1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر ـ أوروبا تتهرب من حل حقيقي لمشكلة اللاجئين

بربارة فيسل١٦ أبريل ٢٠١٥

حين يقول الاتحاد الأوروبي إن عدد اللاجئين إلى أوروبا في تزايد، فإنه لا يجانب الصواب. لكن الحقيقة أيضا هي أن الدول الأعضاء في الاتحاد تغمض عينيها عن المشكلة لأنها لا ترغب في استقبالهم. هذا ما تراه بربارة فيسل في تعليقها.

Schlauchboot Mittelmeer-Flüchtlinge Italien Symbolbild
صورة من: picture alliance/ROPI

مع حلول فصل الربيع يبدأ موسم الهجرة من جديد. فالأخبار والصور المتداولة هذه الأيام بخصوص عملية إنقاذ مهاجرين في مياه البحر المتوسط تشبه تماما الصور التي أثارت الذعر في أوساط الأوروبيين العام الماضي. الفارق فقط هو أن أعداد المهاجرين في ازدياد مستمر.

فبينما بلغ عدد اللاجئين الذين عبروا مياه المتوسط بالقوارب في عام 2014 حوالي 230 ألف شخص، تُسجل المنظمات المعنية بشؤون اللاجئين زيادة في عددهم منذ مطلع هذا العام، بحوالي 60 في المائة. كما تتكرر أيضا التقارير المأساوية التي تتحدث عن أشخاص تحولوا إلى أشلاء بعد أن رمت الأمواج بقاربهم في قعر البحر، أو عن ناجين تحولوا إلى شهود على هذه المأساة، كما حصل مؤخرا قبالة السواحل الليبية.

غياب ردود فعل حاسمة

وكما يمكن التنبؤ بتكرار هذه الأحداث يمكن أيضا التنبؤ برد فعل الاتحاد الأوروبي عليها. فالمعنيون يُعبرون عن حزنهم وصدمتهم ويحملون المسؤولية للمهربين الذين يتاجرون بحياة الأبرياء. وقد صرح مفوض الاتحاد الأوربي لشؤون اللاجئين ديمتريس أفراموبولوس بأن حجم التدفق الكبير للاجئين أصبح المعيار الجديد وعلينا التأقلم معه. كما عبر أفراموبولوس عن عزمه تقديم خطة جديدة لسياسة اللاجئين في الأشهر القادمة.

شباب في طريقهم لمأوى للاجئين في ألمانياصورة من: picture-alliance/dpa/Boris Roessler

بيد أن مفعولها سيكون محدودا في البداية، حسبما ما تم الإعلان عنه حتى الآن. كما أن هذه الخطة تحتاج إلى أعوام حتى توافق عليها الدول الأعضاء بشكل مبدئي. فالقرار السياسي، عندما يتعلق الأمر بالهجرة واللاجئين لا يوجد في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بل في العواصم الأوروبية والتي تلتزم الصمت المطبق بهذا الخصوص.

المشكلة لا علاقة لها بعملية الإنقاذ

منظمات الإغاثة وبعض النواب في البرلمان الأوروبي يطالبون الآن من جديد بإطلاق عملية إنقاذ بحري في البحر المتوسط ممولة من طرف الاتحاد الأوروبي. وقد اشتكى هؤلاء في العام الماضي من إنهاء عملية الإنقاذ الإيطالية "ماري نوستروم" التي كان هدفها الوحيد هو إنقاذ الغرقى. وكانت هذه العملية تكلف روما تسعة ملايين يورو شهريا وهو المبلغ الذي كان من المفترض أن تسترجعه إيطاليا من ميزانية بروكسل.

بيد أن هذا الأمر لم يحدث بسبب موقف بعض دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل بريطانيا وألمانيا اللتين كانتا تشككان في نجاعة عملية "ماري نوستروم". فالدولتان اعتبرتا العملية إغواء للاجئين يجعلهم يراهنون على الإنقاذ، كما أنها كانت تشجعهم على الهجرة إلى أوروبا، حسب الدولتين. بل ذهبا إلى أبعد من ذلك معتبرين إياها دعما لصفقات المهربين، كما رأى فيها وزير الداخلية الألماني في وقت سابق ذلك نوعا من المساعدة لهم.

