تونس.. عندما يتدخل البوليس في "تقييم" الأعمال الفنية
١٢ أغسطس ٢٠٢٢
"إذا استمر هذا الوضع سينهار السقف على الجميع"، يحذر رئيس نقابة الفنون الدرامية بتونس، بعد جدل محتدم تسبب فيه موقف أعوان الأمن خلال عرض "ستاند اب كوميدي" بمهرجان صفاقس. لكن واقعة الكوميدي لطفي العبدلي ليست حالة فريدة.
إعلان
يصرخ الممثل الفكاهي لطفي العبدلي بأعلى صوته من فوق رُكحخشبة مسرح بمهرجان صفاقس ليطلب تحكيم الجمهور، بسبب نزاع مع أعوان البوليس، ومن ثم يغادر المسرح نحو وجهة مجهولة.
كان آخر ما كتبه العبدلي على صفحته بموقع فيسبوك بعد مغادرته للمسرح أنه في خطر ويعتزم مغادرة البلاد نهائيا، بينما اعتبرت نقابات أمنية أن "ما صدر عن العبدلي في العرض يعد فضيحة اخلاقية وتعديا مباشرا عليهم" كانت كافية لانسحابهم من تأمين العرض والجمهور الحاضر.
ومع ان الروايات تضاربت بشأن ما بدر من العبدلي أو من رجال الشرطة بزيهم المدني فإنها كانت ليلة صادمة للجمهور التونسي في صيف لم يكن عاديا في المهرجانات الثقافية، حيث أبان عن قلق كبير يعتري الفنانين والممثلين بشأن مستقبل الثقافة والإبداع في هذا البلد بعد منعطف سياسي أعقب أحداث 25 تموز/ يوليو 2021.
"ساتند اب كوميدي" نمط جديد
ويقول محمد بوذينة منتج العرض المسرحي المثير للجدل "لطفي العبدلي في الخمسين أقولها كما أعنيها" إن تصرفات الأمنيين تكررت في أكثر من عرض بما في ذلك عرضه الآخر الموسيقي الذي انتجه "الزيارة"، وفي أكثر من مهرجان في البلاد. وترافق ذلك، في تقديره، مع حملة منظمة ضد صور العبدلي على المسرح بمواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف بوذينة في شهادته لـ DW عربية "يمكن ملاحظة ذلك من خلال بعض الاستفزازات وعمليات التفتيش المبالغ فيها للممثلين. نحن نشك بأن هذه الممارسات لم تكن الإطارات العليا الأمنية على علم بها".
لا يريد محمد تعميم السلوك غير الطبيعي على جميع الأمنيين لكنه يضيف أن "ما حدث في صفاقس كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس"، ويضيف في روايته "ظهر رجال بزي مدني كانوا في حالة لاوعي ولم نكن نعلم أنهم من رجال الشرطة وبدأوا بإحداث شوشرة".
ويتابع بوذينة في الرواية "أحسسنا بالخطر قمنا بتهريب لطفي في سيارة التجهيزات للتمويه. وتعرضت أنا للضرب المبرح من ست أشخاص ضيقوا على أنفاسي بشكل كبير".
يصنف العرض الذي قدمه الفكاهي لطفي العبدلي على مسرح صفاقس ضمن عروض "ستاند اب كوميدي"، التي تعتمد على النكات وعرض مواقف في قالب ساخر وجريء لا يخلو من ألفاظ الشارع المبتذلة. وقد تخصص العبدلي في مثل هذا النوع من العروض حديثة العهد بالمسارح التونسية مع مسحة محلية ونجح في أن يستقطب شريحة واسعة من الجماهير إلى عروضه في المهرجانات الصيفية.
ولكن تساق إلى العبدلي اتهامات بضرب "الأخلاق العامة والانحراف بالذائقة الفنية" في النصوص التي يقدمها، وهي اتهامات يرفضها الفكاهي بشكل دائم.
