وجهة نظر: سياسة الهجرة الأوروبية ـ انتصار للشعبويين
٢٧ سبتمبر ٢٠٢٠
ميثاق الهجرة الجديد للاتحاد الأوروبي يضع حدا لإعادة توزيع اللاجئين. وبموجبه يمكن لدول أوروبا الشرقية التي ترفض استقبالهم التعامل معهم حسب تصوراتها. إنه انتصار للشعبويين، كما ترى باربارا فيزل من بروكسل.
الاتحاد الأوروبي: كيف ينجح ميثاق الهجرة الجديد مع افتقاره إلى آليات التطبيق؟صورة من: Dursun Aydemir/picture-alliance/dpa
إعلان
منذ 2015 والخصومة والعداوة تطغى على الاتحاد الأوروبي في موضوع سياسة اللاجئين. ومؤخرا ألقى الحريق في مخيم موريا ضوءا ساطعا على القوانين المتباينة. والآن تسير المفوضية الأوروبية خطوة إضافية باعتماد ميثاق هجرة جديد. إنه نوع من محاولة أخيرة، لكنه في آن واحد إعلان فشل.
وهذه "انطلاقة جديدة"، كما وعدت المفوضية الأوروبية التي قالت إنه "جواب أوروبي على تحد مشترك" واقتراح "لنظام إدارة موثوق" لموجات اللاجئين. فالمؤسسة الأوروبية في بروكسل تحاول تسويق أشياء قديمة في حلة جديدة.
أفكار متكررة
هناك كثير من النقاط والأفكار المعروفة في المحاولة الجديدة. لدينا مسألة الحماية الأفضل للحدود الخارجية التي يصعب تنفيذها في البحر عندما يكون إغراق قوارب اللاجئين محظورا بسبب القانون الدولي. وعلى طول طريق البلقان تم بناء الجدران والأسيجة ، غير ان الفارق هو أن المهربين يخفون المهاجرين في شاحنات لنقل البضائع بعد بنائها. وهناك الوحدات الأوروبية المكونة من رجال شرطة الحدود وقانونيين ومترجمين ومساعدين آخرين يدعمون البلدان الأعضاء عندما يصل عدد كبير من اللاجئين فجأة. ومن النقاط أيضا القرارات السريعة على الحدود إزاء مهاجرين من بلدان نسبة الاعتراف بمهاجريها إلى الاتحاد الأوروبي ضعيفة. بروكسل تحلم بتطبيق ذلك منذ سنوات، لكن الفكرة فشلت دوما أمام الواقع القانوني. فأي نظام قانوني يُعتمد لاتخاذ القرار؟ ومن يعين القضاة؟
وفي النهاية هناك مكون معروف قديم ألا وهو الترحيل الذي يُدرج تحت "الإعادة إلى بلدان الأصل والعبور". ثلثا المهاجرين القادمين إلى أوروبا ليس لهم الحق في اللجوء، كما تعلن المفوضة الأوروبية المسؤولة. ثم تتحدث عن اتفاقيات مع بلدان ثالثة تريد إقناعها باستقبال مواطنيها. وهذا ما يحاوله الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، ولم ينجح في ذلك أبدا. فلماذا سيتحقق ذلك في المستقبل؟
والآن لا يُراد تعليق هذه القوانين، لكن توسيع المعايير، فمن له أفرادعائلة في بلد أوروبي آخر وجب نقله إلى هناك. ما يعني أن بلدانا يعيش فيها كثير من اللاجئين ستحصل تلقائيا على أفواج إضافية. والسؤال هو كيف ستستقبل الدول الإسكندنافية والمانيا هذه الفكرة. "سنجمد قوانين دبلن"، كما أعلنت المفوضية بشأن هذه الفكرة. وهذا ما يعني ببساطة أنه يتم تفريغها من مضمونها، لأنه لم يتحقق التفاهم على قوانين جديدة.
وصلب ميثاق الهجرة الجديد هو نهاية التوزيع. فبروكسل اعترفت بأنه لا يمكن إجبار الأوروبيين الشرقيين على استقبال لاجئين وتنهزم أمام هذه المهمة. وهذا انتصار جميل للشعبويين من صنف رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان.
الترحيل عوض الاستقبال
وعوض ذلك يوجد ما يُسمى آلية التضامن، فمن لا يريد استقبال لاجئين، يمكن له عوضا عن ذلك الانشغال بترحيلهم. أما كيف سيحصل ذلك عمليا، فهذا غير واضح. لكن هذه المهمة قد تصبح محبوبة بين وارسو وبراغ وبودابست. لكن السؤال هو، ما الذي سيدفع البلدان الأعضاء الأخرى تحت هذه الظروف إلى عدم المضي في نفس الطريق وعدم إظهار "التضامن" أثناء عملية الترحيل؟ ومن سيرغب تحت هذه الظروف في استقبال لاجئين؟
إن الاقتراح من طرف بروكسل هو إعلان فشل تجاه الشعبويين ويجلب لهم انتصارا لا يستحقونه. وما ينقص في ذلك كله هو كلمة الانسانية. هنا تنتصر إدارة الهجرة على الانسانية.
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو