وجهة نظر: فوز ماكرون فرصة لألمانيا وأوروبا لمزيد من التكامل
٢٥ أبريل ٢٠٢٢
تشكل إعادة انتخاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ردا من الديمقراطية على الغزو الروسي لأوكرانيا. كما تعتبر تفويضا لمواصلة تطوير مشروع الوحدة الأوروبية، كما يرى فرانك هوفمان في مقال الرأي التالي.
في يونيو/حزيران سيتم انتخاب البرلمان الفرنسي، وأمام واقع توزيع الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، هناك رغبة فرنسية بألا يتكرر الأمر؛ أي أن تحصل لوبان وبقية اليمين المتطرف على ثلث الأصوات، وأن يحصل اليساري الشعبوي جان لوك ميلنشون على 20 بالمئة.
النخبة السياسية في العاصمة باريس غير محبوبة في فرنسا منذ فترة طويلة، ولكن الآن يتجلى هذا الشعور العام: "هم هناك في الأعلى. نحن هنا في الأسفل"، وهذا موجه مباشرة للديمقراطية. إنه أكثر من إشارة تحذيرية.
الاتحاد الأوروبي كوحدة للحماية
"الجمهورية إلى الأمام"، الحزب الذي أسسه ماكرون في البداية كحركة وسطية، ساهم في تفاقم العجز الديمقراطي خلال السنوات الخمس الماضية، كما تفاقم أيضا بسبب دفع المعسكرات السياسية التقليدية نحو اليسار من جهة ونحو اليمين من جهة ثانية. وبالتالي سيتعين على ماكرون وفريقه تغيير ذلك، إذا كانت فرنسا لا تريد الانزلاق نحو القومية المتطرفة.
وهذا مرتبط بشكل كبير بأوروبا ككل، وخصوصا بالشريك الأهم: ألمانيا. غالبا ما ينظر في فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي على أنه نادٍ للشركات الكبيرة وليس كمجتمع للحماية الذاتية، داخليا وخارجيا. فلقد أظهر الهجوم الروسي على أوكرانيا خلال الشهرين الماضيين أن الكثيرين على حق في تقييم أهمية الاتحاد الأوروبي. لأن الحرب الروسية هي أيضا هجوم على أوروبا حرة وديمقراطية.
تم انتخاب ماكرون قبل خمس سنوات بأجندة سياسية أوروبية واضحة - صاغها الشاب كليمان بون، الذي يتبوأ حاليا منصب وزير الدولة للشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الفرنسية. الرجل البالغ من العمر 40 عاما كتب لماكرون (الذي يكبره بأربع سنوات فقط) ما يجب فعله: تحقيق اندماج أعمق في الاتحاد الأوروبي وجعله أكثر ديمقراطية.
ولكن لا توجد حتى اليوم إمكانية اتخاذ القرارات وفق مبدأ الأغلبية في بروكسل بشأن قضايا السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. إنه أمر غير معقول: حيث يمكن لصديق بوتين، رئيس الوزراء المجري غير الليبرالي فيكتور أوربان، منع قرارات مهمة باستخدام حق النقض (الفيتو)، بينما تقوم روسيا الآن بمهاجمة الديمقراطية في أوروبا مستخدمة السلاح، ويتعين على دافعي الضرائب في فرنسا وألمانيا مواصلة إمداد أكبر خصم للاتحاد الأوروبي في الداخل، بالأموال. هذا غير معقول. وكثير من الفرنسيين يرون الأمر بهذه الطريقة أيضا.
الكرة الآن في ملعب برلين
لذلك فإن نتيجة الانتخابات في فرنسا هي قبل كل شيءفرصة ثانية لأوروبا، وخصوصا لألمانيا. يعمل ماكرون منذ أكثر من خمس سنوات على استقطاب الدعم لفكرته بأن يكون الاتحاد الأوروبي قوة عالمية أو تكتلا مستقلا بين الولايات المتحدة والصين، يتضمن وجود عنصر فرنسي-ألماني قوي.
ولكن لسوء الحظ، لم ترغب المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل أن تتخذ نفس المسار. ويتميز إرث ميركل على صعيد السياسة الأوروبية بسجل كارثي بالنسبة للتكامل الأوروبي، إذا ما تمت مقارنتها بمستشارين مثل هيلموت كول أو هيلموت شميت. لقد تجاهلت مساعي ماكرون بشأن تعميق العلاقات بين البلدين بتجديد فاتر لمعاهدة الإليزيه، ومعاهدة آخن للعلاقات الفرنسية-الألمانية.
والآن لدى التحالف الحكومي الألماني، المكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر، فرصة لتصحيح هذا الخطأ.
المفاوضون من حزب الخضر كانوا أذكياء في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي في ألمانيا، عندما أصروا على أن تكون مسألة تقوية الاتحاد الأوروبي جزءا من اتفاقية تكوين الائتلاف الحكومي. وليس مثلما اعتاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن يفعل مع سياسته المؤيدة لأوروبا ولكنها سياسة غير نشطة. هذه المرة هناك مقترحات ملموسة في العديد من المجالات السياسية المختلفة، وينبغي على أوروبا أن تتخذ خطوة كبيرة باتجاه تكوين الولايات المتحدة الأوروبية. هذا هو مربط الفرس الآن. والكرة باتت منذ مساء الأحد في ملعب برلين.
فرانك هوفمان
ماكرون يتصدر الانتخابات ويتواجه مع لوبان في الدور الثاني
تصدّر الرئيس إيمانويل ماكرون نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية بفارق واضح عن منافسته مارين لوبان وليتواجه الاثنان في الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 أبريل/ نيسان.
صورة من: JB Autissier/PanoramiC/IMAGO
عقبات كثيرة قبل دخول الإليزيه
صادق المجلس الدستوري الفرنسي في مارس/ آذار على أوراق 12 مرشحا للانتخابات الرئاسية، بينهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. طريق المرشحين لم يكن سهلا إذ توجب على كل واحد منهم أن يحصل على 500 توقيع من الممثلين المنتخبين (نواب، رؤساء بلديات، عمد مدن.. إلخ). وتنطلق الجولة الأولى الأحد 10 أبريل/ نيسان 2022، ومن المتوقع أن يأتي ساكن الإليزيه من خلال التصويت في جولة الإعادة المقررة الأحد 24 أبريل/ نيسان.
صورة من: LUDOVIC MARIN/AFP/Getty Images
عقبة كبيرة أمام صغار المرشحين
بالنسبة للمرشحين من الأحزاب المنشقة أو السياسيين الذين لا ينتمون إلى أي حزب، يمكن أن يصبح جمع توقيعات المؤيدين المطلوبة لخوض السباق الرئاسي عقبة لا يمكن التغلب عليها. ففي كل انتخابات رئاسية، يمثل الوقت اللازم للحصول على هذه التوقيعات وتقديمها للجنة الانتخابات تحدياً كبيراً. ولن يتحدد الرئيس الجديد لقصر الإليزيه الذي سيتولى المنصب في مايو/آيار إلى حين الانتهاء من انتخابات الإعادة في 24 أبريل/نيسان.
صورة من: Lionel Bonaventure/AFP
ماكرون، الرئيس الحالي والمرشح الأوفر حظا للفوز
يتصدر إيمانويل ماكرون استطلاعات الرأي منذ شهور بهامش يصل إلى 27% من نوايا المصوتين. ومن غير المرجح أن يُحرم من الحصول على مكان في انتخابات الإعادة. وبالمقارنة مع أسلافه، يتمتع الرجل البالغ من العمر 44 عامًا بتقييمات شعبية جيدة في نهاية فترة ولايته. ويرى البعض أن إعلان ماكرون ترشحه قبل أسابيع قليلة من الانتخابات له أسباب تكتيكية.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
رئيس الدولة حتى أثناء الحملة الانتخابية
حتى خلال حملة ترشحه للرئاسة، لا يزال بإمكان ماكرون العمل كرئيس - دون الحاجة إلى مراعاة القواعد التي تحكم الحضور الإعلامي للمرشحين في فرنسا. ويثير سجل ماكرون للإصلاحات الجدل بشكل كبير. وبعد احتجاجات "السترات الصفراء"، تضاءلت حماسته لإجراء المزيد من الإصلاحات الجذرية. ومن بين أمور أخرى، يريد الرئيس تسجيل نقاط لدى الناخبين مستغلاً التطور الاقتصادي الإيجابي الذي حدث مؤخراً في البلاد.
صورة من: Martin Bureau/AFP/dpa/picture alliance
مارين لوبان: المحاولة الثالثة "والأخيرة"؟
مارين لوبان من التجمع الوطني اليميني المتطرف. سبق لمارين لوبان أن واجهت ماكرون في جولة الإعادة قبل خمس سنوات. وتشير تقييمات لوبان إلى أنها نجحت في تبديد الصورة التي تشيطن حزبها اليميني المتطرف دون تغيير برنامجه الأساسي المناهض للهجرة. وتظهر الاستطلاعات أن ما يصل إلى 23 بالمئة من الناخبين يعتزمون التصويت لها في الجولة الأولى. وقد تكون محاولتها الثالثة لدخول الإليزيه هي آخر فرصة للوبان لتصبح رئيسة.
صورة من: Stephane de Sakutin/AFP/Getty Images
فاليري بيكريس- الخصم غير المريح
في استطلاعات الرأي، يتصارع كل من فاليري بيكريس ومارين لوبان على المركز الثاني خلف ماكرون.عملت بيكريس كرئيسة للمجلس الإقليمي لمنطقة العاصمة منذ عام 2015 وعملت أيضاً كوزيرة للبلاد. تصف نفسها بأنها خليط من تاتشر وميركل. في جولة الإعادة ضد ماكرون، سيكون لدى السيدة الجمهورية المحافظة فرص أفضل من لوبان. وتظهر أحدث استطلاعات للرأي احتمال فوزها بما بين ثمانية وعشرة بالمئة فقط من الأصوات في الجولة الأولى.
صورة من: Thierry Chesnot/Getty Images
إريك زمور- المثير للجدل
وصل إريك زمور (63 عاماً) - أحد أبرز مرشحي اليمين المتطرف - إلى معدلات اقتراع مرتفعة إلى جانب مارين لوبان. يرسم زمور - وهو أحد نجوم البرامج الحوارية - صورة قاتمة لدولة فرنسا واشتهر بأطروحاته المعادية للإسلام وأدانته المحكمة بسبب ذلك عدة مرات. يتبنى نهج دونالد ترامب المناهض لسلطات المؤسسات ويصور نفسه على أنه المنقذ للأمة الفرنسية. تتوقع الاستطلاعات فوزه بنسبة بين 9 و11% من الأصوات في الجولة الأولى.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
جان لوك ميلنشون: قوة الكلمات
مثل مارين لوبان، تعتبر هذه هي محاولة جان لوك ميلنشون الثالثة لدخول الإليزيه. قبل خمس سنوات، حقق ميلينشون (70 عاماً) المركز الرابع في الانتخابات. "السياسي الفصيح" يرى نفسه زعيم المعارضة الحقيقي في البرلمان. وينتمي في الأصل للحزب الاشتراكي (الرمز التقليدي لتيار يسار الوسط)، لكنه الآن زعيم حزب "فرنسا الأبية" (La France Insoumise). وتشير الاستطلاعات لاحتمال حصوله على 14 و17% في الجولة الأولى.
صورة من: Thomas Samson/AFP/Getty Images
يانيك جادو: الواقعي
في الانتخابات المحلية، فاز حزب الخضر مؤخراً بعدة مجالس بلدية في المدن الكبرى في فرنسا. لكن على المستوى الوطني، ليس للحزب تأثير حاسم في الوقت الحالي. ومع يانيك جادو، يرسل حزب الخضر شخصاً براغماتيًا إلى السباق بعد الانتخابات التمهيدية. يتمتع عضو البرلمان الأوروبي (54 عاماً) بتأييد الناخبين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ويُتوقع حصوله في الجولة الأولى على 8.5 % من الأصوات.
صورة من: Joel Saget/AFP/Getty Images
آن هيدالغو- مرشحة في أزمة
تريد عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو الانتقال من قاعة المدينة بالعاصمة إلى قصر الإليزيه. كانت السياسية المولودة في إسبانيا المرشحة الواعدة للحزب الاشتراكي في 2021. تريد هيدالغو الإبقاء على سن التقاعد الحالي البالغ 62 عاماً، في تحد واضح لخطط ماكرون بزيادته إلى 65 عاماً. وبسبب تشتت اليسار وكثرة مرشحيه، تشير التوقعات إلى احتمال حصولها على أقل من 3.5% في الجولة الأولى ما يضعها في أزمة.
صورة من: Franck Fife/AFP/Getty Images
فابيان روسيل: التقليد يلزم
كما هو الحال في جميع الانتخابات الرئاسية تقريبًا، يرسل الشيوعيون مرة أخرى مرشحهم إلى السباق. تتشابه خطط الصحفي والسياسي الفرنسي فابيان روسيل (52 عاماً) مع خطط أسلافه: زيادة الضرائب على الممتلكات وزيادة القوة الشرائية للفرنسيين بدعم من الدولة. نال نسبة 5% أو أقل من نوايا التصويت وهي العتبة التي خولته الحصول على نفقات حملته. من المرجح أن ينتهي الأمر بالسكرتير الوطني للحزب الشيوعي في مؤخرة السباق.
صورة من: Joel Saget/AFP/Getty Images
مرشحون لإثبات الحضور فقط؟
وهناك أربعة مرشحين آخرين سيتواجدون في السباق الرئاسي إلى الإليزيه لكن حظوظهم في الفوز "شبه مستحيلة"، كما حدث لهم في انتخابات رئاسية سابقة. وهؤلاء هم: نيكولا ديبون-إينيان (61 عاما) عن حزب "انهضي فرنسا"، وجان لاسال (66 عاما) عن حزب "لنقاوم" وكذلك فيليب بوتو (54 عاما) عن "الحزب الجديد لمناهضة الرأسمالية"، والمرشحة ناتالي آرتو (52 عاما) من "حزب النضال العمالي". إعداد: أندرياس نول/ ع.ح/ ص.ش
صورة من: Julien Mattia/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance
ماكرون يتأهل مع لوبان
بنسبة 28,5 في المائة تأهل إيمانويل ماكرون للدور الثاني من الإنتخابات الفرنسية، منا تأهلت مارين لوبان بنسبة 23,6 في المائة، حسب تقديرات أولية لنتائج الاقتراع الذي جرى الأحد. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 65 بالمائة حتى الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت غرينتش. وتنافس في هذه المرحلة من الاستحقاق 12 مرشحا.