أظهر غرق زوق للاجئين من جديد أمام السواحل الليبية أن الوصفات الأوروبية بشأن سياسة اللجوء لاقيمة لها. وصار ضروريا تأمين عبور إنساني للاجئين واتخاذ خطوات أكثر صرامة لحل المشكلة، بحسب ما يرى بيرند ريغرت في تعليقه التالي.
إعلان
لقد تكرر الأمر من جديد، ويتوقع أن يكون 200 لاجئ قد غرقوا قبالة الساحل الليبي عندما انقلب بهم (في الخامس من آب/ أغسطس 2015) زورقهم الذي كان مكتظا (باللاجئين). وفي أبريل/ نيسان (الماضي) يتوقع أن يكون 800 شخص قد لقوا حتفهم بنفس الطريقة. وقبل أربعة أشهر، عقد الاتحاد الأوروبي قمة خاصة، أصدر فيها رؤساء الدول والحكومات حزمة كاملة من التدابير، وجرى زيادة مخصصات عمليات الإنقاذ البحري إلى ثلاثة أضعاف. وكان من المفترض بالنسبة لمهمة "تريتون" التابعة لوكالة حماية الحدود "فرونتكس"، تحت قيادة خفر السواحل الإيطالي أن تمنع وقوع مآسٍ جديدة؛ لكنها لم تنجح في ذلك وتكررت المآسي.
وبالنسبة للاجئين فإن البحر المتوسط هو الطريق الأكثر فتكا في العالم. ففي الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، دفع نحو ألفي شخص حياتهم ثمنا لرحلة العبور الخطيرة. ألم يحن الوقت للقمة الأوروبية الاستثنائية التالية؟ الاتحاد الأوروبي يرد ببطء خلال العطلة الصيفية. فما الذي يمكن أن يقدمه لقاء أزمة جديد؟ وزيادة أخرى في مخصصات الإنقاذ البحري ربما لن تكون هي الرد (الصحيح). لأن التأكد من وجود فرصة إنقاذ على الأقل تدفع باستمرار المزيد من الناس إلى صعود الزوارق غير الصالحة للإبحار.
تسهيل العبور القانوني
يجب على الأوروبيين أن يبدأوا مبكرا ويمنعوا اللاجئين عامة من الإقدام على عملية العبور غير القانونية (للبحر المتوسط). وهذا لن ينجح إلا إذا فتح الاتحاد الأوروبي طرقا قانونية للسفر إليه وتقديم طلبات اللجوء. ويجب إنشاء معسكرات للاجئين القادمين في موانئ مختارة في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان، يتم فيها اتخاذ القرارات في وقت قصير نسبيا بشأن إمكانية بقاء اللاجئ في أوروبا من عدمها. ويجب أن يكون هناك توزيع عادل للاجئين المقبولين في الاتحاد الأوروبي. ومن ثم يجب إعادة أصحاب طلبات اللجوء المرفوضة إلى بلدانهم الأصلية بشكل حازم أو ترحيلهم.
"عالم في حرب" - أعداد اللاجئين في العالم تسجل رقما قياسيا
تحتفل الأمم المتحدة في 20 يونيو/ حزيران من كل عام باليوم العالمي للاجئين. وبلغ عدد اللاجئين في 2014 رقما قياسيا، يفوق قدرات المفوضية العليا للاجئين. ويأتي معظم اللاجئين من سوريا ثم أفغانستان فالصومال على الترتيب.
صورة من: OOC Opielok Offshore Carriers
بسبب النزاعات المختلفة في العالم بلغ عدد النازحين واللاجئين في نهاية عام 2014 مستوى قياسيا قدره نحو 60 مليونا مقابل حوالي 51 مليونا في العام الذي سبقه (2013)، حسب تقرير بعنوان "عالم في حرب" أصدرته المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/Str
في السنوات الخمس الأخيرة اندلع أو عاد 14 نزاعا على الأقل، ثلاثة في الشرق الأوسط (سوريا والعراق واليمن) وثمانية في إفريقيا (ليبيا ومالي وجنوب السودان وشمال نيجيريا ..الخ) وواحد في أوروبا (أوكرانيا)، وثلاثة في آسيا (قرغيزستان وعدد من مناطق بورما وباكستان).
