خروج البريطانيين من الاتحاد الأوروبي يغير موازين القوى داخل الأسرة الأوروبية حيث ستتولى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دورا قياديا صعبا دون أن يفطن به الآخرون، كما خلصت إلى ذلك باربارا فيزل في تعليقها التالي:
إعلان
"لا يجوز أن نتوهم بشأن جدية الموقف". هذا ما قالته المستشارة الألمانية أنغيلا بخصوص الأزمة في أوروبا. فهي تخسر بخروج البريطانيين الشريك، الذي كان غالبا ما يوافقها مثلا في قضايا القدرة التنافسية والسوق الداخلية. وبذلك أصبحت أنغيلا ميركل الآن وحيدة داخل أوروبا. فبصفتها أقوى وأقدم رئيسة حكومة لا يبقى لها سوى تولي دور قيادي ـ الأمر الذي يتعارض مع طبيعتها.
وضع حد لرغبات البريطانيين
فعلى سبيل المثال يجب وضع حد الآن للبريطانيين الذين هم بصدد نسج أمانيهم لفترة ما بعد الخروج. وحتى ديفيد كاميرون قدم المساعدة في ذلك أثناء توديع الآخرين، وقال إن بلاده تريد السوق الداخلية. وبما أن المواطنين يحملون هموما كبيرة بسبب الهجرة، يجب التعاطي بشكل منفصل مع حرية سفر مواطني الاتحاد الأوروبي. لكن البريطانيين عبروا عن غضبهم بسبب كثرة اليد العاملة القادمة من أوروبا منذ أن أوهمتهم بذلك حملة "الخروج" وحزب الاستقلال البريطاني. فهم أخرجوا مارد معاداة الأجانب من القمقم والآن عليهم الآن التعامل مع ما جنته أيديهم.
والاتحاد الأوروبي لن يقدم لهم المساعدة، لأن الجواب من بروكسل جاء بالإجماع. بل إن فرنسا وبولندا كانتا أكثر وضوحا وقالتا: إذا أرادت بريطانيا الولوج للسوق الداخلية، يجب عليها في المقابل ضمان الحريات الأساسية الأربع. وحرية تنقل العاملين هي واحدة منها. وإذا شددت المستشارة أنغيلا ميركل هي الأخرى على الرسالة نفسها التي لا لبس فيها، فإن الإشارة في اتجاه لندن واضحة، وهي أن البريطانيين لن يحصلوا على تلك الكعكة. انتهى الأمر.
والمستقبل بعد الخروج البريطاني بالنسبة إلى المستشارة الألمانية هو قضية السياسة البسيطة العملية: نحن لسنا بحاجة إلى نقاشات حول المبادئ ولا تعديلات في الاتفاقيات. ولسنا كذلك بحاجة إلى استفتاءات شعبية، رغم أنها تفضل عدم التعبير عن ذلك بصوت مرتفع. وعوض ذلك هي تريد أن يمارس الاتحاد الأوروبي سياسة عملية تعود بالمنفعة على المواطنين وتقنعهم بالنمو وفرص العمل للشباب والاستثمارات.
تجنب الوضوح
والعويل بسبب كثير من الإجراءات التنظيمية في أوروبا تريد مواجهته بمرونة أكبر. فإذا كانت هناك حاجة إلى دعم حكومي لتشييد صناعة ما، يجب إذن الاعتراف بالاستثناءات الضرورية. الأمر يرتبط بنجاحات ملموسة أكثر، وقليل من القوانين. وهذا نعرفه في الحقيقة منذ مدة وهي سياسة تلقى الغالبية. وتفضل أنغيلا ميركل أن تبقى في الخلف وتترك الفرنسيين والإيطاليين والآخرين تحديد معالم الدرب.
لأنه ليس هناك شيء يجعلك تخسر استفتاءات في أوروبا بسرعة وبجذرية مثل مواجهة الانتقاد القائل بأن الألمان يملون على الدول الأخرى إرادتهم. فحتى حملة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وظفت بنجاح هذا الافتراء وهذه الشبهة لا تزال قائمة. وعليه يجب على المستشارة الألمانية التحلي بالتحفظ والحذر الكبير.
من ناحية أخرى ستتم المطالبة في حال ظهور أزمة مقبلة أو مشكلة كبيرة "بقيادة في أوروبا": من يرسم للاتحاد الأوروبي وجهته؟ أين هي قيادة أوروبا؟ نحن نعرف هذه الأمور. وكيفما كانت الطبيعة غير المريحة والصعبة لهذه الموازنة، فإن العبء يُلقى على عاتق ألمانيا وحدها بعد خروج البريطانيين. والجيران الكبار منشغلون كثيرا بمشاكلهم الخاصة. ولا يبقى حسب هذه الظروف سوى حكومة برلين للحفاظ على تماسك الاتحاد الأوروبي. وهي تولت هذا الدور إلى حد الآن بتردد.
أما الآن فلا مفر من القيام بذلك: ألمانيا يجب عليها تولي حجر الزاوية، ومن جهة إظهار القوة في أوروبا، ومن جهة أخرى الحفاظ على السكون والتواضع. ورغم الغضب بسبب الفوضى الحاصلة ـ ولهذا السبب أيضا سنشتاق إلى البريطانيين.
