وثائق تظهر "تعاونا وثيقا" بين الاستخبارات الغربية والقذافي
٤ سبتمبر ٢٠١١عثرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان أمس، السبت (03 سبتمبر/أيلول)، على وثائق في مكاتب رئيس الاستخبارات الليبية السابق ووزير الخارجية موسى كوسا. وقالت المنظمة إنها عثرت على مئات الرسائل المتبادلة بين الاستخبارات المركزية الأميركية "سي.آي.إيه" والاستخبارات البريطانية "إم آي 6" وبين كوسا وقد عثرت "هيومن رايتس" على هذه الوثائق في طرابلس، وتحديدا في مبنى تابع للاستخبارات الليبية وسلمتها أولا إلى صحيفتي "ذي انديبندنت" البريطانية و"وول ستريت جورنال" الأميركية.
"سي أي إيه": هذا أقل ما يمكننا عمله من أجلكم
وقالت "هيومان رايتس" لوكالة "رويترز" إن رسائل من الاستخبارات المركزية الأمريكية بدأت بعبارة "عزيزي موسى" وموقع عليها بشكل غير رسمي بالأسماء الأولى فقط لمسؤولين بالاستخبارات الأميركية. وأضافت المنظمة الحقوقية أن عبد الحكيم بلحاج، القائد العسكري الحالي لطرابلس والتابع للمجلس الوطني الانتقالي، كان ضمن الأشخاص الذين اعتقلوا وأرسلتهم الاستخبارات المركزية الأميركية إلى ليبيا.
وصرح بيتر بوكيرت مدير "هيومان رايتس ووتش" الذي كان ضمن المجموعة التي عثرت على هذه الوثائق أن من بين الملفات التي اكتشفتها المنظمة في مكتب موسى كوسا كانت "هناك رسالة بالفاكس من الاستخبارات المركزية الأميركية بتاريخ 2004 تبلغ فيه الاستخبارات الأميركية الحكومة الليبية بأنها في وضع يتيح لها القبض على بلحاج وتسليمه."
ومن هذه الوثائق رسالة تبلغ السلطات الليبية أن عبد الله الصديق وزوجته الحامل سيتوجهان من كوالالمبور إلى بانكوك حيث ستتولى الاستخبارات الأميركية اعتقاله وتسليمه للنظام الليبي. وفي رسالة أخرى يهنئ مسؤول كبير في الاستخبارات البريطانية نظراءه الليبيين بوصول "الصديق"، ويبدو أنه كان يومها الاسم الحركي لعبد الحكيم بلحاج الذي تولى مؤخراً القيادة العسكرية للثوار في طرابلس. وكتب المسؤول البريطاني إلى رئيس الاستخبارات الليبية آنذاك موسى كوسا "هذا أقل ما يمكننا القيام به من أجلكم".
وعمدت "سي أي إيه" في عام 2004 إلى تأسيس "وجود دائم" لها في البلاد، بحسب مذكرة للموظف البارز بالاستخبارات الأميركية ستيفن كابس وجهها إلى موسى كوسا. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد نقلت الاستخبارات الأميركية مشتبها بممارستهم الإرهاب ثماني مرات على الأقل لاستجوابهم في ليبيا رغم المعروف عن ليبيا من انتهاج التعذيب.
تعاون أكثر شمولاً مما كان يُعتقد
وبدأت أجهزة الاستخبارات الغربية التعاون مع ليبيا بعد أن تخلى القذافي عن برنامجه لبناء أسلحة غير تقليدية في عام 2004. لكن محللين يقولون إن تعاونه مع الاستخبارات الأميركية والبريطانية ربما كان أكثر شمولا مما كان يعتقد في السابق. وعمق العلاقات قد يثير غضب مسؤولي المجلس الوطني الانتقالي الذين كان الكثيرون منهم من المعارضين للقذافي لفترة طويلة وأصبحوا الآن مسؤولين عن رسم مسار جديد لعلاقات ليبيا الخارجية.
ورفض وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ التعليق على هذه المسألة قائلا إنها تتعلق بالحكومة السابقة، كما رفضت الخارجية الأميركية في اتصال هاتفي مع "فرانس برس" التعليق على هذه الوثائق السرية. وفي واشنطن قالت المتحدثة باسم الاستخبارات المركزية الأميركية، جانيفر يانجبلود، دون التعليق على زعم أو وثيقة محددة: "ليست مفاجأة أن تكون الاستخبارات المركزية الأميركية تعمل مع حكومات أجنبية للمساعدة في حماية بلدنا من الإرهاب وغيرها من التهديدات المميتة. هذا بالضبط ما يتعين علينا عمله." وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية لـ"رويترز" إن بريطانيا "لن تُعلّق على أمور تخص الاستخبارات."
تقارير عن تعاون بين استخبارات ألمانيا والقذافي
ومن ناحية أخرى ذكرت تقارير صحفية في ألمانيا أن أجهزة الأمن الألمانية حصلت على معلومات من استخبارات العقيد الليبي معمر القذافي خلال حقبة التسعينيات. وفي مقابلة مع صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الصادرة اليوم، الأحد، قال بيرند شميدباور الذي كان يشغل منصب وزير دولة بدار المستشارية ومنسق لجهاز الاستخبارات في الفترة بين (1991 - 1998) إن هذه المعلومات كانت تتعلق في المقام الأول بمكافحة الإرهاب والمصالح الأمنية لألمانيا.
وأوضح شميدباور أن جهاز الاستخبارات الليبي كانت له اتصالات بمصادر لم تكن متاحة للأجهزة الأمنية في ألمانيا. وأضاف المسؤول السابق في حكومة المستشار الأسبق هيلموت كول أنه "بمساعدة هذه المعلومات أمكننا الدفاع عن بلادنا في وجه تهديدات إرهابية". غير أن شميدباور نفى وجود أنشطة مشتركة لبلاده مع ليبيا "كما كان الحال فيما يبدو مع استخبارات غربية أخرى"، وأضاف مؤكداً: "نحن لم نتجاوز هذا الخط".
(س ج / د ب أ، رويترز، أ ف ب)
مراجعة: منصف السليمي