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Yulinnas
ووسط ظروف محفوفة بالمخاطر عبَر أكثر من 219 ألف لاجئ ومهاجر البحر المتوسط في 2014 ، أي ثلاثة أضعاف ما كان في 2011. ولقي حوالي 3500 من الرجال والنساء والأطفال مصرعهم أو اعتبروا مفقودين نتيجة محاولات العبور.
صورة من: Reuters
يقصد معظم القادمين عبر البحر المتوسط جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. هناك تحول الشاطيء إلى مقبرة للسفن التي حملت اللاجئين. وتكررت كثيرا حوادث الغرق كان أقساها في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 حيث غرق قرابة 370 لاجئا في البحر.
صورة من: Mamadou Ba
مامادو با سنغالي مدافع عن حقوق الإنسان، يعيش في البرتغال منذ 1997، وقدم لزيارة لامبيدوزا وتظهر الصور التي التقطها هناك ذكرى المآسي التي تعرض لها اللاجئون الذين ابتلعهم البحر أمام سواحل لامبيدوزا.
صورة من: Mamadou Ba
في 2014 كان معدل النزوح واللجوء يوميا بـ 42500 شخص . وأكثر الشعوب تضررا هو الشعب السوري بعدد حوالي 8 ملايين نازح و4 ملايين لاجئ حتى أواخر 2014. البداية كانت 2011 مع اندلاع النزاع السوري الذي بات يتسبب في أكبر عملية تهجير ونزوح للسكان في العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/B. Kilic
ويقع السوريون تحت نير الجبهات المتصارعة في سوريا. ونزحوا إلى البلاد المجاورة ولا سيما تركيا التي يتواجد بها أكبر عدد من النازحين السوريين. هنا عند معبر اقجه قلعة الحدودي فر آلاف السوريين من المعارك بين القوات الكردية وتنظيم "داعش" للسيطرة على مدينة تل أبيض الحدودية الإستراتيجية.
صورة من: Getty Images/AFP/B. Kilic
ولبنان هو البلد الثاني من حيث عدد السوريين الذي فروا إليه هربا من الحرب. هنا في سهل البقاع عاش في فصل الشتاء سوريون وسط ثلوج ارتفاعها نصف متر، ودرجات حرارة تحت الصفر، يحتمون بخيام ربما لا تحميهم كثيرا من البرد، لكنها بمثابة انقاذ لهم من القتل.
صورة من: AFP/Getty Images
كما استقبلت الأردن أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين على سبيل المثال هنا في مخيم الزعتري أكبر مخيم للاجئين السوريين في العالم . ظروف صعبة، لكنها على الأقل أفضل من الموت الذي كان ينتظرهم في بلدهم.
صورة من: Getty Images
تشكل أوروبا وجهة أساسية لأعداد ضخمة من اللاجئين من الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وقد عبرت منظمات إنسانية دولية عن خيبة أملها من ضعف مساهمة أوروبا في استقبال اللاجئين. أحد النشطاء وضع معلقة عليها عبارة"أنا مهاجر" في بهو قاعة البرلمان الأوروبي أثناء مداولاته حول قضية اللاجئين.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Florin
أسرة سورية لاجئة في مركز للاجئين بزيغبورغ قرب بون. سهلت ألمانيا من إجراءات قبول واستقبال اللاجئين السوريين. وتعد ألمانيا الدولة "الأكثر سخاءً" في أوروبا في مجال استقبال اللاجئين السوريين، حيث وافقت على استقبال 20 ألف لاجئ . إعداد صلاح شرارة
صورة من: DW/H. Driouic
11 صورة1 | 11
لا يمكن من الناحية السياسية بالنسبة لأوروبا قبول جميع اللاجئين. كما أن فكرة وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي - ببناء مراكز استقبال لهم في شمال أفريقيا - بقيت مجرد إمكانية نظرية، حيث إن الاتحاد الأوروبي لا يجد شريكا في هذا الشأن، كما أنها فكرة تنطوي على الكثير من الصعوبات العملية والقانونية
رحلة العبور المحفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط لا يمكن منعها إلا إذا أنشأ الاتحاد الأوروبي شكلا من طرق العبور الإنساني بين ليبيا وجزيرة صقلية. يأتي حاليا يوميا عبر البحر ما بين خمسمائة وحتى ألف شخص بطريقة غير قانونية. ويمكن لعبارة تابعة للاتحاد الأوروبي أن تنقل نفس العدد من الناس، من دون خطر على الأجساد أو الأرواح، فالناس تتوجه لعبور المتوسط على كل حال. لكن من خلال العبارة يمكن سحب البساط من تحت أرجل المهربين، لأن إمكانية السفر بطريقة شرعية تلغي أسس عمل عصابات التهريب. ومثل هذه العبارة لا يجب بالضرورة أن ترسو في ليبيا التي ينعدم فيها القانون (حاليا)، وإنما يمكنها أن تبدأ الانطلاق أيضا من تونس أو مصر. فكرة من عالم الخيال؟ لكن ما هو البديل؟ فمواصلة العمل بنفس الطريقة الموجودة حتى الآن تؤدي دوما إلى وقوع كوارث بحرية جديدة.
إغلاق الحدود أيضا ليس حلا
وهناك إمكانية اتباع "النموذج الأسترالي" المتمثل في التوقف عن منح اللجوء لأحد، وإحكام إغلاق الحدود البحرية للاتحاد الأوروبي تماما. ومن خلال فرض حصار عسكري، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمنع بالقوة مغادرة زوارق اللاجئين للمياه الإقليمية الليبية على الإطلاق. (ولو حدث) فسيكون ذلك حلا غير إنساني، ربما يؤدي إلى المزيد من القتلى. ومحاولة الاتحاد الأوروبي في قمته الخاصة في أبريل/ نيسان لإطلاق عملية عسكرية ضد المهربين على الأقل قد أحبطت منذ البداية، لأنه لن يكون هناك تفويض من الأمم المتحدة لهذه العملية. كما يبدو أيضا أنه طريق مسدود.
حاويات وخيام وآمال كثيرة - كيف تأوي ألمانيا اللاجئين إليها
من المنتظر أن يتم استقبال حوالي 450 ألف لاجئ في ألمانيا، فأين سيقيمون؟ وكيف سيتم تأمين معيشتهم؟ في هذه الجولة المصورة نستعرض استعدادات مختلف المدن والبلدات لاستيعاب هذه الأعداد من اللاجئين من مختلف أنحاء العالم.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/P. Kneffel
عند وصول اللاجئين إلى ألمانيا، يتم إيواءهم بداية في مثل هذه المراكز لمدة ثلاثة أشهر قبل توزيعهم على المدن والبلدات الألمانية. الصورة هي لمركز لإيواء 850 لاجئ في مدينة تريير بولاية راينلاند بفالس،غرب ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Tittel
يفوق عدد اللاجئين الطاقة الاستعابية للكثير من مراكز إيواء اللاجئين. وقد تم تحويل بعض القاعات الرياضية إلى أماكن مؤقتة لاستضافة اللاجئين، على غرار هذه القاعة في مدينة هام، شمال ألمانيا، والتي تم تقسيم مساحتها البالغة 2700 متر مربع إلى غرف مؤقتة ب 14 سريرا في كل غرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
كانت مدينة آخن مجبرة منتصف يوليو/تموز على إيجاد أماكن مناسبة لإيواء 300 لاجئ قدموا دفعة واحدة إليها. ولم يكن للسلطات من إمكانية لإيوائهم جميعا عدا في مدرسة ثانوية. وقامت منظمات الإغاثة على غرار اليوهانيتر بتوفير أسرة وتحويل قاعات التدريس إلى غرف لاستضافة اللاجئين.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/R. Roeger
في ولاية سكسونيا-أنهالت، شرقي ألمانيا، قامت السلطات برفع الطاقة الاستيعاب للاجئين من خلال توفير خيام يتم استخدامها بشكل مؤقت خلال فصل الصيف إلى حين نقلهم إلى مآوي أخرى قبل حلول فصل الشتاء.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/J. Wolf
يوجد أحد أكبر مخيمات اللاجئين في ألماينا حاليا في مدينة دريسدن، عاصمة ولاية سكسونيا، شرقي ألمانيا، حيث يتواجد بها نحو ألف لاجئ من 15 بلد. ظروف العيش هناك صعبة حيث يتعين على اللاجئين الوقوف في صف طويل والانتظار للحصول على وجبات الطعام أو لقضاء حاجاتهم البشرية.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/A. Burgi
فضلت مدن أخرى استخدام الحاويات السكنية لرفع طاقتها الاستيعابية للاجئين الجدد. في مدينة تريير مثلا تم الشروع في استخدام هذه الحاويات منذ عام 2014، ويعيش فيها نحو ألف لاجئ.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/H. Tittel
رجال الإطفاء بصدد إخماد نيران أضرمت في 18 من يوليو/تموز في أحد المقرات المخصصة لإيواء اللاجئين في بلدة ريمشينغن الواقعة في ولاية بادن فورتينبيرغ، جنوبي ألمانيا. وقد تكررت في ألمانيا مثل هذه الاعتداءات، خاصة في الشرق والجنوب التي تعكس بعض المواقف الرافضة لقدوم اللاجئين.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
نائب المستشارة الألمانية ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي زيغمار غابرييل يتحدث مع أطفال في أحد مراكز إيواء اللاجئين في ولاية ماكلينبورغ-فوربوميرن، شمالي ألمانيا. السياسي الألماني يريد أن يطلع بنفسه على ظروف عيش اللاجئين في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Wüstneck
في بعض البلدات الألمانية مثل بلدة إيكينتال، الواقعة بالقرب من ميدنة نورينبيرغ، جنوبي ألمانيا، قامت السلطات ببناء مقرات جديدة لإيواء نحو 60 لاجئا. ومن المقرر الانتهاء من أشغال البناء بحلول عام 2016
صورة من: Picture-Alliance/dpa/D. Karmann
إلى حين الانتهاء من أعمال البناء، يتعين على اللاجئين السكن في خيام. وفي أحد المنتزهات في مدينة ميونخ الألمانية قام 170 من العاملين لدى منظمات إغاثية أو في المطافئ الألمانية بنصب خيام وتوفير نحو 300 سرير لإيواء اللاجئين بشكل مؤقت.
صورة من: Picture-Alliance/dpa/S. Hoppe
10 صورة1 | 10
وربما يكون من الأفضل طبعا هو ألا يهرب الناس من أوطانهم لأسباب دينية أو سياسية أو اقتصادية، لكن القضاء على أسباب الهروب في وقت قصير هو وهم. وهذا يتطلب إنهاء الحرب في سوريا، ونشر الديمقراطية في إريتريا وحدوث طفرة اقتصادية هائلة في غرب أفريقيا. وتأثير الاتحاد الأوروبي على هذه العوامل محدود. وبقي التعاون المنشود مع البلدان الأصلية للاجئين أُمنيةً حتى الآن. لأن البلدان الأصلية، مع الأسف، لا تتدخل أبدا في طريق مواطنيها المتوجهين نحو أوروبا. الدول لا تستوعب مسؤولياتها وإنما تتركها على عاتق الاتحاد الأوروبي.
لقد أدرك الاتحاد الأوروبي أن سياسته المشتركة تجاه اللجوء واللاجئين غير كافية. وفي بيان صريح وغير معتاد، دعت مفوضية الاتحاد الأوروبي جميع الدول، ومواطنيها أيضا إلى التوقف عن ذرف دموع التماسيح، والتوجه للقيام بأفعال، إذ لا وجود لحلول سهلة. لذلك يجب الآن أن تكون هناك شجاعة للقيام بخطوات جذرية وغير عادية، وإلا فسيتكرر موت المزيد والمزيد من اللاجئين في طريقهم إلى أوروبا.