في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، صار موضوع توزيع المساعدات الإنسانية أكثر أهمية. فهل تتولاه مؤسسة أمريكية جديدة فعلا؟ ومن هم مؤسسوها؟
الخارجية الأمريكية تعلن عن قرب إمكانية تقديم المساعدات والغذاء لمحتاجيها في قطاع غزة للمواطنين الفلسطينيينصورة من: Hatem Khaled/REUTERS
إعلان
أعلنت الولايات المتّحدة أمس الخميس (8 مايو/ أيار 2025)، أنّ "مؤسّسة" جديدة ستتولّى قريبا مهمة إدارة وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
وقالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في تصريح صحفي إنّه "على الرّغم من أنّه ليس لدينا شيء محدّد نعلنه اليوم في هذا الصدد".
وأوضحت المتحدثة أن هناك "ترحيب بالمبادرات الرامية لتسليم المساعدات الغذائية عاجلا إلى غزة بسرعة، حتى تصل المساعدات الغذائية فعليا إلى أولئك الذين تستهدفهم".
وأضافت "نحن على بُعد خطوات قليلة من هذا الحلّ، من إمكانية تقديم المساعدات والغذاء لمحتاجيها في القطاع الفلسطيني"، مؤكّدة أنّ هذه المؤسّسة ستُصدر "قريبا" إعلانا بهذا الشأن.
المجموعة المدعومة من أمريكا تسعى للسيطرة
حسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس، فإن مجموعة من مقاولي الأمن الأمريكيين وضباط الجيش السابقين ومسؤولي المساعدات الإنسانية، اقترحت تولي توزيع المواد الغذائية والإمدادات الأخرى في غزة، بناء على خطط مماثلة لتلك التي أعدتها إسرائيل.
إعلان
الاقتراح الذي اطلعت الوكالة الإخبارية عليه، لمجموعة باسم "مؤسسة غزة الإنسانية"، يسعى لتنفيذ نظام جديد لتوزيع المساعدات يحل محل النظام الحالي الذي تديره الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية الأخرى. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان اقتراح المجموعة الجديدة، المسجلة في جنيف، سيحد من هذه المخاوف.
ومن جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن المجموعة تعتزم توفير طرود غذائية تحتوي على 50 وجبة للأسر، كما ستقوم بتوجيه شحنات المساعدات من المنظمات الإنسانية الأخرى إلى قطاع غزة.
أكدت المجموعة أنها تريد الشراكة مع الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الدولية في توزيع إمداداتها داخل قطاع غزةصورة من: Christoph Soeder/dpa/picture alliance
تعويض إسرائيل وعدم الاستعانة بها
بحسب الاقتراح، فإن حراس الأمن الخاصين سيؤمنون الطرق ومراكز التوزيع، في حين لن يشارك الجنود الإسرائيليون في تأمين أو توزيع الإمدادات.
ويطرح الاقتراح المكون من 14 صفحة، والذي تم تداوله هذا الأسبوع بين منظمات الإغاثة ومسؤولي الأمم المتحدة، خططا مماثلة لتلك التي تناقشها إسرائيل سرا على مدى أسابيع مع جماعات الإغاثة الدولية. ويكشف الاقتراح للمرة الأولى عن خطط إنشاء المؤسسة وكذلك أسماء من سيتولى قيادتها.
وبموجب اقتراح المجموعة الجديدة، سيتلقى الفلسطينيون حصصا غذائية معبأة مسبقا، ومياه شرب، ومجموعات أدوات نظافة، وبطانيات، وإمدادات أخرى في مراكز التوزيع.
وقالت المجموعة إنها تريد الشراكة مع الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الدولية في توزيع إمداداتها. وأكد مسؤول أمريكي صحة الاقتراح وقال إن المدير السابق لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، هو الخيار الرئيسي لإدارة مؤسسة غزة الإنسانية.
إسرائيل منعت دخول الغذاء والوقود والدواء وجميع الإمدادات الأخرى إلى غزة على مدار 10 أسابيع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية لـ 3,2 مليون فلسطينيصورة من: Bashar Taleb/AFP/Getty Images
انتقادات للمبادرة الجديدة
انتقد العاملون في مجال الإغاثة الخطط، التي من شأنها أن تمركز التوزيع في أربعة مراكز تحت حماية مقاولي الأمن الخاص. ويقولون إن الخطط لا يمكن أن تلبي احتياجات سكان غزة الكبيرة واليائسة، وأنها ستؤدي إلى نزوح قسري لأعداد كبيرة من الفلسطينيين من خلال دفعهم للانتقال بالقرب من المساعدات.
