واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين يأججون الحرب في السودان
١ يونيو ٢٠٢٣
فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية جديدة وقيودا على التأشيرات "بحق الأطراف الذين يمارسون العنف" في السودان، وذلك بهدف تجفيف مصادر تمويل طرفي النزاع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
إعلان
أعلن واشنطن أنها فرضت عقوبات اقتصادية وقيودا على التأشيرات على الأطراف التي "تديم العنف" في السودان في غمرة اشتداد حمى الاشتباكات في العاصمة الخرطوم. وتراقب السعودية والولايات المتحدة تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار من المفترض أن يظل ساريا حتى مساء السبت، وهو اتفاق عزز الآمال في إنهاء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك سوليفان في بيان إن أعمال العنف في هذا البلد تشكل "مأساة ينبغي أن تتوقف"، من دون أن يدلي بتفاصيل إضافية عن العقوبات. من جهته، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان منفصل إلى إجراءات اتخذت "ردا على عدم وفاء الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالتزاماتهما"، منددا خصوصا بـ"أعمال نهب وهجمات على منازل وبنى تحتية مدنية وقصف جوي ومدفعي (...) وإعاقة وصول المساعدة الانسانية".
وتستهدف القيود على التأشيرات مسؤولين في المعسكرين لم تكشف هوياتهم، إضافة إلى مسؤولين سابقين في نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. فيما تستهدف العقوبات الاقتصادية العديد من الشركات السودانية في قطاعات الصناعة والدفاع والتسلح، بينها شركة "سودان ماستر تكنولوجي" التي تدعم الجيش. وبالنسبة إلى قوات الدعم السريع، فرضت واشنطن عقوبات على شركة الجنيد للمناجم والتي تدير مناجم ذهب عدة في إقليم دارفور بشمال غرب البلاد وتمول القوات المذكورة. ولا تطال هذه العقوبات بشكل مباشر قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وكان وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن أعلن في وقت سابق أن الولايات المتحدة "تنظر في خطوات يمكننا اتخاذها لتوضيح وجهات نظرنا حيال أي زعماء يقودون السودان في الاتجاه الخاطئ". وأوضح أن "طرفي النزاع" مسؤولان عن هذا الوضع.
ومنذ بدء القتال في 15 نيسان/أبريل وافق جيش اللواء عبد الفتاح البرهان كما قوات الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو على 12 هدنة قبل انتهاكها على الفور. وقال سوليفان في بيانه إن "حمام الدم" في الخرطوم ودارفور "مروّع". وأضاف أن خرق الهدنة الأخيرة "زاد من مخاوفنا من نزاع طويل الأمد ومعاناة كبيرة للشعب السوداني".
السودان على "شفير مجاعة"
وبحسب منظمة اليونيسف يحتاج أكثر من 6.13 مليون طفل إلى مساعدات إنسانية في السودان، بينهم "620 ألفا يعانون من سوء التغذية الحاد وقد يتوفى نصفهم إذا لم يتلقوا المساعدة في الوقت المناسب". بالإضافة إلى ذلك فر 350 ألف شخص إلى البلدان المجاورة: نصفهم إلى مصر والآخرون إلى جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى أو إثيوبيا. وأكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن أكثر من 100 ألف شخص فروا من العنف في السودان إلى تشاد المجاورة وإن العدد قد يرتفع إلى المثلين في الأشهر الثلاثة المقبلة.
ويزداد الوضع خطورة كل يوم، فالسودان على شفير المجاعة وفقًا للأمم المتحدة وموسم الأمطار يقترب من مخاطر انتشار الأوبئة. وقالت لورا لو كاسترو، ممثلة المفوضية في تشاد "مع اقتراب موسم الأمطار في الأسابيع القليلة المقبلة، نحتاج إلى إمدادات لوجستية هائلة لنقل اللاجئين من المناطق الحدودية... يتعين علينا إنشاء مخيمات جديدة على الفور وتوسيع المخيمات القائمة". وتشاد واحدة من أفقر بلدان العالم، وكانت تستضيف بالفعل نحو 600 ألف لاجئ قبل اندلاع الصراع في السودان.
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.