ويقول بوذينة "أصبح هذا الاتهام مثل الديسك المشروخ. ليس من مهام النقابات الأمنية أن تقيم الأعمال الفنية وليس هناك وصيّ على الشعب، فهو يعرف ما يريد ونحن لم ندخل بيوت الناس. إن ما يربط الفنان بجمهوره هو عقد يتلخص في التذكرة وقد كانت كل المسارح ملآنة".
ويفسر المنتج ردود الفعل المتضاربة بشأن عروض العبدلي "كونها تناقض التابوهات وتسعى لكسر الحاجز"، ويقول إن ما يقدمه العبدلي في عروضه مقارنة بما يقدمه فنانو الستاند اب كوميدي في فرنسا والولايات المتحدة يعد "مضمونا مخففا".
روائح السياسة
مع اعترافها بحق الجمهور بألا يكون هناك وصي على ذائقته وبضرورة عدم العودة إلى فرض الرقابة على الإبداع الفني والثقافي، إلا أن النقابات الأمنية هددت بأنها لن تقوم بتأمين أي عرض ينافي "الأخلاق الحميدة"، مستندة في ذلك إلى الفصل 226 من المجلة الجزائية الذي "يجرم الخدش بالحياء".
وتحدثت النقابات الأمنية عن إشارات باليد بدرت من العبدلي في عرضه لكن لم يؤكد شهود هذه الواقعة. ويشير العضو في النقابة الأمنية نسيم الرويسي بأن ما بدر من العبدلي على "الرُكح" يعد اعتداء على الأمنيين، الذين كانوا يقومون بتأمينه، مؤكدا على ضرورة التمييز بين النقد من جهة والسب والشتم والاعتداء على المؤسسات من جهة أخرى.
لكن الرويسي لم يستبعد "السياسة" من هذه المعمعة مضيفا في تعليقه "هناك رائحة سياسية في الموضوع هناك من أراد خلق جدل حول الموضوع".
في كل الحالات اعتبرت رابطة حقوق الانسان سلوك الأمنيين "انتهاكا لحق الجمهور في النفاذ إلى النشاط الثقافي دون وصاية"، محذرة من مخاطر تحول الجهاز الأمني إلى "هيئة رقابة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليصبح وصيا على الذوق العام وعلى حرية الفن والإبداع بل وهيئة رقابية موازية".
سوابق وفوضى "مفتعلة"
لم تكن الحادثة التي ظهرت في مسرح صفاقس الأولى هذا العام فقد تكررت البلبلة في مسارح أخرى، بدأت من قرطاج بانسحاب المتفرجين من عرض للكوميدي المخضرم الأمين النهدي في واقعة أثارت جدلا. كما حدثت مناوشات في عروض أخرى في المنستير والقصرين والحمامات وغيرها.
وتحتفظ مسارح تونس والفضاءات الثقافية بسوابق من الاختراقات، من بينها مناوشات حصلت للعبدلي نفسه مع الجماعات السلفية في بداية الانتقال الديمقراطي بعد 2011 وتعرضت دور سينما لهجمات من المتشددين، بجانب الضجة المرافقة لعرض فيلم "برسيبوليس" الإيراني على قناة "نسمة" الخاصة بسبب احتجاجات الإسلاميين.
وأرجع ماهر الهمامي نقيب الموسيقيين في حديثه لـDW عربية الفوضى إلى "سوء الإدارة وسوء التقدير" بسبب منح مسؤولية تسيير المهرجانات إلى جمعيات بدل هيئات إدارية تتبع وزارة الثقافة مثلما كان الحال في السابق. وتسبب هذا، حسب تقديره، في "السقوط في العشوائية في برمجة العروض والافتقاد إلى الحس الفني في توظيف العروض المناسبة في المهرجانات".
ويضيف الهمامي: "يتوجب حل هذه الجمعيات لأن كثيرا منها يفتقد إلى مستشارين فنيين". غير أنه لا يخفي من جهة أخرى حالة الاستقطاب ومحاولات جر الفن إلى مستنقع السياسة.
ومثل هذا الرأي جرى تداوله على نطاق واسع من قبل المتابعين في القطاع الثقافي حول "وجود نوايا غير معلنة لتحويل المهرجات إلى ساحة معارك سياسية". ويستدل على ذلك رئيس نقابة المستقلة لمحترفي الفنون الدرامية جمال العروي بإعلان الكوميدي الأمين النهدي لانتمائه السياسي المؤيد للحزب الدستوري الحر، أبرزالأحزاب المعارضة والمنافسة على السلطة، وهو امتداد للحكم الذي ساد قبل ثورة عام 2011، بجانب إعلان الكوميدي لطفي العبدلي دعمه الصريح للرئيس الحالي قيس سعيد.
حضور قوي للثورة التونسية في أيام قرطاج المسرحية
01:32
ويشك جمال العروي في حديثه لـDW عربية في أن الفوضى برمتها "مفتعلة" في ظل تواتر أحداث مشابهة من مسرح إلى آخر، وهو لا يخفي مخاوفه من العودة إلى "المربع الأول"، أي قبل اندلاع ثورة 2011.
ويتساءل العروي في تعليقه "أين مسؤولية السلطة في حماية المبدعين والفنيين؟" ويتابع قوله: "كنا ننتظر خروج رئيس الجمهورية ليلقي خطابا ويضع الأمور في نصابها. ما حصل ليس هين وهو يصنف بالخطير جدا، هو خطير على المهنة وعلى الكلمة وعلى تونس".
ويعرب العروي عن قلقه بالقول: "نحن نعود إلى المربع الأول وربما الأسوأ من ذلك. يتعين أن يكون الأمن جمهوريا وأن لا يقحم نفسه في التقييم والتحكم فيما يعرض من فنون، كان يفترض التوجه إلى القضاء في حال حصل إخلال".
ويرى العروي أن الخطر الأكبر يكمن في اللجوء إلى تحريض الجماهير على الفن ونصب ما سماها بـ"المحاكمات الشعبية"، محذرا في نفس الوقت "إذا استمر هذا الوضع سينهار السقف على الجميع".
اختبار جديد للرئاسة
قبل أحداث 25 تموز/ يوليو فاجأ الرئيس قيس سعيد أعضاء الحكومة والأحزاب السياسية خلال الاحتفال السنوي بتأسيس قوات الأمن، بأنه يمثل القائد الأعلى لقوات الجيش والأمن معا، في تأويل مفاجئ لنص الدستور، اعترض عليه خصومه في البرلمان والحكومة.
وينظر إلى الرئيس، الذي يمسك بالسلطات التنفيذية بشكل كامل، بأنه المسؤول الأول عن إدارة الأمن. وتضع الموجة المتفشية في المسارح مصدقيته في تأمين حرية التعبير والرأي على المحك، خاصة بعد نجاحه في كسب نسبة تأييد عالية للدستور الجديد، الذي عرضه على الاستفتاء الشعبي.
ومع أن ردة الفعل المتأخرة من الرئيس منحت رسالة طمأنة إلى القطاع الثقافي إلا أنها تثير تساؤلات بشأن مستقبل العلاقة مع النقابات الأمنية بعد مطالبته بمنع الاضرابات في هذا القطاع وأن يقتصر نشاطها النقابي على الجانب الاجتماعي. ويقول المنتج محمد بوذينة إن وزارة الداخلية تعهدت بإصلاحات حقيقية وأكدت أن ما حصل في صفاقس كان خارج نطاق الأمنيين.
ويضيف بوذينة "وجدنا تطمينات. نحن نتعامل الآن مع مؤسسات الدولة. ستكون خيبة أمل كبرى إذا لم نصلح هذا. الطريق صعب لكن لا يزال هناك أمل".
تونس- طارق القيزاني
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance