وجهة نظر: الاتحاد الأوروبي يحتاج لميركل حتى إشعار آخر
٢٢ نوفمبر ٢٠١٦إنها تمتلك ميزة كبيرة، وهي أنها كانت دائما موجودة. أو هكذا كان الإحساس بذلك على الأقل. لا يوجد رئيس حكومة أوروبية آخر بقي في منصبه أطول من أنغيلا ميركل. ماي، رينزي، راخوي، تسيبراس وأولاند يأتون ويذهبون، إلا أن السياسية الأكثر نفوذا في أوروبا ما تزال باقية مثل صخرة أمام عاصفة الشعبوية وفايروس القومية المتطرفة المتصاعدة في البلدان المجاورة. والأكثر من ذلك أنها تريد أن تعطي أربع سنوات أخرى لصياغة التسويات في أوروبا، وذلك بقدرة لا تقدر بثمن في هذه الأوقات العصيبة.
إلا أن السؤال كم سيبقى هذا صالحا؟ وإلى متى سوف تبقى طريقة حكمها غير المتحيزة للاتحاد الأوروبي صالحة؟ في اسبانيا وايطاليا وهولندا والدنمارك، وحتى في اليونان، يتفق القادة على أنه بدون ميركل لا يمكن ضبط أوروبا. أما في بولندا والنمسا والمجر والمملكة المتحدة، وربما قريبا في فرنسا، ينظر إلى الأمر من زواية مختلفة، فهناك ينظر لميركل على أنها عقبة، وبذهابها في نهاية المطاف، سوف يوضع حد لأزمة اللاجئين في أوروبا.
لا يزال هناك حاجة لميركل
الشعبوية المتزايدة خصوصا من اليمين كما هو الحال في فرنسا وهولندا ولكن أيضا من اليسار كما هو الحال في إيطاليا، لن يكون باستطاعة المستشارة الموجودة منذ وقت طويل مواجهتها لوحدها، لأن لديها أيضا في بلدها مشكلة متزايدة وهم أتباع "حزب البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، فبالنسبة لهم ميركل لها بديل، وهي بالنسبة لهذا الحزب اليميني الشخص المكروه رقم واحد. فإذا كانت ميركل تريد منع "تأثير ترامب" في ألمانيا والعداء المتنامي لأوروبا من جانب القوميين، فيجب عليها هنا أن تفكر بحل، وبذلك فهي بحاجة إلى أوروبا أكثر من أي وقت مضى.
يتعين على الاتحاد الأوروبي تقديم قيمة اعتراف إضافية لميركل وإلا سوف يشكل الموضوع الأوروبي عبئا إضافيا عليها في الحملة الانتخابية القادمة. الخروج المترنح لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي،الفوز غير المحسوب لدونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة ، وأيضا وعلى وجه الخصوص أفعال بوتين غير المحسوبة، كلها أمور تحد من قدرة الاتحاد الأوروبي على العمل بقوة وجعل تضامن الأوروبيين محل تساؤل.
الكفاح على جبهات متعددة وفي آن واحد
المستشارة عليها أن تكافح على عدة جبهات سياسية وفي وقت واحد. فمثلا كيف سيتصرف الاتحاد الأوروبي بقيادة ميركل عندما يتطلع ترامب أو بوتين إلى تعاون مبني على "البراغماتية"؟ سيكون من الصعب حقا الإجابة على هذا السؤال.
ثم هناك أيضا المستبد رجب طيب أردوغان، الذي تحتاج ميركل إلى التعاون معه، إذ أنه وفقط من خلال الاتفاق مع تركيا يمكن العمل على ردع اللاجئين ووقف تدفقهم عند حدود جنوب شرق أوروبا، حيث تحاول المستشارة إيقاف هذه الموجة منذ وقت طويل. وهذا تريد المستشارة لتحقيقه ايضا في وسط البحر المتوسط بمساعدة من إيطاليا وبلدان شمال إفريقيا قريبا. هكذا فقط يمكن لها أن تتغلب على "حزب البديل" المعادي للهجرة والاجئين، وتحافظ على علاقة حزبها مع الحزب البافاري الشقيق؛ الاتحاد الاجتماعي المسيحي.
إن مجرد الاعتماد على شعار "إلى الأمام هكذا" لن يكون كافيا لميركل ان تحقق ما تريده في الخمس السنوات القادمة، هذا على إفتراض فوزها في الانتخابات. فهذا الشعار لم يمنع ظهور الشعبويين حتى الآن. عليها إذا أن تعمل على تطوير أفكار جديدة لمعالجة السخط وكراهية الأجانب واللغط القادم من واشنطن وموسكو وأنقرة. ربما يمكنها أن تنجح، إلا أن هذا ليس مؤكدا. وهذا الأمر لايتعلق فقط بشخص ميركل، بل بالحاجة إلى إرساء مرساة أوربية ثابتة في الوسط. أوروبا مستقرة وناجحة اقتصاديا، وألمانيا متسامحة. ولهذا فإن خيار أنغيلا ميركل ما يزال قائما.
إلا أنه إذا تصدر الشعبويون من "الجبهة الوطنية" في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في مايو 2017،، فسيكون الامر محسوما. فالوقوف أمام فرنسا متطرفة قوميا لن يكون ممكنا في أوروبا حتى من قبل السيدة القوية أنغيلا ميركل. ولايمكن تصور أن تسير لأمور على مايرام بوجود ميركل ولوبان.
الكاتب: بيرند ريغيرت / ع أ ج