1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني: الخيار الأخير لحقن الدماء وترتيب البيت الفلسطيني؟

دويتشه فيله + وكالات٥ يونيو ٢٠٠٦

تنتهي اليوم المهلة التي منحها الرئيس محمود عباس للفصائل الفلسطينية للاتفاق بشأن وثيقة الوفاق الوطني وسط إصرار حماس على رفضها رغم التأييد الشعبي الذي تحظى به وغياب بديل واقعي لها.

الرئيس الفلسطيني عباس: تشديد على ضرورة التعاطي الجاد مع إملاءات الواقعصورة من: AP

واصل مقربون من الرئيس محمود عباس اليوم الاثنين محاولات الساعة الأخيرة لإقناع مسئولي حركة حماس بقبول وثيقة الأسرى حول الوفاق الوطني التي يعتزم الرئيس الفلسطيني عباس الإعلان عن طرحها للاستفتاء العام إذا ما فشل الحوار بين حركة حماس وحركة فتح. وتنتهي المهلة التي حددها عباس عند منتصف ليل الاثنين / الثلاثاء. وعقد رجل الأعمال منيب المصري ورئيس المجلس التشريعي السابق روحي فتوح لقاءات مطولة مع مسئولي حماس في غزة. وقالت مصادر في مكتب عباس ان قيادة حماس لا زالت تطالب بتعديل بنود في الوثيقة التي تدعو حماس لبقول قرارات الشرعية الدولية والعربية وتشكيل حكومة وطنية للخروج من الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون. كما أوضحت المصادر أن حماس "ردت على محاولات الوساطة التي يجريها المصري وفتوح بطلب تعديل الوثيقة وتمديد الحوار في غزة ثم نقله إلى الخارج". لكن مسئول مقرب من عباس قال بهذه الخصوص: "بالتأكيد فان الرئيس لن يقبل هذا العرض".

'

الرئيس الفلسطيني في موقف لا يحسد عليهصورة من: AP

ومن جانبه شدد عباس اليوم الاثنين على ضرورة إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني معتبرا أن الاستفتاء على وثيقة الأسرى حول الوفاق الوطني ليس غاية لكنه سيكون الطريق الوحيد إذا فشل الحوار. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع خافيير سولانا، المفوض الأعلى للعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "الاستفتاء ليس غاية، وإنما هو وسيلة ونحن لا زلنا نتحاور إلى الآن وأمامنا اليوم بطوله، ونرجو أن تتمكن الأطراف من تبني وثيقة الأسرى التي وقع عليها ممثلو جميع الأسرى في كل السجون. نتمنى ان يتفقوا عليها ولن نكون بحاجة إلى الدخول في استفتاء". وأضاف "لا زلنا نتحدث وأرجو أن نبقى نتحدث عن الوثيقة ومن ثم اذا فشلنا لاسمح الله وأرجو ان لا نفشل، وأحث الجميع على الاتفاق والتوافق لانه المهم هو اتفاقنا". وقال عباس: "وإذا لم يحصل هذا وكما قلت في خطابي، إذا لم يحصل وسأكون آسفا جدا ليس لدينا طريق آخر إلا أن نلجأ للشعب".

صراع على سلطة إفتراضية

كثيرا ما يُوصف الصراع الحالي بين منظمة فتح وحركة حماس بأنه صراع على السلطة، غير أن ما يدعو للأسى هنا هو عدم وجود أية سلطة يمكن التنازع عليها في ظل الاحتلال المستمر. هذا الصراع اليائس اتخذ في الأشهر الماضية شكل سباق محموم من أجل التواجد في الشارع الفلسطيني، حيث عزز كل طرف تواجده عن طريق حشد مسلحين وتسيير قوات خاصة به، ونتج عن هذا الصراع اشتباكات دامية سقط فيها العديد من الجرحى والقتلى، وقبل كل ذلك سقط الخط الأحمر القاضي بتجنب الاقتتال الداخلي لإبعاد شبح الحرب الأهلية.

