وجهة نظر: على أوروبا أن تواجه النهج اللاديمقراطي لبعض دولها
٧ سبتمبر ٢٠١٧
رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شكوى المجر وسلوفاكيا ضد توزيع اللاجئين، وهذا كان مرتقبا. والآن بات على الدول الأوروبية الأخرى أن أن تتضامن ضد دول الاتحاد التي تتجه نحو النهج اللاديمقراطي، حسب رأي بربارا فيزل.
إعلان
إنها كانت مجموعة من الأسباب القانونية المختزلة التي هاجمت بها المجر وسلوفاكيا قرار توزيع اللاجئين التابع للمجلس الأوروبي. لكن المحكمة الأوروبية أعلنت الآن دون لبس أن نسب التوزيع المقررة قبل سنتين قانونية. واتفاقية لشبونة التي تؤطر عمل الاتحاد الأوروبي تسمح باتخاذ القرارات بالأغلبية. والآن يزداد الخلاف حدة، لأن الأمر هنا يتعلق بالسياسة وليس التعديلات القانونية.
رد فعل قوي
وزير الخارجية المجري ضرب يده على الطاولة بشدة وتحدث عن حكم سيء وغير مسؤول، معتبرا أن "النضال الحقيقي" ضد قرار اللاجئين يبدأ الآن. في المقابل تريد سلوفاكيا قبول الحكم متراجعة عن نهج المواجهة مع بروكسل. فمجموعة فيسغراد لم تعد موحدة، والمتشددون منهم يحكمون في بولندا والمجر. فقد جعل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان من الدعاية ضد اللاجئين والأجانب والمسلمين جوهر سياسته، مدعيا أنه يكافح من أجل دولة متجانسة عرقيا. وتحريضه موجه في الحقيقة ضد المسلمين، إذ لا يتوقف عن تشبيههم بالإرهابيين.
وفي بولندا الوضع أكثر سوءا حيث أن ياروسلاف كاتشينسكي يبدو أعنف في الدفاع عما يسمى نقاء الشعب البولندي. وعند أوربان لا نعرف أبدا متى تأخذ السخرية والمظهر اليميني المتطرف مكان التخمينات العملية. فيما أن زعيم الحزب البولندي الحاكم يحاول الإقناع. لكن الحكومتين تقفان أكثر في معارضة لأسس الاتحاد الأوروبي.
ما العمل؟
المفوضية الأوروبية تعتزم تولي الكفاح من أجل فرض الحكم. ويمكن لها على الأقل فرض عقوبات مالية قوية يجب أن تحصل أولا على موافقة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي آخر هذا النهج يمكن خصم تلك العقوبات من المساعدات الأوروبية الخاصة بالبلدين. لكن هذا النوع من الإجراء يدوم في الغالب سنوات. بيد أنه توجد أيضا إجراءات سريعة ضد المتعنتين. فالمفوضية في بروكسل رفضت لتوه صرف 400 مليون يورو لبناء السياج الحدودي مع صربيا. وقيل بهذا الشأن إن التضامن يسير في طريق ذو اتجاه واحد. وآخرون يقترحون أن يدفع الرافضون مبالغ مالية مقابل الالتزام باستقبال لاجئين. لكن هذا تبسيط شديد للموضوع.
الأمر مرتبط بالأسس الأوروبية
الاتحاد الأوروبي له هنا مشكلة مبدئية: فبعض أعضائه الأوروبيين الشرقيين يخرجون عن المسار. فهم في طريقهم نحو أنظمة الحزب الواحد المستبدة بإيديولوجية فاشية. وبالنسبة إلى وارسو وبودابست لم يعد الأمر مرتبطا باختلافات في الرأي، بل يرتبط الأمر هنا بالمبدأ. فبلدان عضوان يجعلان قاعدة المجموعة في الأثناء أمام علامة استفهام بصفة منهجية. وفي الوقت نفسه هما يطالبان بدون استحياء بالحصول على المليارات من الميزانية الأوروبية كحق. فبروكسل بالنسبة إليهما ليست إلا الخزينة الرئيسية التي يمكن بواسطتها مواصلة تشييد سلطتهما.
لا مكان في الاتحاد الأوروبي للدكتاتوريات. حكومات الدول الأعضاء الأخرى لا يحق لها أن تغض النظر، بل يجب أن تواجه الخصومة مع البلدان التي تسير على خطى معادية للديمقراطية. هذا الأمر غير مريح، لكنه ضروري.
باربارا فيزل
في صور: لاجئون تقطعت بهم السبل على حدود المجر
يواجه اللاجئون ظروفا قاسية على طول حدود المجر الجنوبية رافضين العودة إلى مواقع انطلاقهم، رغم تزايد صعوبة العبور إلى أوروبا الغربية يوما بعد يوم. دييغو كوبولو زار مخيم كيليبيا الصربية المتاخمة للحدود مع المجر.
صورة من: DW/D. Cupolo
رغم فشل الاستفتاء في المجر الذي دعا إليه رئيس الوزراء فيكتور أوربان حول خطة الاتحاد الأوروبي لتوزيع اللاجئين على الدول الأعضاء لانخفاض نسبة المشاركة فيه، إلا أن الأخير أكد بأنه لن يقبل باستقدام اللاجئين إلى بلاده. يذكر أن المجر قامت قبل عام كأول دولة في أوروبا بوضع حواجز على حدودها. بيد أن العديد منهم ينتظرون في بلدة كيليبيا الصربية العبور إلى المجر ثم إلى أوربا الغربية.
صورة من: DW/D. Cupolo
اللاجئون، الذين وصلوا إلى بلدة كيليبيا الصربية الصغيرة، مروا عبر هذه البوابة. الحكومتان الصربية والمجرية توصلتا إلى اتفاق يتم بموجبه السماح إلى ما يصل إلى عشرين طالب لجوء العبور يوميا إلى الطرف الآخر من الحدود. وبعدما تسجلهم السلطات الصربية، يحصل اللاجئون المحتملون على تاريخ محدد للذهاب إلى الحدود مع المجر، حيث يقوم موظفو مكاتب الهجرة المجرية باستجوابهم والتدقيق في طلباتهم للجوء.
صورة من: DW/D. Cupolo
بيد أن عملية التدقيق هذه لم تخل من أخطاء، على غرار ما يروي الشاب المصري جمال (ليس في الصورة). جمال، الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما، قال إنه التحق ببلدة كيليبيا عندما وجد اسمه على قائمة الناس الذين سيتم استجوابهم. ولكنه عندما تحدث مع السلطات الحدودية، قيل له أن الموعد حدد لشاب مصري آخر يحمل نفس الاسم وأنه لا يوجد ما يثبت دخوله إلى صربيا.
صورة من: DW/D. Cupolo
جمال وجد نفسه بعدها مجبرا أن ينتظر رفقة 100 شخص آخر في أحد مخيمات العبور الوقتية إلى أن يحصل على موعد مع السلطات المجرية. فقط حنفية مياه موجودة في المكان، فيما هي قليلة جدا المنظمات الإنسانية التي تزور المخيم وتزود ما انقطع به السبيل هنا بشيء من المساعدات. هذه الصورة لطفل من تسعة أطفال لأسرة أزيدية تقيم في المخيم منذ عدة أسابيع.
صورة من: DW/D. Cupolo
"سأجد طريقا آخرا (للخروج من هنا)"، يقول جمال لـDW. ويروي أنه تفاوض مع أحد مهربي البشر ودفع له مبلغ 1500 يورو قبل شهر لخرق السياج، لكنه قبض عليه وأرسل به مجددا إلى بلغراد. طائرات مروحية ودوريات على طول الحدود طيلة 24 ساعة في كل أيام الأسبوع جعلت عملية اجتياز الحدود المجرية أمرا صعبا للغاية. "صدقني إن كنت تستطيع الجري أسرع من رجال الشرطة، فسيرسلون وراءك الكلاب"، حسب ما يقول جمال.
صورة من: DW/D. Cupolo
أطفال وليد خالد، وهو ميكانيكي من أربيل – عاصمة إقليم كردستان العراق- يلعبون بالقرب من السياج الذي مدته المجر على طول حدودها. ويقول خالد إنه وصل إلى هذا المخيم قبل شهرين وأن أسرته قد واجهت عدة انتكاسات نظرا لوقوع التباس حول وثائقهم الثبوتية. "الشرطة كانت تقول لنا كل مرة: لا أعرف، لا أعرف". المكان هنا سيء ولكنه أفضل حالا من غيره.
صورة من: DW/D. Cupolo
كيليبيا تستضيف أحد مخيمي اللاجئين في المنطقة. هنا يقيم اللاجئون القادمون من الشرق الأوسط، فيما يقيم الأفغان والباكستانيون في مخيم في هورغوس. ويقول خالد إنه يفضل البقاء في هذ المخيم، على الرغم من أن حظوظه في اجتياز الحدود لم تتحسن، إلا أنه يؤكد أنه وأسرته تعرضوا للسرقة عدة مرات في مخيمات أخرى.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفي الصباح التالي يقوم سائقو الشاحنات المتوجهة جنوبا بالتهكم على سكان المخيم من خلال محاكاة القردة عبر مكبرات الصوت. "في اليونان، عندما تتحدث إلى الأناس العاديين، فإنهم يظهرون تضامنهم"، على ما تقول سيدني فيرنانديز، وهي منسقة ميدانية للمنظمة الإنسانية الصربية "النجم الشمالي". وتضيف قائلة: "هنا السكان المحليون لديهم عقلية مختلفة ويرون بأنه كان يجدر بهؤلاء الناس البقاء في أوطانهم للدفاع عنها."