وجهة نظر: ألمان من أصول تركية وأردوغان.. كفانا كلاماً!
٦ أغسطس ٢٠١٨
منذ مدة والرئيس التركي حاضر في وسائل الإعلام الألمانية، وفي الغالب عندما يتم التركيز على المواطنين من أصل تركي. والكثير يعبر عن أستياءه لتقليصهم في هذا الموضوع فقط. وهم على حق، كما يعتبر دانييل هاينريش في تعليقه التالي:
إعلان
مؤخرافي كولونيا ومحاولة إجراء استطلاع للرأي بين الألمان من أصل تركي حول زيارة الدولة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى ألمانيا. رجل شاب في الثلاثين يرتدي بدلة وقميصا يبتسم في وجهي. ويكف عن الابتسامة عندما سمع السؤال ويقول: " لا. الآن مجددا؟ من جديد اردوغان؟ أليس لكم شيء آخر تقومون بتغطيته؟"
على ما يبدو ليس لنا ذلك. منذ أسابيع وشهور، بل منذ سنوات والرئيس التركي حاضر في وسائل الإعلام الألمانية، وليس لأي زعيم دولة أن ينافسه في ذلك. ويعود التركيز بالطبع على الرجل البالغ من العمر 64 عاما أيضا إلى العلاقة التاريخية بين ألمانيا وتركيا. فالإمبراطورية الألمانية والامبراطورية العثمانية لم تكونا فقط "إخوة في الروح"، كما يبرهن على ذلك حمل السلاح المشترك في الحرب العالمية الأولى. وبعد الحرب العالمية الثانية كان تاريخ العمالة التركية الذي ساهم في توطيد العلاقة بين البلدين المختلفين.
واليوم يوجد نحو ثلاثة ملايين شخص من أصل تركي في ألمانيا يشعرون في الماضي القريب نظرا لسياسة الحاكم المطلق في أنقرة بخضوعهم لمراقبة إعلامية مستمرة. ويبدو أن "مع" أو "ضد اردوغان" تحول إلى تعويذة لصورة متحجرة "للتركي الجيد" أو "السيء". وكراهية المجموعة الأخرى مضمونة للشخص الذي يتحدث بصراحة أمام ميكرفون. وبكل صراحة: هل ستكون لهم رغبة كبيرة تحت هذه الظروف في الحديث علنا؟
اردوغان اكتشف الألمان من أصل تركي
رجب طيب اردوغان شعبوي ماهر، وهو استغل بكل مهارة حقيقة أن مجموعة الناس من أصل تركي تم إهمالها طوال عقود من الزمن من المعارضة التركية وكذلك السياسة الألمانية. وكان هو أول سياسي قال للأتراك في ألمانيا بأنه يمنحهم الاهتمام. وقد جعل من الممكن أن يشاركوا انطلاقا من ألمانيا في الانتخابات في تركيا. وهل فعل ذلك لأسباب انتخابية أم انطلاقا من قناعة حقيقية، فهذا يبقى ثانويا. ووعده للألمان من أصل تركي المتمثل في أن " تركيا حاضرة من أجلهم"، يبقى قائما لدى الكثير من الناس.
غالبية الألمان من أصل تركي تصوت لصالح اردوغان؟
وبخلاف الانطباع العام القائم، فإنه غير حقيقي أن غالبية الأتراك في ألمانيا انتخبت لصالح اردوغان، إذ يوجد هنا نحو 1.4 مليون شخص لهم حق الاقتراع في تركيا. ومن هؤلاء ذهب نحو النصف أي تقريبا 700.000 شخص إلى صناديق الاقتراع. ومن بين 700.000 انتخب حوالي 65 في المائة اردوغان. وتعكس هذه النسبة حوالي 450.000 شخص، إذن نحو ثلث الذين يحق لهم الانتخاب. وبالطبع يشكل هذا عددا مرتفعا. وبالطبع يوجد بين أولئك الذين ليس لهم حق الانتخاب في تركيا عدد كبير من مناصري اردوغان. لكن وحدها حقيقة أن يذهب نصف مجموع من يحق لهم الاقتراع إلى الانتخابات، فهذا يعكس أن تأثير الرئيس التركي على ألمانيا ليس كبيرا كما توحي بذلك أحيانا النظرة الأولى إلى صحف هذه الجمهورية.
وسائل الإعلام الألمانية تقفز فوق العصى
وعلى الرغم من ذلك عوض استغلال الفرصة أخيرا للدخول بجدية في حوار مع هؤلاء المواطنين في بلادنا، والتفاعل معهم وإقناعهم حقيقة بأنهم جزء بديهي من بلادنا، يقفز المشهد الإعلامي برمته فوق عصى كل شعبوي يضعها الرئيس التركي. وبشكل عفوي يقوم عقب كل عمل مستفز من اردوغان الصحفيون في كل البلاد بمساءلة الانتماء لأي مجموعة يصعب جزئيا إخفاء نبرتها العنصرية.
وبخلاف وصف للوضع ووصمة إضافية لا أعرف ما الذي يًراد تحقيقه بذلك. ولسرد الرجل الشاب من كولونيا: "لا. الآن مجددا؟ مرة أخرى اردوغان؟ أليس لكم شيء آخر تقومون بتغطيته؟". فهو محق تماما. في وقت ما يكفينا الحديث عن ذلك.
دانييل هاينريش
ملامح تأثير أوروبا في اسطنبول.. هل تغيرت في ظل الأزمات؟
رغم الأزمة في العلاقة بينهما، فإن أوروبا وتركيا يجمعهما الكثير. اسطنبول مثلا. فالمدينة التي تأوي 15 مليون نسمة ليست فقط من الناحية الجغرافية جزءا من أوروبا. جولة عبر مدينة التناقضات.