بربارة فيسل: مراسلة DW في بروكسلصورة من: DW/B. Riegert

والآن يعتبر من قبيل الأسطورة أن نعتقد بأن المشكلة الرئيسية تكمن في غياب إرادة الإنقاذ. فالإيطاليون أنهوا عملية "ماري نوستروم" لأسباب سياسية داخلية. فهم لم يعودوا قادرين على التوضيح لمواطنيهم لماذا يستقبلون المزيد من اللاجئين على أرضهم من دون الحصول على مساعدات من أوروبا. لكن حتى خلال عملية الإنقاذ التي كانوا يشرفون عليها لقي ثلاثة آلاف لاجئ حتفهم. كما أن عملية "تريتون" الأوروبية المثيرة للجدل مستمرة في المساعدة على إنقاذ اللاجئين من الغرق، علاوة على ذلك فإن خفر السواحل الإيطالية لا تزال تقوم بدوريات قبالة السواحل الليبية كما رأينا في الأيام الأخيرة.

بالطبع يمكن إنقاذ مزيد من الناس من الغرق في عرض البحر من خلال عملية إنقاذ أوروبية واسعة ممولة أوروبيا، لكن ينبغي بالموازاة مع ذلك توفير عبارات تقوم برحلات أسبوعية إلى الموانئ الليبية وبذلك يمكن التصدي للمهربين وتقديم حماية حقيقية للاجئين.

النقاش الأوروبي حول اللاجئين نقاش خادع

المشكلة في أزمة اللاجئين أوروبيا تكمن في أن الجميع مستمر في التنصل من المسؤولية. فبينما يفر أشخاص من سوريا وإريتريا ومالي، ومؤخرا من اليمن أيضا من الحرب الأهلية والموت ومن القمع والاضطهاد الديني، لا ترغب دول أوروبية في استقبالهم. وتبقى ألمانيا النموذج الأفضل نسبيا بهذا الخصوص؛ حيث قامت، في صمت، بزيادة عدد اللاجئين الموجودين على أرضها لتتصدر قائمة الدول المستقبلة للاجئين.

بيد أن الجماعات اليمينية المتطرفة تستغل هذا الأمر بشكل متزايد لتحريض الناس ضدهم، كما أظهرت الحرائق الأخيرة التي تعرضت لها مراكز إيواء اللاجئين. لكن حكومات أخرى، وخصوصا في لندن وباريس، تتملص تماما من المسؤولية وتخشى من تأثير المجموعات اليمينية المتطرفة ولا تجرؤ أن تشرح لمواطنيها بأنها مضطرة لاستقبال عدد أكبر من اللاجئين لأسباب إنسانية. أما بلدان الاستقبال، مثل إيطاليا واليونان فتساعد نفسها بطريقتها الخاصة، بحيث تسمح لآلاف المهاجرين شهريا بمواصلة الرحلة إلى الشمال، حيث تنتظرهم حياة مجهولة.

لماذا لا نقيم مخيمات للاجئين في أوروبا؟

وفي ظل الظروف السياسية السائدة حاليا لا يوجد بكل بساطة حل لهذه المشكلة. وحتى الحديث عن مساعدات أكثر لبلدان العبور يُخفي في طياته حقيقة أن ليبيا دولة فاشلة وخارجة عن نطاق السيطرة والتي في أحسن الأحوال يمكن عزلها من خلال حصار بحري. لكن أيضا في هذه الحالة يمكن للاجئين إيجاد طرق جديدة عبر مصر وتونس.

وحتى الحكومة التركية غير مستعدة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي لمحاربة المهربين الذين ينشطون في موانئها. فإذا لم تكن هناك إمكانية لوضع حد للجوء، وإذا كانت الدول الأوروبية لا ترغب في استقبال اللاجئين، لا بد إذن من التحدث بصراحة عن حلول أخرى.

على سبيل المثال يمكن للأوروبيين أن يقيموا مركزا لإيواء اللاجئين في جنوب أوروبا يُمول من ميزانية الاتحاد الأوروبي. ويمكن من هناك دراسة طلبات اللجوء وتوزيع اللاجئين وإيواء المبعدين في انتظار حلول موعد رحيلهم، لأن البرامج غير المنتظمة كتلك الموجودة في شمال إفريقيا مثلا هي مجرد جهد ضائع.

الدول المجاورة لسوريا استقبلت الملايين من اللاجئين الذين ينتظرون هناك نهاية الحرب والاتحاد الأوروبي يمكنه أيضا أن يقوم بشيء مماثل، لكن الجواب عن السبب الحقيقي الذي يحول دون تخفيف حدة مشكلة اللاجئين في أوروبا يبقى هو: غياب الإرادة السياسية. فربما يجب علينا وضع لافتات على حدودنا مكتوب عليها: ابقوا من فضلكم في الخارج وموتوا في مكان آخر.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW