قبل ثلاث سنوات تدخلت السعودية عسكريا في النزاع اليمني، ومع هذا التدخل تدهور الوضع بشكل دراماتيكي. وبدوره يتحمل الغرب أيضاً مسؤولية الكارثة التي حلت باليمنيين كما يرى ماتياس فون هاين في تعليقه التالي.
إعلان
ما هي مصادر الأسلحة في الحرب داخل اليمن؟
02:02
تحدث كوارث إنسانية عقب تسونامي أو عواصف قوية أو كوارث طبيعية أخرى، لكن هناك كوارث إنسانية سببها البشر، وهذه الأخيرة تكون صعبة التحمّل على غرار أصعب وأكبر كارثة إنسانية في العالم حلت باليمن. قبل ثلاث سنوات تدخلت السعودية عسكريا في النزاع الداخلي اليمني- كأول استعراض قوة في السياسة الخارجية لولي العهد الحالي محمد بن سلمان. وبعد حوالي 1000 يوم من بدء الحرب وقع حوالي 17.000 هجوم جوي ثلثها على أهداف مدنية. وقد بات البلد الأفقر في العالم العربي قبل هذا التدخل مدمرا في هذه الأثناء. ويحتاج ثلاثة أرباع السكان إلى المساعدة للبقاء، أي 22 مليون شخص ما يزيد على نصفهم من الأطفال. وقتلت الهجمات الجوية نحو 10.000 شخص بشكل مباشر، إلا أن الجوع والأمراض مثل أكبر وباء للكوليرا في العالم تتسبب في موت عدد أكبر من اليمنيين.
اللاعب الأقوى، لكنه ليس المسؤول الوحيد
ليست السعودية المسؤول الوحيد عن الكارثة اليمنية، لكنها تبقى اللاعب الأقوى. وحتى لو أن الحوثيين الخصوم الأساسيين للتحالف الذي تقوده السعودية يتحملون مسؤولية جرائم ضد الإنسانية، فإنه لا يمكن تبرير سلسلة حملة القصف السعودية بأي شيء. وهذا ينطبق في المقام الأول على الحصار السعودي المفروض على الموانئ في البحر الأحمر. ففي بلاد مجبرة على استيراد 90 في المائة من مواد غذائها والأدوية والمنتجات الطبية وكذلك الجزء الأكبر من الوقود، يُعتبر ذلك عقوبة جماعية مفروضة على كافة السكان المدنيين في البلاد. وكملاحظة جانبية يجب القول بأن ذلك يحصل دون تحقيق هدف الحصار، ألا وهو منع تهريب الأسلحة والذخيرة. وقد اتهم خبراء في الأمم المتحدة العربية السعودية في يناير باستغلال الجوع كسلاح في هذه الحرب ـ وهذه جريمة حرب واضحة.
تشكو العربية السعودية والغرب بحق من الدعم الإيراني للحوثيين. ولكن في الوقت الذي تُواجه فيه إيران العقوبات، تمكن محمد بن سلمان الأسبوع الماضي من التفاوض مع دونالد ترامب على صادرات أسلحة إضافية. ولكن حتى ألمانيا تبيع أسلحة لتحالف الحرب التي تقودها السعودية، في السنة الماضية باعت بقيمة نحو 1.3 مليار يورو. وفي الأسبوع الماضي تمت الموافقة على تسليم ثمان سفن دوريات ألمانية للعربية السعودية. وهذه المشاركة المباشرة في النزاع هي إعلان فشل أخلاقي يجب إنهاؤه.
أضف إلى ذلك أن السعودية لم تحقق أيا من أهداف حربها. فالبلاد اليوم أقل أمنا مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات. وعوض درء التأثير الإيراني تم دفع الحوثيين إلى أحضان طهران. وأكثر من ذلك لدى إيران في اليمن إمكانية إزعاج خصمها الجيو استراتيجي دون تكاليف كبيرة. والمستفيد من الحرب هم بالأخص القاعدة والفرع المحليلما يُسمى تنظيم "داعش".
لا أحد بمقدوره كسب هذه الحرب
لا يمكن لأي من أطراف النزاع كسب هذه الحرب. ومن غير المعروف هل ستبقى اليمن كبلاد متماسكة أو أن تتقسم إلى أجزاء، لذلك من الضروري الآن ممارسة الضغط على أطراف النزاع وفي مقدمتهم السعودية، لأن الوقت يضغط. وكأول إجراء لا بد من رفع الحصار كليا عن الموانئ والمطارات. ويجب ضمان إيصال المؤن للناس وحصول منظمات الإغاثة مجددا على إمكانية العمل.
