وجهة نظر: جائزة نوبل للسلام ـ إشارة قوية ضد العنف الجنسي
١٠ ديسمبر ٢٠١٨
دعا الفائزان بجائزة نوبل للسلام المجتمع الدولي للبدء في بذل المزيد من الجهود لمنع العنف الجنسي ضد النساء، وخاصة في أوقات الحرب. وقد يشكل هذا الالتزام ضد العنف الجنسي بداية فقط، كما تعتبر ديركه كوب في تعليقها التالي:
إعلان
يُمَثِّلُ منحُ جائزة نوبل للسلام لشخصين، يكافحان بشكل فوق العادة ضد استخدام العنف الجنسي كسلاح (حرب)، إشارة قوية وجيدة. فتسليم الجائزة لطبيب الأمراض النسائية الكونغولي دينيس موكويغي، مناصفة مع الناشطة اليزيدية نادية مراد يعوض قليلاً عن التذمر، الذي ظل قائما بعد منح جائزة نوبل للرئيس الأمريكي، الذي كان منتخبا للتو آنذاك باراك أوباما أو الجائزة التي منتحت قبل ست سنوات للاتحاد الأوروبي، والتي تبدو غير واقعية الآن، نظرا للمآسي التي تحصل اليوم في البحر المتوسط.
إنهما شخصان يلتزمان بشكل ملموس لصالح أشخاص آخرين ـ وفوز أشخاص مثلهما بالجائزة أمر جيد، في أوقات يسود فيها يوميا الشعور بأن الإنسان ذئب أمام أخيه الإنسان.
متأثران بتجارب خاصة من المعاناة
موكويغي ومراد لمسا هذا بنفسهما: فمراد احتُجزت كرقيق للجنس من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الإرهابي في العراق وتعرضت مراراً وتكراراً للاغتصاب. إلا أنها لم تركن في موقع الضحية، بل رفعت صوتها ضد سوء المعاملة المنهجي. وهذا أكثر من مجرد شجاعة، في بلد تسوده منذ سنوات الحرب والعنف مثل العراق. أما موكويغي فينحدر من المنطقة المضطربة في جنوب كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وشاهد هناك كيفية استخدام عمليات الاغتصاب كاستراتيجية عسكرية. وفي 1999 أسس مستشفى في مسقط رأسه، مدينة بوكافو، حيث يقوم هو وفريقه برعاية وإجراء عمليات للنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب والتشويه. ويطلق عليه باحترام كبير لقب "الرجل الذي يصلح النساء".
ومن تحدث إلى هؤلاء النساء في بوكافو ونظر في أعينهن، يدرك كيف يعمل الاغتصاب كسلاح حرب: فالضحايا يظللن موسومات (بالعار) مدى الحياة، وفي أصعب الحالات يتدمرن ـ جسميا وعاطفيا. والنساء، اللاتي يملكن القوة لتغيير وضعهن ويخرجن من دور الضحية، مثل نادية مراد، هن نادرات. وبالتالي فإنه من المهم أن تتم في مستشفى موكويغي محاولة منح النساء كرامتهن من جديد. لكن هذا يكون صعبا في مجتمع يصم هؤلاء النساء (بالعار) بسبب تعرضهن للاغتصاب.
العالم يناقش منذ عام تقريبا، إلى أي مدى يؤدي العنف الجنسي إلى جرح الكرامة. والجدل حول مبادرة "مي تو" (#MeToo) ساهم بقسط في ذلك، وربما أدى أيضا هذا العام إلى إلغاء جائزة نوبل للآداب بسبب اتهامات التحرش الجنسي داخل لجنة التحكيم.
يمكن أن تكون مجرد بداية
لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب فعله: فالرئيس الأمريكي الحالي (ترامب) ما زال يجرؤ على السخرية علنا من ضحية يفترض تعرضها للعنف الجنسي. وماتزال توجد إعلانات لكريستيانو رونالدو بملابسه الداخلية بالرغم من اتهام نجم كرة القدم بالاغتصاب. وفي الكونغو ظهر اسم رجل، أُدين بتهمة اغتصاب رضع، على القائمة الرسمية للمرشحين في انتخابات. وهذا كله يثير قليلا من الإحساس، في أحسن الأحوال، ويكشف أن منح جائزة نوبل للسلام لموكويغي ومراد للالتزامهما بمكافحة العنف الجنسي، ليست إلا بداية.
حكومة الكونغو هنأت دنيس موكويغي، علما بأنه وجب على الحكومة بسبب تكريمه أن تاوارى خجلا، لأن الجائزة تؤكد كيف أن الحكومة ورئيسها جوزيف كابيلا ـ كما فعل والده سابقا ـ أهملوا شرق البلاد منذ عقود: فمنذ بداية التسعينيات تُرهب هناك مجموعاتٌ مسلحة السكان المدنيين وتغتصب بدون عقاب النساء والبنات وأحيانا الرجال. وماذا تفعل الحكومة ضد ذلك؟ لا شيء.
ديركه كوب
فائزون أثاروا الجدل بسبب منحهم نوبل للسلام!
من ياسر عرفات إلى الأمم المتحدة، لماذا حصلوا على جائزة نوبل للسلام؟ سؤال يتم طرحه كل عام لدى إعلان اسم الفائز بهذه الجائزة. في هذه الجولة المصورة نتعرف على فائزين أثاروا جدلا واسعا بعد حصولهم على نوبل للسلام.
صورة من: Getty Images
الجدل والنقد مع منح أول جائزة
حين منحت جائزة نوبل للسلام أول مرة عام 1901 كان هناك خلاف وعدم اتفاق بين أعضاء اللجنة المانحة. وقد تم منحها في ذلك العام للسويسري هنري دونانت مؤسس منظمة الصليب الأحمر الدولية، والفرنسي فردريك باسي الذي يعد مع دونانت من المبادرين إلى صياغة وطرح "اتفاقية جنيف الدولية" التي كانت الأساس لاتفاقيات حقوق الإنسان وحمايتها في حالة الحرب.
صورة من: public domain
موجج للحرب وحمامة سلام!
الرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزفلت، لم يكن مسالما، فهو الذي أجج الحرب ضد إسبانيا وساعد الكوبيين على التحرر من الاستعمار، لكنه فيما بعد غزت قوات أمريكية كوبا وأصبحت الولايات المتحدة استعمارا جديدا! وروزفلت حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1906 للجهود التي بذلها لإنهاء الحرب بين روسيا واليابان!
صورة من: Getty Images
عنصري وديماغوجي
الرئيس الأمريكي الأسبق ودرو ويلسون هو الآخر حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1919 واستلمها في العام التالي لمساهمته في "إنهاء الحرب العالمية الأولى وتأسيس عصبة الأمم" التي سبقت منظمة الأمم المتحدة. داخليا لم يكن من الداعمين لتفاهم الشعوب وكان من القائلين "بتفوق العرق الأبيض". علاوة على ذلك كان من مؤيدي العبودية وجماعة "كوك كلوكس كلان" العنصرية في الولايات المتحدة.
صورة من: Getty Images
جائزة نوبل للسلام دون سلام!
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر وقائد العمليات العسكرية في فيتنام، لي دوك تو، عملا على صياغة اتفاقية فيتنام للسلام عام 1973. لكن لي دك تو رفض استلام الجائزة التي حصل عليها مع كسنجر، لأن الغارات الجوية وقصف فيتنام ولاووس وكمبوديا لم يتوقف إلا بعد سنتين من توقيع اتفاقية السلام!
صورة من: picture-alliance
أنور السادات المثير للجدل
حصل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عام 1978 على جائزة نوبل للسلام بعد توقيعه في نفس العام اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن. لكن منح السادات الجائزة أثار جدلا واسعا، لأنه كان من مؤسسي حركة الضباط الأحرار التي نفذت عام 1952 انقلابا عسكريا على الملك فاروق.
صورة من: AFP/Getty Images
الرجل ذو الوجهين
حين كان فريدريك دو كليرك رئيسا لجنوب أفريقيا كان من المدافعين عن نظام الفصل العنصري، لكنه شارك وبشكل فعال في القضاء على هذا النظام حين أمر بإطلاق سراح نيلسون مانديلا وسياسيين آخرين من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، من السجن. كما عمل من أجل حرية الصحافة وألغى قانون الفصل العنصري. وفي عام 1993 حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع مانديلا.
صورة من: Getty Images/R.Bosch
ياسر عرفات
حصل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين ووزير خارجيته آنذاك شيمون بيريز الراحلين، على جائزة نوبل للسلام عام 1994 تكريما لجهودهم من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط. لكن سياسيا نروجيا استقال من لجنة جائزة نوبل للسلام احتجاجا على قرار اللجنة بمنح الجائزة لعرفات، لأن الأخير من مؤسسي حركة فتح التي نفذت عمليات "إرهابية".
صورة من: Getty Images
باراك أوباما
بعد تسعة أشهر من تسلمه منصبه رئيسا للولايات المتحدة، حصل باراك أوباما عام 2009 على جائزة نوبل للسلام تكريما "لجهوده غير العادية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب". لكن المنتقدين يرون بأن التكريم جاء مبكرا جدا. بعد منحه الجائزة أمر أوباما بتدخل الجيش ضد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي قتل خلال عملية عسكرية، العملية كانت مثيرة للجدل والخلاف بسبب مبادئ القانون الدولي.
صورة من: Reuters/C. Barria
"نضال سلمي" وتأييد للعنف!
تمت إدانة رئيس ليبيريا السابق تشارلز تيلور بارتكاب جرائم حرب بتهمة قتل الآلاف والتعذيب والاغتصاب. والرئيسة الحالية التي كانت وزيرة إبان حكم تيلور حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2011 تكريما "لنضالها السلمي من أجل تحقيق الأمن للنساء"، وهو ما أثار انتقادات حادة ضد لجنة الجائزة، لأنها وحسب ما يقوله منتقدو اللجنة، كانت مؤيدة وداعمة للعنف والفساد في عهد سلفها تيلور.
صورة من: T. Charlier/AFP/Getty Images
سياسة مريبة تجاه اللاجئين!
أسوار اسلاك شاكئة واعتقالات وسلوك غير إنساني مع اللاجئين، هكذا ينتقد المدافعون عن حقوق الإنسان ومنذ أعوام سياسة اللجوء والترحيل التي يتبعها الاتحاد الأوروبي. رغم ذلك حصل الاتحاد عام 2012 على جائزة نوبل للسلام بسبب "تشجيع السلام والتسامح والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا". إعداد: صابرينا مولر بولتنيكوف/ عارف جابو