الاستخبارات الداخلية الألمانية أعلنت عن "شبهات" تطال تيارات داخل حزب "البديل" اليميني الشعبوي مشكوك في توافقها مع مفهوم الديمقراطية. وعلى حزب البديل الآن استنتاج العبر، كما كتب مارسيل فورستناو في تعليقه.
إعلان
يرى حزب البديل من أجل ألمانيا نفسه الآن في دور الضحية. في الوقت الذي لا يوضع فيه الحزب بأكمله تحت شبهة التطرف. وحسب هيئة حماسة الدستور (جهاز الاستخبارات الداخلية) لا يوجد إلى الآن أدلة كافية على ذلك. غير أن الحال مختلف في منظمة الشباب التابعة للحزب (JA) أو ما يُسمى "الجناح"، حيث ينشط متصدرا المشهد فيه بيورن هوكه الذي يعمل في تحالف وثيق مع النازيين الجدد.
على هوكه ومنظمة الشباب توقع أن يجمع جهاز المخابرات الداخلية وثائق حولهم. كما يجب عليهم توقع إخضاعهم للمراقبة. وهذا يتمخض عن إعلان جهاز المخابرات أن "الجناح" الشعبي القومي ومنظمة الشباب في حزب البديل "موضع شبهات". وحول هذه الشبهات تتوفر بالفعل "أدلة هامة وكافية"، حسبما ورد في توضيح جهاز الاستخبارات الداخلية.
ليس الجميع في حزب البديل نازيين
يتسبب تطرف التيارين منذ مدة في قلق حتى داخل حزب البديل. ويخشى المعتدلون في الحزب بحق، أن يتسبب الراديكاليون في أقصى يمين الحزب في إثارة مخاوف الناخبين المحافظين. ويوجد كثير من هؤلاء (المحافظين)، فبالطبع ليس جميع أعضاء حزب البديل أو أنصاره والمتعاطفين معه، نازيون. والعكس هو الصحيح. إذ يجب عليهم الإقرار بأهمية السؤال: لماذا ظلوا طويلا يتفرجون داخل صفوفهم على أفعال المتطرفين دون الابتعاد بوضوح عنهم؟.
وهكذا، فإن على قيادة حزب البديل، حول رئيس الحزب والكتلة ألكسندر غاولاند أن تكون ممنونة للدقة التي يتحلى بها جهاز الاستخبارات الداخلية، رغم التردد الطويل. فقد سنحت الآن الفرصة لليمينيين الشعبويين لتنظيف صفوفهم. وهو ما يعني الانفصال من دون أي حل وسط عن أعداء الديمقراطية. بهذا يمكنهم بأفضل حال تفادي خطر إعلان الحزب كاملا تحت الشبهات. إذ أن جهاز الاستخبارات الداخلية يملك "أدلة حقيقية حول سياسة موجهة ضد النظام الديمقراطي الحر".
الانفصال عن الأعباء الشخصية القديمة والتخفيف من حدة الخطاب
هذه الجملة تبدو كطلقة إنذار أخيرة في اتجاه حزب البديل، ولذلك يبدو منطقيا أن يتم وضع حزب البديل كاملا في "حالة فحص". عملياً يُعتبر هذا اختبار جدي. فاليمينيون الشعبويون يملكون الآن فرصة إثبات توافقهم مع الديمقراطية. ومن أجل ذلك يكون من الضروري الانفصال عن الأعباء الشخصية القديمة والتخفيف من حدة الخطاب. فالنبرات القومية والمعادية للسامية والمعادية للأجانب تقف على تناقض مع برنامج الحزب اليميني المحافظ.
مارسل فورستيناو
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.