ومن جانب الحوثيين تصدر إشارات الاستعداد للتفاوض. ويوجد مبعوث أممي جديد خاص بالنزاع اليمني. وهذه الفرصة يتوجب على الرياض استغلالها ـ حتى ولو أنه من الصعب على السعوديين قبول مشاركة الحوثيين في إحلال نظام ما بعد الحرب. وأخيرا ولكي تدب الحركة في النزاع اليمني الذي يراوح مكانه، لابد من وضعه على أجندة المجتمع الدولي الذي فضّل للأسف غض النظر عنه حتى الآن.
ماتياس فون هاين
في اليمن ...حفلات الزفاف تتحول إلى بيوت عزاء
دخلت الحرب في اليمن عامها الرابع في ظل تطورات دراماتيكية عسكرية وإنسانية أدت إلى أسوأ كارثة في العالم حسب توصيف منظمات دولية عديدة، حتى حفلات الزفاف تتحول إلى بيت عزاء، فلا مكان للفرح في "اليمن السعيد".
صورة من: Getty Images/AFP
التهاني تتحول إلى تعازي في حجة
حفلات الزفاف لا تسلم بدورها من آثار الحرب. ففي محافظة حجة قتل الاثنين (23 أبريل/ نيسان) ما لا يقل عن 20 مدنياً عقب قصف خيمة زفاف في محافظة حجة. القصف أكده البنتاغون وأدانته الأمم المتحدة مطالبة بإجراء تحقيق "سريع وشفاف"، بينما نسب المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران الذين يسيطرون على المحافظة حيث وقع الاعتداء، الغارات إلى التحالف العسكري بقيادة السعودية.
صورة من: Reuters
السعودية: نحرص على تطبيق قواعد الاشتباك
رد السعودية شمل تصريحاً أن القوات المشتركة للتحالف تتابع "باهتمام ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام مؤكدة على حرص قيادة التحالف على تبني وتطبيق قواعد الاشتباك بما في ذلك "افتراض أن كل شخص في اليمن هو شخص مدني إلى أن يثبت العكس بشكل قاطع".
صورة من: Reuters
131 قتيلا من المدعويين
حفل زفاف آخر تحول إلى بيت عزاء، وذلك في 28 أيلول/ سبتمبر 2015 في المخا، ما أسفر عن مقتل 131 من المدعويين. القصف نسب إلى التحالف الذي نفى ذلك أيضاً، حسب الأمم المتحدة. توالي الهجمات في اليمن دفع بالمنظمات الدولية إلى توقيع اتفاقيات لم تنجح في إعادة الهدنة إلى البلد، وكانت الأمم المتحدة قد وقعت سبعة اتفاقات هدنة فشلت هي الأخرى في تحقيق هدفها.
صورة من: picture alliance/abaca
أكبركارثة إنسانية
تدخل الحرب اليمنية عامها الرابع بعد أن حصدت أرواح 10 آلاف يمني. الأمم المتحدة تصنف ما يجري في هذا البلد على أنه أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم حاليا: 22,2 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية ملحة و8,4 ملايين شخص مهددين بخطر المجاعة، فيما يعاني نحو مليون يمني من وباء الكوليرا. وأضعف الضحايا هم بالطبع الأطفال.
صورة من: Reuters/A. Zeyad
التحالف العربي في "اللائحة السوداء"
سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/ أيلول 2017، أن اتهمت التحالف العربي بشن خمس غارات جوية أدت إلى مقتل 39 مدنيا بينهم 266 طفلا. كما صنفت الأمم المتحدة التحالف العربي ضمن "قائمة العار"، ووجهت في تقرير صدر لها عام 2016 اتهامات إلى التحالف بقيادة السعودية نددت فيها بقتل الأطفال وتشويههم وهدم المدارس والمستشفيات. كما وجهت المنظمة اتهامات مشابهة للحكومة اليمنية والحوثيين وتنظيم القاعدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Arhab
"جرائم حرب"
من جهتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية في عام 2016 أن ما يجري دمار و "جرائم حرب". وحسب الأمم المتحدة فإن غارة جوية للتحالف على مجلس عزاء في صنعاء، بتاريخ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، أودت بحياة 140 شخصا وأكثر من 500 جريح. وفي مارس/ آذار 2016 تم تشكيل "الحزام الأمني" الذي يضم ضباطا وعسكريين يمنيين من قبل حكومة الرئيس هادي. بالمقابل شكل الحوثيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 حكومة "إنقاذ وطني".
