واشنطن وكييف تبرمان اتفاق "المعادن الأرضية النادرة"
١ مايو ٢٠٢٥
وقّعت واشنطن وكييف اتفاقاً اقتصادياً واسعاً يقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة إعمار أوكرانيا التي مزّقتها الحرب ويمنح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إمكانية الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية.
اجتماع متوتر في المكتب البيضاوي ضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. صورة من: Jim Lo Scalzo/UPI Photo/Newscom/picture alliance
إعلان
أعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا ليل الأربعاء/الخميس (30 نيسان/أبريل على الأول من أيار/مايو 2025) عن اتفاق اقتصادي بعد أسابيع من الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مطالباً أوكرانيا بتعويض واشنطن عن مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمتها لمساعدة كييف في صد الغزو الروسي.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عن وزارة الخزانة الأمريكية أن الولايات المتحدة وأوكرانيا وقعتا اتفاقاً لإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار. وجاء في بيان للوزارة، الأربعاء: "تضع هذه الشراكة الاقتصادية بلدينا في موقع يسمح لهما بالعمل المشترك والاستثمار سويا، لضمان أن الأصول والمواهب والقدرات المتبادلة يمكن أن تسرع تعافي أوكرانيا الاقتصادي"، وفقا لـ (د ب أ).
ولم يقدم الجانبان سوى تفاصيل بسيطة حول هيكل الصفقة، التي أطلقوا عليها اسم صندوق إعادة الاستثمار الأمريكي الأوكراني، ولكن من المتوقع أن يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة القيمة في أوكرانيا مع توفير قدر من الضمانات لكييف بشأن استمرار الدعم الأمريكي في حربها الطاحنة ضد روسيا.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في بيان: "يبعث هذا الاتفاق برسالة إلى روسيا بوضوح بأن إدارة ترامب ملتزمة بعملية سلام تتمحور حول أوكرانيا حرة وذات سيادة ومزدهرة على المدى الطويل". وأضاف: "لقد تصور الرئيس ترامب هذه الشراكة بين الشعب الأمريكي والشعب الأوكراني لإظهار التزام الطرفين بالسلام الدائم والازدهار في أوكرانيا".
يأتي هذا الإعلان في لحظة حرجة في الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات مع تزايد إحباط ترامب من كلا الجانبين. كما يأتي هذا التوقيع بعد شهرين من توقيع اتفاق مختلف ولكن مماثل تقريباً قبل أن يتم إخراجه عن مساره في اجتماع متوتر في المكتب البيضاوي ضم الرئيس ترامب ونائبه جيه دي فانس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ولطالما انتقد ترامب زيلينسكي قائلاً إنه "لا يملك الأوراق" لكسب الحرب وألقى اللوم عليه في إطالة أمد القتل بعدم تخليه عن القرم، لكنه في الأيام الأخيرة وبخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إنه كان يعقد المفاوضات بـ "توقيت سيئ للغاية" بشن ضربات قاتلة على كييف.
وقال ترامب ليل الأربعاء/الخميس في برنامج "نيوز نيشن" إن الاتفاق "نظرياً" يعني أن الولايات المتحدة ستحصل من أوكرانيا على أكثر مما ساهمت به. وأضاف أنه لا يريد أن يبدو "أحمقاً" بعدم حصوله على أموال مقابل الاستثمار.
أوكرانيا تشيد بالتوقيع
ويعد الاتفاق بالنسبة لأوكرانيا خطوة أساسية لضمان استمرار حصولها على المساعدات العسكرية الأمريكية في المستقبل. وقال رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال: "بالفعل، هذه صفقة استراتيجية تهدف إلى إنشاء صندوق شراكة استثمارية. إنها اتفاقية دولية متكافئة وجيدة للاستثمار المشترك في تطوير وإعادة إعمار أوكرانيا بين حكومتي الولايات المتحدة وأوكرانيا".
إعلان
وسافرت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية، يوليا سفيريدينكو، إلى واشنطن يوم الأربعاء للمساعدة في وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وقالت في منشور على منصة إكس بعد التوقيع: "مع الولايات المتحدة، ننشئ صندوقاً سيجذب الاستثمارات العالمية إلى بلادنا".
وتسعى الولايات المتحدة إلى الوصول إلى أكثر من 20 مادة خام تعد حيوية واستراتيجية لمصالحها، بما في ذلك بعض الموارد غير المعدنية مثل النفط والغاز الطبيعي. وامن بين هذه الموارد رواسب التيتانيوم في أوكرانيا، التي تستخدم في صناعة أجنحة الطائرات وغيرها من مكونات الصناعات الجوية، بالإضافة إلى اليورانيوم المستخدم في الطاقة النووية والمعدات الطبية والأسلحة. كما تمتلك أوكرانيا احتياطيات من الليثيوم والغرافيت والمنغنيز، وهي معادن تستخدم في بطاريات المركبات الكهربائية.
وبعد أن شعرت كييف بأن المسودة الأولى للاتفاق تصب بشكل غير متوازن في مصلحة الولايات المتحدة، أدخلت بنودا جديدة تهدف إلى معالجة تلك المخاوف.
خ.س/ح.ز (أ ب، د ب أ، أ ف ب)
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.