وجهة نظر: على الأحزاب الكبيرة في ألمانيا أن تسمع صوت الناخب
إينس بول
وجهة نظر
٤ مارس ٢٠١٨
أخيرا يمكن للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن تشكل حكومة جديدة، وستكون ولايتها الأخيرة والأصعب. والسؤال الآن: ماذا تريد أن تصبح ألمانيا؟ كما جاء في تعليق إينس بول، رئيسة تحرير DW.
إعلان
مرت الأمور الآن بخير، فبأغلبية واضحة بلغت 66 في المائة قال أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي "نعم" لائتلاف حكومي آخر مع أنغيلا ميركل. وقبل عيد الفصح في نهاية مارس/ آذار الجاري يمكن تشكيل الحكومة الجديدة. الطريق في هذا الاتجاه كان صعبا، حيث كانت هناك محادثات فاشلة، وساسة مرموقون مثل "نجم" الحزب الاشتراكي الديمقراطي لوقت قصير مارتن شولتس، لم يكملوا المشوار. والمستشارة كانت متعجلة، لأنها لم تنجح في العالم الجديد للأحزاب الصغيرة في تشكيل أغلبية للحكومة.
وهذا يشكل وضعا جديدا بالنسبة لألمانيا. فمنذ تأسيس الجمهورية الاتحادية عام 1949 بحث أحد الحزبين الكبيرين عن شريك إذا لم يكن قادرا على الحكم بمفرده. يكفى! منذ 12 عاما كانت الأمور أكثر وضوحا، أنغيلا ميركل كانت وبقيت مستشارة، وكل ما عدا ذلك لم يكن لباقي العالم سوى أمور هامشية.
ومع وصول حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني الشعبوي إلى البرلمان الألماني انته هذا الوضع المريح لممارسة السياسة. والأحزاب الكبرى تصغر، والصغيرة تكبر. وبالتالي يصبح وجود أغلبية حكومية أكثر تعقيدا.
ألمانيا تبحث عن هويتها
وهذا الوضع الجديد يكشف عما يحصل في ألمانيا، فالحزبان الجماهيريان خيبا آمال ناخبيهم الأصليين بقوة، ما دفعهم وبشكل متزايد إلى انتخاب المتشديين في الهامش اليميني واليساري. فالأحزاب الكبرى سابقا ليس لديها خطط سياسية للتعامل مع مخاوف الكثير من الألمان الذين يشعرون بعدم الأمان والإرهاق، ويلمسون كيف تختفي ظروفهم المعيشية المعتادة. ولا يملكون الإجابة على أسئلة مثل كيف يمكن التوفيق بين العولمة والاندماج والهوية. السياسة الخارجية أيضا غير واضحة، وأي دور تريد أن تلعبه ألمانيا في عالم ترامب وبوتين وشي (أمريكا وروسيا والصين)، وماذا يعني تحمل مسؤولية أكبر في السياسة الخارجية والدفاعية الأوروبية. فالشهور الماضية من الصراع الصعب قد تكون نداء للاستيقاظ الذي تحتاجه ألمانيا بإلحاح. فالساسة يجب عليهم منح الناخبات والناخبين مجددا الشعور بأنهم يُسمعون.
والسياسة يجب أن تبرهن، أنها فهمت أن هناك أجندة الشعب أيضا التي يمكن يعرفها المرء دون السقوط في القوموية القديمة الخطرة. وبموازاة ذلك يجب على التحالف الكبير الآن ورغم الحكم المشترك أن يجد سبيلا للتنازع داخل الائتلاف أيضا لوضع حدود بين الحزبين. فقط التميز الواضح والتباين، يمكن أن يوقف خسارة الناخبين. وإذا لم ينجح هذا الشيء، فإن كلا الحزبين سنحدران في الانتخابات المقبلة، وعلى أبعد تقدير في 2021 إلى الحضيض.
