يريد نظام بشار الأسد تحرير مدينة حلب من الجهاديين بمساعدة روسية. وبذلك فهو يحارب متطرفين كان قد أطلق سراحهم قبل سنوات من السجون. الصحفي الألماني كيرستن كنيب يرى أن ذلك استهزاء بلا حدود.
إعلان
عادت الطائرات الحربية الروسية لشن هجماتها في سوريا. وهي تستهدف بصواريخها مدينة حلب، التي ما زال تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي وتنظيمات جهادية أخرى تسيطر على جزئها الشرقي. صحيح أنَّ هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار منذ نهاية شباط/ فبراير 2016، إلا أنه لا يشمل الجماعات الجهادية.
من المتوقع أن ينسحب الجهاديون وتلحق بهم هزيمة جديدة، وهذا خبر سار. أما الخبر غير السار، فهو أن الأسد سوف يعزز من سلطته بسيطرته على حلب. وقد يتخلى الأسد بنفسه عن منصبه حفاظا على ماء الوجه، إذ تقول مصادر غير رسمية إن محادثات السلام، التي ستنطلق منتصف الأسبوع الجاري، سوف تتناول هذا الموضوع أيضا.
تراجع الثقافة السياسية
لكن السؤال هو: ما هو المكسب من تخلي الأسد عن السلطة؟ في الحقيقة يجب –ليس فقط–تبديل جميع أعضاء فريق حكومة بشار الأسد، وإنما أيضا تجديد كل الثقافة السياسية في سوريا، وهي فكرة تبدو وهماً بعد أربعين سنة من حكم آل الأسد.
حافظ الأسد ونجله بشار مسؤولان عن تراجع الثقافة السياسية بشكل لا مثيل له، وعن خشونة ووحشية عزّ نظيرها. وهذا يظهر في أساليب الجهاديين الذين يرمي النظام إلى محاربتهم الآن. فالجهاديون يُعتَبرون وسيلة فعالة يستخدمها النظام منذ بداية الألفية لفرض مصالحه. وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 سمح النظام بتسلل مئات المقاتلين الجهاديين إلى البلد المجاور.
وتوثق تسجيلات سنجار، التي عُثر عليها في مدينة سنجار شمالِيّ العراق عام 2007، الطرق التي سلكها أكثر من 600 مجاهد من سوريا لعبور العراق في عامي 2006 و 2007، كما توثق أيضا أنهم تلقوا تدريبات عسكرية في سوريا. والهدف من ذلك هو محاربة الأمريكيين بقوة بحيث لا يفكرون بالتدخل في سوريا بعد العراق.
خروج المارد من الزجاجة
النظام أطلق أيضا "مارد الجهاديين" من الزجاجة بعد اندلاع الاحتجاجات في أوائل عام 2011. ففي نهاية أيار/ مايو من ذلك العام أصدر نظام الأسد حكما بالعفو وخاصة عن الجهاديين الأكثر دموية. وكانت حسابات النظام من وراء هذا الإفراج، أن يدمَغ الانتفاضة الديمقراطية التي شارك فيها جميع فئات الشعب بأنها انتفاضة جهادية.
وفعلا نجحت الخطة: فالمتطرفون السنة من ذوي السوابق الجنائية الخطيرة، عاملوا الشيعة والمسيحيين معاملة قاسية، بحيث بات هؤلاء لا يريدون التعامل مع السنة بأي شكل من الأشكال.
المصلحة الوحيدة: الحفاظ على السلطة
وفي الوقت نفسه هاجم نظام الأسد المدنيين السنة بوحشية دفعت الجهاديين من أنحاء العالم إلى أن يتوافدوا إلى سوريا ويحوّلوا الانتفاضة العلمانية إلى انتفاضة جهادية. وقدّم النظام نفسه للسوريين والعالم وكأنه القوة الحامية لهم ضد التطرف السني.
هذه الحسابات المستهزئة كلفت مئات آلاف السوريين أرواحهم والنظام لا يكترث، بل وبقسوة لا مثيل لها يضحي بشعبه من أجل هدفه الوحيد المتمثل بالبقاء في السلطة. أما عدد المدنيين الذين سيقتلون، فهذا لم يلعب ولن يلعب دورا لدى مركز السلطة في دمشق. في حلب يهزم شيطانٌ شيطاناً آخر، من أبرز معاونيه.
الأسد في سوريا: باقٍ أم راحل؟
مازال قادة العالم منقسمين حول مستقبل الأسد، ففيما تعارض فرنسا وبريطانيا وتركيا ودول الخليج بقاءه، تطالب بذلك روسيا وإيران. أما إدارة اوباما فتريد العمل مع الجميع لإزاحته وألمانيا مستعدة للحوار مع الجميع ومن ضمنهم الأسد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
التقى الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الأمم المتحدة للبحث في حلول للأزمة السورية ، لكنهما لم يحققا أي تقدم بخصوص دور الرئيس بشار الأسد. وترى الولايات المتحدة أن الأسد جزء من المشكلة، فيما تصفه روسيا بأنه جزء من الحل.
صورة من: Reuters/M. Segar
ووصف الرئيس أوباما في خطاب أمام الجمعية العام للأمم المتحدة الأسد بأنه "مستبد يقتل الأطفال". وقال إن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة بما في ذلك سوريا وإيران لتسوية النزاع". وحمل أوباما بعنف على الرئيس السوري لأنه "يلقي البراميل المتفجرة لقتل أطفال أبرياء".
صورة من: Reuters/Mikhail Klimentyev
تبادل الرئيسان الروسي والأميركي الأنخاب وتصافحا على غداء لكن الهوة بين موقفيهما حول مستقبل الأسد مازالت واسعة. وقال الرئيس الروسي إن "عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجها لوجه سيكون خطأ فادحا". وأضاف "علينا أن نعترف أن لا احد سوى القوات المسلحة للرئيس السوري يقاتل فعليا الدولة الإسلامية".
صورة من: Reuters/Mikhail Metzel
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في المنفى خالد خوجة أن "لا احد يمكنه الصفح" عن ممارسات نظام الرئيس السوري بشار الأسد". وأضاف خوجة "ما يجري في سوريا هو إبادة تتم تحت أنظار العالم"، وتساءل " أتعتقدون أن النظام يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية؟ الإحصاءات تقول غير ذلك".
صورة من: Reuters/M. Dabbous
أعلنت المستشارة أنغيلا ميركل أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يشارك في أي مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر في بلاده منذ أكثر من أربع سنوات. فيما دعا وزير خارجيتها فرانك-فالتر شتاينماير إلى إشراك إيران في مساعي حل النزاع باعتبار أنّ: "إيران فاعل إقليمي رئيسي مطلوب لحل الأزمة.... سيمكننا إنجاح الأمر فقط عندما نأتي بكافة الأطراف الفاعلة المهمة على طاولة واحدة الآن".
صورة من: Getty Images/A. Berry
من جانبه، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تشكيل "جبهة موحدة" للتصدي للمتطرفين في الشرق الأوسط. وقال روحاني إن "اخطر واهم تهديد يواجه العالم اليوم هو أن تتحول المنظمات الإرهابية إلى دول إرهابية". ولمح روحاني إلى مستقبل ومصير بشار الأسد عن طريق إجراء انتخابات، وقال "نحن نؤيد دعم السلطة من خلال أصوات الناس بدلا من الأسلحة".
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress
الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند دعا إلى التعامل مع روسيا وإيران لإنهاء الصراع في سوريا، وقال للصحفيين "روسيا وإيران تقولان إنهما ترغبان في لعب دور أكبر في حل سياسي. نحتاج للعمل مع هذين البلدين ولأن نبلغهما أن ذلك الحل أو الانتقال يجب أن يحدث.. لكن بدون بشار الأسد".
صورة من: Reuters/A. Jocard
أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يتعين الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتنظيم الدولة الاسلامية حتى لو انتهي الأمر بأن يلعب الأسد دورا مؤقتا في أي حكومة انتقالية، مضيفا "نريد سوريا بدون تنظيم الدولة الإسلامية وبدون الأسد.. لأنه بصراحة لا مستقبل للشعب السوري في بلد يوجد فيه أي منهما ".
صورة من: Reuters/Stefan Rousseau
تركيا من جانبها لا زالت تعارض انتقالا سياسيا في سوريا يكون فيه دور لبشار الأسد. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في تصريح لصحيفة حريت التركية: "مقتنعون بأن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول إلى أمر واقع دائم".
صورة من: Reuters/Umit Bektas
السعودية ودول خليجية أخرى ثابتة على معارضتها لبقاء الأسد. ودعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية "دون أي تدخل أجنبي" فيما اعتبر وزير خارجية قطر إنه يوجد توافق دولي عام مع روسيا بشأن دعوتها إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لكنه حذر من أن خطة الرئيس بوتين لا تعالج السبب الأساسي للأزمة في سوريا وهو الرئيس بشار الأسد.