صورة من: Rena Effendi
اسطنبول لا يمكن حصرها في أية خانة
اسطنبول هي المدينة الوحيدة في العالم التي تقع في قارتين: أوروبا وآسيا. وفي مدينة البوسفور يلتقي التقليد بالحداثة والدين بأسلوب الحياة العلماني. والكثيرون يقولون بأن هذا ما يطبع سحر المدينة.
صورة من: Rena Effendi
مدينة عالمية ضاربة في التاريخ
اسطنبول يعود تاريخها إلى أكثر من 2600 سنة، وهذا يطبع إلى يومنا هذا مظاهر المدينة. حكام متعاقبون تنافسوا من أجل بسط السيطرة: فرس ويونانيون ورومان وعثمانيون. "القسطنطينية" كانت مركز الامبراطورية البيزنطية وبعدها العثمانية. انطلاقا من 1930 فقط غيرت المدينة اسمها إلى اسطنبول.
صورة من: Rena Effendi
بين ضفاف العالم
البوسفور هو الروح الزرقاء لإسطنبول. هذا المضيق في البحر يفصل الشطرين الأوروبي والآسيوي للمدينة. في كل يوم تنقل عبارات عشرات الآلاف من الناس من ضفة إلى أخرى. 20 دقيقة تقريبا تطول الرحلة بين كراكوي في أوروبا وكاديكوي في آسيا.
صورة من: Rena Effendi
جسور تضمن التواصل
ويمكن مشاهدة السفن بشكل جيد من جسر غالاتا. هنا يصطف الصيادون على أمل الحصول على صيد جيد. وفي تلك الرحاب نلتقي بالتجار والسياح وماسحي الأحذية. هذا الجسر الأول نشأ في 1845 حين كانت اسطنبول تحمل اسم القسطنطينية.
صورة من: Rena Effendi
"أوروبا هي إحساس"
اسمي وقفي، يقول أحد الصيادين، ويشير إلينا بيده. "أشعر بأنني أوروبي. نحن نتمنى حرية أكثر، ولذلك وجب على تركيا والاتحاد الأوروبي التقارب فيما بينهما"، يضيف وقفي الذي هو متقاعد، والصيد هوايته ـ لكن يمثل دخلا إضافيا. فمقابل كيلوغرامين من السمك يحصل في السوق على نحو ثمانية يورو.
صورة من: Rena Effendi
صوامع في قلب المدينة
في ساحة تقسيم في قلب المدينة ترتفع أصوات آلات البناء. في سرعة خارقة يتم هنا تشييد مسجد جديد ـ بقبة تعلو 30 مترا وصومعتين. ومن المتوقع الانتهاء من كل شيء حتى موعد الانتخابات في 2019. والمنتقدون يقولون: الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يفرض على الساحة هوية أخرى: إسلامية محافظة وعثمانية حديثة عوض علمانية وأوروبية.
صورة من: Rena Effendi
أوروبية وتقية
الطابع المحافظ يسود بالأحرى في حي الفاتح بإسطنبول ـ وهذا رغم أن الفاتح يقع في الجزء الأوروبي للمدينة. والكثير من الناس الذين يعيشون هنا جاؤوا من الأناضول بحثا عن العمل وحياة أفضل. والبعض يسمي الفاتح أيضا " حي الأتقياء" ـ والكثيرون هنا أنصار أوفياء للرئيس التركي وحزبه العدالة والتنمية.
صورة من: Rena Effendi
التبضع في ظل المسجد
في كل يوم أربعاء يُقام السوق بجنبات مسجد الفاتح. هنا يحصل التزاحم والتفاوض لبيع وشراء أدوات منزلية وألبسة وأغطية وخضر وفواكه. والأسعار منخفضة أكثر من أي مكان آخر. حتى سعر الإيجار. وفي الأثناء تعيش الكثير من العائلات السورية في الفاتح. أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ استقبلتهم تركيا منذ الحرب السورية في 2011 ـ عدد لم يتحمله أي بلد آخر.
صورة من: Rena Effendi
سوريا الصغيرة وسط اسطنبول
الفاتح بات في الأثناء مشهورا بمطاعمه السورية التي تقدم الوجبات السريعة التي بها قسط أوفر من الثوم. "مسافر" هي التسمية التي تُطلق رسميا على اللاجئين في تركيا. وتصنيف اللاجئ على غرار ما هو سائد في الاتحاد الأوروبي ليس موجودا هنا، لكن الحكومة وعدت عشرات الآلاف من السوريين بالحصول على الجنسية التركية. والمنتقدون يرون في ذلك محاولة لكسب مزيد من أصوات الناخبين.
صورة من: Rena Effendi
الحياة الليلية في اسطنبول
من يرغب في التجول والمتعة، يجب عليه التوجه إلى أحياء أخرى في اسطنبول: إلى كاديكوي على الجانب الآسيوي مثلا أو إلى هنا في كاراكوي أحد أقدم الأحياء. في المقاهي والمتاجر وقاعات العروض يلتقي السكان المحليون بالسياح. لا أحد هنا تعجبه السياسة الإسلامية المحافظة للحكومة.
صورة من: Rena Effendi
أمل استقبال مزيد من السياح
اسطنبول تغيرت كثيرا، تقول عائشة غول شراجوغلو التي تعمل في متجر لمنتجات التصميم في حي غالاتا المحبب لدى السياح. "قبل سنوات كان يأتي عدد كبير من الأوروبيين لقضاء العطلة هنا"، والآن يأتي سياح من مناطق أخرى ومعظمهم عرب، لكن غياب الأوروبيين"سيء لتجارتنا، وآمل أن يتغير هذا قريبا".