دعوة مهمة للاستيقاظ
أنغيلا ميركل بمكنها الآن تشكيل حكومة، والطريق الطويل إلى ذلك يعتبر إشارة واضحة بأنه يجب الكفاح مجددا من أجل التوجه السياسي. وبدخول حزب البديل من أجل ألمانيا إلى البرلمان، انتشرت ثقافة جدل تبعث على الأمل. فالسياسي من حزب الخضر جيم أوزدمير كان أحد الأوائل الذين أظهروا في خطاب حماسي كيف يمكن التعامل مع الكراهية والتهميش. فابن المهاجر التركي أظهر أن الحب والفخر بالوطن ألمانيا، ليس من الضروري أن ينتمي للماضي السحيق فقط، بل يمكن أن يكون مصدر قوة يساعد على الدفاع عن العقد الاجتماعي المتعدد والحر الذي يطبع ألمانيا، ومنذ مدة طويلة لم يكن هناك مثل هذا الخطاب.
والآن يبدأ وقت الخصام حول البرهان الأفضل، بأن زمن غياب البديل قد ولى. بداية جيدة بعد فترة الشلل السياسي المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر لتشكيل حكومة.
إينس بول
بالصور: طريق ميركل الصعب إلى ولاية حكم رابعة
الطريق أمام الولاية الرابعة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في منصبها كان طويلاً وصعباً، فقد مر بمراحل عديدة محفوفة بالمتاعب.
صورة من: Reuters/A. Schmidt
ميركل تترشح لولاية رابعة
في مؤتمر صحفي في الـ 20 نوفمبر/ تشرين الأول 2016 أكدت المستشارة أنغيلا ميركل ترشحها لولاية رابعة. ولو أنهت ميركل ولايتها الرابعة ستكون قد حطمت الرقم القياسي في مدة الحكم لـ14 عاما في المانيا الذي سجله المستشار كونراد أديناور بعد الحرب العالمية الثانية. لكنها ستعادل سلفها وراعيها السياسي هلموت كول الذي بقي مستشارا لـ16 عاما.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
صفعة الانتخابات
في الـ 24 من سبتمبر/ أيلول 2017 اسفرت الانتخابات عن نتائج سيئة لحزبي الائتلاف الحكومي المسيحي والاشتراكي بشكل غير مسبوق. وعلى إثر هذه النتائج بأقل من 20 في المائة من الأصوات، أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي أنه سيكون في صفوف المعارضة، فيما أعلن الحزب الليبرالي والخضر أنهم مستعدون لتشكيل ائتلاف مع حزبي الاتحاد المسيحي.
صورة من: Reuters/A. Schmidt
انطلاق مشاورات جامايكا
في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 بدأت مشاورات ما يُسمى بتحالف جامايكا، بين الحزب المسيحي والليبرالي والخضر. واتضح أن هذه المشاورات كانت صعبة للغاية. ورغم التوصل في البداية إلى نتائج مرضية، فإنها لم تكن كافية لتشكيل تحالف جامايكا.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
الحزب الليبرالي يُفشل مشروع جامايكا
بعد أسابيع من المشاورات، خرج رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي كريستيان ليندنر في الـ 19 من نوفمبر/ تشرين الثاني للإعلان أمام الصحافة أن حزبه ينسحب من مشاورات جامايكا، وبات الوضع السياسي في ألمانيا مبهماً، لاسيما وأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يرفض المشاركة في حكومة مع ميركل.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
العدول عن دور المعارض
بعد تدخل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بإجراء مفاوضات مع رؤساء الأحزاب وبعد أخذ ورد داخلي أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي أخيراً أنه مستعد للدخول في مفاوضات مع حزبي الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل لتشكيل حكومة ألمانية، نظراً للمسؤولية أمام البلاد. وبدأت هذه المفاوضات في الـ 7 من يناير/ كانون الثاني 2018.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مفاوضات ائتلاف حكومي موسع
في مطلع يناير/ كانون الثاني التقى زعماء حزبي الاتحاد المسيحي أنغيلا ميركل وهورست زيهوفر والحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتس ليعلنوا الشروع في مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي موسع، بالرغم من وجهات النظر المختلفة في كثير من القضايا.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
الاشتراكيون يتجاوزون عتبة مؤتمر بون
وبما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي واجه معارضة قوية، لاسيما من شبيبة الحزب التي رفضت الدخول في ائتلاف حكومي جديد بزعامة ميركل، اضطُر الحزب لعقد مؤتمر حزبي خاص في بون للحصول على موافقة من الأعضاء على الدخول في مفاوضات لتشكيل ائتلاف موسع. وقد صوت المشاركون في المؤتمر بفارق ضئيل للشروع في تلك المفاوضات مع أحزاب اليمين المحافظ بزعامة ميركل.
