وجهة نظر: لا حلّ لأزمة المهاجرين دون دولة قوية في ليبيا
٦ أغسطس ٢٠١٧
يرى خبير الشؤون السياسية في صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ الألمانية راينر هيرمان أن ليبيا هي مفتاح السيطرة على تدفق المهاجرين من إفريقيا، لكن تفكك ليبيا وعجز حكومة السراج يجعلها شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه.
إعلان
كانت فكرة الحكومة الإيطالية جيدة، إذ حددت النقاط الصحيحة. وهكذا صوت البرلمان الإيطالي بالموافقة على مهمة للبحرية الإيطالية تتمثل في دعم خفر السواحل الليبي. وتنص الخطة أيضاً على إلزام المنظمات الإنسانية غير الحكومية التي تجوب البحر المتوسط بقواربها، بعدم التعاون مع المهربين.
على من يمكن الاعتماد في ليبيا؟
تحملت إيطاليا عبء تدفق اللاجئين عبر البحر المتوسط في هذا الصيف وحدها تقريباً، لكن خطتها لم تحقق الكثير، إذ لا يمكن الاعتماد على المشير الليبي خليفة حفتر. ففي الأسبوع الماضي قدم حفتر تعهداً بالتعاون مع فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق العاجز والمعترف به دولياً.
لكن على أرض الواقع، مارس ما كان يعنيه فعلاً، عندما رفض اتفاق حكومة السراج مع إيطاليا واصفاً إياه بالخرق للسيادة الليبية. بل ودعا إلى إغراق السفن الإيطالية التي تقترب من ليبيا.
يريد المشير حفتر - القائد الأعلى "للجيش الوطني الليبي" الممسك بزمام الأمور في شرق ليبيا- عرقلة أي نجاح يمكن أن يحققه السراج. وهدفه هو السيطرة على ليبيا بأكملها بمساعدة مصر وروسيا.
مصر من جانبها تريد توجيه ضربة للإسلاميين المتشددين، أما هدف روسيا فيكمن في الحصول على قاعدة ثانية في البحر الأبيض المتوسط بعد حصولها على الأولى في سوريا. كما أن الكرملين يريد عبر حفتر تحويل قضية اللاجئين إلى ورقة ضغط ضد إيطاليا، وبالتالي ضد الاتحاد الأوروبي.
يمكن للحكومة الإيطالية أن تتحدث عن نجاح حاسم: إذ أنها قامت بمصادرة سفينة إنقاذ مهاجرين تابعة لمنظمة الإغاثة الألمانية "يوغند ريتيت" للاشتباه بأنها لا تنقذ المهاجرين في البحر، وإنما تتسلمهم بشكل مباشر من المهربين. هذه الخطوة أثارت غضب منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وغيرهما. وكانت على حق: فإنقاذ البشر ليس بجريمة. لكن ينبغي أن يُقال لها أيضاً بأن الاتجار بالبشر جريمة.
الحكومات المنصبة من الخارج ليست حلاً
سيستمر تدفق المهاجرين من القارة السمراء عبر ليبيا، طالما بقي جهاز الدولة في ليبيا معطلا، وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس. لكن الذي يثير الاستغراب أكثر هو أن المجتمع الدولي مازال يجانب الواقع ويعتقد بإمكانية تنصيب تلك الحكومات من الخارج، لكنها تبقى عاجزة كحكومة السراج. إن تفكيك ليبيا وصل مرحلة متقدمة، فالمليشيات المحلية تمارس السلطة، والمدن تحارب بعضها البعض والاتجار بالبشر بات تجارة مربحة لبعض المليشيات.
من يريد إعادة السلام إلى ليبيا، يجب أن ينتزع من المليشيات سلطتها، وهو أمر لا تقدر عليه في الوقت الراهن سوى القبائل الكبيرة، التي تتعاظم فيها المقاومة لسيطرة المليشيات.
راينر هيرمان
مهاجرون يباعون في "أسواق النخاسة" بليبيا
لا تقف معاناة المهاجرين الأفارقة عند إمكانية إخفاق محاولة وصولهم إلى أوروبا بطريقة غير شرعية عبر المتوسط. ففي حال القبض عليهم في ليبيا يكونون عرضة لعملية "تجارة حقيقية" بالبشر، بحسب تقرير لمنظمة الهجرة العالمية.
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac
مركز لإحتجاز مهاجرين أفارقة في ليبيا. تسيطر جهات متعددة على مراكز اللاجئين، بعضها يعود لسلطة إحدى الحكومات المتنازعة على السلطة في البلاد. وبعضها الآخر يقع تحت نفوذ ميلشيات مسلحة..ويتعرض المهاجرون لضروب من الاستغلال و"تجارة البشر".
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac
صورة تظهر وافدين محتجزين داخل أحد السجون في ليبيا، حيث يباع معظمهم في "أسواق عبيد" حقيقية بحسب ما كشف تقرير منظمة الهجرة العالمية، ومعظم المباعين هم من الأفارقة الذين يعبرون ليبيا بقصد السفر إلى أوروبا بطريقةٍ غير شرعية.
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac
مهاجر إفريقي يبدو محتجاً على وضعه. بحسب تقرير منظمة الهجرة العالمية، فإن المهاجرون يباعون بمبالغ تتراوح بين 200 و500 دولار، حيث يتم شراء مهاجر واستغلاله في العمل، ويكون المُشتري مسؤولاً عن الشخص بشكل كامل، في حين أن بعضهم قد ينجح بالهرب وبعضهم يفشل ليبقى عرضةً للاستغلال.
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac
بحسب شهادات "صادمة" لمهاجرين لموظفي منظمة الهجرة، فإن مئات الرجال والنساء يتم بيعهم. وتتم عمليات البيع في ساحات عامة أو مستودعات. ووفقاً للشهادات فإن مهاجرون في مدينة سبها جنوب ليبيا، التي تعد أحد المراكز الرئيسة لتهريب المهاجرين، افترشوا الأرض في مرآب وساحات انتظار للسيارات.
صورة من: Reuters/L.Gnago
يدير "سوق العبيد" ليبيون يساعدهم غانيون ونيجيريون يعملون لحساب الليبيين، ويُستخدم أغلب المهاجرين كعمالة يومية في البناء والزراعة. وبعضهم يتقاضى أجرا والبعض الآخر يُكره على العمل دون أجر.
صورة من: Reuters/L. Gnago
عدا عن خطر القتل فإن المهاجرين الذين يقعون فريسة مهربين يواجهون سوء تغذية بشكل مستمر وانتهاكات جنسية، بحسب ما أكد محمد عبدي كير مدير العمليات الطارئة في منظمة الهجرة العالمية، الذي وصف الوضع بـ"الكارثي".
صورة من: Reuters/H. Amara
يتم في هذه الأسواق بيع النساء واللواتي، بحسب التقرير، يتعرضن لسوء معاملة بشكل كبير، كما سجلت شهادات لسيدات تعرضن للاغتصاب أو الإجبار على العمل بالدعارة، كما يتم بيعهن على أساس أنهن "جواري للمتعة".
صورة من: Sara Prestiani
تعتبر ليبيا البوابة الرئيسية للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا بحراً، حيث سلك أكثر من 150 ألف شخص هذا الطريق في الأعوام الثلاثة الماضية. ومن المعروف أن حوالي 600 شخص توفوا في البحر منذ مطلع عام 2017 وقتل عدد غير معلوم أثناء السفر باتجاه الشمال عبر الصحراء وصولا إلى البحر المتوسط.