إعلان ترامب إعادة تقييم الاتفاق النووي مع إيران مثير للقلق. وإذا تخلت الولايات المتحدة عن تلك الاتفاقية فقد يكون لذلك تبعات وخيمة على أوروبا. ويجب ألا يسمح الاتحاد الأوروبي بحدوث ذلك، حسب رأي الصحفي بـDW كيرستن كنيب.
إعلان
قبل أيام أعطت نيكي هالي، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أمام الرأي العام العالمي الانطباع بالكيفية، التي يمكن أن يصير عليها تعامل حكومة ترامب مع إيران في المستقبل. والتفاصيل لم تتم بلورتها بعد، لكن الخطوط العريضة قائمة، وهي تسير نحو المواجهة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن يعلن قبل أكتوبر/ تشرين الأول موقفه من الاتفاقية النووية مع إيران. لكن، ومنذ الآن قرأت هالي قائمة الذنوب السياسية لإيران وكأنها تريد إعداد العالم للمواجهة المرتقبة. والقائمة طويلة ومثقلة وتزيد في طولها يوميا، لو ذكرنا كلمة سوريا. فطهران، كما صرح هذه الأيام معلق إسرائيلي، هي في طريقها لتحويل سوريا إلى مستعمرة إيرانية. والتشخيص قد يكون مبالغا فيه، لكن في صلبه له أسباب.
النظر إلى الاتفاقية النووية لوحدها
غير أن كل هذه الأمور لا تبرر التشكيك في الاتفاقية النووية، لأن التحركات الإقليمية لإيران ليست جزءا من تلك الاتفاقية. لكن كان هناك لوقت طويل الأمل في أن تشمل روح الاتفاقية مواطن النزاع التقليدية في المنطقة والتقليل من وطأتها. وهذا الأمل ـ على الأقل إلى حد الآن ـ لم يتحقق. فإيران مستمرةٌ في ممارسة سياسة خارجية عنيفة.
وفي حال إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاقية، فإن ذلك سيزج بالمنطقة في فوضى أكبر، لأن إعادة تشغيل برنامج تسلح نووي إيراني متوقف؛ قد يشجع دولاً أخرى على تقليده، لاسيما عدو إيران اللدود العربية السعودية، فقد يكون هناك محاولة لسلوك هذه الاستراتيجية.
تخمينات ضرورية
وعليه حان الوقت لطرح سؤال متناقض: هل من الممكن أن تمارس الاتفاقية تأثيرا مهدئا، على الأقل، على إيران، وذلك رغم التطور المفجع حول سوريا؟ وكيف كانت ستبدو السياسة الخارجية الإيرانية لولا وجود الاتفاقية؟ وهل كانت ستصبح أكثر عنفا؟ وهل تلجم طهران نفسها ولو قليلا؟ نحن لا نعرف.
الأكيد هو أن إمكانية التخلي ربما عن الاتفاقية لن يعطي إيران الفرصة للجم نفسها عسكريا ودبلوماسيا في أي شكل كان. وهذا قد يدفع بالمنطقة إلى مزيد من التوتر. وهذا أيضا لأن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم وبشكل مكثف بتسليح المملكة السعودية. صفقة التسلح بمبلغ يتجاوز 350 مليار دولار، التي وقع عليها ترامب في الرياض، مازال صداها في الأذن ـ رغم أن ترامب وهالي يسكتان عنها.
نظرة ترامب الغريبة إلى الشرق الأوسط
لا يحتاج المرء أن يكون من المؤمنين بنظرية نهاية العالم ليتخيل الوضع في الشرق الأوسط أكثر قتامة بدون اتفاقية. فالتوترات يمكن أن يزيد حجمها مرة أخرى ويتم تفريغها في مزيد من الصدامات. واندلاع حرب أخرى بالوكالة بين إيران والعربية السعودية قد يدفع مزيداً من البشر إلى الهرب؛ وبالتالي الزيادة في ضغط الهجرة على أوروبا. وهذا قد يصعد من الأجواء الشعبوية السائدة في العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك في ألمانيا. فالتخلي عن الاتفاقية ستشعر بتبعاته في المقام الأول أوروبا. والولايات المتحدة الأمريكية في المقابل ستبقى بفضل حاجز مائي عميق وعريض بآلاف الكيلومترات محمية من العواقب الانسانية لهذه الكارثة. ميول ترامب إلى اعتبار العربية السعودية ضامنا للسلام في الشرق الأوسط وإيران هي الداعم الوحيد للإرهاب غير منطقي. وإلغاء الاتفاقية خطير من الناحية السياسية؛ لدرجة أن أوروبا لا يمكنها أن تترك ذلك يحدث دون أن تعارضه.
الهجوم السعودي "المضاد" في اليمن....صراع إقليمي طائفي
بعد أطوارالحرب الأهلية في سوريا والعراق التي تتسم بطابع مذهبي، يطفو الآن المشهد اليمني على السطح. العملية العسكرية التي بدأت السعودية بشنها في اليمن ضد الحوثيين تشكل أحدث حلقة في صراع نفوذ إقليمي مع إيران.
صورة من: picture alliance/HANS PUNZ/APA/picturedesk.com
العملية العسكرية التي بدأت السعودية بشنها في اليمن قالت إنها تتم بالتنسيق مع تحالف يضم عشر دول بهدف التصدي للمقاتلين الحوثيين الذين يحاصرون عدن (جنوب) التي لجأ إليها رئيس هادي عبد ربه منصور. العملية اطلق عليها"عاصفة الحزم" وتشكل أحدث تطور في صراع النفوذ مع إيران.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Ozer
يشكل القصف الجوي محورا أساسيا في عملية"عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية، بهدف ضرب مواقع الحوثيين لوقف تقدمهم السريع للسيطرة على عدن عاصمة جنوب اليمن، والتي تشكل آخر معقل للرئيس الشرعي هادي عبد ربه منصور.
صورة من: AFP/Getty Images/F. Nureldine
تتخوف القوى الكبرى من قيام الحوثيين بالسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي بسبب ارتباطهم بإيران التي تسيطر بدورها على مضيق هرمز، وهو المضيق الاستراتيجي الآخر الذي يربط بين الخليج وبحر العرب.
صورة من: Reuters/N. Quaiti
دعا زعيم الحوثيين الشيعة عبد الملك الحوثي إلى "التعبئة العامة" لمحاربة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، كما قال. أما السعودية فهي قلقة من تطور الوضع في اليمن ومن ازدياد مستوى نفوذ غريمتها إيران بعد تقدم الحوثيين.
صورة من: picture-alliance/dpa/Yahya Arhab
لا تزال البحرين معرضة لحدوث اضطرابات منذ أن فشلت انتفاضة 2011 التي قادتها الأغلبية الشيعية. وكانت السعودية قد قامت بإرسال قوات أمنية لإخماد الانتفاضة. وتم توجيه انتقادات للسعودية من طرف المعارضة في البحرين ومن إيران أيضا.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد فرار أفراد من الجيش العراقي من الخدمة خلال صيف العام الماضي، شكلت عشرات الجماعات شبه عسكرية وتابعة للحكومة العراقية ما يسمى ب"الحشد الشعبي" المدعوم من إيران لمحاربة "داعش".
صورة من: AFP/Getty Images/A. Al-Rubaye
هناك تخوفات من أن تقوم قوات "الحشد الشعبي"، وغالبيتها من الشيعة، بالانتقام من المواطنين السنة. ويخوض مسلحو "الحشد الشعبي" الآن معركة بهدف استعادة مدينة تكريت السنية، مسقط رأس صدام حسين، من أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/A. Al-Rubaye
تعمل إيران على دعم النظام السوري وتقدم له الخبرات اللازمة للحفاظ على السلطة خلال الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ نحو أربع سنوات. كما يحضى نظام الأسد أيضا بدعم كبير وفاعل من حزب الله اللبناني.
صورة من: Reuters
بمساندة من حزب الله يحاول الجيش السوري استعادة سيطرته على أراضي لها أهمية حيوية، كما تقوم إيران بدعم سوريا وتقدم لها الخبرات اللازمة للحفاظ على السلطة في البلد الذي مزقته الحرب منذ نحو أربع سنوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
أدت الحرب في سوريا وقتال حزب الله إلى جانب نظام الأسد لمواجهة "داعش" إلى أزمة سياسية في لبنان. فحتى الآن لم يتوصل الفرقاء السياسيون في لبنان إلى انتخاب رئيس الدولة، حيث لازال منصبه شاغرا.
صورة من: picture alliance/ZB
تسعى إيران من خلال تشديد قبضتها على اليمن والعراق وسوريا ولبنان إلى تحقيق امتيازات قبل التوصل إلى أي اتفاق نووي مرتقب، غير أن طموح إيران النووي يولد تخوفات لدى دول عربية سنية مثل السعودية، الخصم التقليدي لإيران.
صورة من: picture alliance/HANS PUNZ/APA/picturedesk.com