لأول مرة منذ بدء رئاسة ترامب اجتمع في ألمانيا ممثلو الدول الغربية والعربية وتركيا الداعمة للمعارضة السورية، وقال مصدر إنه لا تعاون عسكريا مع روسيا طالما لم تنأَ بنفسها عن موقف دمشق الذي يعتبر كل فصائل المعارضة "إرهابية".
وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل (يمين)، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون (يسار)صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com/G. Johnson
إعلان
أعرب حلفاء واشنطن الذين كانوا يترقبون الكشف عن توجهات الدبلوماسية الأمريكية، عن اطمئنانهم الجمعة (17 شباط/ فبراير 2017) بشأن الملف السوري بعد أن حصلوا على تأكيدات من وزير الخارجية ريكس تيلرسون على دعم مفاوضات جنيف بين طرفي النزاع.
ولأول مرة منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عقدت الدول الغربية والعربية الداعمة للمعارضة السورية، وهي نحو عشرة بلدان غربية وعربية وتركيا، لقاء الجمعة في مدينة بون الألمانية على هامش اجتماعات مجموعة العشرين. وجرى الاجتماع قبل أيام من استئناف مفاوضات السلام بين نظام دمشق والمعارضة الخميس المقبل في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
وفي ختام الاجتماع، أعربت برلين وباريس عن ارتياحهما. وقال وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل الذي استضافت بلاده الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين، "بدا واضحا أننا نريد في جميع الأحوال حلا سياسيا في إطار الأمم المتحدة". وأفاد مصدر غربي أن تيلرسون كان واضحا للغاية حيال ضرورة توجيه رسائل إلى الروس، وقال المصدر: "شرح لنا أنه لن يكون هناك تعاون عسكري مع الروس طالما أنهم لم ينأوا بأنفسهم عن موقف دمشق بشأن المعارضة". ويعتبر نظام دمشق جميع الفصائل المعارضة "إرهابية"، وهو ما أكد عليه رئيس النظام السوري بشار الأسد مجددا، في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية نشرت الخميس.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت "من المهم والضروري أن يقوم حوار وثيق مع الولايات المتحدة حول هذه المسألة السورية (...) تثبتنا هذا الصباح من أننا متفقون جميعا". وبدأت مفاوضات جنيف حول تسوية سياسية للنزاع في سوريا عام 2016 لكن ثلاث جولات من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لم تحقق أي تقدم نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر حيال المرحلة الانتقالية ومصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
بموازاة ذلك، اتخذت روسيا حليفة دمشق المبادرة على الصعيد الدبلوماسي في الملف السوري بعدما استعادت قوات النظام مدعومة بطيرانها الحربي مدينة حلب من الفصائل المقاتلة، علما بأن موسكو ترعى مع إيران وتركيا محادثات في أستانا عاصمة كازاخستان. ويخشى الغربيون أن تحل محادثات أستانا محل المحادثات التي تجري برعاية الأمم المتحدة.
وقال سيغمار غابرييل متحدثا للصحفيين في ختام اجتماع وزراء مجموعة العشرين الذي استمر يومين إن محادثات أستانا "جيدة، لكن يجب أن تؤدي إلى عملية سياسية في جنيف، حول مسائل الدستور والحكم والانتخابات" في سوريا. وكان تيلرسون أدلى الخميس بتصريحات حازمة حيال روسيا، وخصوصا في ما يتعلق بالإبقاء على العقوبات المفروضة عليها، طالما لم يتم تطبيق اتفاقات السلام في أوكرانيا، وهي تصريحات طمأنت حلفاء واشنطن في وقت تسود البلبلة البيت الأبيض.
رسالة أمريكية إلى كوريا الشمالية والصين
كما التقى تيلرسون للمرة الأولى الجمعة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، على خلفية توتر قائم بين البلدين. وحض تيلرسون بكين على استخدام "كل السبل" من أجل "لجم سلوك كوريا الشمالية المزعزع للاستقرار"، بعدما أجرت بيونغ يانغ الأحد عملية إطلاق صاروخ جديدة. وكان وزير الخارجية الأميركي أكد الخميس أن بلاده "مصممة" على الدفاع عن كوريا الجنوبية واليابان، ويمكن أن تستخدم من أجل ذلك كل ترسانتها العسكرية، بما في ذلك قوة الردع النووي ضد بيونغ يانغ. وتعد بكين آخر حليف رئيسي لبيونغ يانغ وتبدي ترددا في الضغط عليها. وأحرز برنامج الدولة الشيوعية النووي والصاروخي تقدما كبيرا وأعلنت أنها باتت تستطيع استهداف أراضي الولايات المتحدة.
يشار إلى أن المشاركين في اجتماع مجموعة العشرين سواصلون لقاءاتهم في ميونيخ، حيث ينعقد مؤتمر الأمن والذي يستمر حتى الأحد. ويحضر هذه السنة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في ميونيخ حيث سيحاول طمأنة الأوروبيين بخصوص متانة العلاقات بين ضفتي الأطلسي.
ع.م/ هـ.د (أ ف ب)
في صور- مؤتمر ميونيخ للأمن .. مجهر سياسة الأمن العالمي
تهيمن السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد ترامب على موضوعات الدورة 53 لمؤتمر ميونيخ للأمن. وافتتحت وزيرة الدفاع الألمانية ونظيرها الأمريكي فعاليات المنتدى الأمني الرفيع التي تقام بين 17 و19 فبراير 2017.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Kienzle
أين تكمن أهمية مؤتمر ميونيخ للأمن؟
مؤتمر ميونيخ للأمن يُعد منصة فريدة في العالم للنخب الدولية في السياسة الأمنية. وليس هناك مكان آخر في العالم يجمع هذا العدد من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن. وفي تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية المؤتمر للمرة الرابعة على التوالي في مرتبة أهم مؤتمر في العالم. والمؤتمر هو بوتقة للتواصل بين الفاعلين السياسيين للتعارف وتبادل وجهات النظر ولرسم الخطوط الحمراء.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
من الذي يشارك في مؤتمر ميونيخ للأمن؟
الفندق الذي يحتضن فعاليات المؤتمر يتوقع حضور أكثر من 500 مشارك من شتى أنحاء العالم. والحكومة الألمانية ممثلة من قبل عدة وزراء. ويُتوقع مشاركة 16 رئيس دولة و15 رئيس حكومة و47 وزير خارجية و30 وزير دفاع و59 ممثلا لمنظمات دولية. وسيكون المؤتمر الفرصة الأولى للتعرف على الإدارة الأمريكية الجديدة. ويشارك في المؤتمر عن الجانب الأمريكي نائب الرئيس مايك بينس ووزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الأمن القومي.
صورة من: Getty Images/L. Preiss
أين يُنظم مؤتمر ميونيخ للأمن؟
في فندق "بايريشر هوف" (Bayerischer Hof) وسط مدينة ميونيخ. يتوفر الفندق الفاخر على 340 غرفة و65 جناحا فندقيا و40 قاعة للمؤتمرات. ويمثل الإقبال الكبير على المؤتمر تحديا للفندق، الذي يعمل به نحو 700 موظف، لذلك شغّل خصيصا 250 موظفا إضافيا ليسهروا على راحة مئات الضيوف بتوفير آلاف وجبات الأكل والمشروبات. ويثمن المشاركون جودة الفندق وموقعه المركزي. ويشكل المؤتمر دعاية مجانية هائلة للفندق طوال ثلاثة أيام.
صورة من: Koch/MSC
كيف يتم حماية مؤتمر ميونيخ للأمن؟
يُقام حزام أمني حول فندق المؤتمر، ولا يحق إلا للذين يملكون بطاقة اعتماد دخول تلك المنطقة. وفي السنة الماضية شارك نحو 3700 شرطي في حماية فعاليات المؤتمر. وتفيد الشرطة بأن العدد سيرتفع هذا العام ليصل إلى أربعة آلاف شرطي، حسب ما قال فيرنر فايلر، نائب رئيس شرطة ميونيخ.
صورة من: imago/Eibner
منذ متى يُنظم مؤتمر الأمن؟
مؤتمر ميونيخ للأمن انطلق في عام 1963 كحلقة لقاء بين عسكريين، وكان يسمى آنذاك "اللقاء الدولي لعلوم الدفاع". وغيَّر المؤتمر لاحقا اسمه إلى "المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع"، ثم أصبح اسمه "مؤتمر ميونيخ للأمن". وخلال أكثر من خمسين دورة انعقاد للمؤتمر انفتح نظامه من مناقشة موضوعات خاصة بحلف الأطلسي إلى قضايا أكثر شمولية في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Hase
هل يُتوقع تنظيم مظاهرات؟
مثل كل سنة تم الإعلان هذا العام عن مظاهرات ضد مؤتمر ميونيخ للأمن، وعددها تسعة. وفي السنة الماضية جلب "التحالف ضد مؤتمر أمن الناتو" نحو 3000 مشارك. وحتى في هذا العام يخطط التحالف لمظاهرة ومهرجان خطابي ضد من وصفهم بـ"محرضي الحرب في ميونيخ" وكذلك "ضد التسليح والدعاية والاستعدادات الحربية".
صورة من: Reuters/M. Dalder
ما هي موضوعات مؤتمر ميونيخ للأمن؟
الموضوعات المحورية هي حالة تنامي انعدام الأمن بعد انتخاب دونالد ترامب. وتتناول المحادثات بشكل ملموس مستقبل العلاقات الأطلسية وأزمة أوكرانيا والعلاقات بين الغرب وروسيا. كما أن الوضع الأمني في منطقة المحيط الهادي بآسيا ستكون موضوعا إلى جانب كوريا الشمالية. وتشمل الأجندة موضوعات التطرف والإرهاب ولاسيما الحرب والسلام في الشرق الأوسط.
صورة من: picture alliance/dpa/T. Hase
كيف يتم تمويل المؤتمر؟
مؤتمر ميونيخ للأمن يقدم نفسه كهيئة مستقلة. إلا أن الشركة المنظمة للمؤتمر واسمها "مؤسسة مؤتمر ميونيخ للأمن" تستفيد من تمويلات حكومية كبيرة. وتفيد معلومات الحكومة الألمانية أن المؤتمر حصل في عام 2015 على تمويل بنحو نصف مليون يورو إضافة إلى مبلغ 700 ألف يورو مصاريف تجهيزات وطاقم موظفين من الجيش الاتحادي الألماني. كما أن المؤتمر يحظى برعاية من شركات ألمانية ودولية كبرى. إعداد: م.أ.م