في النزاع المحتدم باستمرار ويتسارع في التفاقم مع إيران تروج الولايات المتحدة لتحالف عالمي ضد القيادة في طهران. لكن ليس هناك الكثير من الدول التي تريد الاستجابة لطلب واشنطن. فمن يا ترى سينضم إلى التحالف الجديد؟
إعلان
تحالف عالمي جديد ضد ايران لا يشمل فقط دول الخليج، بل أيضا آسيا وأوروبا ـ هذا هو المخطط الجديد لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. وقبل سفره إلى العربية السعودية والإمارات أعلن بومبيو أن التحالف يجب أن يكون مستعدا "لدحض أكبر راع للإرهاب". كلام يحمل بين طياته مؤشرا على أن ذلك قد يشمل عملا عسكريا لم يكشف عنه بومبيو.
ووصف بومبيو القيادة في ايران بأنها "شبكة طغيان وفساد"، وأنه سيستمر "العمل بحملة العزلة الدبلوماسية وأعلى درجات الضغط الاقتصادي" حتى توافق ايران على اتفاق نووي شامل. لكن ما هي الدول التي من المحتمل أن تشارك في هذه الحملة؟
العربية السعودية
المملكة هي أحد المرشحين البارزين لتشكيل هذا التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن العربية السعودية وايران عدوان لدودان. وفي الوقت الذي تعتبر فيه طهران نفسها كقوة حماية للشيعة، فإن العربية السعودية على غرار غالبية الدول العربية ذات توجه سني. ومع هذا النزاع العقائدي القديم يحاول كلا البلدان توطيد نفوذهما في الشرق الأوسط. ولبلوغ هذا الهدف تشن الرياض وطهران حروبا بالوكالة مثلا في اليمن. وخلال زيارة بومبيو أعلن ولي العهد محمد بن سلمان، حسب وكالة الأنباء الرسمية بأن بلاده تقف إلى جنب الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة "الأنشطة الإيرانية المعادية" والإرهاب.
الإمارات العربية المتحدة
وحتى دولة الإمارات تُعتبر حليفا عربيا وثيقا للولايات المتحدة الأمريكية. وبخلاف العربية السعودية فإن الإمارات العربية المتحدة تراهن على الحل السياسي في النزاع الإيراني. والتوترات في منطقة الخليج وجب تخفيفها عن طريق محادثات مشتركة ومفاوضات، كما أعلن عبر تويتر وزير الدولة في الخارجية، أنور قرقاش. وحتى ولي عهد أبو ظبي، وبذلك الحاكم الحقيقي في الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن سعيد آل نهيان كان إلى حد الآن في تصريحاته حول ايران متحفظا أكثر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكجارة لإيران ـ شواطئ الإمارات العربية المتحدة وايران يفصلها فقط الخليج الفارسي وخليج عمان ـ يمكن أن يشكل تصعيد عسكري تهديدا للإمارات.
اسرائيل
على غرار الكثير من الدول العربية يُنظر في اسرائيل إلى ايران كأكبر تهديد في المنطقة. وفي الوقت الذي ظل فيه البلدان حتى الثورة الاسلامية في 1979 حليفين ضد الدول السنية المجاورة، تنظر القيادة الإيرانية إلى " النظام الصهيوني" في إسرائيل منذ تلك اللحظة كعدو ولا تعترف بها كدولة شرعية. وتنظر اسرائيل من جانبها إلى البرنامج النووي الإيراني وتوسيع النفوذ بشكوك كبيرة. وخاض البلدان نزاعهما مؤخرا من خلال حرب بالوكالة في سوريا حيث تدعم طهران نظام الأسد. وفي المقابل تبقى الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود الحليف السياسي الرئيسي لإسرائيل ـ وتحت قيادة دونالد ترامب زاد تقارب البلدين. ومن المحتمل بشكل كبير أن تشارك اسرائيل في تحالف ضد القيادة في طهران.
بريطانيا
خارج الشرق الأوسط تكون بريطانيا البلد الوحيد الذي يمكن ان يشارك في تحالف مناهض لإيران. وحاولت البلاد في الحقيقة بعد الإلغاء الأحادي الجانب من الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووي التمسك مع روسيا والصين وفرنسا وألمانيا بالاتفاق مع إيران. لكن من جانب آخر يتهم البريطانيون إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية أيضا ايران بالوقوف وراء الهجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان. وحثت بريطانيا في بيان مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ايران "على التخلي عن عمليات أخرى تهدد الاستقرار الإقليمي". وتربط البريطانيين مع الولايات المتحدة الأمريكية علاقات دبلوماسية خاصة. وقد عملوا غالبا ـ مثلا في الحربين العالميتين وفي الحرب الباردة ـ كحلفاء. وقدمت بريطانيا الدعم بشكل كبير في حرب العراق في 2003 في الوقت الذي رفضت فيه دول أوروبية بسبب انعدام الشرعية الدولية والأدلة لوجود تهديد من طرف العراق.
فرص الحصول على داعمين إضافيين ضعيفة
وبغض النظر عن الدول المذكورة آنفا، فإن القليل يؤشر على أن بلدانا أخرى لها اهتمام في الدخول في تحالف ضد ايران ـ أكان ذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية. فالصين مثلا لها علاقات جيدة مع مصدر النفط ايران. وعلى أساس هذه الحقيقة لن تجرؤ دولة افريقية على الوقوف ضد ايران وبالتالي الوقوف ضد الصين ذات النفوذ الكبير في افريقيا.
وحتى في أوروبا قلما ستنجح الولايات المتحدة الأمريكية في تحريك التعبئة ضد ايران. ووقفت مؤخرا بلدان مثل فرنسا وألمانيا ضد سياسة ترامب تجاه ايران عندما حاولت إنقاذ الاتفاق النووي مع ايران رغم تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنه وتفادي العقوبات الأمريكية. وتحالف مناهض لإيران لن يتأتى بالتالي بالحجم الذي ترغب فيه واشنطن. لكن يجب ترقب تحرك الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادي والأمني السياسي لبلوغ هدفها المنشود.
إينس أيزله/ م.أ.م
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش