تتركز الأنظار على موقف ألمانيا من أزمة اليونان هذه الأيام وتوجه إليها انتقادات كثيرة. ألمانيا تمثل التراضي والتوافق، وعليها القيام بواجباتها اتجاه التحديات الأخرى التي تواجه أوروبا، كما يرى كريستوف شتراك.
إعلان
لقد توصلوا إلى اتفاق. فبعد 17 ساعة من المفاوضات توافق ممثلوا دول مجموعة اليورو على برنامج دعم لليونان. ولم تحدث المواجهة الحاسمة التي كانت متوقعة بين المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء اليوناني.
في الكلمة التي ألقتها بعد ليلة طويلة من المفاوضات، بدت أنغيلا ميركل على أفضل ما يرام: بدت مرتاحة بسبب التوافق بالإجماع والتراضي الذي توصلت إليه الأطراف المعنية. "حين تكون الإيجابيات أكثر من السلبيات" فأكدت على التضامن وتحمل المسؤولية وأضافت: "أهم شيء هو الثقة". لقد لعبت المستشارة دوراً حاسماً في التوصل إلى تسوية.
وهنا يجب الإشارة إلى أن دور ألمانيا لا ينبع من قوة اقتصادها ولا من عدد سكانها الكبير. أنغيلا ميركل تتربع الآن للسنة العاشرة على رأس الحكومة الألمانية، وقد عايشت أزمة البنوك في عام 2008. واثنان فقط من ممثلي مجموعة دول اليورو التسعة عشر يحكمون بلادهم منذ ما قبل عام 2010، أما الزعماء الباقون فتعرف غالبيتهم المجموعة منذ عام 2013 أو 2014 وبعضهم منذ شهور فقط. وهذا يعني أن مسؤوليات محددة تقع على عاتق ميركل.
وقد ظهر موقف برلين ومسارها واضحاً في المصطلحات المستخدمة. صحيح أن وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله استخدم كلمات إنجليزية بلكنة جنوب ألمانيا، إلا أن موقف برلين كان التشديد على المناقشة والتوافق. وأحد تفاصيل اتفاقيات صباح اليوم الاثنين له صبغة ألمانية، لأن حزمة المساعدات، التي سيتم الاتفاق عليها خلال الأيام القليلة القادمة، مقررة للسنوات الثلاث القادمة. وحتى ذلك الحين فقد يتغير الكثير، بما في ذلك في ألمانيا. إذ ستشهد ألمانيا عام 2016 انتخابات هامة في بعض ولاياتها وانتخابات برلمانية اتحادية على الأغلب في خريف عام 2017.
وإذا ما انتهت الدراما اليونانية وأعطت حزمة المساعدات أُكلها لمساعدة المواطنين والبلاد، وإذا لم تتعثر دولة أخرى، فإن الحملة الانتخابية الألمانية ستخلو من المزايدات اللاعقلانية.
قد يأسف المرء لذلك، لأن القضايا الأوروبية تشغل الألمان أيضا. وكل جدل ساخن في ألمانيا يثير اهتماماً في أوروبا. وحين تتناحر أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا حول موضوع أوروبا، فإن دول شرق وجنوب وغرب أوروبا وبريطانيا ستقوم بمراقب ذلك وتعلق عليه.
الائتلاف الحكومي الكبير ليس بالضرورة ائتلافاً جيدا بالنسبة لدولة مثل ألمانيا. ففي الحياة السياسية هناك تيار عريض، لكنه يفتقر إلى الإبداع. ورغم ذلك، فإن الفضل في التغلب على الأزمة المالية يعود إلى التوجه المشترك لهذا الائتلاف الكبير.
لذا، لا بأس إذا كانت هناك توقعات. ويجب إثارة جدل ونقاش داخل البرلمان الألماني على حزمة المساعدات لليونان، لكن على هذا البرلمان دعم الحزمة، بصفته برلماناً واعياً لدوره في قلب أوروبا. وعلى الألمان أيضا أن يلعبوا دورهم في المجالات الأخرى بشكل أكثر جدية وبثقة أكبر بالنفس اتجاه الولايات المتحدة، وليس فقط فيما يتعلق بقمة المناخ في باريس، بل أيضا فيما يتعلق باستيعاب اللاجئين ومعاملتهم معاملة إنسانية. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
اليونان - أزمة خانقة وفقر مدقع ...وأمل في غد أفضل
بعد كر وفر ومفاوضات تلو الأخرى، توصلت الحكومة اليونانية إلى اتفاق مع دائنيها يقيها شر الخروج من منطقة اليورو و من إعلان الإفلاس مقابل المضي في "طريق طويل وصعب" من الإصلاحات. اليونانيون سئموا التقشف، فهل من أمل؟
صورة من: imago/A. Neumeier
تنفس اليونانيون الصعداء بعدما توصلت حكومتهم عقب مفاوضات ماراثونية وعسيرة مع المؤسسات الدائنة إلى اتفاق يتم بموجبه المضي قدما في خطة تقديم قرض مالي جديد لإنقاذ اليونان التي تعاني منذ سنوات من أزمة ديون خانقة.
صورة من: Reuters/Y. Kourtoglou
الاتفاق الجديد الذي توصلت إليه أثينا مع الشركاء الأوروبيين يقضي أيضا ببقاء اليونان عضوا في منطقة اليورو بعدما نوقشت في أوروبا سيناريوهات محتملة لخروج اليونان من منطقة اليورو - ولو بصفة مؤقتة..
صورة من: picture-alliance/R. Geiss
الاتفاق الجديد لم ينقذ اليونان من خطر الإفلاس فقط، وإنما أنقذ أيضا رئيس الحكومة ألكسيس تسيبراس الذي يواجه ضغوطات من الداخل والخارج للحصول على سيولة لخزينة بلاده الفارغة.
صورة من: Reuters/E. Vidal
حتى وإن كان الاتفاق يقضي بتنفيذ اليونان لحزمة من الإجراءات القاسية، إلا أنه قد يعطي بصيصا من الأمل للكثير من اليونانيين الذين فقدوا جراء الأزمة الاقتصادية وظائفهم ووجدوا أنفسهم عاجزين عن توفير حتى لقمة العيش.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Giakoumidis
البعض الآخر وجد في موائد الطعام التي توفرها الكنائس والمنظمات الخيرية ملاذه الأخير لسد رمقه بعدما عجزت الدولة في اليونان عن توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم لمواطنيها الذين كانوا أولى ضحايا الأزمة الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
أصبحت مثل هذه المشاهد خلال السنوات الأخيرة في شوارع اليونان، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، من المشاهد المعتادة بعدما عصفت به أزمة اقتصادية ومالية هي الأشد في تاريخه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Gambarini
الأزمة المالية الخانقة دفعت باليونان إلى تقليص المصاريف إلى درجة إغلاق المستشفيات الحكومية. الأمر الذي دفع بالكثيرين من المرضى العاجزين عن دفع رسوم مستشفيات خاصة إلى اللجوء إلى منظمات إنسانية مثل "أطباء بلا حدود" للحصول على العلاج وبعض الدواء.
صورة من: Imago/Invision
قد يطال المقص معاشات المتقاعدين مرة أخرى في إطار حزمة الإجراءات التي يطالب بها دائنو اليونان أثينا. ومن المفارقات أن هذه المعاشات تكاد لا تكفي لسد حاجيات المتقاعدين الذين وجدوا أنفسهم بعد سنوات من الكد والجد على عتبة الفقر.
صورة من: picture alliance/abaca/A.Michailidis
تضاعفت معدلات البطالة في صفوف الشباب لترتفع إلى نحو 27 بالمائة، فيما تجازوت 50 بالمائة في صفوف خرجي الجامعات دون 25 عاما. البعض اختار الاحتجاج الغاضب للتعبير عن وضعيته، فيما اختار الكثيرون الرحيل في أسوأ هجرة للأدمغة تشهدها البلاد.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
الغضب والاحتجاج أصبح من المشاهد المعتادة في شوارع اليونان التي وجدت نفسها مجبرة على شطب نسبة كبيرة من الوظائف الحكومية. وهي من الإجراءات التي يطالب بها دائنو اليونان لإصلاح اقتصاد بلد يشغل أكثر من 800 ألف موظف.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
من المفارقات في اليونان أن الأثرياء بالكاد يدفعون الضرائب. كما أن المحسوبية والفساد من الظواهر المتفشية في أجهزة الدولة. وسيكون الإصلاح الضريبي ومكافحة الفساد من المهام الصعبة التي يتعين على حكومة تسيبراس مواجهتها خلال السنوات القادمة.
صورة من: picture-alliance/dpa
من المهمات المنوطة بعهدة أثينا للخروج من الركود الاقتصادي العمل على تنويع الاقتصاد الذي يرتكز بالأساس على السياحة وتشغيل الموانئ. ويرى خبراء أن غياب الاستثمار في قطاعات مهمة جعل الاقتصاد اليوناني هشا يفتقر لأرضية صلبة.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M.Gambarini
يعلق اليونانيون آمالا عريضة للخروج من أزمة خانقة جعلت منهم "عبيدا لدائني بلادهم"، حسب ما قال وزير المالية السابق يانس فاروفاكس. فهل يعود الفخر إلى أقدم حضارة أوروبية، مهد الديمقراطية؟