هيومن رايتس: تركيا مسؤولة عن "انتهاكات جسيمة" في شمال سوريا
٢٩ فبراير ٢٠٢٤
حملت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية أنقرة المسؤولية عن انتهاكات ارتكبت في مناطق شمالي سوريا تقع تحت سيطرتها المباشرة شمالي سوريا أو في مناطق يسيطر عليها حلفاء أبرزهم "الجيش الوطني السوري" و"الشرطة العسكرية".
إعلان
حمّلت منظمة هيومن رايتس ووتش الخميس (29 شباط/فبراير 2024) تركيا المسؤولية عن "انتهاكات جسيمة" في المناطق التي تسيطر عليها مباشرة أو عبر فصائل مسلحة مرتبطة بها في شمال سوريا.
ومنذ العام 2016، نفذت تركيا ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين طالما أعلنت أنقرة سعيها لإبعادهم عن حدودها. وباتت القوات التركية وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.
وقالت المنظمة في تقرير الخميس إن "تركيا تتحمل المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي يرتكبها عناصر قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها" في شمال سوريا. وأضافت "المسؤولون الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحملون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات، كانوا متورطين مباشرة في جرائم حرب مفترضة في ما تسميه تركيا +منطقة آمنة+".
وتابعت "تحمّل السكان الأكراد وطأة الانتهاكات بسبب علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا".
ونقل التقرير عن نساء كرديات محتجزات "تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب"، متحدثاً عن احتجاز "أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم".
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، وهي عماد قوات "سوريا الديموقراطية"، بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه منظمة "إرهابية".
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن "الجيش الوطني السوري" و"الشرطة العسكرية" المدعومان من تركيا، ارتكبا "الاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة"، وأخضعا العشرات "لمحاكمات عسكرية جائرة في ظل إفلات من العقاب".
ونقل التقرير عن شخص كان يقيم في مناطق سيطرة الجيش الوطني، إن كل ما فيها يتم "بقوة السلاح".
واتهمت المنظمة تركيا بالترحيل القسري للاجئين السوريين من أراضيها إلى مناطق تسيطر عليها في بلادهم، مشيرة إلى أن أكثر من 1700 شخص تمت إعادتهم إلى منطقة تل أبيض في تموز/يوليو 2023 وحده.
وقابلت هيومن رايتس ووتش 36 شخصا تعرضوا لانتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية. وقالت إن فصائل "الجيش الوطني" ارتكبت عمليات "نهب وسلب واستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع"، وغالبية المتضررين لم يستردوا "ممتلكاتهم أو يتلقوا تعويضاً مناسباً". ونقل التقرير عن رجل إيزيدي نازح من منطقة رأس العين قوله "أصعب شيء بالنسبة إلي كان أن أقف أمام بيتي ولا أتمكن من دخوله".
وطالبت المنظمة تركيا بـ"منح هيئات التحقيق المستقلة إمكانية الوصول الفوري ودون عوائق إلى الأراضي الخاضعة لسيطرتها".
خ.س/ع.ج.م (أ ف ب)
تراجع فرص الناجين.. خراب زلزال سوريا وتركيا بعد انقشاع الغبار
يقترب زلزال تركيا وسوريا من إتمام أسبوعه الثاني. أرقام الضحايا مفزعة والخسائر المادية باهظة والمعاناة مضاعفة في شمال سوريا. فكيف يبدو الوضع مع اقتراب عمليات الإنقاذ من نهايتها؟
صورة من: Kyodo/picture alliance
آمال العثور على ناجين باتت نادرة
لا تجد فرق الإنقاذ، على مدار الأيام القليلة الماضية، إلا الكثير من جثت القتلى، وفي حالات قليلة جدا بعض الأحياء. في تركيا طوال يوم كامل، لم يعثر سوى على ناجيتين يوم الخميس (16 فبراير/ شباط)، بينما في الجانب السوري لم يتم العثور على ناجين منذ التاسع من الشهر. حاليا مرت أزيد من 260 ساعة على حدوث الزلزال، وهي مدة تجعل من شبه المستحيل العثور على ناجين جدد.
صورة من: Ugur Yildirim/AP/picture alliance
عدد الضحايا مفزع
تجاوز عدد القتلى في البلدين 43 ألفا. الحصيلة الأكبر كانت في تركيا بأزيد من 38 ألفا. لكن هناك مخاوف كذلك من أن ترتفع الحصيلة أكثر في سوريا التي تعاني تأخرا كبيرا في عمليات الإنقاذ. أرقام الجرحى بعشرات الآلاف، بينما لا يوجد رقم رسمي لعدد المفقودين في البلدين. أجلت السلطات التركية حوالي 150 ألفا من السكان في المنطقة، بينما تحوّلت أماكن عامة إلى مقابر عمومية لجمع الجثامين في انتظار التعرف على أصحابها.
صورة من: BULENT KILIC/AFP
ملايين بدون مأوى
سارعت الكثير من الدول لمد يد العون إلى تركيا وسوريا، لكن حجم الكارثة كان كبيرا إذ تشرد الملايين، وقدرت الأمم المتحدة عدد المتضريين بحوالي 23 مليونا وأن من صاروا بدون مأوى في البلدين يقدر عددهم بـ5,3 مليون. ويعاني البلدان من نقص كبير في الخيام المؤقتة، لكن حجم المأساة مضاعف في الشمال السوري، وفاقمتها الظروف المناخية الباردة، ولم تكف المدارس والمساجد والسيارات والشاحنات لإيواء المتضررين.
صورة من: Burcu Karakas/DW
الانقسام السياسي يزيد المعاناة
عانت عمليات إرسال المساعدات لسوريا، خصوصا مناطق الشمال الغربي من عراقيل ومشاكل كبيرة. دول كثيرة لا تعترف بنظام الأسد، لكن كذلك لا تعترف بسلطة المعارضة المسلحة، ما جعل إرسال المساعدات ممكنا فقط عبر المعابر الحدودية من تركيا، كما لم تصل جل المساعدات التي تسلمها النظام إلى مناطق المعارضة، عرقلت الخلافات بين الأكراد المسلحين والمعارضة المدعومة من تركيا انسياب المساعدات.
صورة من: BAKR ALKASEM/AFP
نظام يستغل الزلزال لصالحه!
تحت تأثير الضغط الدولي، سمح النظام السوري بفتح معبرين إضافيين لدعم الشمال الغربي بعدما كانت جلّ المساعدات تأتي من معبر واحد هو باب الهوى. حكومة الأسد كانت تتمسك في البداية بتوزيع المساعدات تحت إشرافها، خصوصا مع سيطرتها على المطارات وتنسيق عدة دول بشكل مباشر معها، كما لم تقرّر الحكومة إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة إلّا بعد خمسة أيام على وقوع الزلزال.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
هناك من يستغل الزلزال للسرقة!
يجد البعض في الكوارث الطبيعية فرصة للنهب. السلطات التركية أوقفت حوالي 48 شخصا للاشتباه بأعمال نهب في مناطق الزلازل، وأصدرت أكثر من 113 مذكرة اعتقال. كما تحدث مراقبون عن وجود عمليات إطلاق نار واشتباكات بين مجموعات، ما دفع فرق إنقاذ أجنبية إلى تعليق عملياتها لدواعِ أمنية، ومنها بعثة الجيش النمساوي، وذلك الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية.
صورة من: UMIT BEKTAS/REUTERS
الدعم الدولي كبير لكنه غير كافٍ
أرسلت عشرات الدول المساعدات وفرق الإنقاذ للشعبين التركي والسوري، سواء منها الدول العربية والغربية أو المنظمات غير الحكومية، لكن الحاجة كبيرة جدا وسط تباين واضح في الاستفادة منها بين تركيا وسوريا. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أكد أنه يحتاج إلى 702 مليون دولار لإغاثة المنكوبين، بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء جمع حوالي 400 مليون دولار.
صورة من: Ahmed Saad/REUTERS
خسائر مادية باهظة
قدر اتحاد الشركات والأعمال التركي خسائر الزلزال بـ84 مليار دولار، من بينها 70,8 مليار دولار لترميم آلاف المنازل المتضررة، فضلا عن تضرّر الطرقات ونقاط التصنيع والقدرة الإنتاجية، ما سيكون له أثر على النمو الإجمالي. لكن في الجانب الآخر بين الزلزال وجود عيوب كبيرة في تشييد كثير من المباني، ما أدى إلى إيقاف 12 مقاولا في تركيا، وتأكيد وجود خطط لهدم حوالي 50 ألف مبنى.
صورة من: CLODAGH KILCOYNE/REUTERS
ما الحل لمواجهة الزلزال؟
أثار الزلزال أسئلة كثيرة حول قدرة البشر على مواجهة الزلازل، على الأقل التنبؤ بحدوثها بوقت كافٍ. الجدل قديم –جديد خصوصا مع تغريدة لخبير هولندي نبها فيها لوقوع زلزال في المنطقة. لكن العلماء يؤكدون أنه مستحيل حاليا توقع الزلازل بدقة قبل أيام أو أشهر من وقوعها. لكن البناء الآمن في المناطق التي توجد في بؤر الزلازل، وتطوير آليات الإنقاذ يمكن أن يساهما في تقليل أعداد الضحايا مستقبلا.