الاغتيالات في هاناو تؤكد تصاعد الكراهية والعنصرية في ألمانيا. وهذا العنف الوحشي ضد أناس من أصول مهاجرة يجب أن يحرك أخيراً صناع القرار السياسي والمجتمع المدني، كما ترى إنيس بول، رئيسة التحرير في مؤسسة دويتشه فيله.
إعلان
والآن يحصل ذلك في هاناو، فللمرة الثالثة في غضون شهور قليلة تفجرت الكراهية والحماقة لتشق طريقها في ألمانيا. فبعد اغتيال السياسي المحافظ فالتر لوبكه في يونيو/ حزيران من العام الماضي 2019 أمام بيته بسبب التزامه لصالح اللاجئين ودعمه لهم، كانت بوابة الكنيس الثابتة في مدينة هاله وحدها التي منعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي متطرفا يمينيا من التسبب في حمام دم داخل المعبد المليء بالناس. والآن قتل رجل في هاناو بالقرب من فرانكفورت عشرة أشخاص. وفي شريط فيديو روج الرجل قبلها للعنصرية ونظريات المؤامرة قبل أن يقتل ضيوفا في مقهيين للشيشة ووالدته.
أرض خصبة لقتلة وسط المجتمع
هؤلاء الجناة تجمع بينهم كراهية كل ما لا ينسجم مع تفسيرهم القومي العنصري لألمانيا. سيان أكانوا على تواصل بينهم على الانترنت أو على تواصل مع أشخاص يمينيين متطرفين أو مجموعات أم لا: ألمانيا يجب عليها أن تُقر بأن تصعيد الكراهية وصل إلى قلب البلاد. السياسيون وكذلك المجتمع المدني يجب عليهم مجابهة حقيقة أن الأرض الخصبة لهؤلاء القتلة هي الإديولوجيات العنصرية والمعادية للنساء واليمينية المتطرفة التي تلقى من جديد الإقبال في كثير من الدوائر.
هذه الجرائم لا يمكن النظر إليها كجنح منفصلة عن بعضها البعض. وبغض النظر عما إذا كان هذا العنف المُحتقر للبشر يتم توجيهه ضد سياسيين منفتحين على العالم أو ضد يهود أو مسلمين، فهو تعبير عما يمكن أن ينتعش مرة أخرى في الأجواء الاجتماعية لألمانيا. وهو نداء يقظة مروع يستوجب منا التحقق فيما إذا كانت الدولة لا تزال تملك الوسائل الصحيحة للوفاء بمهمتها السيادية المتمثلة في حماية الأمن الفردي للمواطنات والمواطنين، وذلك حسبما ينص عليه دستورنا ـ أي بغض النظر عن الأصل والدين أو الجنس.
الكراهية والحماقة في الشبكة تأتي بالموت
ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل تجفيف فقاعة الكراهية والحماقة في الشبكة؟ فالأخيرة ليست مجالا افتراضيا لنفوس ضعيفة ومشوشة يمكنها التحرك تحت حماية حرية الاستعلام كيفما يحلو لها. هاناو دليل إضافي على أن الفتنة لا تخلو من عواقب، بل تجلب الموت.
والسياسة يجب عليها أن ترد بوضوح وسرعة ليس بالكلمات فقط. وفيما عدا ذلك سينقلب الوضع يوما ما ويصبح في النهاية كل شيء عرضة للمساومة فيما يتعلق بدولة القانون والحريات الفردية التي تضمنها. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انتقت كلمات واضحة بهذا الخصوص: صحيح أن "العنصرية سم"، لكن التشخيص وحده لا يكفي. الجواب يجب أن يكون حملة مكافحة ضد جميع الإيديولوجيات التي تحتقر البشر! وضد نشرها في الشبكة. وهذه المسؤولية لا يمكن تركها فقط على كاهل فيسبوك أو تويتر أو شركات كبرى أخرى.
إنيس بول
كيمنتس ..كل هذا يحدث في مدينة ألمانية وأمام أعين الشرطة!
بلغ الوضع في كيمنتس الواقعة في ولاية ساكسونيا بشرق ألمانيا، والتي يبدو أن النازيين الجدد واليمين المتطرف يتمتعون بحضور قوي فيها، درجات غير مسبوقة من التوتر بعد مظاهرات نظمت على خلفية وفاة رجل ألماني متأثرا بجراحه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بالآلاف خرج مؤيدو اليمين المتطرف والشعبوي ليلة الاثنين/ الثلاثاء (28/27 أغسطس/آب 2018) إلى شوارع كيمنتس (شرق)، للمشاركة في التظاهرة التي دعت إليها مجموعة "من أجل كيمنتس" اليمينية الشعبوية عقب وفاة رجل ألماني متأثرا بجراحه.
صورة من: Reuters/M. Rietschel
كما نظم اليسار مظاهرة مضادة دعت إليها مجموعة "كيمنتس خالية من النازيين" اليسارية المتطرفة. الشرطة تدخلت لعزل المجموعتين عبر استخدام خراطيم المياه وذلك لمنع مؤيدي الطرفين من الاشتباك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
ومع ذلك ذكرت تقارير إعلامية متطابقة أن ستة أشخاص على الأقل أصيبوا في الاشتباكات بين المجموعتين، كما سجلت إصابات أخرى بعبوات حارقة ومقذوفات.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Willnow
وامتنعت الشرطة عن الكشف عن عدد الإصابات أو تأكيد الأرقام المعلنة. وعلى ما يبدو فقد فاجأ الحضور المكثف لمؤيدي اليمين المتطرف الجميع، بمن فيهم المسؤولين عن جهاز الأمن الذين أقروا بأن عناصرهم كانت أقل مما يستلزمه الوضع.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
ووفق وسائل إعلامية محلية فإن جماعات من اليمين المتطرف والنازيين الجدد شاركوا في التظاهرات إظافة من ألتراس كيمنيتس، بينما قال منظموا المظاهرة إن المشاركين هم من المواطنيين "القليقين" على مصير البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
وصباح اليوم الثلاثاء (28 آب/ أغسطس)، وجه اتحاد المدينة انتقادا لاذعا للشرطة واصفا إدارتها للأزمة بـ "رسالة سيئة من دولة القانون القوية".
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
وتظاهرة أمس الاثنين هي الثانية بعد خروج 800 متظاهر إلى الشوارع قبل يومين، وذلك بعد انتشار خبر وفاة رجل قالت عنه الشرطة "إنه ألماني في 35 من العمر" إثر تلقيه عدة طعنات، إضافة إلى إصابة اثنين آخرين. وأصدرت محكمة ابتدائية بالمدينة بعد ذلك مذكرتي اعتقال بحق شابين مشتبه بهما أحدهما سوري والآخر عراقي.
صورة من: Imago/epd/W. Schmidt
ورفع المتظاهرون من اليمين المتطرف شعارات عنصرية تدعو إلى "حماية" ألمانيا وأوروبا من المهاجرين. بينما تحدثت قوات الأمن عن "أكثر من مائة شخص أخفوا وجوههم" وبعضهم أدوا تحية هتلر. في المقابل وصفت مراسلة المحطة الإذاعية "WDR" الشعارات المرفوعة بأنها كانت "تنم عن مستويات غير مسبوقة من العنف".
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Meyer
ومجددا وكما بات الأمر معروفا في مظاهرات اليمين المتطرف، رفعت شعارات تطالب برحيل المستشارة "المسؤولة" حسب المتظاهرين عن "تدفق اللاجئين". ورسميا، كان المتحدث الرسمي باسم المستشارة قد شدد على أن ألمانيا "لن تتسامح مع أي أفعال انتقامية في الشوارع". وذلك عقب انتشار صور تظهر نازيين جدد يلاحقون أشخاصا من أصول أجنبية في شوارع كيمنتس.