وجهة نظر: بعد مقتل أنيس عامري حان الوقت لنتذكر الضحايا
٢٤ ديسمبر ٢٠١٦
قتل أنيس عامري، المشتبه به في تنفيذ الاعتداء في برلين. وطبعا لابد من الإجابة على أسئلة حول الاعتداء وفشل السلطات الأمنية في منعه وسياسة اللجوء. لكن الآن حان وقت تذكر الضحايا، كما تقول نعومي كونراد في تعليقها التالي:
إعلان
قُتِلَ الرجلُ، الذي وُجِدت بصمات أصابعه على مقود الشاحنة، وبها قتل في سوق عيد الميلاد في برلين 12 شخصاً وأصاب نحو 50 آخرين، وقتل أيضا الأعمال التجارية والفرحة المرتبطة بعيد الميلاد في ألمانيا. قتلته الشرطة الإيطالية في ميلانو، كما أكد وزير الداخلية الإيطالي والمدعي العام الألماني.
أنيس عامري كان يعتبر المشتبه به الرئيسي في الاعتداء. كان مشتبها به، ويجب علينا دائما تذكر هذه العبارة، لأن التحقيقات ما زالت مستمرة. ولا يوجد يقين نهائي، على الرغم من أن الكثير من الأدلة تشير إلى أنه مرتكب الجريمة.
من المبكر طرح الأسئلة
لذلك من المبكر جداً أن تُطرح أسئلةٌ مثل: كيف يمكن لرجل معروف للسلطات كـشخص خطر، وتربطه أواصر وثيقة مع إسلامويين آخرين، أن يختفي في الأسابيع الأخيرة، كما يبدو، من على رادار الجهات الأمنية الألمانية؟
ومن المبكر جداً أيضا أن يصيبنا الغيظ الشديد من السبب الذي لأجله تأخرت تونس في إرسال وثائق الهوية الخاصة (بأنيس عامري) إلى هذه الدرجة؛ فتونس سبق وأن تعهدت على نفسها فعلا بأن تستقبل مواطنيها، الذين لا يحق لهم الإقامة في ألمانيا.
وبالتأكيد إنه من المبكر تماما أن تكون هناك رغبة في مراجعة سياسة اللجوء بأكملها، وكأن الحديث عن تلك السياسة في الأشهر الماضية لم يكن كافياً، ولم يتخذ طابعاً أكثر تشددا.
طبعا: جميع هذه الأسئلة يجب في لحظة ما طرحها ومناقشتها بشكل موضوعي وواضح. وربما يجب اتخاذ مواقف والقيام بإجراءات يمكنها ضمان المزيد من الأمن، بدون تقييد لأسس الحرية أو إذكاء لمشاعر الاستياء.
هذا سيكون توازنا صعبا في العام القادم، والذي ستجري فيه الانتخابات التشريعية الألمانية. وستكون هناك إغراءات كبيرة للبعض، وليس لحزب "البديل من أجل ألمانيا" فقط، لوصف ونعت بعض فئات الشعب، وكذلك اللاجئين بالإضافة إلى المسلمين أنفسهم، (وصفهم ونعتهم) بمجرمين وإرهابيين محتملين، وإذكاء الكراهية ضدهم.
وحتى نحن، الإعلام، يجب علينا أن ننظر بنقد إلى تغطيتنا الإخبارية ونسأل أنفسنا لماذا الكثير منا، وقبل الإعلان الرسمي من قبل السلطات، قام بنشر اسم وصور المتهم الأول ومن ثم المتهم الثاني؟ هل لأننا كنا نريد أن نوصل المعلومات التفصيلية للرأي العام؟ أم أننا أردنا أن نكون الأوائل، الذين ينشرون الأخبار، طلبا لعدد قراءات أكبر وتغريدات أكثر؟
النقاش يجب أن يتم بهدوء
يجب علينا جميعا أن نجري نقاشا هادئا. نقاشا يضمن ألا يتحول خوفنا إلى شيء ما، يؤثر ربما في الختام على مجتمعنا ويسممه ويتسبب في تثبيت الأحكام المسبقة والكراهية، وهذا تماما هو ما كان يطمح إليه منفذ الاعتداء.
لهذا يجب الآن عدم التخمين. وعندما تنتهي جميع التحقيقات في القضية، وتكون الحقائق واضحة وجميع مجريات الاعتداء قد تجلت، عندئذٍ سيكون الوقت مناسبا لطرح الأسئلة.
ولذلك سنستغل هذا الوقت للتفكير في ضحايا الاعتداء، حتى لا يضيعوا في بحر التخمينات والشكوك والاتهامات. لأن ضياع الضحايا مسألة لا يستحقونها. ولذلك يجب أن تكون أيام الاحتفال بعيد الميلاد أيام تأمل، بمعنى الكلمة.
أنيس عامري.. رحلته من مجرم صغير في تونس ونهايته كإرهابي في أوروبا
أكدت السلطات الإيطالية مقتل أنيس عامري، المشتبه به في تنفيذ اعتداء برلين، الذي قتل فيه 12 شخصا. عامري كان قد هرب بسبب الأوضاع الاقتصادية وبسبب عقوبة جنائية في تونس قبل سبع سنوات، فيما "تطرف لاحقا وصار إرهابيا في أوروبا."