لا تتوفر معلومات كثيرة عن هذه المؤسسة، لكن ذُكِرَ أنه تمّ تسجيلها كمؤسّسة غير ربحية تحت اسم "مؤسسة إنسانية لغزة" في سويسرا منذ شباط/فبراير، ومقرها جنيف.
وذكرت صحيفة "لو تان" السويسرية أنّ المؤسسة تسعى إلى توظيف "مرتزقة" لضمان أمن توزيع المساعدات. وأعربت منظمة العفو الدولية في سويسرا عن قلقها إزاء هذه المسألة، محذّرة من أنّ مثل هكذا خطوة يمكن أن تتعارض مع القانون الدولي.
يذكر أن إسرائيل منعت دخول الغذاء والوقود والدواء وجميع الإمدادات الأخرى إلى غزة على مدار 10 أسابيع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية لـ 3.2 مليون فلسطيني. وقالت إنها لن تسمح بدخول المساعدات حتى يتم وضع نظام يمنحها السيطرة على التوزيع.
وتتّهم إسرائيل حركة حماس بنهب المساعدات، وهي تقترح توزيعها في مراكز يسيطر عليها جيشها، وهو اقتراح انتقدته بشدّة الأمم المتّحدة ومنظمات إغاثية.
ويذكر أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
معبر رفح.. تحديات كبيرة تواجه شريان الحياة الوحيد لسكان غزة
الوضع الإنساني في غزة كارثي حسب تأكيدات منظمات مستقلة. المساعدات الإنسانية بدأت بالتدفق أخيراً عبر معبر رفح، لكن حجمها يبقى "ضعيفا" بسبب الحاجيات الكبيرة، خاصة مع خروج عدة مستشفيات عن الخدمة وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
بدء تدفق المساعدات لقطاع محاصر
عشرات الشاحنات، المحملة بالمساعدات الإنسانية، دخلت إلى غزة عبر معبر رفح قادمة من مصر. الشاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وكميات من الأغذية. الأمم المتحدة تقول إن 100 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل غزة بشكل يومي لتغطية الاحتياجات الطارئة، وسط تأكيدات أن ما دخل بعد فتح المعبر يبقى قليلاً للغاية، بينما تؤكد مصادر مصرية وجود العشرات من الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
شريان الحياة الوحيد في زمن الحرب
معبر رفح هو المعبر الرئيسي لدخول غزة والخروج منها في الفترة الحالية، بعد فرض إسرائيل "حصاراً مطبقاً" على القطاع، وقطع الكهرباء والماء والتوقف عن تزويده بالغذاء والوقود، في ظل الحرب الدائرة مع حركة حماس. لا تسيطر إسرائيل على المعبر لكنه توقف عن العمل جراء القصف على الجانب الفلسطيني منه. وبتنسيق أمريكي، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات، بشروط إسرائيلية منها تفتيش المساعدات.
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
"ليست مجرد شاحنات"
الخلافات على تفتيش الشاحنات أخذت وقتاً كبيرا، ما أثر على وصول سريع للمساعدات. الأمم المتحدة أكدت أن العمل جارِ لتطوير نظام تفتيش "مبسط" يمكن من خلاله لإسرائيل فحص الشحنات بسرعة. أنطونيو غوتيريش صرح من أمام معبر رفح: "هذه ليست مجرد شاحنات، إنها شريان حياة، وهي تمثل الفارق بين الحياة والموت لكثير من الناس في غزة"، واصفاً تأخر دخول المساعدات (لم تبدأ إلّا بعد أسبوعين على بدء الصراع) بـ"المفجع".
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
إجراءات مشددة منذ زمن
تشدد مصر بدورها القيود على معبر رفح منذ مدة، ويحتاج المسافرون عبره إلى تصريح أمني والخضوع لعمليات تفتيش مطولة ولا يوجد انتقال للأشخاص على نطاق واسع، خصوصاً في فترات التصعيد داخل غزة. دعت القاهرة مؤخراً جميع الراغبين في تقديم المساعدات إلى إيصالها إلى مطار العريش الدولي، لكنها رفضت "تهجير" الفلسطينيين إلى أراضيها ودخولهم عبر معبر رفح، واقترحت صحراء النقب.
