واشنطن تواصل غاراتها والحوثيون يعلنون استهداف حاملة طائرات
١٧ مارس ٢٠٢٥
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية مواصلة غاراتها الجوية "ضد الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران"، فيما قالت الجماعة إنها نفذت هجومين ضد حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر مؤكدة مواصلة استهداف السفن الأمريكية.
واشنطن تواصل توجيه ضربات لجماعة الحوثيين في اليمن، والجماعة المدعومة من إيران تقول إنها استهدف حاملة الطائرات الأمريكية في البحر الأحمرصورة من: U.S. Navy/AP/picture alliance
إعلان
قالت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) اليوم الاثنين (17 مارس/آذار 2025) إن الولايات المتحدة تواصل غاراتها الجوية في اليمن ضد ميليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران. ولم تقدم القيادة المركزية الأمريكية مزيدا من التفاصيل، لكنها نشرت مقطع فيديو على موقع "إكس" لإقلاع طائرات عسكرية. وقال المنشور: "تواصل قوات القيادة المركزية الأمريكية عملياتها ضد الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران".
وقال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أمس الأحد إن الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة الحوثيين في اليمن حتى يوقفوا هجماتهم على حركة الشحن.
وأفادت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي تسيطر عليها الميليشيات في اليمن بوقوع غارتين جويتين في وقت مبكر من اليوم الاثنين في منطقة مدينة الحُديدة الساحلية التي تبعد نحو 230 كيلومترا عن العاصمة صنعاء. وكانت قناة المسيرة التابعة للحوثيين قد أفادت ليل الأحد الاثنين بأنّ محافظة الحديدة الساحلية لغارتين أمريكيتين، غداة غارات مماثلة استهدفت العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بالبلاد.
من جانبهم أعلن المتمردون الحوثيون يومي الأحد والاثنين عن تنفيذ هجومين ضد حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر، مؤكدين أنهم سيستهدفون أيضا سفن الشحن الأمريكية، ردّا على ضربات أوقعت 53 قتيلا وفق وزارة الصحة التابعة لهم.
وقالت الجماعة في بيان على تلغرام إنها "استهدفت للمرة الثانية خلال 24 ساعة حاملة الطائرات الأمريكية يو اس اس هاري ترومان في شمال البحر الأحمر وذلك بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة في اشتباك استمر لعدة ساعات". ولم تؤكد الولايات المتحدة كما لم تنف ذلك.
وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين أن قواتهم "نجحت في إفشال هجوم معاد كان العدو يحضر لشنه على بلدنا.. وإن مقاتلات العدو المحلقة اضطرت إلى العودة من حيث انطلقت". ولم تؤكد الولايات المتتحدة
تحذيرات أمريكية للحوثيين وإيران
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز أعلن في وقت سابق الأحد أن الضربات التي نفّذتها القوات الأمريكية ليل السبت على مناطق واقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، قتلت "العديد" من قادة المتمردين. ووجّه تحذيرا إلى إيران بوجوب التوقف عن دعم المتمردين و هجماتهم على السفن في البحر الأحمر ، وقال لشبكة "إيه بي سي" إن الولايات المتحدة "لن تحاسب الحوثيين فحسب، بل سنحاسب إيران، داعمتهم، أيضا". وفي ظهور آخر على قناة "فوكس نيوز"، قال والتز إن الضربات "تحذير لإيران من أن الكيل قد طفح".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان أول من أعلن عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل"، شنّ الضربات الأمريكية الأولى، قد كتب "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءا من اليوم. إذا لم تفعلوا ذلك، سينهمر عليكم الجحيم مثلما لم تروا من ذي قبل !". ودعا من جهة أخرى طهران إلى الكفّ عن دعم المتمردين "فورا".
وردّت طهران على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي بالقول على منصة إكس، إن الولايات المتحدة "ليس لها الحق في إملاء" سياسة إيران الخارجية، فيما حذّر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي من أن طهران ستردّ على أي اعتداء قد تتعرض له .
وفي مواجهة هذا التصعيد طالبت الأمم المتحدة الولايات المتحدة والحوثيين بوقف هجماتهما على السفن تجنبا "لمفاقمة التوترات الإقليمية".
ودعت الصين من جانبها إلى "الحوار" وخفض التصعيد في البحر الأحمر وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ "تعارض الصين أي تحرّك يؤدي إلى تصعيد الوضع في البحر الأحمر".
ع.ج.م/ع.ش (أ ف ب، دب أ، رويترز)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.