "قضى مع عائلة فلويد أكثر من ساعة زمن وقدم عزاءه. ومواساته للعائلة المنكوبة يعني لك الكثير".
ولأسباب أمنية لن يشارك جو بايدن في جنازة الثلاثاء، لكن تسجيلاً مصوراً له سيُبث في مراسيم الجنازة بالكنيسة، وفق تقارير إعلامية محلية.
وتأتي زيارة بايدن إلى عائلة جورج فلويد بعد أسبوعين من وفاته وهو رهن احتجاز الشرطة مما فجر احتجاجات بأنحاء البلاد للمطالبة بالعدالة ووقف التمييز ضد السود.
وغالباً ما يشيد مؤيدو بايدن، وهو نائب الرئيس السابق، بقدرته على تخفيف الحزن عمّن هم في حالة حداد، خاصة وأن القدر لم يستثني الرجل من ضرباته. فقد لقيت زوجة بايدن الأولى وابنته الرضيعة حتفهما في حادث سيارة، كما توفي ابنه بو (46 عاماً) الذي كان يعاني من سرطان في الدماغ.
انحاءة الديمقراطيين لضحايا التمييز العنصري
وجه بايدن في الأيام الأخيرة انتقادات لاذعة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في رده على الاحتجاجات، التي كانت سلمية إلى حد كبير، لكنها كانت تؤدي من حين لآخر إلى اشتباكات عنيفة وأضرار لحقت بالممتلكات. وتحدث بايدن عن "لحظات صادمة" تمر منها بلاده للنهوض من أجل التخلص من التمييز العنصري وعنف الشرطة.
في المقابل كان منافسه الرئيس دونالد ترامب يصر على الخيار الأمني والإجراءات الصارمة لإنهاء المظاهرات ما تخللها من اضطرابات.
وفي حركة تحمل رمزية كبيرة، ركع نواب ديموقراطيون في الكونغرس الاثنين على ركبة واحدة في تكريم صامت لذكرى جورج فلويد وضحايا العنصرية، قبل كشف النقاب عن حزمة إصلاحات شاملة لعمل الشرطة.
وانضمت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى ما يقرب من عشرين نائباً في قاعة التحرير، التي سميت بهذا الاسم تكريماً للسود المشاركين في تشييد مبنى الكابيتول الأمريكي في القرن الثامن عشر.
وركع النواب لمدة ثماني دقائق و46 ثانية في إشارة إلى المدة التي وضع فيها ضابط الشرطة الأبيض ركبته على عنق فلويد، المواطن الأمريكي الأسود الأعزل البالغ 46 عاماً.
ووضعت بيلوسي، كما النواب الآخرين، وشاحا مستوحى من الألوان المرتبطة بالتراث الأفريقي للأميركيين السود، وتحدثت بعد ذلك عن "استشهاد جورج فلويد" والحزن على الرجال والنساء السود الذين قتلوا على أيدي الشرطة. وأكّدت أنّ "حركة المعاناة القومية تتحول إلى حركة عمل وطني".
ومن شأن قانون العدالة والشرطة، الذي تم تقديمه في مجلسي الكونغرس، تسهيل محاكمة الضباط على الإساءات مع اعادة النظر في كيفية تجنيدهم وتدريبهم. لكنّ فرصة تمريره في مجلس الشيوخ، حيث الأغلبية للجمهوريين، غير مؤكدة إلى حد كبير.
"خفض موزانة الشرطة" في صلب الصراع الانتخابي
الملفت أن جو بايدن والرئيس ترامب عارضا مقترح تخفيض موازنة أجهزة الشرطة، رغم أن ترامب اتهم جو بايدن في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام أنه من هو الراعي لهذا المقترح.
بيد أنه بالأصل صادر عن وجوه من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي، وكذلك عن بعض المتظاهرين. ولم يدمج الديموقراطيون هذا الاقتراح في مشروع الإصلاح العميق لقوات الأمن الذي أودعوه الكونغرس الاثنين.
وأوضح المتحدث باسم جو بايدن (77 عاماً) أندور بايتس إن نائب الرئيس السابق "لا يعتقد أنه يجب خفض موازنة الشرطة"، بل إن هناك "الحاجة العاجلة لإصلاح" الشرطة، وهو ما يتطلب تمويلاً إضافياً، خصوصاً لتعزيز التنوع العرقي لعناصرها، ودعمها بتجهيزات على غرار الكاميرات التي يضعها العناصر على بزاتهم، وفق بايتس.
ويشمل برنامج بايدن تخصيص 300 مليون دولار لتعزيز خدمات الشرطة، شرط أن يعكس المنخرطون الجدد "التنوع الموجود في الأحياء التي يخدمونها".
مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد في مينيابوليس بعد أن جثم شرطي أبيض على رقبته حرك الناس في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من وباء كورونا قرر مئات الآلاف الخروج للشوارع للتظاهر ضد العنصرية التي تُمارس بشكل ممنهج.
صورة من: Reuters/R. Casilli
باريس: احتجاج في متنزه لو شامب دي مارس
قبل بضعة أيام، قامت الشرطة الفرنسية بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع. وكان في البداية قد تم حظر المظاهرات التي أعلن عن تنظيمها عند برج إيفل وخارج السفارة الأمريكية. لكن مع ذلك، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع ضد العنصرية، حتى خارج باريس. عنف الشرطة ضد السود منتشر بشكل خاص في الضواحي.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/A. Morissard
لييج: مظاهرة رغم الحظر
بلجيكا، مثل معظم البلدان الأوروبية، لديها نصيب من الاستغلال الاستعماري وإخضاع مناطق أخرى من العالم: فقد كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية مملوكة ملكية خاصة للملك ليوبولد الثاني، الذي تم إنشاء نظام الظلم العنصري نيابة عنه. وقد جرى التظاهر ضد العنصرية في بروكسل وأنتفيرب ولييج؛ على الرغم من الحظر المتعلق بفيروس كورونا.
صورة من: picture-alliance/abaca/B. Arnaud
ميونيخ: بافاريا ذات التعددية
في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، نظمت واحدة من أكبر المظاهرات في ألمانيا تجمع فيها 30 ألف شخص. كما خرجت مظاهرات في مدن ألمانية أخرى كبيرة منها كولونيا وفرانكفورت وهامبورغ. أما في برلين، فتحتم على الشرطة منع وصول المتظاهرين لبعض الوقت إلى ميدان ألكسندر بسبب توافد الكثير من الناس للمشاركة في المظاهرة.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/S. Babbar
فيينا: 50 ألف متظاهر ضد العنصرية
في العاصمة النمساوية فيينا ذكرت الشرطة يوم الجمعة أن 50 ألف شخص تجمعوا، في واحدة من أكبر المظاهرات في السنوات الأخيرة، في البلد الذي شهد العام الماضي "فضيحة إيبيزا" والسقوط المدوي للائتلاف الحكومي اليميني في 2019. وبحسب صحفيين، كُتبت عبارة "حياة السود مهمة" على سيارة للشرطة.
صورة من: picture-alliance/H. Punz
صوفيا: لفت الانظار للعنصرية في بلغاريا أيضا
كما هو الحال في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، تحظر بلغاريا حاليا التجمعات التي تضم أكثر من عشرة مشاركين. ومع ذلك اجتمع المئات في العاصمة صوفيا. المتظاهرون صرخوا بكلمات جورج فلويد الأخيرة "لا أستطيع التنفس"، لكنهم لفتوا الانتباه أيضا إلى العنصرية في المجتمع البلغاري.
صورة من: picture-alliance/AA
تورين: احتجاج في زمن كورونا
بسرعة، قامت هذه المرأة في تورين بتدوين مخاوفها السياسية على الكمامة التي لا تزال ضرورية بسبب كورونا: "حياة السود مهمة أيضًا في إيطاليا". المظاهرات ضد العنصرية بما في ذلك تلك التي أقيمت في روما وميلانو، ربما تكون أكبر التجمعات التي شهدتها إيطاليا منذ بدء إجراءات كورونا. وإيطاليا هي واحدة من الدول المستقبلة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة في الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/M. Ujetto
لشبونة: تحرك الآن!
"تحرك الآن" هي العبارة المكتوبة على هذه اللافتة التي رفعها هذان المتظاهران في العاصمة البرتغالية لشبونة. لم تتم الموافقة على المظاهرة، لكن الشرطة سمحت للمشاركين بالمسيرة. في البرتغال أيضا، هناك دائما عنف من قبل الشرطة ضد السود. وعندما تظاهر المئات بشكل عفوي بعد حادث مشابه في يناير/ كانون الثاني 2019، ردت الشرطة فأطلقت عليهم الرصاص المطاطي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/J. Mantilla
مكسيكو سيتي: ليس فلويد فقط وإنما لوبيز أيضا
في المكسيك، لم يثر مقتل جورج فلويد الغضب في البلاد فحسب، بل لفت الأنظار لمصير عامل البناء جيوفاني لوبيز أيضا، الذي تم القبض عليه في مايو/ أيار في ولاية خاليسكو الغربية لعدم ارتدائه كمامة واقية. ويبدو أنه مات من عنف الشرطة. ويتزايد غضب المتظاهرين المكسيكيين منذ ظهور شريط فيديو قبل أيام قليلة عن عملية قبض الشرطة على لوبيز.
صورة من: picture-alliance/Zumapress
سيدني: لا للعنصرية ضد السكان الأصليين
بدأت المسيرة في سيدني بمراسم دخان تقليدية. ولم يكن التضامن الصريح لما لا يقل عن 20 ألف مشارك مع جورج فلويد فقط، ولكن أيضا مع الأستراليين من السكان الأصليين (أبورجيون)، الذين كانوا أيضا ضحايا لعنف الشرطة العنصري. وطالب المتظاهرون بعدم السماح مرة أخرى بمقتل أي شخص منهم في حجز الشرطة.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/I. Khan
بريتوريا: بقبضة مرفوعة مثل مانديلا
القبضة المرفوعة في الهواء هي رمز لحركة # BlackLivesMatter (حياة السود مهمة) لكن الرمز أقدم بكثير؛ فعندما أطلق نظام الفصل العنصري سراح المقاتل من أجل الحرية، نيلسون مانديلا، من السجن في فبراير/ شباط 1990، رفع قبضته في طريقه إلى الحرية، مثلما فعلت هذه المحتجة في بريتوريا الآن. لا يزال البيض يتمتعون بامتيازات في جنوب أفريقيا. إعداد: دافيد إيل/ ص.ش