بعد هجوم صاروخي جديد على السفارة الأميركية ببغداد، واشنطن تقول إنها "غاضبة" من الهجمات الأخيرة التي تستهدف قوات التحالف في العراق، محذرة إيران من أنها ستحملها المسؤولية، ومشيرة إلى أنها ستردّ في الوقت والمكان المناسبين.
إعلان
قالت الولايات المتحدة إنها تشعر بغضب من الهجمات الصاروخية الأخيرة على قوات التحالف وغيرها من القوات في العراق، لكنها أكدت أنها ستختار الوقت والمكان المناسبين للرد. وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، يوم الاثنين (22 شباط/ فبراير)، للصحفيين: "رأينا التقارير عن الهجوم الصاروخي اليوم... كما قلنا لكم بعد الهجوم المأساوي في أربيل، نحن نشعر بغضب إزاء الهجمات الأخيرة".
وأفاد الجيش العراقي أن صاروخين على الأقل سقطا في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد يوم الاثنين، لكنهما لم يتسببا في وقوع أي إصابات أو خسائر في الأرواح. وأضاف الجيش أن صاروخا آخر على الأقل سقط في حي الحارثية السكني القريب. وذكر مصدر أمني لفرانس برس إن صاروخاً واحداً على الأقل أصاب مقر جهاز الأمن الوطني العراقي القريب من مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية، ما ألحق الضرر بعدة سيارات متوقفة في المكان. وهجوم يوم الاثنين كان الهجوم الثالث في العراق خلال أكثر قليلاً من أسبوع الذي يستهدف مناطق تستضيف قوات أمريكية أو دبلوماسيين أو متعاقدين في المنطقة الخضراء.
وأوضح برايس أن الولايات المتحدة لم تحدد بعد الجهة المسؤولةعن هجوم الأسبوع الماضي على مجمع مطار أربيل الدولي الذي أودى بحياة متعاقد كان يعمل مع القوات الأمريكية في قاعدة عسكرية بالمجمع، كما أدى إلى إصابة مدني توفي متأثراً بجراحه يوم الاثنين. وقال برايس عن هجوم أربيل: "عندما يتعلق الأمر بردنا، فسوف نرد بطريقة محسوبة في إطار جدولنا الزمني وباستخدام مزيج من الأدوات في الوقت والمكان المناسبين".
وبعيد هجوم بغداد، حذّرت الولايات المتحدة إيران من أنّها ستحمّلها "المسؤولية" عن أفعال أتباعها في العراق، لكنّها أكدت في الوقت نفسه أنّها لن تسعى لتصعيد النزاع. وقال برايس: "سنحمّل إيران المسؤولية عن أفعال أتباعها الذين يهاجمون الأمريكيين" في العراق، موضحاً أنّ القوات الأمريكية ستتجنّب المساهمة في "تصعيد يصبّ في مصلحة إيران".
وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بوقف الهجمات الصاروخية، لكنه يواجه صعوبة في محاسبة الفصائل المسؤولة، ما يثير حفيظة الولايات المتحدة. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، هددت الولايات المتحدة بإغلاق سفارتها في بغداد إذا لم تتوقف الهجمات فوافقت الجماعات المتشددة على هدنة لأجل غير مسمى. ووقعت عدة انتهاكات على نحو متقطع منذ ذلك الحين، لكن الأسبوع الماضي شهد أكبر عدد من الهجمات منذ شهور.
م.ع.ح/ع.خ (رويترز ، أ ف ب)
قاسم سليماني.. نهاية دموية لجنرال إيران النافذ بالمنطقة العربية
ساعد الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في بسط نفوذ إيران في دول عربية عديدة، لكن نهايته جاءت مفزعة في ضربة جوية أمريكية بالعراق. كان يعتبر ثاني أقوى رجل في إيران، وفتح مقتله الباب لنتائج غير معلومة العواقب.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
نهاية مفاجأة
في ساعة مبكرة من صباح الجمعة (الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020) أعلنت الولايات المتحدة أنها نفذت ضربة جوية على مطار بغداد الدولي، أدت لمقتل عدد من الأشخاص على رأسهم الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، ما يمثل نهاية مفاجأة لشخص كان لاعبا كبيرا في الجزء الشرقي من العالم العربي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Office of the Iranian Supreme Leader
احتراق مركبته مع قادة بالحشد الشعبي
نُفذت الضربة ليلة الجمعة وقتل فيها معه أبومهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي. وكان الحشد قد أعلن فجر الجمعة عن مقتل خمسة من أعضائه بقصف استهدف مطار بغداد، وذكرت مصادر الحشد أن بينهم محمد رضا الجابري مسؤول التشريفات. أما خلية الاعلام الأمني التابعة لرئاسة الوزراء العراقية فقالت: "ثلاثة صواريخ سقطت على مطار بغداد.. قرب صالة الشحن الجوي، ما أدى إلى احتراق مركبتين اثنتين.."
صورة من: AFP/Iraqi Military
عقود في خدمة التمدد الإيراني بالمنطقة
عين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي الجنرال سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.
وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، وهو ما صعّب على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة كبح جماحه.
صورة من: FARS
محاربة الثوار في سوريا وداعش في العراق
مسؤول عراقي كبير سابق طلب عدم نشر اسمه قال في مقابلة عام 2014 "سليماني لم يكن رجلا يجلس على مكتب. كان يذهب إلى الجبهات لتفقد الجنود ويشهد المعارك". وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011 كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. وفي الصورة هنا سلمياني يتحدث إلى جنود سوريين في شمال سوريا، في خريف 2015.
صورة من: khabaronline.ir
الجنرال ذو الشعر المصفف واللحية المشذبة
كان سليماني يخلط استراتيجيات الحرب بالسياسة، وكان حاضراً في نشاط إيران "الثوري" بالمنطقة، وخاصة العراق وسوريا ولبنان. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت شهرته في الوقت الذي كان المقاتلون والقياديون في العراق وسوريا ينشرون صورا له في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها دوما بلحية مشذبة وشعر مصفف بعناية.
صورة من: Mehrnews
خامنئي- "انتقام عنيف ينتظر من قتلوه" !
قلّده خامنئي وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979. وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر "المجرمين" الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليماني "يشعرنا بالمرارة" فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.
صورة من: Khamenei.ir
الرجل الثاني بعد المرشد ويتحدى ترامب
وقال المسؤول العراقي المذكور إنه "لا يسبقه في تسلسل القيادة سوى الزعيم الأعلى. عندما كان يحتاج الأموال كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج الذخيرة كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج العتاد كان يحصل عليه".
وتحدى سليماني الرئيس الأمريكي علنا. وقال في مقطع فيديو نشر بالإنترنت "أقول لك يا سيد ترامب المقامر... اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه". وأضاف "ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها".
صورة من: Fararu
"عواقب لا يمكن التكهن بها"
عبّر نواب جمهوريون عن دعمهم لترامب الذي أمر بتنفيذ العملية، فيما حذّر آخرون من تداعياتها. وقال النائب الجمهوري البارز كيفن ماكارثي: "ضربنا قائد هؤلاء الذين يهاجمون أراضينا الأميركية ذات السيادة". في إشارة على ما يبدو لإحراق السفارة الأمريكية في بغداد. لكن الديمقراطي إليوت إنغل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب قال إنها "تشكل "تصعيدا خطيرا لنزاعنا مع إيران مع عواقب لا يمكن التكهن بها".