صورة من: AFP/Getty Images
سقوط صنعاء
انطلقت الشرارة الأولى للأزمة اليمنية عام 2011، لكن الحرب لم تبدأ حتى سيطر الحوثيين على مؤسسات أمنية وحكومية ومنشآت هامة في صنعاء عام 2014. كما سقطت العاصمة في أيديهم وبدأت حرب ماتزال مستمرة حتى الساعة. الحرب اليمنية بدأت باحتجاجات ضد حكومة عبد ربه منصور هادي للمطالبة بتنازلات، وكان الحوثيون أول من أطلقها أواسط عام 2014.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Huwais
"حزم" ومن بعده "أمل"
بعد طلب هادي التدخل عسكريا لحماية اليمن وشعبه من "عدوان المليشيات الحوثية"، أطلقت السعودية في عام 2015 عملية "عاصفة الحزم"، التي ساهم فيها أكثر من عشر دول عربية. تدخل السعودية ضد الحوثيين تُرجم بشن غارات جوية استهدفت مواقع الحوثيين وحلفائهم، وتمكن حلفاء السعوديين فيما بعد من استعادة العديد من المناطق كمضيق باب المندب. لكن المنظمات الدولية نددت بالأوضاع المزرية، ليتغير اسم الحملة إلى "إعادة الأمل".
صورة من: Getty Images/Afp/F. Nureldine
تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي"
في 11مايو/ أيار 2017، أعلن عيدروس الزبيدي عن تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يدعو إلى إقامة "دولة ذات سيادة في الجنوب"، لكن الرئيس هادي رفض المجلس باعتباره مخالفاً للمرجعيات القانونية على المستوى المحلي والدولي أيضا. وحظي مجلس الزبيدي، الذي تمت إقالته من منصب محافظ بعدن، بدعم إماراتي. كما أن قوات التحالف العربي أنهت علاقتها بقطر مما أجبرها على سحب قواتها الجوية في نفس العام.
صورة من: Reuters/F. Salman
حملة دولية لمقاطعة الإمارات
المطالبة بفتح تحقيق شامل في حالات الإخفاء القسري والجرائم التي ترتكبها الإمارات في جنوب اليمن، كان الهدف من "الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات". فقد تم توقيع العريضة بتاريخ 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وطالبت فيها أوروبا ونقابات العمال ومنظمات حقوقية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الحرب في اليمن، وإيقاف سيل القتل والدمار في صفوف المدنيين الناتج عن أعمال العنف التي يشنها التحالف العربي.
صورة من: Migua
الرياض في قلب المواجهة
أطلق الحوثيون صاروخا بالستيا في اتجاه الرياض، يوم 4 نونبر/ تشرين الثاني 2017، لكن القوات السعودية اعترضته فوق مطار العاصمة الدولي ولم تسقط منه إلا شظايا. واتهمت السعودية حينها إيران بشن "عدوان عسكري مباشر"، إلا أن طهران رفضت هذه "الاتهامات غير المسؤولة". بعدها أغلقت قيادة التحالف العربي جميع المنافذ في اليمن مما جعل الحوثيين يهددون بضرب السعودية والإمارات ردا على تشديد الحصار.
صورة من: Reuters
الإقامة الجبرية لمنصور هادي
من أبرز الأحداث في 2017؛ منع السعودية للرئيس اليمني هادي وابنيه ووزراء وعسكرين يمنيين من العودة إلى بلادهم، حسب وكالة أسوشيتد برس الأميركية بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني، . ونقلت الوكالة عن مسؤولين يمنيين أن المنع السعودي جاء منذ أشهر وأرجعوا ذلك إلى "العداء المرير بين هادى والإمارات العربية المتحدة التي تشكل جزءا من التحالف وتهيمن على جنوب اليمن".
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo//H.Mohammed
عبد الله صالح في عداد "المقتولين"
شهدت الأزمة اليمنية في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر تطورا في صنعاء حيث وقعت معارك عنيفة بين الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وفي الرابع من كانون الاول/ديسمبر2017، قُتل علي عبدالله صالح على أيدي الحوثيين، بعد أن كان حليفهم طوال فترة النزاع. وجاء قتله بعد إعلانه عن استعداده لـ"فتح صفحة جديدة" مع السعودية. وكان الحوثيون قد اتهموه في 23 آب/اغسطس 2017 بـ"الغدر". إعداد/ مريم مغريش، و.ب