الحكومة الفلسطينية بقيادة اسماعيل هنيةصورة من: AP

واليوم يتجدد الصراع على السلطة بين منظمة فتح والحكومة التي تقودها حماس، ولكن على صعيد القرارات التشريعية هذه المرة. فاليوم تنتهي مهلة العشرة أيام التي منحها الرئيس عباس لكافة الفصائل الفلسطينية للوصول إلى اتفاق بشأن وثيقة الوفاق الوطني، وقد امتنعت حركة حماس عن حضور جلسات الحوار الوطني بعد أن تم رفض نقلها إلى غزة، واعتبرت أن هذه الخطوة تهدف إلى الالتفاف على نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت فيها حماس، وتفرغ الحوار من أي مضمون له. غير أنها تمسكت في الوقت نفسه بالحوار الوطني، على لسان رئيس الوزراء إسماعيل هنية. من ناحية أخرى أعرب الرئيس أبو مازن عن رغبته طرح الوثيقة للاستفتاء الشعبي خلال 45 يوم إذا لم يتم الحصول على رد إيجابي من حماس عليها.

ما هي وثيقة الوفاق الوطني؟

باتت الورقة التي أعدها أسرى الفصائل الفلسطينية المختلفة، بما فيها حماس، باتت تعرف بوثيقة الوفاق الوطني. ووقع الوثيقة قياديون معتقلون أبرزهم أمين سر حركة فتح مروان البرغوثي والشيخ عبد الخالق النتشة، عضو الهيئة القيادية العليا لحركة حماس وعبد الرحيم ملوح نائب امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والشيخ بسام السعدي من حركة الجهاد ومصطفى بدارنة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وسلمت هذه الوثيقة في الرابع عشر من مايو / ايار الماضي إلى الرئيس الفلسطيني والى رئيس الوزراء ورئيس المجلس التشريعي. وتضمنت الوثيقة التمسك بقرارات الشرعية الدولية و المبادرة العربية في قمة بيروت والدعوة لمؤتمر دولي، إضافة إلى حصر عمليات المقاومة داخل حدود 67. وهذه المبادىء تتعارض مع المبادئ الأساسية لحركة حماس. كما دعت الوثيقة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس يضمن مشاركة كافة الكتل البرلمانية خاصة فتح وحماس.

إلى أين تتجه القضية الفلسطينية؟صورة من: AP

وحظيت الوثيقة بقبول كبير على الصعيدين الرسمي والشعبي منذ إطلاقها، فقد دعت الرئاسة الفلسطينية إلى جلسات حوار وطني للوصول إلى موقف موحد من كافة الفصائل إزاء الوثيقة. وتم عقد الجلسات في رام الله على عكس رغبة حركة حماس في عقدها في غزة، مما جعل مسئولو الحركة يتحدثون عن ميل واضح إلى إقصاء حركتهم وتمرير إجماع حول الوثيقة بدونها. وحتى الآن لم تعلن الحركة بشكل واضح موقفها من الوثيقة، لذلك علم من مصادر صحفية أن وفدا مكونا من رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك وسلفه روحي فتوح ورجل الأعمال منيب المصري سيتجه إلى غزة لمقابلة رئيس الوزراء إسماعيل هنية بهدف الحصول على جواب نهائي بشأن وثيقة المعتقلين. كما تواردت أنباء غير مؤكدة عن أن الرئيس محمود عباس سيرافق الوفد إلى غزة.

من ناحية أخرى أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم السبت الماضي ان غالبية فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة تؤيد عرض وثيقة الأسرى حول "الوفاق الوطني" للاستفتاء. وجاء في الاستطلاع الذي أجرته شركة "نير ايست كونسالتنغ" ان 76 بالمئة من عينة عشوائية من 770 شخصا تؤيد عرض الوثيقة التي تنص على الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية والعربية حول القضية الفلسطينية لاستفتاء عام. وتراجعت نسبة التأييد بمقدار 12 نقطة من 88 بالمئة في الاستطلاع الذي اجرته المؤسسة في الأسبوع الماضي. وقال 77 بالمئة إنهم سيصوتون لصالح الوثيقة التي ترفض حركة المقاومة الإسلامية حماس عرضها للاستفتاء.

حماس: الاستفتاء غير شرعي

تجميد المعونات الدولية أدى إلى آثار مدمرة في كافة المجالاتصورة من: PA/dpa

اعتبرت حركة حماس ان إجراء استفتاء شعبي حول وثيقة الأسرى بمثابة إلغاء للمؤسسة التشريعية وإلغاء لنتائج الانتخابات التي لم يمض عليها أكثر من أربعة أشهر، وحذرت على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري من أنها لن تسمح بالانقلاب على السلطة التشريعية التي تمثلها. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في حوار مع صحيفة الوطن القطرية إن الانتخابات الفلسطينية الأخيرة التي فازت بها حماس "تمت بطريقة نزيهة، وشهد عليها العالم، وبالتالي لا معنى للحديث عن العودة إلى الشارع، ما دام هذا الشارع عبر عن رأيه قبل شهور قليلة". وأضاف "كأن المقصود بالدعوة إلى الاستفتاء اليوم القفز على ما حققته الحركة من رصيد شعبي انتخابي عبر صناديق الاقتراع".

لكن مشعل ثمن الدور الوطني الذي لعبه الأسرى الفلسطينيون معتبرا أنهم "في طليعة المناضلين"، لكنه حذر من استخدام مبادراتهم ومواقفهم كـ"قميص عثمان" وكأنه ليس هناك في الساحة الفلسطينية غير وثيقة الأسرى. وتساءل " لماذا لم نحتكم إلى وثيقة إعلان القاهرة التي لم ينفذ الكثير من بنودها؟". من جهة أخرى، دعا مشعل إلى "إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير عبر تطويرها بما يناسب المرحلة الجديدة، وتعزيز الديمقراطية فيها". وأضاف "البعض يحاول رفع ورقة المنظمة في وجهنا ويقول إنها الممثل الشرعي والوحيد ونحن لسنا فيها" مشددا على "ضرورة التوافق حولها حتى يتمكن الجميع من دخولها وحتى يتم تكريس دورها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني".

مأزق تشريعي

شهدت الفترة الأخيرة انتشارا واسعا للقوات الخاصة لكل من فتح وحماس.صورة من: AP

يندرج الخلاف الحالي حول وثيقة الوفاق الوطني في إطار السجال الداخلي المستمر منذ أن تولت حماس السلطة. وهو سجال اتخذ أشكال عدة، فتارة يلتهب على شكل فلتان أمني ومواجهات دامية، وتارة يهدأ على شكل مباحثات تنتهي إلى الإجماع على الخطوط الوطنية العريضة. غير أن الخلاف الحالي ينذر بأن يتحول إلى خلاف تشريعي قد يهدد العملية الديموقراطية الفلسطينية والتي اكتسبت زخما غير مسبوق بعد اعتراف منظمة فتح بخسارتها الانتخابات التشريعية الأخيرة. ففي حالة إصرار الرئاسة الفلسطينية على عقد الاستفتاء الشعبي تكون بذلك قد تخطت الجهاز المخول بإصدار قرارات تشريعية، وهو المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس. ويتحول إلى الاستفتاء إلى سابقة قد تليها إجراءات أخرى مشكوك في دستوريتها. مما قد ينتج عنه رد فعل عنيف من قبل حماس التي تشعر أن البساط يسحب من تحت قدميها، الأمر الذي يصب في احتمال تطور الخلافات إلى حد حرب أهلية.

من ناحية أخرى إذا لم تتعاطى حماس مع الوثيقة بشكل إيجابي فإنها تُضيق الطوق الذي يلتف حول رقبتها. فالضغوط الدولية لا تنقطع مطالبةً بالاعتراف بالدولة العبرية ووقف العمليات المسلحة ضدها، كما أن خزانة الدولة شبه خاوية، ولا تستطيع دفع الرواتب المستحقة للموظفين. وبالأمس القريب خرجت قوات الأمن تتظاهر في غزة مطالبة بدفع رواتبهم. لذلك فإن حماس بدون التفاف وطني حولها تواجه صعوبات تعقد موقفها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW