يصف دونالد ترامب منافسته هيلاري كلينتون بأنها النسخة الأميركية من أنغيلا ميركل. هجوم ناجح، فالمستشارة الألمانية على ما يبدو تصلح لأن تكون واجهة تعكس المخاوف من مزاحمة الأجانب وتراجع المستوى المعيشي، حسب ما ترى إنيس بول.
إعلان
آنذاك، في فترة أعياد الميلاد العام الماضي، كان العالم ما يزال يبدو على ما يرام. وكان يبدو أن الناس كلهم متحدون في التعبير عن تقديرهم واحترامهم للمستشارة الألمانية. وكانت أنغيلا ميركل تحتل صدارة الصحف الأمريكية باعتبارها صوتا للعقل وصانعة للرفاهية الاقتصادية، وكان يتم الاحتفاء بها ليس فقط كأم للأمة الألمانية، ولكن أيضا كضامنة لاستقرار وأمن قارة بكاملها. كما تحولت صور "السيلفي" الشخصية بين المستشارة واللاجئين السوريين في الولايات المتحدة إلى رمز لألمانيا السخية كما جسدها تصفيق المواطنين المرحبين باللاجئين في محطة قطارات ميونيخ.
تواري شعاع ميركل
بعدها جاءت ليلة رأس السنة واعتداءات كولونيا. وتحولت ثقافة الترحيب باللاجئين إلى أزمة مُهددة. ومع تنامي المشاكل السياسية الداخلية في ألمانيا وأوروبا بدأ شعاع ميركل في التواري. وفي أعين الأمريكيين لم يتبق من جملة المستشارة المتفائلة "سننجز ذلك" إلا "نحن خائفون".
وتزامنت بداية السنة مع انطلاق الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، ومعها الصعود المقلق لدونالد ترامب وما رافقه من إطلاق العنان للعنصرية والأحكام الجاهزة.
فأخيرا ظهر سياسي يقدم تفسيرات يمكن للجميع فهمها، سياسي يعلم أسباب سقوط الكمال الأمريكي في عالم فوضوي دون الاكتراث كثيرا بقواعد الاحترام السياسي. فقد وجه أصابع الاتهام مباشرة للمذنبين مقدما حلولا بسيطة: المكسيكيون والصينيون هم وراء الصعوبات الاقتصادية. أما الإرهاب والحروب فيقف وراءها المسلمون.
هجمات تويتر الخرقاء
ولأن دونالد ترامب خبير في تسخين الأجواء وتصعيدها لاستغلالها سياسيا، كان الأمر مجرد مسألة وقت لحين توظيف الأجواء في ألمانيا وأوروبا في حملته الانتخابية. ففي تغريدات خرقاء حمل سياسة اللجوء للمستشارة ميركل مسؤولية هجمات باريس. وتحول كل هجوم وكل عملية قتل يتورط فيها مسلمون، إلى دليل قاطع لخدمة سياسة الإقصاء وغلق الحدود.
اليوم لا تبدو الأوضاع جيدة بالنسبة لدونالد ترامب. فمنذ ترشيحه رسميا من قبل الجمهوريين، لم ينجح في بلورة أرضية صلبة يمكنه الاعتماد عليها. ففي الوقت الذي تتقدم فيه هيلاري كلينتون في استطلاعات الرأي، هرب منه عدد من الأعضاء البارزين في حزبه، ما جعل حملته تتعرض لاهتزاز حقيقي.
لقد اعتمدت حملة ترامب منذ البداية على الخوف وعدم الأمن بدلا من بلورة مفاهيم سياسية. وحساباته بهذا الصدد واضحة وناجحة: كلما تنامت مشاعر الخوف لدى المواطنين، ازداد حنينهم لرجل قوي يعالج مشاكلهم بحزم. وهنا يكمن الفخ الذي توجد فيه أنغيلا ميركلا. فهو يوظف ببساطة وإتقان ورقة الخوف بإعلان أن منافسته كلينتون هي أنغيلا ميركل الأمريكية.
رجل قوي بدلا من امرأة ضعيفة
أصبحت هيلاري كلينتون بالنسبة للكثير من الأمريكيين رمزا لتبدد الآمال. امرأة، كان يُعتقد أنها قادرة على النجاح، إلا أنها اصطدمت بعجزها عن رسم حدود واضحة، وبالتالي بدت وكأنه محكوم عليها بالفشل. سيدة وثق بها الكثيرون لزمن طويل، إلا أنها لا تملك في نهاية المطاف الحزم الكافي لحماية بلدهم من "الآخرين". امرأة لحق بها في النهاية الإرهاب في بلدها، فبعد 15 عاما على أحداث أيلول / سبتمبر 2001، لا يزال الخوف من هجوم إرهابي السلاح السياسي الأقوى الذي يوظفه ترامب.
المقارنة بين ميركل وكلينتون لا تخلو من مهارة، لأن وضع المرأتين في نفس المستوى يستقيم للوهلة الأولى. وهذا يظهر بوضوح أن ترامب مختلف تماما. فهو يقدم قراءة تجعل منه الرجل القوي الذي يمكنه أن يحمي أمريكا من أخطاء امرأة.
بالصور... شخصيات 2015
تركوا بصمتهم في عام 2015: أطفال ورسامون وسياسيون وآخرون. أبهرتنا قوتهم، وصدمنا عجزهم، وبعضهم فارقنا إلى الأبد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
هل ستحقق الشعبية التي حققها هيلموت شميدت بعد مغادرة كرسي المستشارية؟ في هذه السنة تراجعت شعبية المستشارة أنغيلا ميركل في ألمانيا، بسبب سياسة اللجوء التي تنتهجها. أما دوليا، فقد جعلتها هذه السياسة تحظى باحترام كبير، كما اختارتها مجلة التايم "كشخصية هذا العام".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
قبل ارتفاع أعداد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا بقدر كبير، أثار موقف المستشارة مع فتاة من أصل فلسطيني استهجان الكثيرين. ريم سحويل تحدثت عن تخوفها من إبعادها من ألمانيا مع عائلتها، والمستشارة أجابتها: "السياسة قاسية أحياناً"، فبدأت ريم بالبكاء.
صورة من: picture-alliance/dpa/NDR
فارق هيلموت شميدت الحياة عن عمر يناهز 96 عاما. اعتبر كمرجعية مؤسساتية وهو المستشار الألماني الأكثر شعبية بين أقرانه. شرح للألمان ما هو العالم، وأوضح للعالم ما هي ألمانيا. فجسد صورة رجل الدولة كاملا. مشاعر التعاطف معه كانت واضحة عند الاعلان عن وفاته في العاشر من تشرين ثاني الماضي.
صورة من: GettyImages/A. Koerner
لقي الآلاف حتفهم هذا العام خلال فرارهم من الحرب والفقر. آيلان كردي كان في عامه الثالث وغرق مطلع شهر سبتمبر وهو في طريقه إلى أوروبا. صورة هذا الطفل السوري أثارت صدمة واستياء في العالم كله. لكن وحتى اليوم ما زال العديد من الفارين يغرقون خلال محاولة اللجوء إلى أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/DHA
ستيفان شاربونييه، ناشر ورئيس الرسامين في مجلة شارلي إيبدو الفرنسية. هنا في باريس وقفة تضامنية لمتظاهرين مع ضحايا الارهاب. 17 شخصا راحوا ضحية الإرهاب الإسلامي منتصف شهر يناير في هجومات على مقر المجلة وعلى سوبرماركت يمتلكه تاجر يهودي.
صورة من: picture-alliance/dpaF. Von Erichsen
بعد 10 شهور من هجوم يناير لقي 130 شخصا مصرعهم في هجمات جديدة لإسلاميين متطرفين في باريس. الرجل على النقالة نجا من الهجمات. خلال تشييع جنازة الضحايا وعد الرئيس الفرنسي هولاند بـ "تدمير" الإرهابيين.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Medina
هذا هو الرجل الذي يريد الرئيس الفرنسي تدميره: أبو بكر البغدادي، الذي أعلن في 2014 أنه خليفة "الدولة الإسلامية". وقد بسط نفوذه بقطع الرؤوس في دولة الرعب مبررا أفعاله بفتاوى مفتعلة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
شبه نفسه بالعراب وهو يرى في نفسه داعماً لكرة القدم. في شهر حزيران أعيد انتخابه ككرئيس للفيفا، لكنه أعلن استقالته بعد ذلك بقليل. وفي تشرين الأول منع من مزاولة أنشطته من طرف لجنة الأخلاق في الفيفا.
صورة من: Reuters/A. Wiegmann
لم يسبق وأن جلس أحد على عرش بريطانيا طوال هذه المدة: منذ 64 عاما وإليزابيث الثانية في منصب الملك. حين اعتلت العرش كان وينستون تشيرشل رئيسا للحكومة. وكانت تستقبله مرة كل أسبوع، واستمرت على هذا النهج مع أحد عشر رئيس وزراء بعده.
صورة من: GettyImages/C. Jackson
في أواسط الثمانينات حكم بلاده كديكتاتور عسكري، والآن يريد تغيير نيجيريا بالوسائل الديمقراطية: محمد بهاري يرأس نيجيريا منذ مايو الماضي ويسعى إلى محاربة الفساد في الدولة الغنية بالنفط ومحاربة مجموعة بوكو حرام الإرهابية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Alamba
أخباره احتلت عناوين رئيسية: هل سيصبح العنصري والمرشح الجمهوري المعادي للإسلام أقوى رجل في العالم؟ منذ ترشح دونالد ترامب لمنصب الرئاسة الأمريكية ارتفع عدد الباحثين عن اسمه في محرك البحث غوغل بأربعة أضعاف عدد الذين يبحثون عن اسم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.