يراهن مواطنو الأردن في قلب العالم العربي على البراغماتية السياسية رغم الصعوبات الجمة التي تحدق ببلدهم، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، وهذا ما ينبغي تقديم المكافأة له لأسباب متعددة كما يرى كيرستن كنيب في هذا التعليق.
إعلان
فيالأردنحدث مايشبهمعجزةصغيرة خلال السنوات الماضية، فحولهذه الدولةالصحراويةالصغيرةيشتعللهيبالإرهابوالحرب: فيالشمالسورياالممزقةبالحرب، وفيالشرقالعراق الذي يتحرر منعقدونصفمنالفوضىوفيالجنوبالشرقيالمملكةالعربيةالسعودية التي كانتطوالسنوات– وما تزال كما يُظن- المصدرالأكبرفيالعالملتطرفدينيمسموم.أما في الغرب فهناك نزاعالشرقالأوسطالمشتعلبينإسرائيلومناطقالحكمالذاتيالفلسطينية، والذييصلحأحسنمنأيشيءلتعبئةمايسمى "الشارعالعربي". وبالقرب من الأردن يقع لبنانموطنحزباللهالذيتقودهإيران،وكلاهماعازمعلى توسيع دائرة اشتعال نيرانالمنطقة.
والآناندفعالأردنيونإلىالشارعلسببمقنعووجيه وهو المطالبة بالحفاظ-على الأقل- على المستوى المعيشي. فهذاالأخيريتلاشىحالياوذلكأيضابسببشروطصندوقالنقدالدوليالتيربطهامعقرضللدولةالتي تعاني دائما من قلة المال. وتنص تلكالشروطعلىرفعضريبةالدخلبنسبة خمسةفيالمائة، وذلك علىدخلسنوي للفرد يزيد على 11.000 يورو. وحتىالضريبةعلىالشركاتيُتوقعرفعه.ومنذبدايةالسنةتمرفع نسبةضريبةالقيمة المضافةوإلغاءالدعمللخبز. كماأنأسعارالموادالغذائيةالأساسيةارتفعتبقوة. وهذاالتطوريستهدفبالأساسالأردنيينالفقراءوالمنتمين للطبقةالوسطى.
يخرج الأردنيون الآن إلىالشارع، وحسب تقارير بأعداد تفوقالعددالمسجلفي سنة 2011، ماسُميحينها بسنة "الربيعالعربي". كماأنالمتظاهرينلم يتجاوزا حتى الآن المطالب الاقتصاديةوالسياسية البحتة، إضافة إلى المطالب بفعاليةوشفافية أكبرفيالإدارةوأيضا مطلب الحدمنالفساد.
البراغماتية بدل التطرف
حافظ الأردنيون حتى الآن فيشكلمثيرللإعجابعلى جانبهمالعملي البراغماتي ـوبهذا السلوكأنقذوادولتهممنالانهيار. وهذاما ساهمتفيهأيضاسياسةالملكالذكيةالمراهنةعلى التوازن باتجاهالداخلوالخارج.
ولهذاالسببفإن الدولالغربيةمُطالبةبدعمالبلاد. ففيحالتشرذمالنظامالسياسيفيعمان،فإنذلكستكونلهعواقبتتجاوزالشرقالأوسط،.فرغمكلشيءيعيشحالياأكثرمنمليونلاجئسوريفيالأردن، وانهيار هذا البلدقديضعأيضاالاتحادالأوروبيأمام اختبار كبير.
كماأنالالتزامبدعم الأردنمرغوبفيه،لأنالسكانبالرغممنجميعالصعوباتيثقونفيالمستقبل، ولهذاالسببهمرفضواإلىحدالآن الاضطراباتالدينيةوالعرقيةالتييستغلهاالشعبويونفيمحيطحدودالبلاد. وبهذايساهمسكانالأردنفيأنتظهرالأردنكمثاللدولةناجحة في العالم العربي.وإذاماانهارتهذهالأخيرة،فإنالكثيرمنالعربقديفقدوانهائياالثقةفيالحكمةالسياسيةـمععواقبغيرمعروفةحتىبالنسبةإلىأوروباالتييجبأنتفهمفيأوقاتالعولمةأنهاجارمباشرللمنطقة.
كريستن كنيب
الأردن.. تاريخ حافل بالاحتجاجات الشعبية ضد رفع الأسعار
قدم رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي استقالته للملك عبد الله الثاني على خلفية الاحتجاجات الشعبية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل. وللأردن تاريخ حافل في الاحتجاجات ضد رفع أسعار الخبز والمحروقات يمتد إلى نحو ثلاثين عاما.
صورة من: picture-alliance/dpa
قدم رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي اليوم الاثنين (الرابع من يونيو 2018) استقالته على خلفية الاحتجاجات الشعبية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل وسياسة رفع الأسعار. تجددت التظاهرات والتجمعات في الأردن لليوم الخامس على التوالي ضد مشروع القانون الذي ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
وكان نحو خمسة آلاف شخص قد تجمعوا قرب مبنى رئاسة الوزراء الأردنية في عمان وسط إجراءات أمنية مشددة هاتفين "يا ملقي اسمع اسمع، شعب الأردن ما رح يركع" و"الشعب يريد إسقاط الحكومة". وحمل البعض لافتات كتب على بعضها "مستمرون حتى رحيل الحكومة" و "لن نركع" و"أنا مواطن ولست جهاز صراف آلي" و"معناش" (لا نملك شيئا).
صورة من: picture-alliance/Photoshot/M. Abu Ghosh
واحتلت العاصمة الأردنية عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة "ذي ايكونومست". وحسب الأرقام الرسمية فقد ارتفع معدل الفقر في الأردن مطلع العام إلى 20 بالمائة، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 18,5 بالمائة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
وكانت تظاهرات حاشدة قد اندلعت مطلع عام 2018 بسبب الإجراءات التقشفية للحكومة ورفع أسعار المحروقات والخبز، استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي بإجراء إصلاحات اقتصادية تمكن المملكة من الحصول على قروض جديدة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار. ونجا الملقي من تصويت على سحب الثقة بحكومته في مجلس النواب على خلفية رفع الأسعار.
صورة من: picture-alliance/ZUMA Wire/M. Abu Ghosh
وللأردن تاريخ حافل في التظاهرات ضد الحكومة، وحتى قبل ثورات "الربيع العربي"، مثلا: اندلعت "انتفاضة الخبز" في معان سنة 1989 ومن ثم انتقلت إلى المدن الأردنية الأخرى. وأدت التظاهرات إلى إقالة الحكومة الأردنية آنذاك برئاسة زيد الرفاعي وإجراء انتخابات برلمانية تعددية وإلغاء قانون الطوارئ الذي كانت تعيشه البلاد منذ سنة 1967.
صورة من: picture-alliance/dpa
ويستورد الأردن الذي يعاني شحا في المياه والموارد الطبيعية، 98 بالمائة من احتياجاته من الطاقة. ووتقوم الحكومة بين الحين والآخر إلى رفع الضرائب وأسعار الخبز. وتقول الحكومة إنها تسعى من خلال هذه القرارات إلى زيادة إيراداتها الضريبية، وهو ما يؤجج غضب الشارع.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Mazraawi
وفي تسعينات القرن الماضي اندلعت الكثير من التظاهرات ضد ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات، من أبرزها "ثورة الخبز" عام 1996 في الكرك وفي معان ومدن جنوب الأردن بعد أن رفعت حكومة عبد الكريم الكباريتي سعر كيلو الخبز إلى 25 قرشا.
صورة من: picture-alliance/ZUMA Wire/M. Abu Ghosh
في سنة 2007 استمرت التظاهرات أربعة أيام بسبب غلاء الأسعار، وفي سنة 2009 اندلعت أيضا تظاهرات واحتجاجات ضد العنف المفرط من قبل قوات الأمن.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Nasrallah
ومع بداية "ثورات الربيع العربي" شهدت الأردن تظاهرات حاشدة لعدة أشهر تطالب بالإصلاحات. وفي عام 2012 شهد الأردن اضطرابات استمرت عدة أيام على خلفية إجراءات تقشفية فرضت بطلب من صندوق النقد الدولي تضمنت رفع دعم الوقود. (الصورة من احتجاجات عام 2011).