تقف تونس مهد الربيع العربي على حافة الهاوية. فمع تعليق عمل البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء، تقترب التجربة الوحيدة الناجحة بين انتفاضات "الربيع العربي" من حافة الفشل، كما يرى خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة DW راينر زوليش.
إعلان
في ليلة وضحاها أقال الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي، معلنا قيادته شخصيا الحكومة - على الأقل في الوقت الحالي. تزامن هذا مع تعليق عمل البرلمان وانتشار قوات الجيش حول مقره.هل هذا "انقلاب"؟
هذا الاتهام ساقه نواب حزب النهضة في البرلمان الذين تم رفع الحصانة عنهم، النواب بقيادة رئيس البرلمان وزعيم الحزب راشد الغنوشي. الحزب الذي ينظر له على أنه حزب إسلامي معتدل نسبيا وفقا للمعايير الإقليمية، فيما يمتلك نوابه الأغلبية في البرلمان الذي تم تجميد عمله بموجب قرارات الرئيس قيس سعيد.
ويرى قيس سعيد - وهو محامي وذو توجه علماني قوي- أن تدخله وقراراته تتماشى مع الدستور التونسي. ويرى قيس سعيد أن قراراته بتعطيل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وإعفاء وزيري الدفاع والعدل من منصبيهما، أجراءات ضرورية لإنقاذ استقرار تونس التي تئن تحت وضع متعثر، مؤكدا أن قراراته مؤقتة وأقرب لأن تكون "مكابح طوارئ" ذات طابع سياسي.
مخاوف من تصاعد التوتر
من صاحب الحق في وجهة نظره، هذا ما ستثبته الأسابيع، الأيام، أو حتى الساعات القادمة.
والوضع متوتر بشكل كبير في تونس، إلى درجة أن أي أعمال عنف بسيطة أو مصادمات قرب مقر البرلمان - على سبيل المثال - يمكن أن تخرج عن السيطرة ليندلع على إثرها تصعيد خطير قد يعم أنحاء البلاد. والأمر الجلي، أن استقرار تونس ونظامها الديمقراطي قد أصبحا في خطر جسيم.
ليس على المستوى السياسي يقف طرفا الصراع على طرفي نقيض، بل في الشارع أيضا. إذ بينما يدين البعض "الانقلاب" ويقسم على الدفاع عن "الثورة"، خرج آخرون إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بإسقاط حكومة النهضة مستخدمين في ذلك أبواق السيارات والألعاب النارية، متهمين إياها بالفشل التام في التعامل سواء مع الأزمة الاقتصادية أو وباء كورونا. وبالفعل فقد أعرب العديد من التونسيين عن غضبهم إزاء التقارير المروعة حول الوضع الكارثي الذي وصلت إليه مستشفيات البلاد وسط ارتفاع كبير في معدل الوفيات جراء الوباء، وهو ما أثار احتجاجات عنيفة.
صوب ديمقراطية زائفة
إذا ما خرج الوضع السياسي في تونس عن السيطرة ، فإن أولى التداعيات ستكون تدخل أكثر قسوة وصرامة من قبل القوات الأمنية ما ينذر بنهاية فعلية للتجربة الديمقراطية بأسرها في تونس. وهناك دولة عربية ذات نفوذ تحبذ أن تكون الديمقراطية في تونس "مزيفة و استبدادية" بما يتماشى مع التجربة المصرية.
وفي هذه الحالة، فإن التجربة الوحيدة الناجحة بين انتفاضات "الربيع العربي" سوف تفشل في البلد الذي كان مهد "الربيع العربي" واشعل شرارته في عام 2011، في تونس حيث قاد الربيع العربي إلى نجاح ديمقراطي، أفضل من أي بلد آخر في المنطقة. كل هذا مهدد بالزوال.
راينر زوليش
تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعثر
في خطوة جديدة باتجاه تغيير مسار الانتقال الديمقراطي المتعثر في تونس، وبعد شهرين من إقالة الحكومة وتجميد البرلمان، أعلن الرئيس سعيّد إلغاء العمل بعدد من فصول الدستور. وذلك في أكبر أزمة سياسية بالبلاد منذ ثورة 2011.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد. اعداد: علاء جمعة/م.س