بريطانيا والاتحاد الأوروبي - محطات في تاريخ الزواج والطلاق
شهدت العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي توترا دائما منذ طلبها عضوية أول تكتل أوروبي سبق الاتحاد. وكثيراً ما حصلت بريطانيا على امتيازات خاصة بها لكن ذلك لم يمنعها من المضي في المغادرة. موجز تاريخ العلاقة في صور.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Dunand
هذا الرجل الذي يصرخ في الميغافون (الميكروفون الضخم)، في وستمنستر يوم 15 يناير/ كانون الثاني 2019 هو ستيف براي، الذي اشتهر من خلال صيحته "أوقفوا البريكست"، التي يصرخ بها في لندن منذ الموافقة في استفتاء شعبي على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2016.
صورة من: Getty Images/M. Kemp
في نفس اليوم كانت هناك هزيمة مدوية تنتظر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. فقد صوت البرلمان البريطاني الثلاثاء (15 كانون الثاني/يناير 2019) بأغلبية ساحقة على رفض خطة الخروج، التي اتفقت عليها حكومة ماي مع الاتحاد الأوروبي. ورفض 432 صوتاً بمجلس العموم الخطة مقابل 202 وافقوا عليها. وتعتبر هذه إحدى أكبر الهزائم التي يتلقاها رئيس حكومة في بريطانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/PA Wire/PA
14 أذار/ مارس 2019
رفض النواب البريطانيون بغالبية كبيرة الخميس (14 أذار/ مارس 2019) تعديلا يطلب إرجاء لبريكست تمهيدا لاجراء استفتاء ثان حول خروج لندن من الاتحاد الاوروبي، وذلك قبل 15 يوما من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي المقرر في 29 آذار/مارس. لكن مجلس العموم صوت لصالح اقتراح رئيسة الوزراء تيريزا ماي الخاص بطلب تمديد مفاوضات الخروج، لمرة واحدة مدتها ثلاثة أشهر، حتى الثلاثين من حزيران/ يونيو المقبل.
صورة من: picture-alliance/AP/M. Duffy
واتفق السياسيون في الاتحاد الأوروبي على أن يوم رفض خطة "بريكست" كان يوماً حزينا لأوروبا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود-يونكر: "أدعو بريطانيا الى توضيح نواياها في أسرع وقت ممكن. لم يعد هناك الكثير من الوقت".
وأضاف "اتفاق الخروج هو تسوية منصفة ويشكل أفضل اتفاق ممكن. يحد من الاثار المسيئة لبريكست على المواطنين والشركات في مجمل أنحاء أوروبا."
صورة من: Picture alliance/NurPhoto/E. Contini
واتفق سياسيون ألمان مع نظرائهم الأوروبيين أنه "كان يوما حزيناً لأوروبا". وأعربت أنغريت كرامب-كارنباور، زعيمة الحزب الديموقراطي المسيحي والخليفة المحتملة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن "الأسف العميق" للقرار البريطاني. وكتبت على تويتر "بريكست قاس سيكون أسوأ الخيارات"، وحضت الشعب البريطاني على عدم التسرع "في أي شيء".
صورة من: Reuters/A. Schmidt
وكان زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن قد استغل الفوضى المخيمة قبل التصويت على بريكست في مجلس العموم، ليدعوا مرة جديدة إلى انتخابات مبكرة في حال رفض الاتفاق، مؤكدا أن حزبه سيقدم مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة. كوربن أكد أيضا بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون "كارثيا"، وأنه سيحبذ في هذه الحالة التوصل لاتفاق على إجراء استفتاء ثان.
صورة من: Reuters/P. Noble
14 كانون الثاني/يناير 2019
حثت ماي النواب على إلقاء "نظرة ثانية" على اتفاقها الخاص بالخروج من الاتحاد، وحذرتهم من أن التصويت ضده قد يفتح الباب أمام تفكك المملكة المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/UK Parliament/J. Taylor
11 كانون أول/ديسمبر 2018 :
خشية مواجهة هزيمة مؤكدة، أرجأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تصويتا في البرلمان حول اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى كانون الثاني/يناير 2019، حتى يتسنى لها الحصول على دعم المزيد من المشرعين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Grant
وطالما مرت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأوقات صعبة ومفاوضات معقدة بدأت من طلب بريطانيا لعضوية المجموعة الاقتصادية التي سبقت الاتحاد في عام1961، والتي لاقت اعتراضا فرنسيا أعاق المشروع لمدة 12 عاما. وبعد دخول المملكة المتحدة عضوا في المجموعة في عام 1973 بقيت العلاقة مشوبة بالتوتر والمشاحنات.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Neal
9 أب/ أغسطس 1961
رئيس الوزراء البريطاني المحافظ هارولد ماكميلان تقدم بترشيح عضوية بلاده إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية ( السوق الاوروبية المشتركة) ، التي سبقت الاتحاد الأوروبي ومهدت له.
صورة من: PA Wire
14 كانون الثاني/يناير 1963
الجنرال شارل ديغول لجا إلى الفيتو للمرة الأولى معترضا على دخول المملكة المتحدة إلى السوق الأوروبية المشتركة ولجا إليه للمرة الثانية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 لنفس الغرض.
صورة من: AFP/Getty Images
الأول من كانون الثاني/ يناير 1973
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث وقع وثيقة الانضمام الى المجموعة الأوروبية في 22 كانون الثاني/ يناير 1972. وبذلك اصبحت المملكة المتحدة عضوا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الوقت نفسه مع ايرلندا والدنمرك ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sanden
5 حزيران/ يونيو 1975
رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت تاتشر قادت البريطانيين للتصويت بنعم للبقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الخامس من حزيران/يونيو 1975. واحتفت تاتشر بأوروبا مرتدية كنزة تحمل أعلام الدول الأوربية. وأيد 67 بالمائة من البريطانيين البقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية.
صورة من: Getty Images/P. Floyd
30 تشرين الثاني/نوفمبر 1979
لكن رئيسة الوزراء تاتشر طالبت بعد ستة أعوام من التصويت على الانضمام الى المجموعة الاقتصادية الأوروبية بحسم مقابل مشاركة بلادها في الموازنة الأوروبية وقالت كلمتها الشهيرة "أريد استعادة أموالي"، وهو طلب حصلت عليه في العام 1984.
صورة من: Getty Images
20 أيلول/سبتمبر 1988
وفي عام 1988 رفضت تاتشر في كلمة لها في بروج (بلجيكا) أي تطوير فدرالي للهيكلية الأوروبية. في الصورة لقاء تاتشر بالمستشار الألماني الأسبق هليموت كول في عام 1988.
صورة من: Fox Photos/Hulton Archive/Getty Images
7 شباط/ فبراير 1992
ألمانيا وبريطانيا وقعتا معاهدة ماستريخت، العمل الثاني الأساسي للهيكلية الأوروبية بعد معاهدة روما في عام 1957. وتمتعت بريطانيا ببند استثنائي اتاح لها عدم الانضمام تحت مظلة العملة الموحدة ( اليورو) .
صورة من: picture-alliance/dpa
23 تموز/ يوليو 1993
توصل رئيس الوزراء المحافظ جون ميجور إلى إقناع البرلمان بإقرار معاهدة ماستريخت بعدما لوح بالاستقالة. في اليوم نفسه وصف ثلاثة من وزرائه المشككين بأوروبا بـ "الجبناء". في الصورة احتفال القادة الأوربيين بمعاهدة ماستريخت.
صورة من: Cor Mulder/AFP/Getty Images
20 نيسان/ ابريل 2004
رئيس الوزراء العمالي المؤيد لأوروبا توني بلير اعلن نيته تنظيم استفتاء حول الدستور الأوروبي الذي لم يتم إقراره في نهاية الأمر بسبب معارضة فرنسا والدنمرك. في الصورة توني بلير مع المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Eggitt
23 كانون الثاني/ يناير 2013
رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون تعهد في كلمة له إجراء استفتاء حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي في حال فاز حزبه في الانتخابات التشريعية في العام 2015.
صورة من: Reuters/D. Martinez
22 أيار/ مايو 2014
تصدر حزب الاستقلال البريطاني المشكك بأوروبا والمعادي للهجرة نتائج الانتخابات الأوروبية مع أكثر من 26% من الأصوات ليحصل على 24 نائبا.
صورة من: Reuters
7 أيار/ مايو 2015
فاز الحزب المحافظ في الانتخابات التشريعية. وتبني القانون بتنظيم استفتاء قبل نهاية العام 2017 قبيل عيد الميلاد في 2015.
صورة من: Reuters/S. Rousseau
20 شباط/ فبراير 2016
أعلن ديفيد كاميرون أن الاستفتاء سينظم في 23 حزيران/يونيو 2016 غداة إعلان اتفاق حول إصلاحات كان يطالب بها خلال قمة في بروكسل.
صورة من: Reuters/T. Melville
15 نيسان/ ابريل 2016
انطلاق الحملة الرسمية للاستفتاء المقرر في 23 حزيران/ يونيو من نفس العام في المملكة المتحدة .
صورة من: DW/J. Macfarlane
23 حزيران/ يونيو 2016
صوُّت الناخبون البريطانيون لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بنسبة وصلت الى 52% ممن ادلوا باصواتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
29 آذار/مارس 2017
رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك يتسلم رسالة من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تفعّل المادة 50 من اتفاقية لشبونة لتبدأ بذلك عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد (بريكست). يفترض أن تستمر هذه العملية سنتين وتنجز عند الساعة 23,00 من التاسع والعشرين من آذار/مارس 2019.
صورة من: Reuters/G. Vanden Wijngaert
22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018
توصل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى اتفاق موقت حول العلاقات بينهما بعد بريكست، بعد أسبوع على تفاهمهما على "اتفاق انسحاب" بريطانيا. هذان الاتفاقان يفترض أن يقرهما القادة الأوروبيون في قمة استثنائية في بروكسل الأحد 25 نوفمبر تشرين الثاني 2018.