واشنطن تحض قادة العراق على الاستجابة لمطالب المتظاهرين
٢٩ نوفمبر ٢٠١٩
فيما دعت واشنطن قادة العراق للاستجابة لمطالب المحتجين "المشروعة"، عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه إزاء استمرار استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين، وبغداد على موعد مع استقالة رئيس الوزراء عبد المهدي.
إعلان
دعت الولايات المتحدة الجمعة (29 تشرين ثاني/نوفمبر 2019) قادة العراق للاستجابة لمطالب المتظاهرين "المشروعة" بعدما أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عزمه على الاستقالة. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية "نشارك المتظاهرين اسباب قلقهم المشروعة" مضيفة "نواصل حض الحكومة العراقية على المضي قدمًا بالإصلاحات التي يطالب بها الشعب وبينها تلك المرتبطة بالبطالة والفساد وإصلاح النظام الانتخابي"، بدون أن تتطرق مباشرة إلى قرار رئيس الوزراء.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أعلن الجمعة عزمه على الاستقالة بعيد دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني مجلس النواب العراقي الى سحب الثقة من الحكومة، لكن ذلك لم يوقف القمع الدامي الذي خلف 16 قتيلا في هذا اليوم فقط. وأعلن عبد المهدي وهو مستقل لا يملك قاعدة حزبية، الجمعة قراره بعد شهرين من حركة احتجاج ضد النظام وعرابه الإيراني شهدت سقوط 420 قتيلا في العاصمة بغداد ومناطق الجنوب ذات الغالبية الشيعية.
من جانبه، دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الجمعة رئيس الوزراء العراقي الجديد لاختيار حكومته بعيدا عن الأحزاب والتكتلات والمليشيات والمحاصصات الطائفية. وقال الصدر في بيان "إن استقالة رئيس الحكومة هي أول ثمار الثورة وليس آخرها، وإن استقالته لا تعني نهاية الفساد". وأضاف "اقترح أن يكون ترشيح رئيس الوزراء خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين. ودعا الصدر المتظاهرين إلى "الاستمرار بالتظاهر السلمي وعدم التراجع... ونرجو من الدول الصديقة وغيرها إعطاء الفرصة للعراقيين بتقرير مصيرهم".
على صعيد متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق من استمرار استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في العراق. وجاء في بيان للمتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك - تلقته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)- "أن الأمين العام يشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تشير إلى استمرار استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في العراق، مما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات والإصابات، بما في ذلك الخميس في الناصرية. ويحث جميع الجهات الفاعلة على الامتناع عن العنف والدخول في حوار سلمي ذي معنى لصالح العراق والشعب العراقي".
وأضاف البيان أن "الأمين العام يجدد دعوته للسلطات العراقية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وحماية أرواح المتظاهرين واحترام الحق في حرية التعبير والتجمع وسرعة التحقيق في جميع أعمال العنف". وتابع البيان أن "الأمين العام يذًكر السلطات العراقية بالتزامها بحماية المنشآت الدبلوماسية والقنصلية وموظفيها وكذلك الممتلكات العامة والخاصة".
في غضون ذلك كتبت رئيسة بعثة الأمم المتحدة إلى العراق جنين هنيس في تغريدة الجمعة أن "الأعداد المتزايدة من الضحايا والإصابات وصلت لمستويات لا يمكن التسامح معها. وجود المندسين لإخراج الاحتجاجات السلمية عن مسارها يضع العراق في مسار خطير. سوف أحيط مجلس الأمن في نيويورك حول ما يجري يوم الثلاثاء (3 ديسمبر)".
ميدانيا، شهدت مدينة الناصرية بجنوب العراق الجمعة مقتل 15 متظاهرا بالرصاص على الأقل وأصيب العشرات في المواجهات بين المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن، على ما أفاد أطباء.
ح.ع.ح/ز.أ.ب (أ ف ب/د ب أ)
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س