اتهمت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة التونسية بسحق المعارضة عبر "الاحتجاز التعسفي" للمعارضين وحرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية. وأضافت المنظمة "لم يحدث منذ ثورة 2011 أن شنّت السلطات التونسية مثل حملات القمع الحالية".
قال خبراء إن تقرير هيومن رايتس ووتش يعزز مخاوف المعارضة مما تقول إنه حكم استبدادي للرئيس قيس سعيد.صورة من: FETHI BELAID/AFP/Getty Images
إعلان
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء (16 أبريل/نيسان 2025) إن السلطات التونسية حوّلت "الاحتجاز التعسفي" إلى ركيزة أساسية في سياستها "القمعية" من خلال توقيف العشرات من المعارضين. وأكدت المنظمة أن اعتماد الحكومة "المتزايد على الاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية لترهيب ومعاقبة وإسكات منتقديها".
وأصدرت المنظمة تقريرا بعنوان "كلنا متآمرون: استخدام الاحتجاز التعسفي في تونس لسحق المعارضة"، في 40 صفحة. وتقول إنه يوثق اعتماد الحكومة المتزايد على الاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية لترهيب ومعاقبة وإسكات منتقديها.
ووثّقت "هيومن رايتس ووتش" حالات 22 شخصا "محتجزين بتهم تعسفية"، بما في ذلك الإرهاب، على خلفية تصريحات أو الانخراط في أنشطة السياسية. ومن بين هؤلاء محامون ومعارضون سياسيون ونشطاء وصحافيون ومستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي ومدافعون عن حقوق الإنسان.
تزامن تقرير هيومن رايتس ووتش مع محاكمة نحو 40 متهما من الشخصيات البارزة في البلاد، بعضهم منتقدون للرئيس قيس سعيّد، بتهم تشمل "التآمر على أمن الدولة". ووصف قيس سعيد المتهمين الذين جرى توقيفهم في فبراير/شباط 2023، بأنهم "إرهابيون" و"متآمرون".
ويعزز تقرير هيومن رايتس ووتش مخاوف المعارضة مما تقول إنه حكم استبدادي فردي للرئيس قيس سعيد منذ سيطرته على السلطة في 2021، إذ حل البرلمان المنتخب وبدأ الحكم بالمراسيم قبل حل المجلس الأعلى للقضاء وعزل عشرات القضاة. وتصف المعارضة تلك الخطوات التي اتخذها سعيد بأنها انقلاب، بينما ينفي الرئيس الاتهامات ويقول إنه يحاول إنقاذ البلاد من الفوضى والفساد المستشر، وإنه لن يكون ديكتاتورا.
ويقبع أغلب قيادات الأحزاب السياسية في تونس في السجن، ومن بينهم عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر و راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة وهما من أبرز معارضي سعيد. ولا يزالان في السجن منذ 2023 في قضايا أخرى.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات التونسية تستخدم "الاحتجاز التعسفي لسحق المعارضة".صورة من: Hasan Mrad/Zumapress/picture alliance
وفي التقرير، قال بسام خواجا، نائب مديرة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، إنه "لم يحدث منذ ثورة 2011 أن شنّت السلطات التونسية مثل حملات القمع هذه".
وقالت المنظمة إن السلطات اعتمدت "على مجموعة من الأدوات القانونية العدائية، بما في ذلك التهم الأمنية والإرهابية التي لا أساس لها من الصحة" بموجب "المجلة الجزائية" و" قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015".
ويمنح القانون قوات الأمن صلاحيات واسعة للمراقبة والرصد، ويسمح باحتجاز المشتبه بهم لمدة تصل إلى 15 يوما.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة التونسية إلى "وضع حد لحملتها القمعية ضد من تعتبرهم منتقدين لها، وأن تفرج عن جميع المحتجزين تعسفيا لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية في كثير من الحالات".
مشروع قانون لتنظيم المحكمة الدستورية المعطلة
وفي سياق متصل، تقدم نواب في البرلمان التونسي بمقترح مشروع قانون لتنظيم عمل المحكمة الدستورية الذي تعطل وضعها لأكثر من 10 سنوات بعد الإطاحة بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في عام 2011.
إعلان
وأودع نواب كتلة "لينتصر الشعب" المساندة للرئيس قيس سعيد وكتلة "الوطنية المستقلة" ونواب آخرون غير منتمين ، بمشروع قانون أساسي لوضع المحكمة.
ويقول الخبراء والمعارضة إن تعطيل وضع المحكمة الدستورية تسبب في تعطيل البت في النزاعات الدستورية وقضايا الاختصاص بين المؤسسات الدستورية، ومن بينها أيضا النزاعات الانتخابية التي رافقت الانتخابات الرئاسية لعام 2024 وفاز فيها قيس سعيد بولاية ثانية.
تحرير خالد سلامة
من بورقيبة إلى سعيّد.. رؤساء تعاقبوا على حكم تونس
تُجرى في تونس الأحد (السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2024) انتخابات رئاسية، تُعد الثالثة منذ اندلاع "الربيع العربي" عام 2011. ومنذ استقلالها عن فرنسا، تعاقب على حكم تونس سبعة رؤساء، كان أولهم زعيمها التاريخي بورقيبة.
صورة من: Moncef Slimi/DW
الحبيب بورقيبة ..الزعيم المصلح (1957 ـ1987)
بعد قيادته للحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال عن فرنسا، ثم توليه رئاسة الوزراء في الحكومة المؤقتة بعد الاستقلال، أصبح الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية في عام 1957. وحكم بورقيبة تونس ثلاثين سنة عمل خلالها على تحديث المجتمع التونسي ومنح المرأة هامشا من الحقوق لم تكن تتمتع به من قبل، كما شهد حكمه مبادرات نهضت بالمجتمع والاقتصاد التونسيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
الحبيب بورقيبة .."رئيس مدى الحياة !" (1957 ـ1987)
لكن بورقيبة الذي يشبهه البعض بالزعيم التركي كمال أتاتورك تعرض لانتقادات بسبب إزاحته لعدد من معارضيه وإعدام العديد منهم، وإصداره قانونا في 1974 يسمح له بالرئاسة مدى الحياة. وبعد كبر سنه وتردي وضعه الصحي، انقلب عليه رئيس وزرائه زين العابدين بن علي، الذي أعلن نفسه في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 رئيسا جديدا للجمهورية التونسية.
صورة من: picture alliance/United Archives
زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011)
حكم زين العابدين بن علي بقبضة من حديد لمدة 23 عاما، ولم يتوقع هو أيضا أن تهب رياح ثورة تجبره على مغادرة البلاد، إلى منفاه الأخير بالسعودية، حيث ظل فيها إلى أن وافته المنية عن عمر ناهز 83 عاما. كرس بن علي خلال فترة رئاسته حكم الحزب الواحد، وخاض حربا ضد الإسلاميين، ثم ضد كل المطالبين بالديمقراطية وإرساء حقوق الإنسان وحرية التعبير.
صورة من: Ammar Abd Rabbo/picture alliance/abaca
فؤاد المبزغ .. "الرئيس المؤقت" (من يناير/ كانون الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول 2011)
شغل فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بالإنابة بعد إعلان المجلس الدستوري التونسي شغور منصب الرئيس بشكل نهائي، بسبب "هرب" الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2011. وشغل المبزع مناصب مهمة، من بينها إدارة الأمن الوطني، وتولى وزارة الشباب والرياضة والصحة والشؤون الثقافية والإعلام، خلال فترة حكم كل من بورقيبة وبن علي.
صورة من: Hassene Dridi/picture alliance/AP
الدكتور منصف المرزوقي ..أول رئيس يُختار ديمقراطيا بعد الثورة (2011 ـ 2014)
جرى انتخاب الدكتور منصف المرزوقي رئيسا لتونس في المرحلة الانتقالية أواخر عام 2011. وكان المرزوقي الذي عاش سنوات في المنفى بفرنسا من أبرز المعارضين لنظام زين العابدين بن علي وهو من مؤسسي الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أعرق المنظمات الحقوقية بالعالم العربي. وعمل المرزوقي خلال فترة حكمه على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسعى لتأسيس نظام سياسي جديد يعتمد على التعددية الحزبية وحرية التعبير.
صورة من: picture alliance/Mustafa Yalcin/AA
الدكتور منصف المرزوقي ..حقوقي في قصر قرطاج (2011 ـ 2014)
شهدت فترة حكم المرزوقي كتابة واعتماد دستور جديد لتونس في يناير/ كانون الثاني 2014، والذي يعد من أبرز إنجازاته. ودامت فترة حكم المرزوقي ثلاث سنوات كان فيها أول رئيس في العالم العربي يأتي إلى سدة الحكم ديمقراطيا ويسلم السلطة ديمقراطيا بعد انتهاء حكمه إلى الباجي قائد السبسي الذي تنافس معه في الظفر بكرسي الرئاسة.
صورة من: Yassine Gaidi/picture alliance / AA
الباجي قايد السبسي ..الرئيس المخضرم (2014 ـ 2019)
بعد سقوط نظام بن علي مطلع عام 2011 تم تعيينه وزيرا أول في الحكومة الانتقالية بهدف قيادة تونس نحو الديمقراطية. تصدر حزبه "نداء تونس" نتائج أول انتخابات تشريعية تفضي إلى برلمان دائم بالبلاد بعد سقوط نظام بن علي، كما تمكّن من الفوز في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في 21 ديسمبر/كانون الأول 2014 بحصوله على 55.68% مقابل 44.32% لمنافسه منصف المرزوقي.
صورة من: Julien Mattia/picture alliance / NurPhoto
الباجي قايد السبسي..سياسة الانفتاح على الخارج (2014 ـ 2019)
توفي السبسي، السياسي التونسي المخضرم، الذي شغل أيضا مناصب بعهديْ الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، في 25 يوليو/ تموز الماضي وتسلم رئيس البرلمان محمد الناصر منصب الرئاسة بشكل مؤقت كقائم بمهام الرئيس. وكان الباجي قايد السبسي خلال توليه رئاسة الديبلوماسية التونسية في ثمانينيات القرن الماضي أو توليه لرئاسة تونس (2014-2019) ينتهج سياسة منفتحة على الخارج.
صورة من: picture alliance / Kay Nietfeld/dpa
محمد الناصر..رئيس مؤقت (يوليو/ تموز 2019 ـ أكتوبر/ تشرين الأول 2019)
في 25 يوليو/ تموز 2019 أدى محمد الناصر اليمين الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، وذلك بعد اجتماع لمكتب البرلمان، عقب إقرار الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي. ويعتبر الناصر سياسيا تونسيا مخضرما، تولى عددا كبيرا من الوظائف السامية في كافة العهود السياسية منذ الاستقلال، وأصبح رئيسا للبرلمان التونسي في 2014.
صورة من: Nicolas Fauque/Images de Tunisiepicture alliance/abaca
قيس سعيّد .. إجراءات مثيرة للجدل(منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019)
انتخب قيس سعيد في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 في الجولة الثانية بأغلبية كاسحة على منافسه نبيل القروي. وبدأ سعيد فترة رئاسته في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، ليكون بذلك الرئيس السابع لتونسي. في يوليو/ تموز 2021 اتخذ سعيد قرارات أثارت جدلا داخل وخارج تونس بعدما قام بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة ثم تغيير الدستور المصادق عليه بإجماع سنة 2014 من طرف المجلس التأسيسي الذي انتخب بعد الثورة.
صورة من: Tunisian Presidency/APA Images/ZUMA/picture alliance
قيس سعيد .."مهمّة إلهية لإنقاذ تونس" (منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019)
الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيّد يحتكر السلطة منذ 3 سنوات وهو مرشح لولاية ثانية في الانتخابات المقررة الأحد (السادس من أكتوبر/ تشرين الأول)، مقتنع بأنه مؤتمن على "مهمّة إلهية" لإنقاذ تونس من "المؤامرات الخارجية". وتندّد منظمة العفو الدولية "بتراجع مقلق في الحقوق الأساسية في مهد "الربيع العربي" و"بالانحراف الاستبدادي"، مع تراجع على مستوى إنجازات الثورة التي أطاحت ببن علي عام 2011. إعداد ع.ش