واشنطن: مفاوضات جنيف هي القاعدة الوحيدة لحل سياسي بدون الأسد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٧
أعلنت واشنطن أن مفاوضات جنيف هي "القاعدة الوحيدة للحل السياسي" في سوريا "من دون أي دور للأسد"، تزامن ذلك مع انطلاق مفاوضات السلام السورية في جنيف والهادفة الى إيجاد تسوية للنزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.
إعلان
أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اليوم الثلاثاء (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 (أن محادثات السلام حول سوريا في جنيف هي "القاعدة الوحيدة" للتوصل إلى حل سياسي من "دون أي دور لنظام الأسد". وقال تيلرسون في خطاب ألقاه في واشنطن، إنه في الوقت الذي يندحر فيه تنظيم "الدولة الإسلامية" من "آخر جيوبه في سوريا (...) تتوجه أنظار المجتمع الدولي نحو التوصل إلى حل للحرب الأهلية في سوريا".
ودافع تيلرسون عن عملية جنيف، التي انطلقت استنادا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، في الوقت الذي تطلق روسيا حليفة النظام السوري المبادرات الدبلوماسية توصلا إلى حل سياسي. وقال تيلرسون في إشارة إلى محادثات جنيف "إن هذه العملية هي القاعدة الوحيدة الممكنة لإعادة إعمار البلاد وتطبيق حل سياسي لا يترك أي دور لنظام الأسد أو لعائلته في الحكومة السورية". وأعرب عن اقتناعه بأن عملية السلام "هي على وشك الدخول في الطريق الصحيح".
مفاوضات جنيف وعقدة الأسد
تصريحات الوزير الأمريكي تزامنت مع انطلاق جولة جديدة من محادثات السلام السورية في جنيف. واستهل مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا الجلسة الأولى ظهر الأربعاء بلقاء وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري، على أن يلتقي الأربعاء وفد الحكومة السورية. ويصل الوفد برئاسة مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى جنيف صباح الأربعاء، بعدما أرجأ موعد وصوله ليوم واحد.
وقال مصدر سوري مطلع لوكالة فرانس برس إن الوفد "سيعلن مواقفه من المحادثات في جنيف" من دون أن يذكر تفاصيل إضافية. وأوضح أن "دي ميستورا تعهد للوفد.. بألا تتضمن هذه الجولة أي لقاء مباشر مع وفد الرياض (أي المعارضة)، وعدم التطرق بأي شكل من الأشكال إلى بيان الرياض والشروط التي تضمنها"، في مؤشر إلى امتعاض دمشق من تمسك المعارضة بتنحي الأسد.
ولطالما شكل مصير الأسد العقبة التي اصطدمت بها جولات التفاوض السابقة مع اعتبار دمشق هذه المسألة غير مطروحة للنقاش وإصرار المعارضة عليها. وخلال السنتين الأخيرتين، غضت دول غربية وأوروبية النظر عن مطلب رحيل الأسد، من دون أن تقدم على فتح قنوات تواصل رسمية معه.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي لصحافيين في جنيف الثلاثاء "ننتظر أن يكونوا (المعارضة) واقعيين ومرنين" في ما يتعلق بمطلب تنحي الأسد فوراً. وينفي قياديون في وفد المعارضة تعرضهم لأي ضغوط في هذا الصدد، رغم إعلان شخصيات قدمت استقالتها من المعارضة في الأسبوعين الأخيرين عن ضغوط سعودية ودولية تمارس على الوفد للتخلي عن هذا المطلب.
محاولة للامساك بالملف السوري
وقبيل لقاء دي مستورا بوفد المعارضة شارك المبعوث الأممي في اجتماع عقدته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في جنيف بطلب فرنسي. ويندرج الاجتماع في إطار رغبة القوى الكبرى بالإمساك مجدداً بالملف السوري، في مواجهة دبلوماسية نشطة تقودها موسكو على وقع انتصارات ميدانية وسياسية حققتها القوات الحكومية بدعم مباشر منها، على حساب الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية في آن معاً.
وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية
وعقب اجتماعه بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أعلن دي ميستورا للصحفيين أن الحكومة السورية قبلت اقتراحا روسيا لوقف إطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة التي تسيطر عليها جماعات معارضة. وتحاصر القوات الحكومية الغوطة الشرقية، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة حيث يقطن نحو 400 ألف شخص.
ورغم كونها واحدة من أربع مناطق يشملها اتفاق خفض توتر الذي تم الاتفاق بشأنه في أيار/مايو في إطار محادثات أستانا برعاية روسية إيرانية تركية، إلا أنها تتعرض منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر لقصف جوي ومدفعي عنيف من قبل القوات الحكومية.
وقتل أكثر من أربعين شخصاً جراء قصف القوات الحكومية في اليومين الأخيرين بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أحصى كذلك مقتل ثلاثة مدنيين الثلاثاء جراء الغارات. ودخلت الثلاثاء قافلة مساعدات إنسانية تحمل غذاء ومستلزمات صحية تكفي لـ7200 شخص في منطقة النشابية في الغوطة الشرقية، حسبما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تغريدة على تويتر.
ي.ب/ أ.ح (ا ف ب، رويترز)
أطراف عسكرية متعددة في سوريا.. من هي وما أهدافها؟
تميزت الحرب في سوريا بديناميكية سريعة جداً وكثرة اللاعبين فيها، إن بشكل مباشر أو من وراء الكواليس. ماذا ربح أو خسر أهم الفاعلين العسكرييين بعد قرابة سبع سنوات من الصراع الدامي الذي دخلت فيه جماعات إرهابية على الخط؟
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Al-Bushy
جيش الأسد
خسر الجيش السوري الكثير من مواقعه وقُتل أو انشق الآلاف من جنوده. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن جيش الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق استراتيجية كان قد خسرها سابقاً كحلب وحمص ودير الزور، مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيل الأسد قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Presidency
المقاتلون الأكراد
كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، إذ سيطروا على مناطق غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. كما يشكّلون ركيزة "قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم التحالف الدولي، فضلاً عن إقامتهم "إدارة ذاتية" في مناطق سيطرتهم. بيدَ أن عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي في عفرين ضد المقاتلين الأكراد، أدت إلى خسارتهم عدة مساحات، فضلاً عن مقتل المئات بينهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Ronahi TV
المعارضة المسلّحة
ظهرت المعارضة المسلّحة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها خسرت لاحقا الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في المواقف الإيديولوجية، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها، كما تعرضت لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها أراضٍ كانت تحت سيطرتها.
صورة من: picture alliance/AA/A. Huseyin
الجيش الروسي
قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري لصالح نظام الأسد؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مؤتمر سوتشي" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تياراً في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Golovkin
الجيش الأمريكي
تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه، كما أن تسليحها للمقاتلين الأكراد كان من أسباب توتر علاقتها بأنقرة. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة، بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها داخل البلد..
صورة من: picture alliance/AP Images/M. Rourke
القوات الإيرانية
لم تتخلّ إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، كما تتوّفر على ميليشيات مسلحة داخل البلد، يقودها قاسم سليماني ممّا أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية.
صورة من: picture alliance / AA
الجيش التركي
دعّم أردوغان المعارضة السورية كثيراً، لكن تداعيات الحرب أرهقت نظامه، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، كما عانت تركيا من هجمات نفذها "داعش" بترابها. غير أن القوات التركية تدخلت مؤخراً بقوة في شمال سوريا في إطار عملية "غصن الزيتون" الهادفة لقصم ظهر المقاتلين الأكراد، واستفاد أردوغان في العملية من قلق دولي لم يكن كافياً لثنيه عن الاستمرار، ضامناً بذلك توسيع مناطق تسيطر عليها أنقرة داخل سوريا.
صورة من: Getty Images
حزب الله
أحد أقوى الأطراف الشيعية في سوريا، قدم دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخل حزب الله العسكري لصالح الأسد سلباً على صورته في العالمين العربي والإسلامي. في المقابل، ساهم في الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع طهران ودمشق وبشكل أقل موسكو، ممّا أكسبه نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
القوات الفرنسية
دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
جماعات إرهابية تدخل على الخط
وضع التحالف الدولي الجماعاتَ الإرهابية كهدف رئيسي في استراتيجيته العسكرية بسوريا، وتكبد "داعش" هزائم كبيرة في سوريا كما في العراق، ولاسيما في الرقة (عاصمة "خلافته" المزعومة) لكن خطره لم ينتهِ بعد. كما تراجعت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) التي فكت ارتباطها مؤخرا بتنظيم القاعدة، لكنها لا تزال في إدلب وقامت مؤخرا بإسقاط مقاتلة روسية، ممّا جعل موسكو أن هدفها حاليا هو القضاء على هذه الجبهة.