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Police Handout
أكدت السلطات الإيطالية رسميا اليوم الجمعة (23 كانون الأول/ ديسمبر 2016) مقتل أنيس عامري المشتبه به في تنفيذ الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين، في اشتباك مع الشرطة في مدينة ميلانو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Daniele Bennati/B&V
مصطفى عامري والد أنيس أمام منزل العائلة. أنيس من مواليد عام 1992 وهو مولود في حي حشاد بمنطقة الوسلاتية التابعة لولاية القيروان. وقال مسؤول أمني تونسي إن له أخا واحدا وأربع شقيقات. كما ذكر أن أنيس عامري أوقف مرات عدة بسبب المخدرات قبل الثورة، التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
بسبب تاريخها الإسلامي تعد القيروان عاصمة روحية لتونس. وفيها الجامع الكبير، الذي أسسه عقبة بن نافع. لكن المدينة تحولت في الأعوام الأخيرة إلى مركز للسلفيين المتشددين في تونس. واندلعت مصادمات في سنة 2013 بين الشرطة ومؤيدي جماعة "أنصار الشريعة" المتشددة في القيروان، بعد أن منعت السلطات التونسية ملتقى سنويا تعقده الجماعة في المدينة ويحضره الآلاف منهم.
صورة من: picture alliance/AP Photo
غادر أنيس تونس في سنة 2009، وبحسب أخيه عبد القادر، هرب أنيس من الفقر في تونس وكان "يريد بأي ثمن تحسين الوضع المادي لعائلاتنا التي تعيش تحت خط الفقر كأغلب سكان الوسلاتية." وذكر عبد القادر عامري أن أنيس حكم عليه في تونس بالسجن 4 سنوات بسبب إدانته في جرائم سرقة وسطو.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
وذكرت صحف إيطالية أن أنيس أعلن أنه قاصر عندما قدم طلب اللجوء وتم ارساله إلى مركز لاستقبال اللاجئين القصر في مدينة كاتانيا في جزيرة صقلية. وفي 24 تشرين الأول/ اكتوبر 2011 أُوقف مع ثلاثة من مواطنيه بعد حرقهم مدرسة، وحكم عليه بالسجن لأربع سنوات، وأمضى عقوبته في كاتانيا ثم في عدة سجون في صقلية. ولأنه لم يكن من المساجين المنضبطين، لم ينل أي خفض لمدة عقوبته وأمضي فترة العقوبة بالكامل في السجون.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
بعد خروجه من السجن سنة 2015 أُرسل إلى مركز لتحديد هويته وصدر بحقه قرار طرد من إيطاليا. وقالت صحيفة "ميلانو" إن إجراءات تحديد الهوية الضرورية لترحيله "لم تقم بها السلطات التونسية ضمن المهل القانونية"، ما يفسر اضطرار ايطاليا "للإفراج عنه". ومن ثم دخل ألمانيا وقدم فيها طلبا للجوء في تموز/ يوليو 2015. واشتبهت الشرطة الألمانية باتصاله بالتيار السلفي، وتم تصنيفه كـ "شخص خطر."
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundeskriminalamt
كان أنيس يخضع للتحقيق منذ آذار/ مارس الماضي، كُلِّفت به نيابة برلين بتهمة "الإعداد لعمل إجرامي خطير يشكل خطرا على الدولة." لكن التهم أسقطت لغياب الأدلة الكافية، ومن ثم توقفت مراقبته في أيلول/ سبتمبر الماضي. وأمضى أنيس عامري وقته متنقلا في مختلف أنحاء ألمانيا، لإخفاء أثره على ما يبدو.
صورة من: REUTERS
وأشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية إلى أن الشاب التونسي كان على علاقة مع عراقي يبلغ 32 عاما، مشهور باسم أحمد عبد العزيز عبد الله ولقبه "أبو ولاء". وأوقف "أبو ولاء" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى جانب أربعة شركاء آخرين لتشكيلهم شبكة تجنيد لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بحسب النيابة الاتحادية الألمانية.
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
فيما قال رالف ييغر، وزير الداخلية بولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية، إن أنيس رُفِضَ كطالب لجوء في حزيران/ يونيو 2016 "ولكن لم تستطع السلطات المعنية ترحيله لأنه لم يكن لديه أوراق هوية صالحة". كما أكد الوزير أن تونس شككت مرارا في أنه تونسي الجنسية. وأكد الوزير أن أوراق الهوية المطلوبة لترحيله لم تصل سوى بعد يومين، بعد الهجوم الإرهابي في برلين.
صورة من: Reuters/I. Fassbender
وكان الادعاء العام الألماني قد صدر أمر اعتقال بحق أنيس عامري بتهمة الهجوم بشاحنة على سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين. وقالت المتحدثة باسم الادعاء العام أن الأدلة تشير إلى أن عامري هو من قاد الشاحنة، التي اقتحمت السوق مساء الإثنين (19 ديسمبر/ كانون الأول) وتسببت في قتل 12 شخصا وإصابة نحو 50 آخرين. الكاتب: زمن البدري