واشنطن وبرلين تطالبان بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا
٢٣ يونيو ٢٠٢١
قبيل انطلاق مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا في العاصمة الألمانية، شدد وزيرا خارجية ألمانيا والولايات المتحدة على أهمية الانتخابات القادمة في ليبيا، وطالبا بانسحاب كافة القوات الأجنبية منها.
إعلان
قبل وقت قصير من انطلاق مؤتمر ليبيا الثاني في برلين، أكدت ألمانيا والولايات المتحدة أهمية الانتخابات المزمع إجراؤها في كانون الأول/ديسمبر المقبل في ليبيا. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اليوم الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) عقب اجتماعه مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في برلين: "نريد أن تجد ليبيا سلاما واستقرارا دائمين... من أجل ذلك نريد تحديد المسار الصحيح وضمان الدعم الدولي"، مضيفا أن مؤتمر ليبيا سيركز أيضا على انسحاب القوات الأجنبية وتوحيد قوات الأمن الليبية.
ومن جانبه، شدد بلينكن على أن الولايات المتحدة وألمانيا تسعيان إلى "نفس الأهداف بالضبط" في ليبيا، مؤكدا ضرورة استمرار تطبيق وقف إطلاق النار الحالي في الدولة التي تشهد حربا أهلية، وقال: "لدينا فرصة لم تتح لنا منذ سنوات لمساعدة ليبيا حقا على التحرك نحو دولة آمنة وذات سيادة".
وقال بلينكن: "يجب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (الموقع) في 23 تشرين الأول/أكتوبر بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب كافة القوات الأجنبية من ليبيا". وأضاف: "نتشارك (مع ألمانيا) هدف جعل ليبيا سيدة ومستقرة وموحّدة وآمنة وحرّة من أي تدخّل أجنبي، هذا ما يستحقّه الشعب، وهو أمر ضروري للأمن الإقليمي".
مؤتمر برلين
وتجتمع الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي الأربعاء في برلين في إطار مؤتمر جديد يهدف إلى ضمان إجراء انتخابات في ليبيا في أواخر العام الحالي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من هذا البلد.
ويتم تنظيم المؤتمر الذي يستمر ليوم واحد من قبل الحكومة الألمانية والأمم المتحدة. ومن بين المشاركين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ومصر والإمارات بالإضافة إلى الحكومة الانتقالية الليبية.
في كانون الأول/ديسمبر قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم. وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة.
وعقب الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي في عام 2011، انغمست ليبيا في صراع على السلطة بين العديد من المعسكرات السياسية والميليشيات المتحالفة معها. ويسري هناك منذ العام الماضي وقف لإطلاق النار.
وتقود حكومة انتقالية تم تشكيلها برعاية الأمم المتحدة ليبيا الآن إلى انتخابات على مستوى البلاد في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل. ومع ذلك، لا يوجد حاليا أي أساس قانوني لهذه الانتخابات.
بلينكن يلتقي ميركل في زيارته الأولى لبرلين
من جانب آخر، يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء بالمستشارة أنغيلا ميركل أثناء زيارته الأولى لبرلين. ويعتزم ماس وبلينكن التوقيع غدا الخميس، عند النصب التذكاري لقتلى اليهود في أوروبا، على اتفاق لتعزيز التعاون بين البلدين في إحياء ذكرى المحرقة. ومن المرجح أن تركز محادثات ميركل وماس اليوم على تحقيق انطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية الألمانية بعد تراجعها لأدنى مستوياتها في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ويبذل خليفته جو بايدن كل ما في وسعه لتحسين العلاقات مع الحليف الاقتصادي الأقوى في أوروبا.
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة