وجهة نظر: على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر حزما مع سعيّد
راينر زوليش
٥ يونيو ٢٠٢٢
أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد 57 قاضيا دفعة واحدة، ليضيف عقبة جديدة في طريق الديمقراطية الفتية ودولة القانون في البلد المغاربي. قرارات سعيّد تستدعي اتخاذ موقف أكثر حزما من الاتحاد الأوروبي، كما يرى راينر زوليش في تعليقه.
إعلان
أحد الأسباب الرئيسية لانتخاب قيس سعيد رئيسا لتونس في 2019، كان وعده بمكافحة الفساد. فوزه بالانتخابات يمكن تفهمه، لأن غياب العدالة الاجتماعية وتفشي المحسوبية أمر يتوق له كثير من الناس في تونس وفي المنطقة عموما، ويتحركون من أجله.
ولكن مكافحة الفساد تتطلب أيضا هيكلية شفافة وواضحة من جانب الدولة – ولعل ذلك يكون من خلال نظام ديمقراطي يتضمن تقاسم السلطات بطريقة عملية، بما يشمل قضاء مستقلا.
نكسة لتونس
تونس – مهد ما يعرف بالربيع العربي – كانت تسير على هذا الدرب الصعب، وحتى وقت قصير كانت قد قطعت أشواطا تتفوق بها على بقية دول المنطقة. مواطنو دول أخرى من "بلدان الربيع العربي" واجهوا قبل تونس بكثير واقع تراجع حقوقهم الديمقراطية بشكل كاسح، كما هو الحال في مصر.
وفي دول أخرى كالجزائر والسعودية وسوريا استمرت الأنظمة هناك في تمثيل نقيض الشفافية ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية.
ومنذ تولي قيس سعيّد سدة الرئاسة، انقلبت الحال في تونس: في العام الماضيفرض سعيد حالة الطوارئ وأقال الحكومة. وفي فبراير/شباط 2022 حلّ سعيّد – وهو نفسه مختص بالقانون الدستوري – مجلس القضاء الأعلى. وفي نهاية مارس/ آذار حل البرلمان، الذي كان قد جمده قبل ثمانية أشهر.
تبعتها مؤخرا إقالة 57 قاضيا دفعة واحدة. في قرار اتخذه أيضا الرئيس المتفرد بالسلطة، الذي حدد نهاية شهر يوليو/تموز موعدا للتصويت على تعديل الدستور. هذا الاستفتاء لا يمكن، وفق الظروف الراهنة، أن يتم بصور حرة وشفافة.
أين موقف أوروبا؟
الأوروبيون الذين يدعمون تونس منذ ثورة الياسمين 2010/2011، بوصفها مشروعا ديمقراطيا رائدا في المنطقة، يتابعون هذه التطورات الأخيرة بصمت حتى الآن. بينما يتطور النموذج القدوة إلى حالة تستدعي القلق الشديد. إذن يجب على الاتحاد الأوروبي أن يأخذ التطورات الأخيرة، وخصوصا إمكانية الصدام بين سعيّد والإسلاميين الذين تصرفوا حتى الآن باعتدال، على محمل الجد. خصوصا وأن هذه الدولة مجاورة للاتحاد الأوروبي وإحدى الدول الهامة فيما يتعلق بالهجرة نحو أوروبا.
قد يبدو الصمت الأوروبي من جانب الأوروبيين مفهوما حتى الآن، إلى حد ما، لأن جائحة كورونا والحرب على أوكرانيا غيرتا الأولويات في الاهتمام العالمي بشكل كبير. كما يمكن أن يلعب التأييد الذي يتمتع به النهج المستبد لقيس سعيّد من قبل قسم كبير من الشعب التونسي، وليس كل الشعب، دورا هنا. وحتى منتقدو سعيّد قد يوافقونه في قرار عزله لبعض السياسيين والقضاة لأنهم مشتبه بتورطهم في الفساد.
ومع ذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقف بشكل أكثر حزما في وجه قيس سعيّد وأن ينبهه بكلمات واضحة لخطورة هذا النهج، وخاصة ضرورة الالتزام بقواعد دولة القانون. وأيضا تقديم المساعدات الضرورية لتونس التي يعاني اقتصادها من أزمة، ولكن ربط المساعدات بشروط الإصلاح السياسي في تونس.
راينر زوليش
تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعثر
في خطوة جديدة باتجاه تغيير مسار الانتقال الديمقراطي المتعثر في تونس، وبعد شهرين من إقالة الحكومة وتجميد البرلمان، أعلن الرئيس سعيّد إلغاء العمل بعدد من فصول الدستور. وذلك في أكبر أزمة سياسية بالبلاد منذ ثورة 2011.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد. اعداد: علاء جمعة/م.س