وجهة نظر: هل تجعل قضية خاشقجي من السعودية دولة مارقة؟
١٢ أكتوبر ٢٠١٨
إذا صحت الأنباء عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة على الشرق الأوسط بأكمله على المدى الطويل، كما يرى راينر هيرمان من صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ.
إعلان
من شأن اختفاء الكاتب السعودي المعارض البارز جمال خاشقجي وموته المفترض بحذر أن يؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة أصبحت بالفعل الأكثر اضطراباً وتوتراً في العالم أجمع والأكثر معاناة من الصراعات.
صحيفة واشنطن بوست، التي كان يكتب لها خاشقجي بشكل منتظم منذ عام، تتحدث الآن عن أدلة بالصوت والصورة تثبت اغتيال خاشقجي بالفعل في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر في قنصلية بلاده بإسطنبول، وذلك نقلاً عن مصادر تركية وأمريكية.
لكن السلطات التركية لم تكشف عن هذه الأدلة بعد، لأن ذلك سيوضح إلى أيّ مدى يتم التجسس على القنصلية السعودية (وبالطبع على العديد من البعثات الأجنبية الأخرى أيضاً)، وهو ما يعتبر خرقاً للقواعد الدبلوماسية.
خطة مدروسة مسبقاً
وقبل ذلك، كتبت صحيفة واشنطن بوست أن لديها معلومات استخباراتية بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان يريد إغراء المعارض السعودي للعودة إلى بلاده لاعتقاله هناك، لكن خاشقجي لم ينجذب للطعم، ولذلك تم جذبه إلى إسطنبول، حيث تعيش خطيبته، واختفى هناك في غياهب المجهول.
وحتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والكونغرس الأمريكي تحدثا عن هذه القضية. ولذلك فليس من المستبعد أن تؤدي قصة خاشقجي إلى تغيير سياسة الغرب تجاه المملكة السعودية، وقد يكون لذلك عواقب على منطقة الشرق الأوسط برمتها.
ومجرد اختفاء خاشقجي يضر بصورة المملكة العربية السعودية، وهي في بداية تغييرات اجتماعية عميقة في ظل قيادة ولي العهد البالغ من العمر 33 عاماً. ومن خلال منح الحريات الجديدة تريد القيادة السعودية إرضاء الناس حتى لا يطلبوا المشاركة في صنع القرار السياسي. فالمعارضون غير مرحب بهم، والحاكم وحده يهب ويسلب الحريات.
السعودية الآن في مرمى الانتقادات ويمكن أن يتم تصنيفها في دائرة الدول المهددة للسلام العالمي، التي ترمي المنتقدين في السجون وتقتلهم خارج البلاد أيضاً.
وهذا ما لا يريده الرئيس ترامب، حيث أن قوة المملكة العربية السعودية كزعيم للعالمين العربي والإسلامي تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي. وبدونها لا تستطيع السعودية الاستمرار في اتجاهها الحازم ضد إيران، كما أنه لا يمكنها دعم الحل الذي وضعته كل من الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض للقضية الفلسطينية.
زلزال يتجاوز حدود السعودية
وبالنسبة لجميع الدول الغربية، يبرز السؤال مرة أخرى عن كيفية التعامل مع الدول الاستبدادية. فعندما يتم اغتيال معارضين في أحد بلدان أوروبا الشرقية، تتعالى الأصوات المطالبة بفرض عقوبات. بالتأكيد ليست السعودية البلد العربي الوحيد الذي يعيش معارضوه في خطر، ولذلك فإن قصة خاشقجي تسبب زلزالاً سيصل تأثيره إلى خارج المملكة العربية السعودية أيضاً.
راينر هيرمان
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker