كشفت وزارة العدل الأمريكية عن 17 اتهامات جنائية ضد مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، قائلة إنه نشر دون سند من القانون أسماء مصادر سرية وتآمر وساعد محللة المخابرات العسكرية السابقة تشيلسي مانينج في الحصول على معلومات سرية.
إعلان
وجه القضاء الأميركي الخميس اتهامات إلى مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج بموجب قوانين مكافحة التجسس، ما أثار على الفور غضب المدافعين عن حرية الصحافة. وتتّهم الولايات المتحدة أسانج (47 عاما) خصوصاً بتعريض بعض مصادرها للخطر بنشره في 2010 حوالي 750 ألف وثيقة عسكريّة ودبلوماسيّة سرّية للغاية على موقع ويكيليكس.
كما تتهم أسانج الأسترالي الذي لجأ في العام 2012 إلى سفارة الإكوادور في لندن وظلّ فيها لغاية 11 نيسان / أبريل الماضي حين اعتقلته الشرطة البريطانيّة بعد سحب كيتو حقّ اللجوء منه، بـ"التآمر" مع المحللة العسكرية السابقة تشيلسي مانينغ التي كانت مصدر هذه التسريبات غير المسبوقة. وتشيلسي كانت جندياً يدعى برادلي مانينغ قبل أن تغير جنسها.
وقالت وزارة العدل في بيان إنّ أسانج متّهم "بمساعدة" الجندي مانينغ و"تحريضه على الحصول على معلومات سرّية، مع علمه بأنّها قد تستخدم ضدّ مصلحة الولايات المتحدة ولمصلحة دولة أجنبيّة". وكشفت عن 17 اتهاما جديدا لأسانج.
وسارعت منظّمة ويكيليكس إلى الردّ عبر موقع تويتر بالقول "هذا جنون". وأضافت أن "هذه نهاية الصحافة المتعلّقة بقضايا الأمن القومي ونهاية التّعديل الأوّل" للدّستور الأميركي الذي يضمن حرّية التعبير.
وفي بيان أصدرته في وقت لاحق، دانت ويكيليس "هجوما غير مسبوق على الصحافة العالمية الحرة" و"تطبيق القانون الأميركي خارج أراضي" الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن "الجرائم المفترضة وقعت خارج الولايات المتحدة".
من جهتها، اعتبرت منظّمة "مراسلون بلا حدود" أنّ تلك التُهم "تُشكل تهديدا مباشرا لحرّية الصّحافة والصحافة الاستقصائيّة"، بينما تحدثت منظّمة "حرّية الصحافة" (فريدوم أوف ذا برس) عن "خطر كبير على الصحافيّين".
ورد جون ديمرز المسؤول عن شؤون الأمن القومي في وزارة العدل، خلال مؤتمر صحافي، قائلا إنّ "الوزارة تأخذ على محمل الجدّ دور الصحافيين في ديموقراطيّتنا، لكنّ جوليان أسانج ليس صحافيّاً".
وأضاف محاولا تبرير ذلك "ليس هناك أي صحافي يتمتع بحس المسؤولية يقوم بنشر أسماء مصادر سرية في مناطق حرب، وهو يدرك أن هذا يعرضه لأكبر خطر".
على أثر طلب تسليم تقدمت به الولايات المتحدة، اعتقل أسانج في 11 نيسان/ ابريل في سفارة الإكوادور في لندن. وكان قد لجأ في 2012 إلى هذه السفارة ليفلت من القضاء الأميركي بعد نشر موقعه 250 ألف برقية دبلوماسية ونحو 500 ألف وثيقة سرية تتعلق بنشاطات الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان.
وأعلنت وزارة خارجية الإكوادور الخميس أن الأغراض الشخصية لمؤسس ويكيليكس التي تمت مصادرتها الإثنين في السفارة في لندن أرسلت إلى نيابة كيتو لفحصها. وكانت الوزارة ذكرت الإثنين أن النيابة ستقرر بعد ذلك ما إذا كانت ستسلمها إلى القضاء الأميركي الذي يريد تسلم أسانج.
والتسريب غير المسبوق لقي ترحيبا من قبل بعض الأميركيين الذين أشادوا بكشف أخطاء عسكرية. لكن السلطات التي دانت تعريض عملاء على الأرض للخطر، فتحت تحقيقا على الفور. إلا أن القضاء تقدم ببطء لإدراكه حساسية القضية.
وخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، أثار أسانج استياء أميركيين آخرين بنشره رسائل الكترونية سرقها قراصنة روس من فريق حملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.
ونشر موقع ويكيليكس في 2017 وثائق مربكة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ، ما أثار استياء مدير الوكالة مايك بومبيو الذي أصبح وزيرا للخارجية. وقال بومبيو حينذاك إن ويكيليكس "جهاز استخبارات غير حكومي معاد".
ح.ز/ ع.خ (رويترز / أ.ف.ب)
في صور ..أسانج يعانق الحرية بعد مسار قضائي طويل
استأثر جوليان أسانج باهتمام الرأي العام العالمي منذ ظهور أولى تسريبات موقعه ويكيليكس. وفيما يعتبره البعض "باحثاً عن الحقيقة"، يراه البعض الآخر "متهورا باحثا عن الشهرة". تعرف على أبرز محطات حياة أسانج وقصته مع ويكيليكس.
صورة من: Edgar Su/REUTERS
الطفولة والزواج
ولد جوليان أسانج في عام 1971 في تاونسفيل بولاية كوينزلاند، شمالي أستراليا، وعاش طفولته في ترحال مع والديه اللذين كانا يديران مسرحاً جوالاً، حسب شبكة «بي بي سي». وتزوج أسانج وهو في سن الخمسين، من شريكته ستيلا موريس التي يرتبط بها منذ فترة طويلة في سجن بيلمارش شديد الحراسة في العاصمة البريطانية لندن.
صورة من: Dominic Lipinski/empics/picture alliance
ويكيليكس يحرج قادة العالم
استطاع جوليان أسانج من خلال موقع "ويكيليكس"، الذي أسسه عام 2006، إحراج العديد من الأنظمة السياسية والحكام والشخصيات العامة، حيث استطاع نشر آلاف الوثائق الحكومية كاشفا للرأي العام حول العالم العديد من الأسرار. ويواجه أسانج تهمة التآمر لاختراق وكشف كلمة سر جهاز كمبيوتر حكومي في الولايات المتحدة الأمريكية.
صورة من: Reuters/P. Nicholls
تسريب وثائق سرية
بدأت الحكاية عام 2010، عندما تعاون أسانج، مع شيلسا ماننج، محللة استخبارات سابقة بوحدة للجيش الأمريكي في العراق، لاختراق جهاز كمبيوتر عسكري والوصول لآلاف الوثائق الأمريكية السرية شديدة الحساسية. وتضمنت التسريبات الأولى مقاطع فيديو للضربات الجوية الأمريكية للعاصمة العراقية، بغداد، والهجوم الأمريكي على أفغانستان، وتقارير عسكرية عن الحرب الأمريكية في الدولتين، وتقارير للبعثات الدبلوماسية الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Images/S. Senne
الهروب إلى بريطانيا
بعد بضعة شهور من بدأ نشر الوثائق السرية، لاحقت السويد مواطنها جوليان أسانج بتهم بالتحرش الجنسي والاغتصاب، وهو ما نفاه أسانج معتبرا الاتهام محاولة لإرساله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سُيحاكم بتهمة نشر أسرار عسكرية ووثائق دبلوماسية حساسة. ثم قرر أسانج في نهاية 2010 التوجه لبريطانيا وتسليم نفسه للشرطة هناك، والتي قامت بدورها بالإفراج عنه بكفالة.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Arrizabalaga
الإكوادور تنقذ أسانج مؤقتا
منحت الإكوادور حق اللجوء لأسانج، فخرق قرار إفراج الشرطة البريطانية عنه بكفاله، محتمياً بمقر سفارة الإكوادور التي لم يغادرها خوفا من الاعتقال والترحيل، وحتى بعد إسقاط السلطات القضائية السويدية تحقيقاتها في قضية التحرش والاغتصاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/Kerimokten
لم يغادر مقره لسبع سنوات
ظل أسانج، البالغ من العمر 47 عاما، مقيما في سفارة الإكوادور بلندن منذ عام 2012 حتى قيامها بسحب حق اللجوء منه واستدعائها للشرطة البريطانية لإلقاء القبض عليه في الحادي عشر من أبريل/ نيسان 2019. فنظرا لعدم وجود معاهدة لتسليم المتهمين بين بريطانيا والإكوادور، لم تتمكن الشرطة البريطانية من إلقاء القبض على أسانج داخل مقر السفارة طوال السبع سنوات الماضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/F. Augstein
أسانج مكبلا بالقيود
خلال حوار تليفزيوني، برر رئيس الإكوادور لينين مورينو قرار بلاده سحب اللجوء من جوليان أسانج بـ "التصريحات العدائية والمُهددة لمؤسسته ضد الإكوادور، وتدخله في الشؤون الداخلية لدول أخرى". وظهر أسانج أمام الكاميرا مكبلا بالقيود بعد إلقاء الشرطة البريطانية القبض عليه.
صورة من: Reuters/P. Nicholls
تحقيق قضائي ضد مجهول
من أشهر وثائق "ويكيليكس" ما نشره حول قيام وكالة الأمن القومي الأميركية بالتجسس على عدة شخصيات أوروبية ومسؤولون ألمان، تأتي في مقدمتهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. ليعلن القضاء الألماني فتح تحقيق "ضد مجهول" يتعلق بوقائع تجسس وأنشطة لصالح جهاز استخبارات أجنبي، إلا أن النيابة العامة الفدرالية أمرت بإغلاق التحقيقات بعد ذلك لأن الاتهامات "يتعذر إثباتها قانونيا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
التجسس على ميركل
كشف موقع "ويكيليكس" أيضا أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست على اتصالات هاتفية بين المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بشأن التغيرات المناخية. وعلق أسانج حينها بأن "لقاءات الأمين العام للأمم المتحدة حول إنقاذ الكوكب من التغير المناخي تم التجسس عليها من قبل دولة عازمة على حماية أكبر شركاتها النفطية."
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
اتهامات موجهة نحو روسيا
نشر "ويكيليكس" أيضا رسائل البريد الإلكتروني للحملة الرئاسية لهيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي اُجريت عام 2016، بما يعتبر من العوامل التي أسهمت في عدم فوز كلينتون بالرئاسة الأمريكية. حيث أشارت الرسائل المُسربة حصول الحملة على خُطب مدفوعة الأجر، ولم يشكك فريق الحملة من جانبه في صحة الأمر. واتهمت كلا من الإدارة الأميركية وفريق هيلاري كلينتون الحكومة الروسية بالوقوف وراء الاختراق.
صورة من: Getty Images/M. Horwood
إطلاق سراح أسانج بعيدا عن الأنظار
تم إطلاق سراح أسانج من السجن في لندن يوم الاثنين 2024.06.24 دون أن يلاحظه الجمهور وغادر المملكة المتحدة على متن طائرة مستأجرة. وبعد توقفه في العاصمة التايلاندية بانكوك، توجه إلى جزيرة سايبان الأمريكية، حيث يمثل أمام محكمة بالجزيرة، ضمن اتفاق مع السلطات الأمريكية، قبل أن إطلاق سراحه بشكل كامل.
صورة من: YUICHI YAMAZAKI/AFP/Getty Images
لماذا توقف أسانج في جزيرة سايبان الأمريكية؟
مؤسس ويكيليكس توقف في جزيرة سايبان ليحضر جلسة محاكمته، ضمن اتفاق أبرم مع الولايات المتحدة في النزاع الطويل حول تسليمه. وضمن الاتفاق يقر أسانج في جلسة المحكمة بالتآمر للحصول على وثائق سرية وتوزيعها بشكل غير قانوني كجزء من صفقة مع النظام القضائي الأمريكي ويحكم عليه بالسجن لأكثر من خمس سنوات. ويتوافق الحكم مع طول الفترة الزمنية التي قضاها مسرب المعلومات بالفعل في سجن شديد الحراسة في لندن. 2024.06.26
صورة من: Eugene Hoshiko/AP Photo/picture alliance
أسانج حارج القفص
أعلنت قاضية أمريكية الأربعاء 2024.06.26 أنّ جوليان أسانج أصبح "رجلاً حرّاً" بعدما أبرم صفقة إقرار بالذنب أنهت مسلسلاً قضائياً طويلا. وإثر مثول مؤسّس موقع ويكيليكس أمام المحكمة الفدرالية في سايبان بجزر ماريان الشمالية وإقراره بذنبه بتهمة "التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها" قالت القاضية رامونا في. مانغلونا "بهذا الإقرار، يبدو أنّك ستتمكن من الخروج من هذه القاعة رجلاً حرّاً".
صورة من: DW
أسانج الرجل "السعيد"
رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، قال تعليقا على عودة جوليان أسانج إلى أستراليا، إنه "سعيد" لأن مؤسس موقع ويكيليكس في طريقه "للاجتماع بعائلته". وقال ألبانيز "على مدى العامين الماضيين منذ تولينا منصبنا، شاركت حكومتي ودعت إلى حل هذا الأمر على مستوى القادة." وأضاف ألبانيز "لقد استخدمنا جميع القنوات المناسبة، وكانت هذه النتيجة نتاج عمل دقيق وصبور وحازم. وهو عمل أنا فخور به جدا." 25.06.2024
صورة من: Wikileaks/PA Wire/dpa/picture alliance
أسانج يعود إلى أحضان أستراليا
يوم الإربعاء 26 يونيو حزيران 2024 أصبح جوليان أسانج مؤسس ويكليكس حرا، وعاد إلى وطنة أستراليا. وكانت زوجته ستيلا في مقدمة مستقبليه وتظهر بالصورة في عناق معه. وصل أسانج في طائرة خاصة إلى كانبيرا في ما يشكل الفصل ألأخير من هذه الرحلة التي بدأت بالافراج عنه من سجن بيلمارش في لندن وقادته إلى جزر ماريانا الشمالية الأمريكية حيث مثل أمام القضاء.وبعوداع إلى وطنه يُطوى مسلسل قضائي طويل دام 14 عاما.