صورة من: picture alliance / Federico Gambarini/dpa
ميركل تهنئ الاشتراكيين
وتنفست قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الصعداء بقبول غالبية أعضائها الدخول في مفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي بدأت في الـ 26 من يناير/ كانون الثاني 2018، وهو ما رحبت به ميركل، ومهد عملياً لولاياتها الرابعة.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
شولتس يترك رئاسة الاشتراكي
وبالفعل لقد نجح الاشتراكيون في التفاوض بنجاح مع حزبي الاتحاد المسيحي، وتلقوا عدة وزارات هامة، بينها العدل والخارجية. وفي المساء ظهر رئيس الحزب الاشتراكي مارتن شولتس ليعلن انسحابه من قيادة الحزب، لأنه ينوي شغل منصب وزاري في الحكومة الجديدة بقيادة ميركل.
صورة من: Reuters/F. Bensch
نالس المرأة القوية في الاشتراكي
وبعد تراجعه إلى أدنى مستوى تاريخي له في الانتخابات الأخيرة (20. بالمائة) وهبوطه الحاد في استطلاعات الرأي بسبب خلافاته الداخلية، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يفضل الانتقال إلى المعارضة لالتقاط أنفاسه وإعادة ترتيب صفوفه، إلا أنه أدرك المسؤولية الوطنية الملقاة عليه بعد فشل مفاوضات جامايكا، ليتخذ موقفاً مختلفاً، واختار أندريا ناليس رئيسة جديدة للحزب.
صورة من: picture alliance/dpa/O. Berg
الاشتراكيون يصوتون لصالح البرنامج الحكومي
قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي شرعت في إرسال بطاقات انتخاب لمئات الآلاف من الأعضاء ليصوتوا على قبول اتفاقية الائتلاف الحكومي الجديد أم لا. وجاءت نتيجة التصويت مؤيدة باعتبار أن قيادة الحزب الاشتراكي ورئيسه السابق مارتن شولتس أحسنا التفاوض على برنامج الحكومة، فحصلا على عدة تنازلات في مجالات شتى مثل الصحة والوظائف، وفازا بست وزارات للحزب.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
ميركل تنجح في تجاوز الانتقادات الداخلية
مؤتمر الحزب المسيحي الديمقراطي في فبراير/ شباط ببرلين أعطى الضوء الأخضر للدخول في ائتلاف حكومي جديد مع الاشتراكيين رغم مواجهة المستشارة ميركل (63 عاماً) انتقادات لم تشهدها من قبل داخل حزبها الذي تقوده منذ حوالي عقدين. كما ندد عدد من مسؤولي الحزب المسيحي بالخط الوسطي الذي تعتمده ميركل وسياستها السخية في مجال الهجرة التي فتحت أبواب البلاد أمام أكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
إزالة العقبة الأخيرة في وجه ولاية رابعة لميركل
وافق أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي بغالبية 66.02 في المائة على الدخول في تحالف جديد مع حزب أنغيلا ميركل التي بإمكانها الآن تشكيل حكومة بعد أكثر من خمسة شهور على انتخابات تشريعية أضعفت موقعها. ونوهت المستشارة بقرار قاعدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وعلقت في تغريدة على صفحة حزبها بالقول: "يسرني أن نواصل تعاوننا لما هو في صالح بلادنا".