صورة من: Majdi Fathi/apaimages/IMAGO
توافق أمريكي - إسرائيلي على معبر رفح
بعد أيام على الحرب، توافق جو بايدن وبنيامين نتانياهو على استمرار التدفق للمساعدات إلى غزة . بايدن قال إن "المساعدات الإنسانية حاجة ملحة وعاجلة ينبغي إيصالها"، وصرح مكتب نتياهو أن "المساعدات لن تدخل من إسرائيل إلى غزة دون عودة الرهائن"، لكنها "لن تمنع دخول المساعدات من مصر" بتوافق أمريكي - إسرائيلي على عدم استفادة حماس منها، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كحركة إرهابية.
صورة من: Evelyn Hockstein/REUTERS
غزة بحاجة إلى وقود
رفضت إسرائيل أن تشمل المساعدات الوقود، وهو ما انتقدته وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، قائلة إن القرار "سيُبقي أرواح المرضى والمصابين في غزة في خطر". وكالة الأونروا أكدت أن الوقود المتوفر لديها في القطاع غزة "سينفد قريباً، ودونه لن يكون هناك ماء ولا مستشفيات ولا مخابز ولا وصول للمساعدات". لكن مدير إعلام معبر رفح البري قال إن ستة صهاريج وقود دخلت يوم الأحد (22 تشرين الأول/ أكتوبر).
صورة من: Said Khatib/AFP
دعم أوروبي لإسرائيل مع ضمان المساعدات لغزة
بعد جدل حول تجميدها للمساعدات، ضاعفت المفوضية الأوروبية مساعداتها الإنسانية لغزة ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 75 مليون يورو، مع "تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إرهابيي حماس". الاتحاد الأوروبي أكد أنه يدرس فرض "هدنة إنسانية للسماح بتوزيع المساعدات". ألمانيا علقت المساعدات التنموية للفلسطينيين لكنها أبقت على الإنسانية منها، وأولاف شولتس رحب ببدء إرسال المساعدات، قائلا: "لن نتركهم وحدهم".
صورة من: FREDERICK FLORIN/AFP
مطالب عربية بوقف إطلاق النار
ربطت عدة دول عربية بين دخول المساعدات وبين وقف إطلاق النار. وأعلنت دول الخليج دعماً فورياً لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، فضلاًَ عن مبادرات منفردة لعدة دول في المنطقة. الدول العربية التي شاركت في "قمة القاهرة للسلام" دعمت بيان مصر، الذي دعا إلى "وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
صورة من: Khaled Desouki/AFP/Getty Images
"عدم التخلي عن المدنيين الفلسطينيين"
وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه بعثت بخطاب إلى كتل أحزاب الائتلاف الحاكم قالت فيه إن احتياجات ومعاناة الناس في غزة وفي أماكن أخرى يمكن أن تزداد. وأدانت هجوم حماس ووصفته بأنه هجوم وحشي وغادر. وقالت :" نحن لا نواجه حركات نزوح كبيرة ووضع إمدادات منهارا وحسب بل إننا نواجه أيضا أعمالا حربية نشطة وكان من بينها التدمير الأخير للمستشفى الأهلي في غزة الذي كانت تشارك وزارة التنمية الألمانية في دعمه".
صورة من: Leon Kuegeler/photothek.de/picture alliance
ضريبة إنسانية باهظة للحرب
بدأت الحرب بهجوم دموي لحماس في السابع من أكتوبر، خلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين، فضلاً عن اختطاف أكثر من مئتين. ردت إسرائيل بقصف متواصل للقطاع، ما أوقع أكثر من خمسة آلاف قتيل وتدمير بنى تحتية وتضرّر 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية في القطاع، بينما نزح أكثر 1,4 مليون شخص داخل غزة حسب الأمم المتحدة، فضلا عن مقتل العشرات في الضفة الغربية وسط مخاوف من تمدد الصراع إقليمياً.
صورة من: YAHYA HASSOUNA/AFP/Getty Images
هجوم حماس الإرهابي
مشهد يبدو فيه رد فعل فلسطينيين أمام مركبة عسكرية إسرائيلية بعد أن هاجمها مسلحون تسللوا إلى مناطق في جنوب إسرائيل، ضمن هجوم إرهابي واسع نفذته حماس يوم 07.10.2023، وخلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين واختطاف أكثر من مائتين. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. إ.ع/ ع.خ / م.س.