عبرت كل من أمريكا وبريطانيا والنرويج عن بالغ قلقها إزاء تقارير عن حشد عسكري قرب مناطق متفرقة في دارفور. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فإن مدن غرب دارفور تسوى بالأرض ويُجبر آلاف المدنيين على الفرار للنجاة بأرواحهم.
إعلان
قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان اليوم الجمعة (الرابع من أغسطس/ آب 2023) إن الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج تستنكر "بأشد العبارات" استمرار أعمال العنف في إقليم دارفور بغرب السودان.
وقال البيان "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن حشد عسكري قرب الفاشر بشمال دارفور ونيالا بجنوب دارفور حيث سيُعرّض استمرار العنف المزيد من المدنيين للخطر".
من جهتها دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة الولايات المتحدة التي تتولي رئاسة مجلس الأمن إلى حث الأمم المتحدة على عدم الوقوف موقف المتفرج. وقالت المديرة التنفيذية لهيومن رايتس ووتش تيرانا حسن إن "العالم لا يمكن أن يتفرج على مدن غرب دارفور وهي تُسوى بالأرض واحدة تلو الأخرى ويُجبر آلاف المدنيين على الفرار للنجاة بأرواحهم".
وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية أن هذه الفظاعات يمكن أن ترقى إلى "جرائم حرب"، فيما فتحت تحقيقاً بشأن ما يجري في دارفور بعد عشرين عاماً من حرب دامية شهدها الإقليم. ودعا المدعي العام للمحكمة كريم خان إلى عدم ترك "التاريخ يكرر نفسه".
وكانت منظّمة العفو الدوليّة قد صرحت إنّ المدنيّين يعيشون "رعباً لا يُمكن تصوّره" في السودان، حيث تدور مواجهات بين الجيش وقوّات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل. وتحدّثت المنظّمة في تقرير بعنوان "الموت طرَق بابنا" عن "تفشّي جرائم الحرب، مع مقتل مدنيّين في هجمات متعمّدة وعشوائيّة". حيث ركز التقرير على وقائع من الخرطوم وإقليم دارفور غرباً.
وبالمثل، قال الباحث الكس دو وال إن "العنف المماثل لذلك الذي شهده الإقليم قبل 20 عاماً يوضح إلى أي حد كان انسحاب القوة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة من دارفور قراراً غير مسؤول".
الحرب تمنع المحلب السوري من الوصول إلى السودان
04:03
وتقول هيومن رايتس ووتش إنه "في ظل الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن الشهر الحالي، يتعين عليه اتحاذ اجراءات جادة ... خصوصاً العقوبات المحددة الهدف ضد المسؤولين". وفق هيومن رايتس ووتش "دمرت بشكل كامل أو شبه كامل سبع بلدات في ولاية غرب دارفور"، آخرها بلدة سيربا حيث أحصت نقابة المحامين 200 قتيل خلاب بضعة أيام في نهاية تموز/يوليو.
في ولايات دارفور الخمس، أحصت جامعة يال الأميركية 27 بلدة تمت تسويتها بالأرض. وروت واحدة من سكان بلدة مورني في ولاية غرب دارفور أنها عندما عادت إلى بلدتها المدمرة وجدتها مقفرة إلا من عناصر الميليشيات العربية المتحالفة مع قوات الدعم السريع. وأضافت "رأيتهم يقتلون سبعة أشخاص". وتابعت "كل مرة أعود فيها، يضربونني ويقولون لي لا تعودي مرة أخرى أبداً".
وفي السياق الإنساني، زاد العدد التقديري للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد في السودان بوتيرة أسرع من المتوقع إلى 20.3 مليون، أو ما يعادل 42 بالمئة من السكان، حسبما جاء في "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، وهو عبارة عن شراكة بين وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وجماعات أخرى. وكشف التصنيف أن المناطق الأكثر تضررا تشمل العاصمة الخرطوم، وإقليم دارفور في غرب البلاد، وأجزاء من كردفان.
وأدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص داخل السودان وأجبر أكثر من 900 ألف شخص على الفرار إلى الدول المجاورة.
ع.أ.ج/ خ.س (أ ف ب، رويترز)
السودان.. محطات من صراع المعارضة مع العسكر
السودانيون بين الأمل والقلق حول مستقبل أوضاع بلادهم. في الصباح يستيقظون على أنباء إحباط محاولة إنقلابية وفي المساء تأتي أخبار بالتوصل لاتفاق بين العسكر وقوى المعارضة. في صور: محطات الصراع على السلطة بين المحتجين والجيش.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
إعلان الوساطة الإفريقية الإثيوبية المُشتركة الجمعة (12 يوليو تموز 2019) بأن قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة والمجلس العسكري الإنتقالي في السودان توصلا إلى اتفاق كامل بشأن "الإعلان السياسي" المُحدد لكافة مراحل الفترة الإنتقالية، وخارطة طريق لتنظيم الانتخابات. هذا الإعلان يأتي في وقت لم تُبدد فيه بشكل نهائي المخاوف من تعطيل انتقال السلطة للمدنيين.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
في الحادي عشر من يوليو/ تموز استيقظ السودانيون على بيان للمجلس العسكري الحاكم يعلن فيه أن مجموعة ضباط حاولوا القيام "بانقلاب عسكري" لتقويض اتفاق بين الجيش والمعارضة لاقتسام السلطة لفترة مدتها ثلاث سنوات يعقبها
إجراء انتخابات. الغموض ما يزال يحيط بأهداف مدبري محاولة الإنقلاب وارتباطاتهم.
صورة من: picture-alliance/AA
احتجاجات سلمية
لأسابيع طويلة صمد المتظاهرون السودانيون أمام مقر وزارة الدفاع. آلاف المحتجين كانوا يطالبون بمجلس انتقالي يحدد فيه المدنيون مستقبل البلاد. ولكن في مطلع حزيران/ يونيو 2019 تحرك العسكر لفض الاعتصام بقوة السلاح ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
باسم الأمة..
متظاهر يحمل علم السودان بالقرب من المقر الرئيسي لقيادة الجيش. العلم يرمز إلى مطلب المتظاهرين في المشاركة بشكل متساو في رسم مستقبل البلاد، والمقصود مشاركة الشعب والجيش على قدم المساواة في ذلك. ولو حدث ذلك، سيكون خطوة مهمة على طريق الديمقراطية.
صورة من: Reuters
إشارات تحذيرية
قبل أيام من فض الاعتصام، كان هناك حضور قوي للجيش. ورأى الكثير من المتظاهرين في ذلك أن الجيش ربما لا يبدو مستعدا لتسليم السلطة للمدنيين، حسب ما كان يأمله السودانيون بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير.
صورة من: Getty Images/AFP
نهاية حقبة
هيمن الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة منذ عام 1993 وحتى الإطاحة به في نيسان/ أبريل 2019. قمع معارضيه بكل قسوة. ومن أجل الحفاظ على سلطته أمر البشير بحل البرلمان عام 1999. في تلك الفترة كان زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن يجد في السودان ملاذا آمنا له. لكن اسم البشير يبقى مرتبطا بشكل وثيق مع الحر ب ضد الانفصاليين في إقليم دارفور.
صورة من: Reuters/M. Nureldin Abdallah
الديكتاتور أمام المحكمة
كثير من السودانيين كانوا يأملون في رؤية الديكتاتور وهو يمثل أمام المحكمة. أمل تحقق بالفعل عندما بدأت جلسة محاكمة عمر البشير في الـ 16من حزيران/ يونيو. وكانت التهم الأولية الموجهة إليه تتمثل في الفساد وحيازة عملات أجنبية بكميات كبيرة. فبعد سقوطه وجد رجال الأمن في قصره أكياسا مليئة بالدولارات قدرت بأكثر من 100 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hjaj
حضور قوي للمرأة
كان للمرأة السودانية حضور قوي في الاحتجاجات، حيث تتمتع المرأة بحرية أكبر منذ بدء الاحتجاجات. المرأة السودانية لا تقوي الاحتجاجات من حيث العدد فقط، بل تدعمها نوعيا أيضا، فهي التي أعطت الاحتجاجات وجها سلميا آخر. حضور المرأة في الاحتجاجات جسد رغبة الكثير من المواطنين في الديمقراطية والمساواة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
أيقونة الثورة!
أصبحت طالبة كلية الهندسة المعمارية آلاء صلاح، وجها بارزا من وجوه الثورة. وهذه الصورة التاريخية التقطها مصور كان حاضرا عندما صعدت آلاء إلى سطح سيارة لتلقي خطابا أمام المحتجين. ومنذ ذلك الوقت تشهد هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاركة واسعة. صور من هذا النوع تعتبر من أدوات الثورة المهمة، فهي ترمز إلى الهوية الانتماء.
صورة من: Getty Images/AFP
تضامن عالمي
بفضل شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر أخبار الاحتجاجات بسرعة حول العالم، وهذا ما حدث مع احتجاجات السودان. التي حظيت بعم معنوي عالمي كبير، كما تظهر هذه الصورة بمدينة ادينبورغ في سكوتلندا، حيث تطالب سيدة بوقف قتل المدنيين في السودان. كما أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عن موقفهم في بيان رسمي للاتحاد الأوروبي طالبوا فيه بوقف فوري لكل انواع العنف ضد الشعب السوداني.
صورة من: picture-alliance/EdinburghEliteme/D. Johnston
دعم للجيش أيضا
لكن ليس كل السودانيين شاركوا في الاحتجاجات ضد العسكر. فهناك من يدعمهم، حيث يأملون في تشكيل حكومة صارمة. ويعتقد أنصار الجيش أنه فقط ومن خلال العسكر يمكن ضمان مستقبل مزدهر للبلاد. ويضعون أملهم هذا في شخص الجنرال عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الذي يحملون صورته.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
في انتظار فرصته
لكن الرجل القوي الفعلي في السودان هو الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي". فهو الرجل الذي يعتقد أنه أمر القوات بفض الاعتصام أمام مقر القيادة العسكرية بقوة السلاح. وكان الجنرال قائدا لميليشيات "بالجنجويد" التي قمعت المتمردين بكل قسوة ووحشية في دارفور. ويخشى المتظاهرون من أن يصبح هذا الجنرال الرجل الأول في البلاد.
صورة من: Reuters/M.N. Abdallah
قلق في الخليج
أثارت أحداث السودان قلق السياسيين في دول أخرى، مثل محمد بن زايد آل ثاني، ولي العهد في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تخشى السعودية، حالها في ذلك حال الإمارات، من أن نجاح الاحتجاجات في السودان يعتبر بمثابة نجاح الثورة "من تحت" وقد يصبح مثالا يحتذى به في المنطقة. ولهذا تدعم السعودية والإمارات عسكر السودان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Ministry of Presidential Affairs/M. Al Hammadi
الجار الشمالي يراقب بقلق!
في القاهرة تتجه الأنظار بكثير من القلق والريبة والشكوك إلى الخرطوم. وتخشى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تساهم أحداث السودان في زيادة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي تحاربها في مصر بكل قوة. وإذا تمكنت الجماعة من ترسيخ أقدامها في السودان، كما تخشى مصر، فإن ذلك قد يساهم في إعادة القوة إليها في مصر أيضا.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/MENA
احتجاجات لا تنتهي
في غضون ذلك تستمر الاحتجاجات في السودان. ففي يوم الجمعة (14 حزيران/يونيو 2019) طالب صادق المهدي أحد قادة المعارضة السودانية منذ عقود، بتحقيق رسمي في عملية فض الاعتصام بالقوة. الطلب أثار غضب العسكر. والاحتجاجات في السودان تدخل في مرحلة جديدة. كيرستن كنب/ ح.ع.ح