مطلب زعيم الخضر، روبرت هابيك، الداعي إلى استقبال آلاف الأطفال اللاجئين من اليونان لن يحل المشكلة، بل سيعمل على تفاقمها على المدى البعيد، كما يعتبر كريستوف هاسلباخ في تعليقه.
إعلان
قبيل أعياد الميلاد بالتحديد يصعب عدم الموافقة تلقائيا على اقتراح هابيك (زعيم حزب الخضر الألماني). ويدعم الفكرة هاينريش بيدفورد- شتروم، رئيس مجلس الكنيسة البروتستانية في ألمانيا، ويشير إلى أن يسوع بعد مولده بقليل تحول إلى طفل لاجئ مع عائلته، وأن من لا يتأثر بصور البؤس في معسكرات اللاجئين في الجزر اليونانية، في الوقت الذي يستعد فيه في بيته لقضاء أعياد ميلاد مريحة، ليس له قلب. ومن يأمل في ظل هذا الوضع في حصول عمل موحد للاتحاد الأوروبي، يمكن له الانتظار طويلا ويعرض نفسه للاتهام بتأجيل المشكلة.
بالرغم من ذلك يبقى هابيك في موقف خاطئ، لأن استقبال آلاف الأطفال سيكون إشارة خاطئة من نواح كثيرة.
مفعول الامتصاص
خاطئ في المقام الأول، لأن هذه المبادرة ستتسبب بسهولة في موجة هجرة جديدة: فالأمر لن يستقر في النهاية عند الأطفال القصر، وذلك لأسباب إنسانية سيتم جلب ذويهم لاحقا إلى ألمانيا. وفور معرفة وجود فرصة جديدة للعيش في ألمانيا في البلدان الأصلية وبلدان المرور، سيحاول عدد أكثر من الناس العبور من الشواطئ التركية إلى الجزر اليونانية. والمخيمات هناك لن ينخفض عدد سكانها، بل ستمتلئ أكثر. فعلى غرار عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط، يبقى الوضع دوامة بلا انقطاع: بمجرد استقابل مهاجرين في أوروبا، سيجلب ذلك موجات لاجئين جديدة.
واقتراح هابيك يبقى أيضا خاطئا، لأن اليونان والاتحاد الأوروبي برمته سيتنصلان من المسؤولية بسبب الاستعداد الألماني الأحادي الجانب لاستقبال مهاجرين.
ووزير التنمية الألماني غيرد مولر يقول عن تجربة ذاتية إن المساعدة في مخيمات اللجوء الإفريقية بالتعاون مع الأمم المتحدة منظمة بشكل أفضل مما هو الوضع عليه في اليونان، علما بأن ألمانيا ترسل مواد إغاثة إلى الجزر اليونانية. ويكون من المهم أيضا أن تدعم ألمانيا والاتحاد الأوروبي سلطات اللجوء اليونانية بغية معالجة طلبات اللجوء بشكل أسرع. وهذا يتم للأسف نسيانه غالبا عند النقاش حول اللجوء: فاللجوء يجب ألا يكون إلا لمن يستحقه. ومن أسباب استحقاق اللجوء الحرب أو الحرب الأهلية في البلد الأصلي أو الاضطهاد الشخصي؛ وليس الصعوبات الاقتصادية. لكن يبدو أن هابيك لا يهمه التمييز عندما يريد استقبال جميع الأطفال القصر بشكل عام. وهذه بالتحديد إلى يومنا هذا هي الورطة الكبيرة لسياسة لجوء أنغيلا ميركل التي قادت إلى تنامي نفوذ الشعبويين اليمينيين: من ليس له الحق في اللجوء، يمكنه في العادة رغم ذلك، البقاء في ألمانيا، لأن الترحيل عادة ما يكون مستحيلا. لكن المواطنين في ألمانيا يتساءلون بشكل متزايد لماذا لدينا في الحقيقة إجراءات لجوء؛ ما دام أن نتائج تلك الإجراءات لا تحدد في النهاية حق الإقامة والبقاء في البلاد.
درس 2015/16
هل لا يجب على ألمانيا أن تفعل أي شيئ للناس في المخيمات؟ بلى. إذا تعلق الأمر بطاقة استيعاب محدودة في حالات متفرقة، يجب أن يكون ذلك ممكنا. لكن فقط استقبال الناس الذين لهم فرصة في البقاء والذين تم التحقق من حقهم في اللجوء. فالأولوية في التخمينات وجب على كل حال أن تنصب على تحسين ظروف العيش في عين المكان.
وأولئك الذين يعتبرون هذا الأمر منعدم الإحساس، يجب عليهم أن يقولوا كيف يريدون ترشيد الهجرة، لأن ضرورة تحديدها والتحكم فيها من الدروس الواضحة لعام 2015/16 . ومن يمنح اللجوء لكل شخص يدمر حق اللجوء. وهذا يجب أن يكون واضحا بالنسبة لنا حتى في وقت تطغى عليه نفحات أعياد الميلاد.
كريستوف هاسلباخ
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو